Split (2)

train · 1.04M rows

filename stringclasses 200 values	output stringlengths 4 6.45k ⌀	input stringlengths 0 3.84k
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالسَّبَبُ فِي صِحَّةِ الْهِبَةِ فِي الثُّلُثِ هُنَا - مَعَ أَنَّهُ حِصَّةٌ شَائِعَةٌ، وَلَا تَصِحُّ هِبَةُ الشَّائِعِ هُوَ أَنَّ الشُّيُوعَ طَارِئٌ وَالْهِبَةُ كَانَتْ لِجَمِيعِ الدَّارِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ يَبِيعُ مَالًا لَهُ، لَا يَصِحُّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ آخَرَ بِبَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ الْمُوَكَّلِ بِبَيْعِهِ، لَكِنْ لَوْ جَاءَ رَجُلٌ وَبَاعَ الْمَالَ فُضُولًا وَالْوَكِيلُ أَجَازَ الْبَيْعَ تَكُونُ إِجَازَتُهُ صَحِيحَةً وَالْبَيْعُ نَافِذًا،	والسبب في صحة الهبة في الثلث هنا - مع أنه حصة شائعة، ولا تصح هبة الشائع هو أن الشيوع طارئ والهبة كانت لجميع الدار. كذلك الوكيل يبيع مالا له، لا يصح له أن يوكل آخر ببيع ذلك المال الموكل ببيعه، لكن لو جاء رجل وباع المال فضولا والوكيل أجاز البيع تكون إجازته صحيحة والبيع نافذا،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ بَيْعُ أَحَدِ الشُّرَكَاءِ لِلْأَجْنَبِيِّ حِصَّتَهُ فِي الْأَثْمَارِ غَيْرِ النَّاضِجَةِ؛ لِأَنَّ الْأَجْنَبِيَّ لَوْ أَرَادَ قَطْفَ الْأَثْمَارِ وَأَخْذَ حِصَّتِهِ مِنْهَا لَتَضَرَّرَ الشَّرِيكُ، أَمَّا لَوِ اتَّفَقَ الشَّرِيكَانِ عَلَى بَيْعِ الثَّمَرِ لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ بَعْدَ الْبَيْعِ فَسَخَ أَحَدُهُمَا الْبَيْعَ بِالتَّرَاضِي مَعَ الْمُشْتَرِي لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَيَبْقَى صَحِيحًا. (1/94) (الْمَادَّةُ 56) :	كذلك لا يصح بيع أحد الشركاء للأجنبي حصته في الأثمار غير الناضجة؛ لأن الأجنبي لو أراد قطف الأثمار وأخذ حصته منها لتضرر الشريك، أما لو اتفق الشريكان على بيع الثمر لشخص أجنبي، ثم بعد البيع فسخ أحدهما البيع بالتراضي مع المشتري لا يفسخ البيع في النصف الآخر ويبقى صحيحا. (1/94) (المادة 56) :
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْبَقَاءُ أَسْهَلُ مِنَ الِابْتِدَاءِ. بِمَا أَنَّ الْبَقَاءَ أَسْهَلُ مِنَ الِابْتِدَاءِ فَالَّذِي لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً قَدْ يَجُوزُ بَقَاءً مِثَالٌ: لِلشَّرِيكِ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ الشَّائِعَةَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ، وَلَكِنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَ حِصَّتَهُ لِأَحَدِ شُرَكَائِهِ إِذَا كَانُوا مُتَعَدِّدِينَ أَوْ لِشَخْصٍ أَجْنَبِيٍّ، أَمَّا لَوْ أَجَّرَ الدَّارَ جَمِيعَهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُ،	البقاء أسهل من الابتداء. بما أن البقاء أسهل من الابتداء فالذي لا يجوز ابتداء قد يجوز بقاء مثال: للشريك أن يؤجر حصته الشائعة لشريكه الآخر، ولكن لا يجوز له أن يؤجر حصته لأحد شركائه إذا كانوا متعددين أو لشخص أجنبي، أما لو أجر الدار جميعها على أنها له،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	ثُمَّ بَعْدَ إِجْرَاءِ عَقْدِ الْإِيجَارِ ظَهَرَ مُسْتَحِقٌّ لِنِصْفِ تِلْكَ الدَّارِ وَأَثْبَتَ الْمُسْتَحِقُّ مِلْكِيَّتَهُ بِنِصْفِهَا لَا تُفْسَخُ الْإِجَارَةُ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ وَتَكُونُ صَحِيحَةً بَقَاءً، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً، كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ حَاكِمٌ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ غَيْرُ مَأْذُونٍ بِذَلِكَ فَذَلِكَ النَّصْبُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالْأَحْكَامُ الَّتِي يَحْكُمُ بِهَا تَكُونُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ،	ثم بعد إجراء عقد الإيجار ظهر مستحق لنصف تلك الدار وأثبت المستحق ملكيته بنصفها لا تفسخ الإجارة في النصف الآخر وتكون صحيحة بقاء، وإن لم تكن جائزة ابتداء، كذلك لو نصب حاكم نائبا عنه في الحكم، وهو غير مأذون بذلك فذلك النصب غير صحيح والأحكام التي يحكم بها تكون غير معتبرة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَكِنْ إِذَا حَكَمَ ذَلِكَ النَّائِبُ فِي شَيْءٍ وَالْحَاكِمُ الَّذِي أَنَابَهُ أَجَازَ ذَلِكَ الْحُكْمَ يُصْبِحُ الْحُكْمُ مُعْتَبَرًا وَصَحِيحًا فَالْإِنَابَةُ هُنَا جَازَتْ بَقَاءً أَيْضًا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَائِزَةً ابْتِدَاءً. (1/95) (الْمَادَّةُ 57) :	ولكن إذا حكم ذلك النائب في شيء والحاكم الذي أنابه أجاز ذلك الحكم يصبح الحكم معتبرا وصحيحا فالإنابة هنا جازت بقاء أيضا وإن لم تكن جائزة ابتداء. (1/95) (المادة 57) :
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	لَا يَتِمُّ التَّبَرُّعُ إِلَّا بِقَبْضٍ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ الْقَائِلِ {لَا تَجُوزُ الْهِبَةُ إِلَّا مَقْبُوضَةً} عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَتِ الْهِبَةُ تَتِمُّ بِدُونِ الْقَبْضِ لَأَصْبَحَ الْوَاهِبُ حِينَئِذٍ مُجْبَرًا عَلَى أَدَاءِ شَيْءٍ لَيْسَ بِمُجْبَرٍ عَلَى أَدَائِهِ، وَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِرُوحِ التَّبَرُّعِ فَالتَّبَرُّعُ هُوَ إِعْطَاءُ الشَّيْءِ غَيْرِ الْوَاجِبِ، إِعْطَاؤُهُ إِحْسَانًا مِنَ الْمُعْطِي. مِثَالٌ:	لا يتم التبرع إلا بقبض هذه القاعدة مأخوذة من الحديث الشريف القائل {لا تجوز الهبة إلا مقبوضة} على أنه لو كانت الهبة تتم بدون القبض لأصبح الواهب حينئذ مجبرا على أداء شيء ليس بمجبر على أدائه، وذلك مخالف لروح التبرع فالتبرع هو إعطاء الشيء غير الواجب، إعطاؤه إحسانا من المعطي. مثال:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	لَوْ وَهَبَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ فَمَا لَمْ يَقْبِضْهُ بِإِذْنِ الْوَاهِبِ لَا يَحِقُّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِذَلِكَ الْمَالِ. كَذَا لَوْ عَدَلَ شَخْصٌ - بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ نُقُودًا بِيَدِهِ لِيُعْطِيَهَا فَقِيرًا وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إِلَيْهِ - عَنْ إِعْطَائِهِ إِيَّاهَا، فَلَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْهِبَةَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِلَا عِوَضٍ أَوْ كَانَتْ بِشَرْطِ الْعِوَضِ فَتَمَامُهَا مَوْقُوفٌ عَلَى الْقَبْضِ،	لو وهب شخص مالا لآخر فما لم يقبضه بإذن الواهب لا يحق له أن يتصرف بذلك المال. كذا لو عدل شخص - بعد أن أخرج نقودا بيده ليعطيها فقيرا ولم يسلمها إليه - عن إعطائه إياها، فلا يجبر على ذلك. والحاصل أن الهبة سواء كانت بلا عوض أو كانت بشرط العوض فتمامها موقوف على القبض،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَكِنْ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إِلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْقَبْضِ، وَلُزُومُهَا لِلْوَرَثَةِ نَاشِئٌ عَنْ وَفَاةِ الْمُوَرِّثِ الَّذِي لَهُ وَحْدَهُ حَقُّ الرُّجُوعِ عَنْ تَبَرُّعِهِ. (1/96) (الْمَادَّةُ 58) : التَّصَرُّفُ عَلَى الرَّغْبَةِ مَنُوطٌ بِالْمَصْلَحَةِ.	ولكن لأن الوصية تمليك مضاف إلى ما بعد الموت لا تتوقف على القبض، ولزومها للورثة ناشئ عن وفاة المورث الذي له وحده حق الرجوع عن تبرعه. (1/96) (المادة 58) : التصرف على الرغبة منوط بالمصلحة.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ قَاعِدَةِ تَصَرُّفُ الْقَاضِي فِيمَا لَهُ فِعْلُهُ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ وَالْأَوْقَافِ مُقَيَّدٌ بِالْمَصْلَحَةِ أَيْ أَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاعِي فِي أُمُورِ الرَّعِيَّةِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْمَصْلَحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَا يَكُونُ صَحِيحًا. وَالرَّعِيَّةُ هُنَا: هِيَ عُمُومُ النَّاسِ الَّذِينَ هُمْ تَحْتَ وِلَايَةِ الْوَلِيِّ. مِثَالُ ذَلِكَ:	هذه القاعدة مأخوذة من قاعدة تصرف القاضي فيما له فعله من أموال الناس والأوقاف مقيد بالمصلحة أي أن تصرف الراعي في أمور الرعية يجب أن يكون مبنيا على المصلحة، وما لم يكن كذلك لا يكون صحيحا. والرعية هنا: هي عموم الناس الذين هم تحت ولاية الولي. مثال ذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا لَمْ يُوجَدْ وَلِيٌّ لِلْقَتِيلِ فَالسُّلْطَانُ وَلِيُّهُ فَكَمَا أَنَّ لَهُ حَقًّا بِأَنْ يُقْتَصَّ مِنَ الْقَاتِلِ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الدِّيَةَ بَدَلًا عَنِ الْقِصَاصِ، إِلَّا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ هُنَا أَنْ لَا تَقِلَّ الدِّيَةُ عَنِ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ. كَذَلِكَ الْقَاضِي لَا تُعْتَبَرُ تَصَرُّفَاتُهُ فِي الْأُمُورِ الْعَامَّةِ وَأَحْكَامُهُ مَا لَمْ تَكُنْ مَبْنِيَّةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ. مِثَالٌ:	إذا لم يوجد ولي للقتيل فالسلطان وليه فكما أن له حقا بأن يقتص من القاتل له أن يقبل الدية بدلا عن القصاص، إلا أنه يشترط هنا أن لا تقل الدية عن الدية الشرعية. كذلك القاضي لا تعتبر تصرفاته في الأمور العامة وأحكامه ما لم تكن مبنية على المصلحة. مثال:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	لَوْ أَمَرَ الْقَاضِي شَخْصًا بِأَنْ يَسْتَهْلِكَ مَالًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ مَالًا لِشَخْصٍ آخَرَ فَإِذْنُهُ غَيْرُ صَحِيحٍ حَتَّى أَنَّ الْقَاضِيَ نَفْسَهُ لَوِ اسْتَهْلَكَ ذَلِكَ الْمَالَ يَكُونُ ضَامِنًا. كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي أَنْ يَهَبَ أَمْوَالَ الْوَقْفِ وَأَمْوَالَ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِيهَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُقَيَّدًا بِمَصْلَحَتِهَا أَيْضًا.	لو أمر القاضي شخصا بأن يستهلك مالا من بيت المال أو مالا لشخص آخر فإذنه غير صحيح حتى أن القاضي نفسه لو استهلك ذلك المال يكون ضامنا. كذلك لا يجوز للقاضي أن يهب أموال الوقف وأموال الصغير؛ لأن تصرفه فيها يجب أن يكون مقيدا بمصلحتها أيضا.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ لَوْ نَصَّبَ حَاكِمٌ مُخَالِفًا شَرْطَ الْوَاقِفِ فَرَّاشًا فِي مَسْجِدٍ فَكَمَا أَنَّ أَخْذَ الْأُجْرَةِ حَرَامٌ عَلَى الْفَرَّاشِ فَالْحَاكِمُ أَيْضًا يَكُونُ ارْتَكَبَ حُرْمَةً بِنَصْبِهِ. كَذَلِكَ إِذَا صَالَحَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ عَنْ دَعْوَاهُ يَصِحُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ ضَرَرٌ بَيِّنٌ، وَذَلِكَ حَسْبَ مَنْطُوقِ الْمَادَّةِ (1540) كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَقْبَلَ مِنْ مَدِينِ الصَّغِيرِ حَوَالَةً مَا لَهُ عَلَى شَخْصٍ مَا لَمْ يَكُنْ أَمْلَأَ،	كذلك لو نصب حاكم مخالفا شرط الواقف فراشا في مسجد فكما أن أخذ الأجرة حرام على الفراش فالحاكم أيضا يكون ارتكب حرمة بنصبه. كذلك إذا صالح ولي الصبي عن دعواه يصح إن لم يكن فيه ضرر بين، وذلك حسب منطوق المادة (1540) كما أنه ليس للوصي أن يقبل من مدين الصغير حوالة ما له على شخص ما لم يكن أملأ،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَيْ أَغْنَى مِنَ الْمُحِيلِ، وَإِلَّا فَقَبُولُهُ لَا حُكْمَ لَهُ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ (685) وَالْحَاصِلُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُ السُّلْطَانِ وَالْقَاضِي وَالْوَالِي وَالْوَصِيِّ وَالْمُتَوَلِّي (1/97) وَالْوَلِيِّ مَقْرُونًا بِالْمَصْلَحَةِ وَإِلَّا فَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَا جَائِزٍ. (1/98) (الْمَادَّةُ 59) : الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ أَقْوَى مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ. يُرَادُ بِالْوِلَايَةِ هُنَا نَفَاذُ تَصَرُّفِ الْوَلِيِّ فِي حَقِّ الْغَيْرِ شَاءَ أَمْ أَبَى، وَالْوَلِيُّ:	أي أغنى من المحيل، وإلا فقبوله لا حكم له عملا بالمادة (685) والحاصل يجب أن يكون تصرف السلطان والقاضي والوالي والوصي والمتولي (1/97) والولي مقرونا بالمصلحة وإلا فهو غير صحيح ولا جائز. (1/98) (المادة 59) : الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة. يراد بالولاية هنا نفاذ تصرف الولي في حق الغير شاء أم أبى، والولي:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	هُوَ الَّذِي يَحِقُّ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي مَالِ الْغَيْرِ بِدُونِ اسْتِحْصَالِ إِذْنٍ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ، وَهَذَا بِعَكْسِ الْوَكِيلِ فَالْوَكِيلُ وَإِنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِ الْغَيْرِ فَتَصَرُّفُهُ مَقْرُونٌ بِرِضَاءِ صَاحِبِ الْمَالِ. هَذَا وَالْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ إِمَّا أَنْ تَكُونَ وِلَايَةً فِي النِّكَاحِ وَالْمَالِ، وَالْوَلِيُّ فِي ذَلِكَ الْجَدُّ أَوِ الْأَبُ أَوْ أَبُو الْجَدِّ،	هو الذي يحق له التصرف في مال الغير بدون استحصال إذن برضاء صاحب المال، وهذا بعكس الوكيل فالوكيل وإن تصرف في مال الغير فتصرفه مقرون برضاء صاحب المال. هذا والولاية الخاصة إما أن تكون ولاية في النكاح والمال، والولي في ذلك الجد أو الأب أو أبو الجد،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَإِمَّا أَنْ تَكُونَ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ أَوْ فِي الْمَالِ فَقَطْ فَالْوَلِيُّ فِي النِّكَاحِ فَقَطْ جَمِيعُ الْعَصَبَاتِ وَالْأُمُّ وَذَوِي الْأَرْحَامِ، وَالْوَلِيُّ فِي الْمَالِ فَقَطْ أَوَّلًا أَبُو الصَّغِيرِ. ثَانِيًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُوهُ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إِذَا مَاتَ أَبُوهُ.	وإما أن تكون في النكاح فقط أو في المال فقط فالولي في النكاح فقط جميع العصبات والأم وذوي الأرحام، والولي في المال فقط أولا أبو الصغير. ثانيا الوصي الذي اختاره أبوه ونصبه في حال حياته إذا مات أبوه.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	ثَالِثًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْوَصِيُّ الْمُخْتَارُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ إِذَا مَاتَ. رَابِعًا جَدُّهُ الصَّحِيحُ أَيْ أَبُو أَبِ الصَّغِيرِ. خَامِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي اخْتَارَهُ الْجَدُّ وَنَصَّبَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ. سَادِسًا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ هَذَا، كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (974) وَوِلَايَةُ الْوَقْفِ هِيَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ أَيْضًا. مِثَالُ ذَلِكَ:	ثالثا الوصي الذي نصبه الوصي المختار في حال حياته إذا مات. رابعا جده الصحيح أي أبو أب الصغير. خامسا الوصي الذي اختاره الجد ونصبه في حال حياته. سادسا الوصي الذي نصبه هذا، كما هو مذكور في المادة (974) وولاية الوقف هي من هذا القبيل ولاية خاصة أيضا. مثال ذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	لَوْ أَجَّرَ الْقَاضِي عَقَارًا لِلْوَقْفِ بِمَا لَهُ مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ عَلَى الْوَقْفِ، وَأَجَّرَ مُتَوَلِّي الْوَقْفِ ذَلِكَ الْعَقَارَ نَفْسَهُ، يَكُونُ إِيجَارُ الْمُتَوَلِّي صَحِيحًا وَلَا يُعْتَبَرُ إِيجَارُ الْقَاضِي؛ لِأَنَّ الْوِلَايَةَ الْخَاصَّةَ أَقْوَى مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، وَلَا يَحِقُّ لِصَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ صَاحِبِ الْوِلَايَةِ الْخَاصَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْقَاضِي هُوَ الَّذِي عَيَّنَ ذَلِكَ الْمُتَوَلِّي،	لو أجر القاضي عقارا للوقف بما له من الولاية العامة على الوقف، وأجر متولي الوقف ذلك العقار نفسه، يكون إيجار المتولي صحيحا ولا يعتبر إيجار القاضي؛ لأن الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة، ولا يحق لصاحب الولاية العامة أن يتصرف بمال الوقف مع وجود صاحب الولاية الخاصة، وإن كان القاضي هو الذي عين ذلك المتولي،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي عَزْلُ الْمُتَوَلِّي الْمَنْصُوبِ مِنْ قِبَلِ الْوَاقِفِ مَا لَمْ تَظْهَرْ عَلَيْهِ خِيَانَةٌ؛ لِأَنَّ وِلَايَةَ (1/99) الْوَاقِفِ عَلَى الْوَقْفِ وِلَايَةٌ خَاصَّةٌ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ وِلَايَةِ الْقَاضِي، كَذَلِكَ لَا يَحِقُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَتَصَرَّفَ بِمَالِ الْيَتِيمِ الَّذِي نُصِّبَ عَلَيْهِ وَصِيٌّ، وَلَا أَنْ يُزَوِّجَ الْيَتِيمَ أَوِ الْيَتِيمَةَ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ،	كذلك لا يحق للقاضي عزل المتولي المنصوب من قبل الواقف ما لم تظهر عليه خيانة؛ لأن ولاية (1/99) الواقف على الوقف ولاية خاصة، وهي أقوى من ولاية القاضي، كذلك لا يحق للقاضي أن يتصرف بمال اليتيم الذي نصب عليه وصي، ولا أن يزوج اليتيم أو اليتيمة عند وجود الولي،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إِذَا وُجِدَتِ الْوِلَايَةُ الْخَاصَّةُ فِي شَيْءٍ لَا تَأْثِيرَ لِلْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ وَلَا عَمَلَ لِصَاحِبِهَا، وَأَنَّ تَصَرُّفَ الْوَلِيِّ الْعَامِّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلِيِّ الْخَاصِّ غَيْرُ نَافِذٍ. (مُسْتَثْنَيَاتُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ) وَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ مُسْتَثْنًى، وَهُوَ: إِذَا كَانَ الصَّبِيُّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ فَوَصِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الصُّلْحِ عَنِ الْقِصَاصِ بِمَالٍ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنَ الدِّيَةِ الشَّرْعِيَّةِ،	والحاصل أنه إذا وجدت الولاية الخاصة في شيء لا تأثير للولاية العامة ولا عمل لصاحبها، وأن تصرف الولي العام عند وجود الولي الخاص غير نافذ. (مستثنيات هذه القاعدة) ولهذه القاعدة مستثنى، وهو: إذا كان الصبي ولي القتيل فوصيه، وإن كان له حق الصلح عن القصاص بمال لا يكون أقل من الدية الشرعية،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَلَيْسَ لَهُ قِصَاصُ الْقَاتِلِ أَوْ إِعْفَاؤُهُ مِنَ الْقِصَاصِ مَعَ أَنَّ الْقَاضِيَ لَهُ حَقُّ الْقِصَاصِ بِمَا لَهُ مِنَ الْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ، فَالْقَاضِي هُنَا يَمْلِكُ بِوِلَايَتِهِ الْعَامَّةِ مَالًا يَمْلِكُهُ الْوَصِيُّ بِوِلَايَتِهِ الْخَاصَّةِ. (1/100) (الْمَادَّةُ 60) إِعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ كِتَابِ الْأَشْبَاهِ، وَقَدْ ذُكِرَتْ فِيهِ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ: (إِعْمَالُ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ مَتَى أَمْكَنَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أُهْمِلَ)	فليس له قصاص القاتل أو إعفاؤه من القصاص مع أن القاضي له حق القصاص بما له من الولاية العامة، فالقاضي هنا يملك بولايته العامة مالا يملكه الوصي بولايته الخاصة. (1/100) (المادة 60) إعمال الكلام أولى من إهماله هذه القاعدة مأخوذة من كتاب الأشباه، وقد ذكرت فيه على الصورة الآتية: (إعمال الكلام أولى من إهماله متى أمكن فإن لم يمكن أهمل)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إِهْمَالُ الْكَلَامِ وَاعْتِبَارُهُ بِدُونِ مَعْنًى مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ لَهُ أَوْ مَعْنًى مَجَازِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إِهْمَالُ الْكَلَامِ إِنَّمَا هُوَ اعْتِبَارُهُ لَغْوًا وَعَبَثًا، وَالْعَقْلُ وَالدِّينُ يَمْنَعَانِ الْمَرْءَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِمَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ،	يعني أنه لا يجوز إهمال الكلام واعتباره بدون معنى ما أمكن حمله على معنى حقيقي له أو معنى مجازي؛ لأنه لما كان إهمال الكلام إنما هو اعتباره لغوا وعبثا، والعقل والدين يمنعان المرء من أن يتكلم بما لا فائدة فيه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَحَمْلُ كَلَامِ الْعَاقِلِ عَلَى الصِّحَّةِ وَاجِبٌ. هَذَا وَبِمَا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْكَلَامِ الْحَقِيقَةُ فَمَا لَمْ يَتَعَذَّرْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ لَا يُحْمَلُ عَلَى الْمَجَازِيِّ؛ لِأَنَّ هَذَا خُلْفٌ لِذَاكَ وَالْخُلْفُ لَا يُزَاحِمُ الْأَصْلَ.	فحمل كلام العاقل على الصحة واجب. هذا وبما أن الأصل في الكلام الحقيقة فما لم يتعذر حمل الكلام على معناه الحقيقي لا يحمل على المجازي؛ لأن هذا خلف لذاك والخلف لا يزاحم الأصل.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	عَلَى أَنَّهُ سَوَاءٌ حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ أَمْ حُمِلَ عَلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ لَهُ فَهُوَ إِعْمَالٌ لِلْكَلَامِ إِلَّا أَنَّ اللَّفْظَ الْمُرَادَ إِعْمَالُهُ إِذَا كَانَ مِمَّا يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ وَالتَّأْسِيسَ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّأْسِيسَ أَوْلَى مِنَ التَّأْكِيدِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى الْإِفَادَةُ أَوْلَى مِنَ الْإِعَادَةِ،	على أنه سواء حمل الكلام على المعنى الحقيقي أم حمل على المعنى المجازي له فهو إعمال للكلام إلا أن اللفظ المراد إعماله إذا كان مما يحتمل التأكيد والتأسيس فحمله على التأسيس أولى؛ لأن التأسيس أولى من التأكيد، وبعبارة أخرى الإفادة أولى من الإعادة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْأَصْلِ إِنَّمَا وُضِعَ لِإِفَادَةِ مَعْنًى غَيْرِ الْمَعْنَى الَّذِي يُسْتَفَادُ مِنْ غَيْرِهِ فَحَمْلُهُ عَلَى التَّأْكِيدِ دُونَ التَّأْسِيسِ إِهْمَالٌ لِوَضْعِهِ الْأَصْلِيِّ، التَّأْكِيدُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ تَقْرِيرُ وَتَقْوِيَةُ مَعْنَى لَفْظٍ سَابِقٍ لَهُ، وَيُقَالُ لَهُ (إِعَادَةٌ أَيْضًا) التَّأْسِيسُ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي يُفِيدُ مَعْنًى لَمْ يُفِدْهُ اللَّفْظُ السَّابِقُ لَهُ،	ولأنه لما كان اللفظ في الأصل إنما وضع لإفادة معنى غير المعنى الذي يستفاد من غيره فحمله على التأكيد دون التأسيس إهمال لوضعه الأصلي، التأكيد هو اللفظ الذي يقصد به تقرير وتقوية معنى لفظ سابق له، ويقال له (إعادة أيضا) التأسيس هو اللفظ الذي يفيد معنى لم يفده اللفظ السابق له،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَيُقَالُ لَهُ (إِفَادَةٌ) أَيْضًا. فَعَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَنَّهُ مَدْيُونٌ لِآخَرَ بِعَشْرِ جُنَيْهَاتٍ مَثَلًا بِدُونِ أَنْ يَذْكُرَ سَبَبَ الدَّيْنِ وَأَعْطَى سَنَدًا بِذَلِكَ وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَرَّ (1/101) لِلشَّخْصِ نَفْسِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً بِعَشْرِ جُنَيْهَاتٍ أَيْضًا وَعَمِلَ لَهُ سَنَدًا وَلَمْ يُبَيِّنْ سَبَبَ الدَّيْنِ،	ويقال له (إفادة) أيضا. فعليه لو أقر شخص بأنه مديون لآخر بعشر جنيهات مثلا بدون أن يذكر سبب الدين وأعطى سندا بذلك وأشهد على نفسه، ثم بعد ذلك أقر (1/101) للشخص نفسه مرة ثانية بعشر جنيهات أيضا وعمل له سندا ولم يبين سبب الدين،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	يُحْمَلُ إِقْرَارُهُ فِي كِلْتَا الْمَرَّتَيْنِ عَلَى تَأْسِيسٍ وَيُعْتَبَرُ دَيْنُ السَّنَدِ الثَّانِي غَيْرُ دَيْنِ السَّنَدِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّ السَّنَدَ الثَّانِي كُتِبَ تَأْكِيدًا لِلسَّنَدِ الْأَوَّلِ، كَذَا لَوْ قَالَ رَجُلٌ لِزَوْجَتِهِ (أَنْتِ طَالِقٌ طَالِقٌ طَالِقٌ)	يحمل إقراره في كلتا المرتين على تأسيس ويعتبر دين السند الثاني غير دين السند الأول لا أن السند الثاني كتب تأكيدا للسند الأول، كذا لو قال رجل لزوجته (أنت طالق طالق طالق)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	تَكُونُ طَالِقًا ثَلَاثًا وَلَا يُلْتَفَتُ لِكَلَامِ الزَّوْجِ إِذَا هُوَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ إِنَّنِي قَصَدْتُ التَّأْكِيدَ فِي تَكْرَارِي كَلِمَةَ الطَّلَاقِ هَذَا غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَمْلُ الْكَلَامِ الَّذِي يَحْتَمِلُ التَّأْكِيدَ وَالتَّأْسِيسَ مَعًا عَلَى التَّأْسِيسِ أَوْلَى، فَقَدْ يُحْمَلُ أَحْيَانًا عَلَى التَّأْكِيدِ، كَأَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (بِعْهُ وَبِعْهُ مِنْ فُلَانٍ)	تكون طالقا ثلاثا ولا يلتفت لكلام الزوج إذا هو قال بعد ذلك إنني قصدت التأكيد في تكراري كلمة الطلاق هذا غير أنه وإن كان حمل الكلام الذي يحتمل التأكيد والتأسيس معا على التأسيس أولى، فقد يحمل أحيانا على التأكيد، كأن يقول الموكل لوكيله (بعه وبعه من فلان)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَلِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ لِذَلِكَ الشَّخْصِ الْمَعْنِيِّ بِكَلَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَلَوْ حُمِلَ الْكَلَامُ عَلَى التَّأْسِيسِ لَمَا حَقَّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ لِغَيْرِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي عَنَاهُ الْمُوَكِّلُ. (1/102) (الْمَادَّةُ 61) إِذَا تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ يُصَارَ إِلَى الْمَجَازِ. يَعْنِي: إِذَا تَعَذَّرَتْ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلْكَلَامِ لَا يُهْمَلُ،	فللوكيل حينئذ أن يبيع المال الموكل ببيعه لذلك الشخص المعني بكلام الموكل أو لغيره، ولو حمل الكلام على التأسيس لما حق للوكيل أن يبيع المال لغير ذلك الشخص الذي عناه الموكل. (1/102) (المادة 61) إذا تعذرت الحقيقة يصار إلى المجاز. يعني: إذا تعذرت إرادة المعنى الحقيقي للكلام لا يهمل،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	بَلْ يُسْتَعْمَلُ فِي مَعْنَاهُ الْمَجَازِيِّ. فَالْمَعْنَى الْمَهْجُورُ أَيْ غَيْرُ الْمُسْتَعْمَلِ شَرْعًا وَعُرْفًا هُوَ فِي حُكْمِ الْمُتَعَذِّرِ. وَالتَّعَذُّرُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: أَوَّلًا: تَعَذُّرٌ حَقِيقِيٌّ. ثَانِيًا: تَعَذُّرٌ عُرْفِيٌّ. ثَالِثًا: تَعَذُّرٌ شَرْعِيٌّ. وَلِلتَّعَذُّرِ الْحَقِيقِيِّ وَجْهَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ تَكُونَ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ مُمْتَنِعَةً. مِثَالُ ذَلِكَ:	بل يستعمل في معناه المجازي. فالمعنى المهجور أي غير المستعمل شرعا وعرفا هو في حكم المتعذر. والتعذر على ثلاثة أقسام: أولا: تعذر حقيقي. ثانيا: تعذر عرفي. ثالثا: تعذر شرعي. وللتعذر الحقيقي وجهان: الأول: أن تكون إرادة المعنى الحقيقي ممتنعة. مثال ذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	لَوْ وَقَفَ شَخْصٌ لَيْسَ لَهُ أَوْلَادٌ وَلَهُ أَحْفَادٌ - مَالًا لَهُ عَلَى وَلَدِهِ فَبِمَا أَنَّ الْوَاقِفَ هُنَا لَيْسَ لَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ مَنْ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَوْلَادٌ حَقِيقَةً وَهُمُ الْأَوْلَادُ الصُّلْبِيَّةِ فَيَتَعَذَّرُ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ، وَبِمَا أَنَّ الْكَلَامَ يَجِبُ أَنْ لَا يُهْمَلَ مَا أَمْكَنَ حَمْلُهُ عَلَى مَعْنًى فَيُحْمَلُ عَلَى أَحْفَادِهِ الَّذِينَ يُطْلَقُ عَلَيْهِمْ أَوْلَادٌ مَجَازًا. الثَّانِي:	لو وقف شخص ليس له أولاد وله أحفاد - مالا له على ولده فبما أن الواقف هنا ليس له من الأولاد من يطلق عليهم أولاد حقيقة وهم الأولاد الصلبية فيتعذر حمل الكلام على معناه الحقيقي، وبما أن الكلام يجب أن لا يهمل ما أمكن حمله على معنى فيحمل على أحفاده الذين يطلق عليهم أولاد مجازا. الثاني:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَنْ تَكُونَ إِرَادَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لِلَّفْظِ مُمْكِنَةٌ مَعَ الْمَشَقَّةِ الزَّائِدَةِ. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ حَلَفَ شَخْصٌ قَائِلًا (لَا آكُلُ مِنْ شَجَرَةِ النَّخْلِ هَذِهِ وَأَشَارَ إِلَيْهَا) . فَلِأَنَّ الْأَكْلَ مِنْ خَشَبِ تِلْكَ الشَّجَرَةِ وَإِنْ كَانَ مُمْكِنًا لَا يَكُونُ إِلَّا بِصُعُوبَةٍ وَالْمَعْلُومُ أَنَّ الْمُتَكَلِّمَ لَا يَقْصِدُ بِكَلَامِهِ الْأَكْلَ مِنْ خَشَبِ الشَّجَرَةِ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَرِهَا إِذَا كَانَتْ مُثْمِرَةً،	أن تكون إرادة المعنى الحقيقي للفظ ممكنة مع المشقة الزائدة. مثال ذلك: لو حلف شخص قائلا (لا آكل من شجرة النخل هذه وأشار إليها) . فلأن الأكل من خشب تلك الشجرة وإن كان ممكنا لا يكون إلا بصعوبة والمعلوم أن المتكلم لا يقصد بكلامه الأكل من خشب الشجرة يحمل كلامه على ثمرها إذا كانت مثمرة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَعَلَى ثَمَنِ خَشَبِهَا إِذَا لَمْ تَكُنْ، كَذَلِكَ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَكُونُ حَانِثًا بِيَمِينِهِ فِيمَا لَوْ أَكَلَ مِنَ النَّخْلَةِ خَشَبَهَا. التَّعَذُّرُ الْعُرْفِيُّ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا وَمَتْرُوكًا لِلنَّاسِ كَأَنْ يَحْلِفَ إِنْسَانٌ قَائِلًا (لَا أَضَعُ قَدَمِي فِي دَارِ فُلَانٍ) فَلِأَنَّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَصْبَحَ مَهْجُورًا مِنَ النَّاسِ وَالْمَعْنَى الْمُسْتَعْمَلَةُ (1/103)	وعلى ثمن خشبها إذا لم تكن، كذلك حتى أنه لا يكون حانثا بيمينه فيما لو أكل من النخلة خشبها. التعذر العرفي: وهو أن يكون المعنى الحقيقي للفظ مهجورا ومتروكا للناس كأن يحلف إنسان قائلا (لا أضع قدمي في دار فلان) فلأن المعنى الحقيقي لهذه الكلمة أصبح مهجورا من الناس والمعنى المستعملة (1/103)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فِيهِ هُوَ الْكِنَايَةُ عَنِ الدُّخُولِ فِي الدَّارِ لَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ فِيمَا لَوْ وَضَعَ قَدَمَهُ فِي بَابِ الدَّارِ وَلَمْ يَدْخُلْهَا. التَّعَذُّرُ الشَّرْعِيُّ: هُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ لِلَّفْظِ مَهْجُورًا شَرْعًا كَكَلِمَةِ (الْخُصُومَةِ) مَثَلًا: فَإِنَّهَا لَمَّا تُرِكَ مَعْنَاهَا الْأَصْلِيُّ شَرْعًا فَعَلَيْهِ إِذَا سَمِعْتَ رَجُلًا يَقُولُ: إِنِّي قَدْ وَكَّلْتُ فُلَانًا بِالْخُصُومَةِ عَنِّي فِي دَعْوَى إِرْثٍ مَثَلًا:	فيه هو الكناية عن الدخول في الدار لا يحنث الحالف فيما لو وضع قدمه في باب الدار ولم يدخلها. التعذر الشرعي: هو أن يكون المعنى الحقيقي للفظ مهجورا شرعا ككلمة (الخصومة) مثلا: فإنها لما ترك معناها الأصلي شرعا فعليه إذا سمعت رجلا يقول: إني قد وكلت فلانا بالخصومة عني في دعوى إرث مثلا:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	تُصْرَفُ كَلِمَةُ الْخُصُومَةِ إِلَى مَا اسْتُعْمِلَتْ فِيهِ شَرْعًا، وَهُوَ الْمُرَافَعَةُ وَالْمُدَافَعَةُ عَنْهُ فِي دَعْوَى أُقِيمَتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَهَا عَلَى غَيْرِهِ دُونَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ لَهَا، وَهُوَ بِأَنْ يَقُومَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُوَكَّلُ بِمُنَازَعَةٍ وَمُضَارَبَةٍ مَنْ يُنَاوِئُ الْمُوَكِّلُ أَوْ مَنْ يُرِيدُ الْمُوَكِّلُ مُنَاوَأَتَهُ. (1/104) (الْمَادَّةُ 62) إِذَا تَعَذَّرَ إِعْمَالُ الْكَلَامِ يُهْمَلُ يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا لَمْ يُمْكِنْ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنًى حَقِيقِيٍّ أَوْ مَجَازِيٍّ أُهْمِلَ.	تصرف كلمة الخصومة إلى ما استعملت فيه شرعا، وهو المرافعة والمدافعة عنه في دعوى أقيمت عليه أو أقامها على غيره دون المعنى الحقيقي لها، وهو بأن يقوم ذلك الرجل الموكل بمنازعة ومضاربة من يناوئ الموكل أو من يريد الموكل مناوأته. (1/104) (المادة 62) إذا تعذر إعمال الكلام يهمل يعني أنه إذا لم يمكن حمل الكلام على معنى حقيقي أو مجازي أهمل.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَقَدْ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ فِي الْأَشْبَاهِ بِالصُّورَةِ الْآتِيَةِ: (وَإِنْ تَعَذَّرَتِ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بِلَا مُرَجِّحٍ أُهْمِلَ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ أَيْ إِمْكَانِ إِعْمَالِ الْكَلَامِ) يَعْنِي أَنَّهُ إِذَا كَانَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَى مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيِّ أَوْ عَلَى الْمَجَازِيِّ خَارِجًا عَنِ الْإِمْكَانِ وَمُمْتَنِعًا أَوْ كَانَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مُرَجِّحٌ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ يُهْمَلُ بِحُكْمِ الضَّرُورَةِ حِينَئِذٍ وَلَا يَعْمَلُ.	وقد ذكرت هذه القاعدة في الأشباه بالصورة الآتية: (وإن تعذرت الحقيقة والمجاز أو كان اللفظ مشتركا بلا مرجح أهمل لعدم الإمكان أي إمكان إعمال الكلام) يعني أنه إذا كان حمل الكلام على معناه الحقيقي أو على المجازي خارجا عن الإمكان وممتنعا أو كان اللفظ مشتركا بين معنيين ولا يوجد مرجح لأحدهما على الآخر يهمل بحكم الضرورة حينئذ ولا يعمل.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَسْبَابَ الَّتِي تُوجِبُ إِهْمَالَ الْكَلَامِ: أَوَّلًا: امْتِنَاعُ حَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ. ثَانِيًا: أَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَا يُوجَدُ مَا يُرَجِّحُ أَحَدَهُمَا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ فِي حَقِّ مَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْهُ سِنًّا أَوْ فِي حَقِّ مَنْ نَسَبُهُ مَعْرُوفٌ بِأَنَّهُ ابْنُهُ لَا تَكُونُ دَعْوَاهُ صَحِيحَةً،	والحاصل أن الأسباب التي توجب إهمال الكلام: أولا: امتناع حمل الكلام على المعنى الحقيقي والمجازي. ثانيا: أن يكون اللفظ مشتركا بين معنيين ولا يوجد ما يرجح أحدهما. مثال ذلك: لو ادعى شخص في حق من هو أكبر منه سنا أو في حق من نسبه معروف بأنه ابنه لا تكون دعواه صحيحة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْمَادَّةِ (1629) لِأَنَّ ذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ حَقِيقَةً، إِذْ لَيْسَ مِنَ الْمَعْقُولِ أَنْ يَكُونَ شَخْصٌ وَالِدًا لِرَجُلٍ يَكْبُرُهُ فِي السِّنِّ كَذَا مِنَ الْمُتَعَذِّرِ شَرْعًا أَنْ يَكُونَ الشَّخْصُ الْمَعْرُوفُ النَّسَبِ وَلَدًا لِذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي يَدَّعِيهِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ وَارِثٌ لِوَارِثٍ آخَرَ بِزِيَادَةٍ عَنْ حِصَّتِهِ الْإِرْثِيَّةِ، كَأَنْ يُتَوَفَّى شَخْصٌ عَنْ وَلَدٍ وَبِنْتٍ وَيَعْتَرِفُ الْوَلَدُ لِأُخْتِهِ بِنِصْفِ مَا خَلَّفَ وَالِدُهُمَا مِنَ الْأَمْوَالِ الْمَنْقُولَةِ،	كما سيجيء في المادة (1629) لأن ذلك متعذر حقيقة، إذ ليس من المعقول أن يكون شخص والدا لرجل يكبره في السن كذا من المتعذر شرعا أن يكون الشخص المعروف النسب ولدا لذلك الرجل الذي يدعيه. كذلك لو أقر وارث لوارث آخر بزيادة عن حصته الإرثية، كأن يتوفى شخص عن ولد وبنت ويعترف الولد لأخته بنصف ما خلف والدهما من الأموال المنقولة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَلَا يُعْتَبَرُ إِقْرَارُهُ هَذَا لِتَعَذُّرِهِ شَرْعًا وَتُقْسَمُ التَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا حَسْبَ الْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ. كَذَلِكَ لَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ قَائِلًا: إِنَّنِي قَطَعْت يَدَيْ فُلَانٍ، وَإِنَّنِي مَدْيُونٌ لَهُ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ دِيَةَ يَدَيْهِ وَكَانَتْ يَدَا الشَّخْصِ الْمَذْكُورِ (1/105) سَالِمَتَيْنِ لَمْ تُقْطَعْ يُهْمَلُ ذَلِكَ الْكَلَامُ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ. هَذَا وَإِلَيْكَ مَثَلًا: عَلَى اللَّفْظِ الَّذِي يَتَنَازَعُهُ مَعْنَيَانِ أَوِ الْمُشْتَرِكُ بَيْنَ مَعْنَيَيْنِ وَلَيْسَ مِنْ مُرَجِّحٍ لِإِرَادَةِ أَحَدِهِمَا.	فلا يعتبر إقراره هذا لتعذره شرعا وتقسم التركة بينهما حسب الفريضة الشرعية. كذلك لو أقر شخص قائلا: إنني قطعت يدي فلان، وإنني مديون له بخمسمائة درهم دية يديه وكانت يدا الشخص المذكور (1/105) سالمتين لم تقطع يهمل ذلك الكلام ولا يعتد به. هذا وإليك مثلا: على اللفظ الذي يتنازعه معنيان أو المشترك بين معنيين وليس من مرجح لإرادة أحدهما.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمِثَالُ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ مُعْتِقٌ (بِكَسْرِ التَّاءِ) وَآخَرُ مُعْتَقٌ (بِفَتْحِهَا) وَأَوْصَى بِمَالِ قَائِلًا: (إِنَّهُ لِمَوْلَايَ بَعْدَ مَوْتِي) وَلَمْ يُعَيِّنْ فَلَمَّا كَانَتْ كَلِمَةُ (مَوْلَايَ) تَشْمَلُ الْمُنْعِمَ وَالْمُنْعَمَ عَلَيْهِ وَتُطْلَقُ عَلَى (السَّيِّدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتِقُ، وَعَلَى (الْعَبْدِ) ، وَهُوَ الْمُعْتَقُ وَبِمَا أَنَّ الْقَصْدَ وَالْغَرَضَ فِي الْوَصِيَّةِ إِذَا كَانَتْ مِنَ الْأَدْنَى إِلَى الْأَعْلَى أَنْ تَكُونَ بِمَثَابَةِ اعْتِرَافٍ بِجَمِيلِ الْمُوصَى لَهُ وَكَشُكْرٍ لَهُ عَلَى أَيَادِيهِ،	المثال: لو كان لرجل معتق (بكسر التاء) وآخر معتق (بفتحها) وأوصى بمال قائلا: (إنه لمولاي بعد موتي) ولم يعين فلما كانت كلمة (مولاي) تشمل المنعم والمنعم عليه وتطلق على (السيد) ، وهو المعتق، وعلى (العبد) ، وهو المعتق وبما أن القصد والغرض في الوصية إذا كانت من الأدنى إلى الأعلى أن تكون بمثابة اعتراف بجميل الموصى له وكشكر له على أياديه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَإِذَا كَانَتْ مِنَ الْأَعْلَى لِلْأَدْنَى فَهِيَ بِمَثَابَةِ إِحْسَانٍ وَزِيَادَةِ تَلَطُّفٍ، وَلِأَنَّ الِاسْمَ الْمُشْتَرَكَ لَا يُعَدُّ مِنْ قِسْمِ الْعُمُومِ، وَيَجِبُ تَحْدِيدُ أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَقْصُودِ لِلِاسْمِ الْمُشْتَرَكِ وَهُنَا الْقَصْدُ مَجْهُولٌ، إِذْ بِتَعَدُّدِ الْمَقْصُودِ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ لَا يُمْكِنُ تَعْيِينُ أَحَدِهِمَا، فَلَا تَصِحُّ لَهُ وَصِيَّةٌ. (1/106) (الْمَادَّةُ 63) ذِكْرُ بَعْضِ مَا لَا يَتَجَزَّأُ كَذِكْرِ كُلِّهِ. إِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْأَشْبَاهِ وَالْمَجَامِعِ،	وإذا كانت من الأعلى للأدنى فهي بمثابة إحسان وزيادة تلطف، ولأن الاسم المشترك لا يعد من قسم العموم، ويجب تحديد أحد المعنيين المقصود للاسم المشترك وهنا القصد مجهول، إذ بتعدد المقصود للفظ الواحد لا يمكن تعيين أحدهما، فلا تصح له وصية. (1/106) (المادة 63) ذكر بعض ما لا يتجزأ كذكر كله. إن هذه القاعدة مأخوذة من الأشباه والمجامع،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْمَفْهُومُ مِنْهَا أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي لَا تَتَجَزَّأُ ذِكْرُ بَعْضِهَا عَنِ الْكُلِّ وَإِنَّ الْبَعْضَ مِنْهَا إِذَا ذُكِرَ كَانَ الْكُلُّ مَذْكُورًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذِكْرُ الْبَعْضِ لَا يَقُومُ مَقَامَ ذِكْرِ الْكُلِّ لَكَانَ ذَلِكَ مُوجِبًا لِإِهْمَالِ الْكَلَامِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَادَّةَ (60) مِنَ الْمَجَلَّةِ تُصَرِّحُ بِأَنَّ إِعْمَالَ الْكَلَامِ أَوْلَى مِنْ إِهْمَالِهِ. مِثَالٌ: لَوْ أَرَادَ شَخْصٌ أَنْ يَكْفُلَ شَخْصًا آخَرَ عَلَى نَفْسِهِ،	والمفهوم منها أنه يكفي في الأشياء التي لا تتجزأ ذكر بعضها عن الكل وإن البعض منها إذا ذكر كان الكل مذكورا؛ لأنه لو كان ذكر البعض لا يقوم مقام ذكر الكل لكان ذلك موجبا لإهمال الكلام، والحال أن المادة (60) من المجلة تصرح بأن إعمال الكلام أولى من إهماله. مثال: لو أراد شخص أن يكفل شخصا آخر على نفسه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَقَالَ فِي عَقْدِ الْكَفَالَةِ إِنَّنِي كَفِيلٌ بِنِصْفِ أَوْ رُبْعِ هَذَا الشَّخْصِ فَبِمَا أَنَّ نَفْسَ الرَّجُلِ مِمَّا لَا يَقْبَلُ التَّجْزِئَةَ وَالتَّقْسِيمَ، وَذِكْرُ الْبَعْضِ مِنْهَا بِحُكْمِ ذِكْرِ الْكُلِّ، فَالْكَفَالَةُ صَحِيحَةٌ وَيَكُونُ قَدْ كَفَلَ نَفْسَ الرَّجُلِ كُلَّهَا. كَذَلِكَ فِي الشُّفْعَةِ،	فقال في عقد الكفالة إنني كفيل بنصف أو ربع هذا الشخص فبما أن نفس الرجل مما لا يقبل التجزئة والتقسيم، وذكر البعض منها بحكم ذكر الكل، فالكفالة صحيحة ويكون قد كفل نفس الرجل كلها. كذلك في الشفعة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ 1041 لَوْ سَلَّمَ الشَّفِيعَ نِصْفَ الْعَقَارِ الْمَشْفُوعِ يَكُونُ بِذَلِكَ مُسْقِطًا حَقَّ شُفْعَتِهِ فِي الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مِمَّا لَا يَتَجَزَّأُ. كَذَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ كُلُّهُ إِذَا كَانَ وَلِيُّ الْقَتِيلِ وَاحِدًا وَعَفَا عَنِ الْقَاتِلِ بِجُزْءٍ مِنَ الْقِصَاصِ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ لَا يَتَجَزَّأُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنَ الْمُمْكِنِ إِمَاتَةُ قِسْمٍ مِنَ الْإِنْسَانِ مَعَ الْإِبْقَاءِ عَلَى الْقِسْمِ الْآخَرِ مِنْهُ حَيًّا.	كما هو مذكور في المادة 1041 لو سلم الشفيع نصف العقار المشفوع يكون بذلك مسقطا حق شفعته في الكل؛ لأن الشفعة مما لا يتجزأ. كذا يسقط القصاص كله إذا كان ولي القتيل واحدا وعفا عن القاتل بجزء من القصاص؛ لأن القصاص لا يتجزأ؛ لأنه ليس من الممكن إماتة قسم من الإنسان مع الإبقاء على القسم الآخر منه حيا.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إِطْلَاقِهِ إِذَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلُ التَّقْيِيدِ نَصًّا أَوْ دَلَالَةً إِنَّ هَذِهِ الْقَاعِدَةَ ذُكِرَتْ فِي الْمَجَامِعِ عَلَى الصُّورَةِ الْآتِيَةِ (الْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إِطْلَاقِهِ، كَمَا أَنَّ الْمُقَيَّدَ يَجْرِي عَلَى تَقْيِيدِهِ) وَقَدْ وَرَدَتْ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ الْحَنَفِيَّةِ (الْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إِلَى الْكَمَالِ) فَالْمُطْلَقُ مُقَابِلُ الْمُقَيَّدِ أَيْ أَنَّ الْمُطْلَقَ ضِدُّ الْمُقَيَّدِ. الْمُطْلَقُ تَعْرِيفُهُ:	المطلق يجري على إطلاقه إذا لم يقم دليل التقييد نصا أو دلالة إن هذه القاعدة ذكرت في المجامع على الصورة الآتية (المطلق يجري على إطلاقه، كما أن المقيد يجري على تقييده) وقد وردت في الكتب الفقهية الحنفية (المطلق ينصرف إلى الكمال) فالمطلق مقابل المقيد أي أن المطلق ضد المقيد. المطلق تعريفه:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	هُوَ الْحِصَّةُ الَّتِي قَدْ تَشْمَلُ حِصَصًا غَيْرَهَا بِدُونِ تَعْيِينٍ فِي الشَّيْءِ الَّذِي تَكُونُ شَائِعَةً فِي جِنْسِهِ، وَحَقِيقَتُهَا وَمَاهِيَّتُهَا مِنْ حَقِيقَتِهِ وَمَاهِيَّتِه وَقَدْ عُرِّفَ الْمُطْلَقُ تَعْرِيفًا آخَرَ، وَهُوَ أَنَّهُ الْأَمْرُ الْمُجَرَّدُ مِنَ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْصِيصِ وَالتَّعْمِيمِ وَالتَّكْرَارِ وَالْمَرَّةِ. وَالْمُقَيَّدُ: هُوَ الْمُقَارِنُ لِإِحْدَى هَذِهِ الْقَرَائِنِ مِثَالٌ:	هو الحصة التي قد تشمل حصصا غيرها بدون تعيين في الشيء الذي تكون شائعة في جنسه، وحقيقتها وماهيتها من حقيقته وماهيته وقد عرف المطلق تعريفا آخر، وهو أنه الأمر المجرد من القرائن الدالة على التخصيص والتعميم والتكرار والمرة. والمقيد: هو المقارن لإحدى هذه القرائن مثال:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا اتَّفَقَ شَخْصٌ مَعَ خَيَّاطٍ عَلَى خِيَاطَةِ جُبَّةٍ لَهُ وَلَمْ يَشْتَرِطِ الرَّجُلُ عَلَى الْخَيَّاطِ بِأَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ يَحِقُّ لِلْخَيَّاطِ أَنْ يَعْهَدَ بِخِيَاطَةِ تِلْكَ الْجُبَّةِ إِلَى أَجِيرِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْخَيَّاطُ الْجُبَّةَ فِيمَا لَوْ تَلِفَتْ بِيَدِ الْأَجِيرِ بِدُونِ تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ جَرَى مُطْلَقًا وَلَمْ يُقَيَّدْ، وَالْمُطْلَقُ يَجْرِي عَلَى إِطْلَاقِهِ كَمَا مَرَّ.	إذا اتفق شخص مع خياط على خياطة جبة له ولم يشترط الرجل على الخياط بأن يخيطها بنفسه يحق للخياط أن يعهد بخياطة تلك الجبة إلى أجيره ولا يضمن الخياط الجبة فيما لو تلفت بيد الأجير بدون تعد ولا تقصير؛ لأن العقد جرى مطلقا ولم يقيد، والمطلق يجري على إطلاقه كما مر.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	بِخِلَافِ مَا لَوِ اشْتَرَطَ صَاحِبُ الْجُبَّةِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَنْ يَخِيطَهَا بِنَفْسِهِ وَعَهِدَ الْخَيَّاطُ بِخِيَاطَتِهَا لِأَجِيرِهِ فَتَلِفَتْ يَكُونُ الْخَيَّاطُ ضَامِنًا.	بخلاف ما لو اشترط صاحب الجبة على الخياط أن يخيطها بنفسه وعهد الخياط بخياطتها لأجيره فتلفت يكون الخياط ضامنا.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ لَوْ أَعَارَ شَخْصٌ مَالًا لِآخَرَ وَلَمْ يُقَيِّدِ الْعَارِيَّةَ بِنَوْعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ لَمْ يُقَيِّدْهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ بِهَا فَقَطْ يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ تَوْفِيقًا لِلْمَادَّةِ 819 مِنَ الْمَجَلَّةِ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالْمَالِ الْمُعَارِ بِذَاتِهِ أَوْ بِإِعَارَتِهِ لِآخَرَ يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهِ بِأَيٍّ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ قَيَّدَ الْمُعِيرُ (1/109)	كذلك لو أعار شخص مالا لآخر ولم يقيد العارية بنوع الانتفاع أو لم يقيدها بانتفاع المستعير بها فقط يحق للمستعير توفيقا للمادة 819 من المجلة أن ينتفع بالمال المعار بذاته أو بإعارته لآخر ينتفع به وله أن ينتفع به بأي من أنواع الانتفاع، بخلاف ما لو قيد المعير (1/109)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْإِعَارَةَ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الِانْتِفَاعِ أَوْ قَيَّدَهَا بِانْتِفَاعِ الْمُسْتَعِيرِ فَقَطْ، فَلَا يَحِقُّ لِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَتَجَاوَزَ قُيُودَ الْمُعِيرِ لِلْإِعَارَةِ. كَذَلِكَ الْوَكِيلُ بِالْبَيْعِ عَلَى وَجْهِ الْإِطْلَاقِ يَحِقُّ لَهُ حَسْبَ الْمَادَّةِ 1494 أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ الْمُوَكَّلَ بِبَيْعِهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَرَاهُ مُنَاسِبًا قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، بِخِلَافِ مَا لَوْ عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ الْمِقْدَارَ الَّذِي يَقْبَلُهُ ثَمَنًا لِمَالِهِ،	الإعارة بنوع من أنواع الانتفاع أو قيدها بانتفاع المستعير فقط، فلا يحق للمستعير أن يتجاوز قيود المعير للإعارة. كذلك الوكيل بالبيع على وجه الإطلاق يحق له حسب المادة 1494 أن يبيع المال الموكل ببيعه بالثمن الذي يراه مناسبا قليلا كان أو كثيرا، بخلاف ما لو عين الموكل للوكيل المقدار الذي يقبله ثمنا لماله،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ حِينَئِذٍ حَسْبَ الْمَادَّةِ 1459 أَنْ يَبِيعَ الْمَالَ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ قَدْ قَيَّدَ الْوَكَالَةَ بِبَيَانِ الثَّمَنِ الَّذِي يَرْتَضِيهِ ثَمَنًا لِمَالِهِ. هَذَا وَإِنَّ الْأَمْثِلَةَ الَّتِي مَرَّتْ مَعَنَا هُنَا كُلُّهَا أَمْثِلَةٌ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالنَّصِّ وَفِيمَا يَلِي بَعْضُ الْأَمْثِلَةِ عَلَى التَّقْيِيدِ بِالدَّلَالَةِ وَهِيَ: إِذَا وَكَّلَ مُكَارٍ شَخْصًا آخَرَ لِيَشْتَرِيَ لَهُ فَرَسًا بِدُونِ أَنْ يُعَيِّنَ لَهُ وَصْفًا،	فلا يحق للوكيل حينئذ حسب المادة 1459 أن يبيع المال بأقل من ذلك المقدار المعين؛ لأن الموكل قد قيد الوكالة ببيان الثمن الذي يرتضيه ثمنا لماله. هذا وإن الأمثلة التي مرت معنا هنا كلها أمثلة على التقييد بالنص وفيما يلي بعض الأمثلة على التقييد بالدلالة وهي: إذا وكل مكار شخصا آخر ليشتري له فرسا بدون أن يعين له وصفا،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَالْوَكَالَةُ هُنَا مُقَيَّدَةٌ بِحَالِ الْمُوَكِّلِ وَعَمَلِهِ فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بِدَاعِي الْإِطْلَاقِ فِي الْوَكَالَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ فَرَسًا لِلْمُوَكِّلِ مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ بِمِائَتَيْ جُنَيْهٍ، بَلْ إِنَّمَا لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ الْفَرَسَ الَّذِي يَتَنَاسَبُ ثَمَنُهُ مَعَ حَالِ مُوَكِّلِهِ وَعَمَلِهِ فَهُنَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ تَقْيِيدٌ بِالنَّصِّ فَالتَّقْيِيدُ بِالدَّلَالَةِ مَانِعٌ مِنْ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَكِيلُ فَرَسًا مِنْ جِيَادِ الْخَيْلِ لِذَلِكَ الْمُوَكِّلِ الْمُكَارِي،	فالوكالة هنا مقيدة بحال الموكل وعمله فليس للوكيل بداعي الإطلاق في الوكالة أن يشتري فرسا للموكل من جياد الخيل بمائتي جنيه، بل إنما له أن يشتري الفرس الذي يتناسب ثمنه مع حال موكله وعمله فهنا وإن لم يوجد تقييد بالنص فالتقييد بالدلالة مانع من أن يشتري الوكيل فرسا من جياد الخيل لذلك الموكل المكاري،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَوِ اشْتَرَى الْوَكِيلُ عَلَى الْفَرْضِ فَرَسًا جَوَادًا لَا يُلْزَمُ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَيَبْقَى لِلْوَكِيلِ. كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ الْمُطْلَقَةُ بِشِرَاءِ شَيْءٍ فَإِنَّهَا وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِهَا قَيْدٌ لِلثَّمَنِ فَالدَّلَالَةُ تُوجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ الشِّرَاءَ بِالْقِيمَةِ الْمِثْلِيَّةِ وَإِلَّا فَمَعَ الْغَبْنِ الْيَسِيرِ وَلَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الشَّيْءَ بِثَمَنٍ يَكُونُ بِهِ غَبْنٌ فَاحِشٌ عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَادَّةُ ( (1/110) 1482) ،	ولو اشترى الوكيل على الفرض فرسا جوادا لا يلزم به الموكل ويبقى للوكيل. كذلك الوكالة المطلقة بشراء شيء فإنها وإن لم يوجد بها قيد للثمن فالدلالة توجب على الوكيل الشراء بالقيمة المثلية وإلا فمع الغبن اليسير ولا يحق للوكيل أن يشتري ذلك الشيء بثمن يكون به غبن فاحش على الموكل المادة ( (1/110) 1482) ،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ قُرْبَ عِيدِ الْأَضْحَى بِأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ خَرُوفًا أَوْ فِي فَصْلِ الصَّيْفِ بِشِرَاءِ ثَلْجٍ أَوْ فِي فَصْلِ الشِّتَاءِ بِشِرَاءِ فَحْمٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ مُدَّةَ الشِّرَاءِ فَعَقْدُ الْوَكَالَةِ وَإِنْ كَانَ بِالظَّاهِرِ لَا يَحْتَوِي عَلَى قَيْدٍ لِعَدَمِ وُجُودِ نَصٍّ لِلتَّقْيِيدِ فِيهِ فَالْقَيْدُ هُنَا مَوْجُودٌ دَلَالَةً فَعَلَيْهِ لَا يَحِقُّ لِلْوَكِيلِ شِرَاءُ الْخَرُوفِ بَعْدَ مُرُورِ عِيدِ الْأَضْحَى،	كذلك لو وكل شخص آخر قرب عيد الأضحى بأن يشتري له خروفا أو في فصل الصيف بشراء ثلج أو في فصل الشتاء بشراء فحم ولم يعين له مدة الشراء فعقد الوكالة وإن كان بالظاهر لا يحتوي على قيد لعدم وجود نص للتقييد فيه فالقيد هنا موجود دلالة فعليه لا يحق للوكيل شراء الخروف بعد مرور عيد الأضحى،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالثَّلْجِ بَعْدَ دُخُولِ فَصْلِ الشِّتَاءِ، وَالْفَحْمِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الشِّتَاءِ وَإِنْ فَعَلَ لَا يُلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى. (1/111) (الْمَادَّةُ 65) الْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ. مَثَلًا: لَوْ أَرَادَ الْبَائِعُ بَيْعَ فَرَسٍ أَشْهَبَ حَاضِرٍ فِي الْمَجْلِسِ وَقَالَ فِي إِيجَابِهِ: بِعْت هَذَا الْفَرَسَ الْأَدْهَمَ وَأَشَارَ إِلَيْهِ، وَقَبِلَ الْبَائِعُ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَغَا وَصْفَ الْأَدْهَمِ،	والثلج بعد دخول فصل الشتاء، والفحم بعد انقضاء الشتاء وإن فعل لا يلزم الموكل بالشيء المشترى. (1/111) (المادة 65) الوصف في الحاضر لغو وفي الغائب معتبر. مثلا: لو أراد البائع بيع فرس أشهب حاضر في المجلس وقال في إيجابه: بعت هذا الفرس الأدهم وأشار إليه، وقبل البائع صح البيع ولغا وصف الأدهم،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَمَّا لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ، فَلَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ. يَعْنِي: لَوْ عَرَّفَ شَخْصٌ شَيْئًا بِبَيَانِ جِنْسِهِ وَوَصْفِهِ يُنْظَرُ فَإِذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ حَاضِرًا وَكَانَ مُشَارًا إِلَيْهِ حِينَ الْوَصْفِ وَكَانَ الْمَوْصُوفُ وَالْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَالْوَصْفُ لَغْوٌ وَلَا حُكْمَ لَهُ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْمَوْصُوفُ غَائِبًا عَنْ مَجْلِسِ الْوَصْفِ فَالْوَصْفُ مُعْتَبَرٌ. يَجْرِي حُكْمُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فِي النِّكَاحِ،	أما لو باع فرسا غائبا وذكر أنه أشهب والحال أنه أدهم، فلا ينعقد البيع. يعني: لو عرف شخص شيئا ببيان جنسه ووصفه ينظر فإذا كان الموصوف حاضرا وكان مشارا إليه حين الوصف وكان الموصوف والمسمى من جنس المشار إليه فالوصف لغو ولا حكم له، وأما إذا كان الموصوف غائبا عن مجلس الوصف فالوصف معتبر. يجري حكم هذه القاعدة في النكاح،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ، وَفِي سَائِرِ الْعُقُودِ. قَدْ ذُكِرَ فِي مَتْنِ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَائِعَ (لَوْ بَاعَ فَرَسًا غَائِبًا وَذَكَرَ أَنَّهُ أَشْهَبُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَدْهَمُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ) وَلَكِنَّ الْمَادَّةَ 310 تُصَرِّحُ بِأَنَّ الْبَيْعَ يَكُونُ مُنْعَقِدًا وَإِنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي حَقُّ الْفَسْخِ بِخِيَارِ الْوَصْفِ،	والبيع، والإجارة، وفي سائر العقود. قد ذكر في متن هذه المادة أن البائع (لو باع فرسا غائبا وذكر أنه أشهب والحال أنه أدهم لا ينعقد البيع) ولكن المادة 310 تصرح بأن البيع يكون منعقدا وإنما يكون للمشتري حق الفسخ بخيار الوصف،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَقَدْ جَاءَ فِي الْأَشْبَاهِ (أَلَا تَرَى أَنَّ مَنِ اشْتَرَى فَصًّا عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ فَإِذَا هُوَ زُجَاجٌ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ، أَمَّا لَوِ اشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ يَاقُوتٌ أَحْمَرُ فَإِذَا هُوَ أَخْضَرُ يَنْعَقِدُ الْعَقْدُ لِاتِّحَادِ الْجِنْسِ) فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّهُ إِذَا كَانَ الْجِنْسُ مُتَّحِدًا فَاخْتِلَافُ الْوَصْفِ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنَ الِانْعِقَادِ.	وقد جاء في الأشباه (ألا ترى أن من اشترى فصا على أنه ياقوت فإذا هو زجاج لا ينعقد البيع لاختلاف الجنس، أما لو اشتراه على أنه ياقوت أحمر فإذا هو أخضر ينعقد العقد لاتحاد الجنس) فيفهم من ذلك كله أنه إذا كان الجنس متحدا فاختلاف الوصف لا يكون مانعا من الانعقاد.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	هَذَا وَإِنَّ الْمَادَّةَ 107 قَدْ عَرَّفَتِ الْبَيْعَ غَيْرَ الْمُنْعَقِدِ بِالْبَيْعِ الْبَاطِلِ فَعَلَيْهِ يُفْهَمُ مِنْ عِبَارَةِ (غَيْرِ مُنْعَقِدٍ) فِي هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ الْبَيْعَ بَاطِلٌ إِلَّا أَنَّهُ نَظَرًا لِكَوْنِ الْعِبَارَةِ هَذِهِ مُخَالِفَةٌ لِلنَّقْلِ فَيَجِبُ أَنْ يُفْهَمَ مِنْهَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُعْقَدُ لَازِمًا. كَذَا لَوِ ادَّعَى شَخْصٌ (1/112) بِحُضُورِ الْقَاضِي قَائِلًا:	هذا وإن المادة 107 قد عرفت البيع غير المنعقد بالبيع الباطل فعليه يفهم من عبارة (غير منعقد) في هذه المادة أن البيع باطل إلا أنه نظرا لكون العبارة هذه مخالفة للنقل فيجب أن يفهم منها أن البيع لا يعقد لازما. كذا لو ادعى شخص (1/112) بحضور القاضي قائلا:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِنَّ هَذَا الْحَدِيدَ الَّذِي وَزْنُهُ مِائَةُ رَطْلٍ هُوَ مَالِيٌّ فَظَهَرَ وَزْنُهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةُ مَقْبُولَتَانِ؛ لِأَنَّ الْوَزْنَ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ صِفَةٌ، وَهِيَ لَغْوٌ وَالْحَاصِلُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ لَغْوًا يَجِبُ وُجُودُ شَرْطَيْنِ اثْنَيْنِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْمَوْصُوفُ مَوْجُودًا فِي مَجْلِسِ الْوَصْفِ. الثَّانِي:	إن هذا الحديد الذي وزنه مائة رطل هو مالي فظهر وزنه أكثر من ذلك فالدعوى والشهادة مقبولتان؛ لأن الوزن في المشار إليه صفة، وهي لغو والحاصل لأجل أن يكون الوصف لغوا يجب وجود شرطين اثنين: الأول: أن يكون الشيء الموصوف موجودا في مجلس الوصف. الثاني:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمَوْجُودُ فِي مَجْلِسِ الْوَصْفِ مِنْ جِنْسِ الْمَوْصُوفِ حَتَّى إِذَا لَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ - أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْصُوفُ حَاضِرًا - وَوُجِدَ الشَّرْطُ الثَّانِي فَقَطْ يَكُونُ الْوَصْفُ مُعْتَبَرًا. كَذَلِكَ لَوْ وُجِدَ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُوجَدِ الشَّرْطُ الثَّانِي - أَيْ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْصُوفُ مِنْ جِنْسِ الْوَصْفِ - يُعْتَبَرُ الْوَصْفُ أَيْضًا،	أن يكون ذلك الشيء الموجود في مجلس الوصف من جنس الموصوف حتى إذا لم يوجد الشرط الأول - أي إذا لم يكن الموصوف حاضرا - ووجد الشرط الثاني فقط يكون الوصف معتبرا. كذلك لو وجد الشرط الأول ولم يوجد الشرط الثاني - أي إذا لم يكن الموصوف من جنس الوصف - يعتبر الوصف أيضا،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	هَذَا وَإِنَّ الشَّيْءَ الْمُسَمَّى وَالْمَوْصُوفَ إِذَا كَانَ مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ؛ كَانَ الْعَاقِدَانِ لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَيَكُونُ الْوَصْفُ حِينَئِذٍ مُعْتَبَرًا وَيَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِالشَّيْءِ الْمُسَمَّى أَيْ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَوْصُوفِ لَا بِالشَّيْءِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُسَمَّى هُوَ مَثَلٌ لِلْمُشَارِ إِلَيْهِ وَلَيْسَ بِوَصْفٍ تَابِعٍ لَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ أَقْوَى مِنَ الْإِشَارَةِ مِنْ جِهَةٍ، وَالْإِشَارَةُ أَقْوَى مِنَ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى.	هذا وإن الشيء المسمى والموصوف إذا كان مخالفا لجنس المشار إليه؛ كان العاقدان لا يعلمان أنه كذلك فيكون الوصف حينئذ معتبرا ويتعلق العقد بالشيء المسمى أي بذلك الشيء الموصوف لا بالشيء المشار إليه؛ لأن المسمى هو مثل للمشار إليه وليس بوصف تابع له، والحاصل أن التسمية والوصف أقوى من الإشارة من جهة، والإشارة أقوى من التسمية والوصف من جهة أخرى.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَإِيضَاحُ ذَلِكَ أَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ هُمَا وَصْفٌ لِلْمَاهِيَّةِ وَتَعْرِيفٌ لَهَا، وَبِمَا أَنَّ اعْتِبَارَ الْمَعْنَى أَرْجَحُ فِيهِمَا تَكُونُ تَسْمِيَتُهَا وَالْوَصْفُ أَقْوَى مِنَ الْإِشَارَةِ، وَبِمَا أَنَّ الْإِشَارَةَ تَقْطَعُ الِاشْتِرَاكَ وَتُزِيلُ احْتِمَالَ الْمَجَازِ فَهِيَ مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ أَقْوَى مِنَ التَّسْمِيَةِ وَالْوَصْفِ، فَعَلَيْهِ فِي حَالَةِ وُجُودِ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ يُرَجَّحُ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ،	وإيضاح ذلك أن التسمية والوصف هما وصف للماهية وتعريف لها، وبما أن اعتبار المعنى أرجح فيهما تكون تسميتها والوصف أقوى من الإشارة، وبما أن الإشارة تقطع الاشتراك وتزيل احتمال المجاز فهي من هذه الجهة أقوى من التسمية والوصف، فعليه في حالة وجود المسمى مخالفا لجنس المشار إليه يرجح القسم الأول،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِنْ جِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ فَيَكُونُ مِنَ الْقِسْمِ (1/113) الثَّانِي. مِثَالُ ذَلِكَ: إِذَا أَشَارَ الْبَائِعُ إِلَى فَصٍّ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ مُخَاطِبًا الْمُشْتَرِيَ قَدْ بِعْتُكَ هَذَا الْأَلْمَاسَ وَكَانَ ذَلِكَ الْفَصُّ بَلُّورًا فَبِمَا أَنَّ الْبَيْعَ تَعَلَّقَ بِالْأَلْمَاسِ وَبِمَا أَنَّ الْوَصْفَ هُنَا مُعْتَبَرٌ وَالْأَلْمَاسُ مَعْدُومٌ فِي هَذَا الْبَيْعِ فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ،	أما إذا كان المسمى من جنس المشار إليه فيكون من القسم (1/113) الثاني. مثال ذلك: إذا أشار البائع إلى فص ووصفه بقوله مخاطبا المشتري قد بعتك هذا الألماس وكان ذلك الفص بلورا فبما أن البيع تعلق بالألماس وبما أن الوصف هنا معتبر والألماس معدوم في هذا البيع فالبيع باطل،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	أَمَّا إِذَا كَانَ الْمُسَمَّى مُخَالِفًا لِجِنْسِ الْمُشَارِ إِلَيْهِ وَكَانَ الْعَاقِدَانِ عَالِمَيْنِ بِذَلِكَ فَالْعَقْدُ يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ وَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا. مِثَالُ ذَلِكَ: لَوْ أَشَارَ شَخْصٌ إِلَى جَمَلٍ قَائِلًا لِلْمُشْتَرِي قَدْ بِعْتُك هَذَا الْحِمَارَ وَكَانَ الْمُشْتَرِي عَالِمًا بِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ حِمَارًا، بَلْ جَمَلًا، وَقَبِلَ الشِّرَاءَ، فَالْبَيْعُ يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْجَمَلِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِحَقِّ الْحِمَارِ الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُشَارِ إِلَيْهِ،	أما إذا كان المسمى مخالفا لجنس المشار إليه وكان العاقدان عالمين بذلك فالعقد يتعلق بالمشار إليه ويكون البيع صحيحا. مثال ذلك: لو أشار شخص إلى جمل قائلا للمشتري قد بعتك هذا الحمار وكان المشتري عالما بأن البيع لم يكن حمارا، بل جملا، وقبل الشراء، فالبيع ينعقد بحق الجمل ولا ينعقد بحق الحمار المسمى؛ لأن العقد هنا يتعلق بالمشار إليه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذِ التَّعْرِيفُ بِالشَّيْءِ إِنَّمَا يَكُونُ بِأَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: بِالْإِشَارَةِ لَعَيْنِهِ. وَالثَّانِي: بِتَسْمِيَتِهِ. فَإِذَا اجْتَمَعَ الِاثْنَانِ فَالِاعْتِبَارُ لِلْعَيْنِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ. (1/114) (الْمَادَّةُ 66) السُّؤَالُ مُعَادٌ فِي الْجَوَابِ يَعْنِي أَنَّ مَا قِيلَ فِي السُّؤَالِ الْمُصَدَّقِ كَانَ الْمُجِيبُ الْمُصَدِّقُ قَدْ أَقَرَّ بِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَذْكُورَةٌ فِي الْأَشْبَاهِ، وَبِمَا أَنَّ الْفُقَهَاءَ قَدْ ذَكَرُوهَا بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُ يَجْرِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ.	إذ التعريف بالشيء إنما يكون بأمرين: الأول: بالإشارة لعينه. والثاني: بتسميته. فإذا اجتمع الاثنان فالاعتبار للعين لا للتسمية. (1/114) (المادة 66) السؤال معاد في الجواب يعني أن ما قيل في السؤال المصدق كان المجيب المصدق قد أقر به. هذه القاعدة مذكورة في الأشباه، وبما أن الفقهاء قد ذكروها بصورة مطلقة فيفهم من ذلك أن حكمه يجري في جميع أبواب الفقه.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	قُلْنَا: إِنَّ الْقَاعِدَةَ مَذْكُورَةٌ بِصُورَةٍ مُطْلَقَةٍ وَلَكِنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ مُقَيَّدَةٌ وَإِلَيْكَ التَّفْصِيلُ: إِذَا وَرَدَ كَلَامٌ جَوَابًا عَلَى سُؤَالٍ فَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ بِمِقْدَارِ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْجَوَابُ فَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ مَقْصُورًا عَلَى السُّؤَالِ وَيَكُونُ السُّؤَالُ مَعَادًا فِي الْجَوَابِ ضِمْنًا، وَأَمَّا إِذَا كَانَ الْكَلَامُ زَائِدًا عَمَّا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْجَوَابُ فَيَكُونُ الْكَلَامُ إِنْشَاءً فِي الظَّاهِرِ،	قلنا: إن القاعدة مذكورة بصورة مطلقة ولكنها في الحقيقة مقيدة وإليك التفصيل: إذا ورد كلام جوابا على سؤال فإذا كان الكلام بمقدار ما يحتاج إليه الجواب فالكلام المذكور يكون مقصورا على السؤال ويكون السؤال معادا في الجواب ضمنا، وأما إذا كان الكلام زائدا عما يحتاج إليه الجواب فيكون الكلام إنشاء في الظاهر،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَكِنْ قَدْ يَكُونُ جَوَابًا خِلَافَ الظَّاهِرِ، فَإِذَا قَالَ الْمُجِيبُ: إِنَّمَا قَصَدْتُ الْجَوَابَ بِكَلَامِي يُصَدَّقُ دِيَانَةً لَا قَضَاءً. مِثَالٌ: لَوْ بَاعَ شَخْصٌ بِطَرِيقِ الْفُضُولِ مَالًا مِنْ آخَرَ وَبَلَّغَ الْبَائِعُ صَاحِبَ الْمَالِ، وَبَيْنَمَا هُوَ يَفْتَكِرُ فِي ذَلِكَ سَأَلَهُ سَائِلٌ قَائِلًا: هَلْ تَأْذَنُنِي بِإِجَازَةِ ذَلِكَ الْبَيْعِ.؟ فَأَجَابَهُ بِقَوْلِهِ: نَعَمْ فَقَوْلُهُ بِمَعْنَى أَذِنْتُكَ بِالْإِجَازَةِ فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ إِذَا أَجَازَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمَأْذُونُ بِالْإِجَازَةِ،	ولكن قد يكون جوابا خلاف الظاهر، فإذا قال المجيب: إنما قصدت الجواب بكلامي يصدق ديانة لا قضاء. مثال: لو باع شخص بطريق الفضول مالا من آخر وبلغ البائع صاحب المال، وبينما هو يفتكر في ذلك سأله سائل قائلا: هل تأذنني بإجازة ذلك البيع.؟ فأجابه بقوله: نعم فقوله بمعنى أذنتك بالإجازة فينفذ البيع إذا أجازه ذلك الشخص المأذون بالإجازة،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمَادَّةُ 67) لَا يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ لَكِنَّ السُّكُوتَ فِي مَعْرِضِ الْحَاجَةِ بَيَانٌ. يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُعَدُّ سَاكِتٌ أَنَّهُ قَالَ كَذَا، لَكِنَّ السُّكُوتَ فِيمَا يَلْزَمُ التَّكَلُّمَ بِهِ إِقْرَارٌ وَبَيَانٌ،	المادة 67) لا ينسب إلى ساكت قول لكن السكوت في معرض الحاجة بيان. يعني: أنه لا يعد ساكت أنه قال كذا، لكن السكوت فيما يلزم التكلم به إقرار وبيان،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَذَلِكَ كَمَا إِذَا رَأَيْتَ أَحَدًا يَتَصَرَّفُ فِي شَيْءٍ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ بِلَا إِذْنٍ مِنْكَ وَسَكَتَّ بِلَا عُذْرٍ يُعَدُّ ذَلِكَ إِقْرَارًا مِنْكَ بِأَنَّكَ غَيْرُ مَالِكٍ لَهُ. إِنَّ الْفِقْرَةَ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ مَأْخُوذَةٌ مِنْ (الْأَشْبَاهِ) وَالثَّانِيَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنْ عِلْمِ أُصُولِ الْفِقْهِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كِتَابِ (الْمَرْأَةِ) (	وذلك كما إذا رأيت أحدا يتصرف في شيء تصرف المالك بلا إذن منك وسكت بلا عذر يعد ذلك إقرارا منك بأنك غير مالك له. إن الفقرة الأولى من هذه المادة مأخوذة من (الأشباه) والثانية مأخوذة من علم أصول الفقه، وقد ورد في كتاب (المرأة) (
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَمِنْهُ أَيْ مِنْ بَيَانِ الضَّرُورَةِ السُّكُوتُ لَدَى الْحَاجَةِ إِلَى الْبَيَانِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى كَوْنِ السُّكُوتِ بَيَانُ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ أَيِ الَّذِي شَأْنُهُ التَّكَلُّمُ فِي الْحَادِثَةِ لَا أَنَّهُ الْمُتَكَلِّمُ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّ السُّكُوتَ يُنَافِيهِ) فَالْأَمْثِلَةُ عَلَى الْفِقْرَةِ الْأُولَى هِيَ كَمَا يَأْتِي:	ومنه أي من بيان الضرورة السكوت لدى الحاجة إلى البيان بما يدل عليه أي على كون السكوت بيان حال المتكلم أي الذي شأنه التكلم في الحادثة لا أنه المتكلم بالفعل، فإن السكوت ينافيه) فالأمثلة على الفقرة الأولى هي كما يأتي:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ غَيْرِهِ عَلَى مَرْأًى وَمَسْمَعٍ مِنْهُ وَسَكَتَ عَنْ عَمَلِهِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَنْهَهُ عَنِ الْبَيْعِ، فَلَا يُعَدُّ هَذَا السُّكُوتُ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ كَمَا وَرَدَ فِي الْمَادَّةِ (1659) رِضَاءً مِنْهُ بِالْبَيْعِ، أَوْ إِجَازَةً لَهُ، كَذَا إِذَا أَخْبَرَ شَخْصٌ صَاحِبَ مَالٍ بِأَنَّ شَخْصًا بَاعَ ذَلِكَ الْمَالَ مِنْ آخَرَ فَسَكَتَ صَاحِبُ الْمَالِ، فَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ إِجَازَةً لِبَيْعٍ الْفُضُولِيِّ. كَذَلِكَ:	إذا باع شخص مال غيره على مرأى ومسمع منه وسكت عن عمله أي أنه لم ينهه عن البيع، فلا يعد هذا السكوت من صاحب المال كما ورد في المادة (1659) رضاء منه بالبيع، أو إجازة له، كذا إذا أخبر شخص صاحب مال بأن شخصا باع ذلك المال من آخر فسكت صاحب المال، فلا يعد سكوته إجازة لبيع الفضولي. كذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا أَتْلَفَ شَخْصٌ مَالَ آخَرَ بِحُضُورِهِ وَسَكَتَ، فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إِذْنًا بِإِتْلَافِ الْمَالِ، كَذَا: إِذَا رَأَى الْقَاضِي قَاصِرًا لَيْسَ لَهُ وَصِيٌّ يَتَعَاطَى التِّجَارَةَ وَسَكَتَ،	إذا أتلف شخص مال آخر بحضوره وسكت، فلا يعد ذلك من صاحب المال إذنا بإتلاف المال، كذا: إذا رأى القاضي قاصرا ليس له وصي يتعاطى التجارة وسكت،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ إِذْنًا مِنْهُ لِلْقَاصِرِ بِتَعَاطِي التِّجَارَةِ. كَذَلِكَ إِذَا جَمَعَ شَخْصٌ أُنَاسًا فِي مَرَضِ مَوْتِهِ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مَدِينًا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، وَكَانَ لِرَجُلٍ مِنَ الْحُضُورِ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ فَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الرَّجُلَ بَعْدَ وَفَاةِ الْمَشْهَدِ مِنَ الِادِّعَاءِ (1/117) بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنَ الدَّيْنِ وَالْأَمْثِلَةُ عَلَى الْفِقْرَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا يَلِي:	فلا يعد ذلك إذنا منه للقاصر بتعاطي التجارة. كذلك إذا جمع شخص أناسا في مرض موته وأشهدهم على أنه ليس مدينا لأحد من الناس، وكان لرجل من الحضور عليه دين ولم يتكلم فذلك لا يمنع الرجل بعد وفاة المشهد من الادعاء (1/117) بما له عليه من الدين والأمثلة على الفقرة الثانية كما يلي:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِحُضُورِ الْبَائِعِ الَّذِي لَهُ حَقُّ حَبْسِ الْمَبِيعِ، وَسَكَتَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ يُعَدُّ ذَلِكَ مِنْهُ إِجَازَةً لَهُ بِالْقَبْضِ، وَلَا يَحِقُّ لِلْبَائِعِ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ عَمَلًا بِالْمَادَّةِ (281) : اسْتِعَادَةُ الْمَبِيعِ وَحَبْسُهُ، كَذَلِكَ:	إذا قبض المشتري المبيع بحضور البائع الذي له حق حبس المبيع، وسكت ولم يمنعه يعد ذلك منه إجازة له بالقبض، ولا يحق للبائع بعد قبض المشتري المبيع عملا بالمادة (281) : استعادة المبيع وحبسه، كذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا أَرَادَ شَخْصٌ شِرَاءَ مَالٍ وَفِيمَا هُوَ يَسْتَلِمُهُ مِنْ صَاحِبِهِ أَخْبَرَهُ رَجُلٌ - بِأَنَّ فِي الْمَالِ عَيْبًا فَسَكَتَ فَسُكُوتُهُ يُعَدُّ رِضَاءً مِنْهُ بِالْعَيْبِ، فَإِذَا اشْتَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بِخِيَارِ الْعَيْبِ. كَذَلِكَ: إِذَا كَانَ شَخْصٌ سَاكِنًا بِطَرِيقِ الْغَصْبِ أَوِ الْعَارِيَّةِ فِي دَارِ آخَرَ، وَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الْمَالِ (اسْكُنْ فِي الدَّارِ بِأُجْرَةِ كَذَا وَإِلَّا فَاخْرُجْ مِنْهَا)	إذا أراد شخص شراء مال وفيما هو يستلمه من صاحبه أخبره رجل - بأن في المال عيبا فسكت فسكوته يعد رضاء منه بالعيب، فإذا اشتراه بعد ذلك فليس له أن يرده بخيار العيب. كذلك: إذا كان شخص ساكنا بطريق الغصب أو العارية في دار آخر، وقال له صاحب المال (اسكن في الدار بأجرة كذا وإلا فاخرج منها)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَسَكَتَ السَّاكِنُ وَبَقِيَ فِي الدَّارِ فَيَكُونُ قَدِ اسْتَأْجَرَ تِلْكَ الدَّارَ، وَرَضِيَ بِدَفْعِ الْبَدَلِ الَّذِي ذَكَرَهُ صَاحِبُهَا. كَذَلِكَ: إِذَا كَانَ عِنْدَ رَجُلٍ رَاعٍ يَرْعَى لَهُ غَنَمَهُ، وَقَالَ لَهُ: إِنِّي لَا أَرْعَى غَنَمَك بِمِائَةِ قِرْشٍ أُجْرَةً سَنَوِيَّةً، بَلْ أُرِيدُ مِائَتَيْنِ فَسَكَتَ صَاحِبُ الْغَنَمِ وَبَقِيَ الرَّاعِي يَرْعَى فَيَكُونُ صَاحِبُ الْمَالِ قَدْ قَبِلَ اسْتِئْجَارَ الرَّاعِي بِمِائَتَيْ قِرْشٍ، وَيَلْزَمُهُ دَفْعُ الْمِائَتَيْنِ. كَذَا:	فسكت الساكن وبقي في الدار فيكون قد استأجر تلك الدار، ورضي بدفع البدل الذي ذكره صاحبها. كذلك: إذا كان عند رجل راع يرعى له غنمه، وقال له: إني لا أرعى غنمك بمائة قرش أجرة سنوية، بل أريد مائتين فسكت صاحب الغنم وبقي الراعي يرعى فيكون صاحب المال قد قبل استئجار الراعي بمائتي قرش، ويلزمه دفع المائتين. كذا:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الْمَالَ الْمَرْهُونَ بِحُضُورِ الْمُرْتَهِنِ وَسَكَتَ فَيَكُونُ قَدْ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَصْبَحَ الرَّهْنُ بَاطِلًا، كَذَلِكَ: إِذَا قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ بِحُضُورِ الْوَاهِبِ وَسَكَتَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مِنْهُ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (843) : إِذْنًا بِالْقَبْضِ، كَذَلِكَ:	إذا باع الراهن المال المرهون بحضور المرتهن وسكت فيكون قد أجاز البيع وأصبح الرهن باطلا، كذلك: إذا قبض الموهوب له المال الموهوب بحضور الواهب وسكت فيكون ذلك منه بمقتضى المادة (843) : إذنا بالقبض، كذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	إِذَا بَاعَ شَخْصٌ مَالَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَحَدِ أَقَارِبِهِ مِنْ آخَرَ بِحُضُورِهَا عَلَى أَنَّهُ لَهُ وَسَكَتَتْ، فَلَيْسَ لِلزَّوْجَةِ أَوْ لِلْقَرِيبِ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ تَدَّعِيَ بِمِلْكِيَّةِ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهَا عَلَى بَيْعِ ذَلِكَ الْمَالِ بِحُضُورِهَا وَعَدَمِ اعْتِرَاضِهَا (1/118) إِقْرَارٌ مِنْهَا بِعَدَمِ مِلْكِيَّتِهَا ذَلِكَ الْمَالَ. كَذَلِكَ: إِذَا وَهَبَ الدَّائِنُ الدَّيْنَ لِمَدِينِهِ وَسَكَتَ الْمَدِينُ فَالْهِبَةُ صَحِيحَةٌ وَيَسْقُطُ الدَّيْنُ. وَالسُّكُوتُ هُنَا يُعَدُّ قَبُولًا لِلْهِبَةِ.	إذا باع شخص مال زوجته أو أحد أقاربه من آخر بحضورها على أنه له وسكتت، فليس للزوجة أو للقريب بعد ذلك أن تدعي بملكية ذلك المال؛ لأن سكوتها على بيع ذلك المال بحضورها وعدم اعتراضها (1/118) إقرار منها بعدم ملكيتها ذلك المال. كذلك: إذا وهب الدائن الدين لمدينه وسكت المدين فالهبة صحيحة ويسقط الدين. والسكوت هنا يعد قبولا للهبة.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَا: إِذَا تَرَكَ شَخْصٌ مَالًا عِنْدَ آخَرَ قَائِلًا: إِنَّ هَذَا الْمَالَ وَدِيعَةٌ وَسَكَتَ الْمُسْتَوْدِعُ تَنْعَقِدُ الْوَدِيعَةُ، كَذَلِكَ: إِذَا وَكَّلَ شَخْصٌ آخَرَ بِشَيْءٍ وَالْوَكِيلُ سَكَتَ، وَبَعْدَ سُكُوتِهِ بَاشَرَ إِجْرَاءَ الْأَمْرِ الْمُوَكَّلِ بِهِ، فَلَا يَكُونُ عَمَلُهُ فُضُولًا. كَذَا: سُكُوتُ الْمُقَرِّ لَهُ يُعَدُّ قَبُولًا كَأَنْ يُقِرَّ شَخْصٌ بِمَالِ لِآخَرَ وَيَسْكُتُ الْمُقَرُّ لَهُ، فَسُكُوتُهُ يُعَدُّ تَصْدِيقًا وَقَبُولًا بِالْإِقْرَارِ. (1/119) (	كذا: إذا ترك شخص مالا عند آخر قائلا: إن هذا المال وديعة وسكت المستودع تنعقد الوديعة، كذلك: إذا وكل شخص آخر بشيء والوكيل سكت، وبعد سكوته باشر إجراء الأمر الموكل به، فلا يكون عمله فضولا. كذا: سكوت المقر له يعد قبولا كأن يقر شخص بمال لآخر ويسكت المقر له، فسكوته يعد تصديقا وقبولا بالإقرار. (1/119) (
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمَادَّةُ 68) دَلِيلُ الشَّيْءِ فِي الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ يَقُومُ مَقَامَهُ. يَعْنِي أَنَّهُ يُحْكَمُ بِالظَّاهِرِ فِيمَا يَتَعَسَّرُ الِاطِّلَاعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ. هَذِهِ الْقَاعِدَةُ مَأْخُوذَةٌ مِنَ الْمَجَامِعِ وَيُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَظْهَرُ لِلْعِيَانِ، فَسَبَبُهُ الظَّاهِرِيُّ يَقُومُ بِالدَّلَالَةِ عَلَى وُجُودِهِ؛ لِأَنَّ الْأُمُورَ الْبَاطِنَةَ لَا يُمْكِنُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَيْهَا إِلَّا بِمَظَاهِرِهَا الْخَارِجِيَّةِ.	المادة 68) دليل الشيء في الأمور الباطنة يقوم مقامه. يعني أنه يحكم بالظاهر فيما يتعسر الاطلاع على حقيقته. هذه القاعدة مأخوذة من المجامع ويفهم منها أنه إذا كان شيء من الأمور التي لا تظهر للعيان، فسببه الظاهري يقوم بالدلالة على وجوده؛ لأن الأمور الباطنة لا يمكن للإنسان أن يستدل عليها إلا بمظاهرها الخارجية.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	تَعْرِيفُ الدَّلِيلِ: هُوَ الشَّيْءُ الَّذِي يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمُ بِهِ الْعِلْمَ بِشَيْءٍ آخَرَ: كَمَا لَوْ رَأَى رَاءٍ دُخَّانًا يَنْبَعِثُ مِنْ مَكَانٍ فَيَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ بِأَنْ يَسْتَدِلَّ عَلَى وُجُودِ نَارٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ. وَإِلَيْكَ الْأَمْثِلَةُ الْآتِيَةُ إِيضَاحًا لِهَذِهِ الْمَادَّةِ: إِذَا أَوْجَبَ أَحَدُ الْفَرِيقَيْنِ الْبَيْعَ وَقَبْلَ أَنْ يَقْبَلَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ ظَهَرَ مِنْهُ قَوْلٌ أَوْ فِعْلٌ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ يَبْطُلُ الْإِيجَابُ،	تعريف الدليل: هو الشيء الذي يستلزم العلم به العلم بشيء آخر: كما لو رأى راء دخانا ينبعث من مكان فيستلزم ذلك بأن يستدل على وجود نار في ذلك المكان. وإليك الأمثلة الآتية إيضاحا لهذه المادة: إذا أوجب أحد الفريقين البيع وقبل أن يقبل الفريق الآخر ظهر منه قول أو فعل يدل على الإعراض يبطل الإيجاب،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (183) فَالْإِعْرَاضُ هُنَا هُوَ مِنَ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَلَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَى إِعْرَاضِ إِنْسَانٍ عَنْ شَيْءٍ إِلَّا بِمَا يُظْهِرُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ، وَمَتَى مَا أَظْهَرَ شَيْئًا يَدُلُّ عَلَى إِعْرَاضٍ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ حَقِيقَةً، فَلِأَنَّ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ تَقُومُ مَقَامَ تِلْكَ الْأُمُورِ، يُتَّخَذُ دَلِيلًا عَلَى الْإِعْرَاضِ، وَإِيضَاحًا لِهَذَا الْمِثَالِ نَقُولُ: يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ فَالْإِيجَابُ أَوَّلُ كَلَامٍ يُصْدَرُ مِنْ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ،	وذلك بمقتضى المادة (183) فالإعراض هنا هو من الأمور الباطنة ولا يمكن الاطلاع على إعراض إنسان عن شيء إلا بما يظهره من الأفعال، ومتى ما أظهر شيئا يدل على إعراض، ولو لم يقصد ذلك حقيقة، فلأن الأفعال الظاهرة تقوم مقام تلك الأمور، يتخذ دليلا على الإعراض، وإيضاحا لهذا المثال نقول: ينعقد البيع بإيجاب وقبول فالإيجاب أول كلام يصدر من أحد العاقدين،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْقَبُولُ ثَانِي كَلَامٍ يُصْدَرُ مِنْ أَحَدِهِمَا، وَيُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَجْلِسِ وَعَدَمُ وُقُوعِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ بَيْنَهُمَا، وَلَكِنْ إِذَا حَصَلَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ قَبْلَ الْقَوْلِ بَطَلَ الْإِيجَابُ، عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيمَا لَوْ قَبِلَ الْفَرِيقُ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي نَفْسِ الْمَجْلِسِ، كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ: بِعْتُك الْمَالَ الْفُلَانِيَّ بِكَذَا قِرْشًا (1/120)	والقبول ثاني كلام يصدر من أحدهما، ويشترط اتحاد المجلس وعدم وقوع ما يدل على الإعراض بينهما، ولكن إذا حصل ما يدل على الإعراض قبل القول بطل الإيجاب، على أنه لا ينعقد البيع فيما لو قبل الفريق الآخر بعد ذلك في نفس المجلس، كأن يقول شخص لآخر: بعتك المال الفلاني بكذا قرشا (1/120)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَسَكَتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ مُدَّةً طَوِيلَةً، وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا يَدُلُّ عَلَى إِعْرَاضٍ أَوْ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ: قَبِلْت. يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ، وَلَكِنْ إِذَا أَعْرَضَ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ بَعْدَ وُقُوعِ الْإِيجَابِ، كَمَا لَوْ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ فِي مَوْضُوعٍ آخَرَ، أَوْ قَامَ مِنَ الْمَجْلِسِ أَوْ أَجْرَى أَيَّ عَمَلٍ آخَرَ يَدُلُّ عَلَى الْإِعْرَاضِ، ثُمَّ قَبِلَ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ أَبْطَلَ الْإِيجَابَ بِإِعْرَاضِهِ،	وسكت ذلك الشخص مدة طويلة، ولم يعمل عملا يدل على إعراض أو غيره، ثم قال: قبلت. ينعقد البيع، ولكن إذا أعرض بقول أو فعل بعد وقوع الإيجاب، كما لو أخذ يتكلم في موضوع آخر، أو قام من المجلس أو أجرى أي عمل آخر يدل على الإعراض، ثم قبل لا ينعقد البيع؛ لأنه أبطل الإيجاب بإعراضه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَيَلْزَمُ تَجْدِيدُ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ حَتَّى يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ. كَذَلِكَ: إِذَا اشْتَرَى شَخْصٌ حَيَوَانًا مِنْ آخَرَ، وَلَمَّا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِيهِ أَخَذَ يُدَاوِيهِ، فَبِمَا أَنَّ الرِّضَا بِالْعَيْبِ مِنَ الْأُمُورِ الْبَاطِنَةِ وَمَا لَمْ يَبْدُ مِنَ الْأُمُورِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَبِمَا أَنَّ الْأَخْذَ فِي مُدَاوَاةِ الْحَيَوَانِ دَلِيلٌ عَلَى الرِّضَاءِ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ لَا يَحِقُّ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ بِالْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ.	فيلزم تجديد الإيجاب والقبول حتى ينعقد البيع. كذلك: إذا اشترى شخص حيوانا من آخر، ولما اطلع على عيب فيه أخذ يداويه، فبما أن الرضا بالعيب من الأمور الباطنة وما لم يبد من الأمور ما يدل عليه، وبما أن الأخذ في مداواة الحيوان دليل على الرضاء بالعيب الذي فيه لا يحق له رد المبيع بالعيب الذي فيه.
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَذَلِكَ: بِمَا أَنَّ الْمُلْتَقِطَ (وَهُوَ الَّذِي أَصَابَ لُقَطَةً) يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ إِذَا قَصَدَ أَخْذَهَا لِنَفْسِهِ، وَحُكْمُ الْأَمِينِ إِذَا قَصَدَ إِعَادَتَهَا لِصَاحِبِهَا، وَبِمَا أَنَّهُ لَا يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا يُكِنُّهُ ضَمِيرُهُ وَيَشْتَمِلُ عَلَيْهِ وِجْدَانُهُ إِلَّا بِمَا يُظْهِرُهُ مِنَ الْأَفْعَالِ أَوِ الْأَقْوَالِ. فَإِذَا أَشْهَدَ حِينَمَا وَجَدَ اللُّقَطَةَ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا الْتَقَطَهَا لِيُعِيدَهَا لِصَاحِبِهَا،	كذلك: بما أن الملتقط (وهو الذي أصاب لقطة) يكون حكمه حكم الغاصب إذا قصد أخذها لنفسه، وحكم الأمين إذا قصد إعادتها لصاحبها، وبما أنه لا يمكننا أن نعرف ما يكنه ضميره ويشتمل عليه وجدانه إلا بما يظهره من الأفعال أو الأقوال. فإذا أشهد حينما وجد اللقطة على أنه إنما التقطها ليعيدها لصاحبها،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَأَعْلَنَ فِي الصُّحُفِ عَنْهَا مَثَلًا يُسْتَدَلُّ مِنْ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَقْصِدُ إِعَادَتَهَا وَتَكُونُ بِيَدِهِ وَدِيعَةً، وَإِذَا أَخْفَاهَا وَلَمْ يُخْبِرْ أَحَدًا بِهَا وَلَمْ يُعْلِنْ عَنْهَا فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْغَاصِبِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَعَلَيْهِ إِذَا تَلِفَ ذَلِكَ الْمُلْتَقِطُ بِلَا تَعَدٍّ وَلَا تَقْصِيرٍ، وَهُوَ عِنْدَ الْأَوَّلِ لَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَالثَّانِي يَكُونُ ضَامِنًا عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيمَا لَوْ تَلِفَ بِيَدِهِ، كَذَلِكَ:	وأعلن في الصحف عنها مثلا يستدل من ذلك على أنه يقصد إعادتها وتكون بيده وديعة، وإذا أخفاها ولم يخبر أحدا بها ولم يعلن عنها فيكون حكمه حكم الغاصب كما تقدم، فعليه إذا تلف ذلك الملتقط بلا تعد ولا تقصير، وهو عند الأول لا يضمنه؛ لأنه أمين والثاني يكون ضامنا على كل حال فيما لو تلف بيده، كذلك:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	شَهَادَةُ الشَّاهِدِ عَلَى مِلْكِيَّةِ وَاضِعِ الْيَدِ وَإِنْ كَانَتْ أَحْيَانًا تَكُونُ بِنَاءً عَلَى (1/121) اطِّلَاعِهِ عَلَى سَبَبٍ مِنْ أَسْبَابِ الْمِلْكِيَّةِ كَالشِّرَاءِ مَثَلًا، فَهِيَ فِي الْغَالِبِ تَكُونُ مُسْتَنِدَةً عَلَى الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ مِنْ تَصَرُّفٍ وَغَيْرِهِ،	شهادة الشاهد على ملكية واضع اليد وإن كانت أحيانا تكون بناء على (1/121) اطلاعه على سبب من أسباب الملكية كالشراء مثلا، فهي في الغالب تكون مستندة على الدلائل الظاهرة من تصرف وغيره،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَوْ لَمْ تَكُنْ تِلْكَ الدَّلَائِلُ تَقُومُ مَقَامَ مَدْلُولِهَا فِي الْأَشْيَاءِ الْبَاطِنَةِ لَمَا حَقَّ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْمِلْكِيَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنَ الْأُمُورِ الْمَحْسُوسَةِ الَّتِي تَظْهَرُ لِلْعِيَانِ، بَلْ لَكَانَ ذَلِكَ دَاعِيًا لِسَدِّ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، كَذَلِكَ الْقَصْدُ فِي الْقَتْلِ يَثْبُتُ بِالْأَعْمَالِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنَ الْقَاتِلِ، كَاسْتِعْمَالِهِ الْآلَاتِ الْجَارِحَةِ وَضَرْبِ الْمَقْتُولِ بِهَا عِدَّةَ ضَرَبَاتٍ مَثَلًا. (1/122) (	ولو لم تكن تلك الدلائل تقوم مقام مدلولها في الأشياء الباطنة لما حق للشاهد أن يشهد على الملكية؛ لأنها ليست من الأمور المحسوسة التي تظهر للعيان، بل لكان ذلك داعيا لسد باب الشهادة على كل حال، كذلك القصد في القتل يثبت بالأعمال التي تصدر من القاتل، كاستعماله الآلات الجارحة وضرب المقتول بها عدة ضربات مثلا. (1/122) (
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمَادَّةُ 69) : الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ. هَذِهِ الْمَادَّةُ هِيَ نَفْسُ قَاعِدَةِ (الْكِتَابُ كَالْخِطَابِ) الْمَذْكُورَةِ فِي الْأَشْبَاهِ. وَالْمَقْصُودُ فِيهَا هُوَ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ لِاثْنَيْنِ أَنْ يُعْقَدَ بَيْنَهُمَا مُشَافَهَةً عَقْدُ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ حَوَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ مَا إِلَى ذَلِكَ مِنَ الْعُقُودِ، يَجُوزُ لَهُمَا عَقْدُ ذَلِكَ مُكَاتَبَةً أَيْضًا. وَالْكُتُبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: (1)	المادة 69) : الكتاب كالخطاب. هذه المادة هي نفس قاعدة (الكتاب كالخطاب) المذكورة في الأشباه. والمقصود فيها هو أنه كما يجوز لاثنين أن يعقد بينهما مشافهة عقد بيع أو إجارة أو كفالة أو حوالة أو رهن أو ما إلى ذلك من العقود، يجوز لهما عقد ذلك مكاتبة أيضا. والكتب على ثلاثة أنواع: (1)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْمُسْتَبِينَةُ الْمَرْسُومَةُ (2) الْمُسْتَبِينَةُ غَيْرُ الْمَرْسُومَةِ (3) غَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ. فَالْمُسْتَبِينَةُ الْمَرْسُومَةُ هِيَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مِنْهَا مِمَّا يُقْرَأُ خَطُّهُ، وَيَكُونُ وَفْقًا لِعَادَاتِ النَّاسِ وَرُسُومِهِمْ وَمُعَنْوَنًا. وَقَدْ كَانَ مِنَ الْمُتَعَارَفِ فِي زَمَنِ صَاحِبِ (مَجْمَعُ الْأَنْهُرِ) أَنْ يُكْتَبُ الْكِتَابُ عَلَى وَرِقٍ وَيُخْتَمُ أَعْلَاهُ،	المستبينة المرسومة (2) المستبينة غير المرسومة (3) غير المستبينة. فالمستبينة المرسومة هي أن يكون الكتاب منها مما يقرأ خطه، ويكون وفقا لعادات الناس ورسومهم ومعنونا. وقد كان من المتعارف في زمن صاحب (مجمع الأنهر) أن يكتب الكتاب على ورق ويختم أعلاه،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَكُلُّ كِتَابٍ لَا يَكُونُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مَكْتُوبًا عَلَى وَرِقٍ وَمَخْتُومًا لَا يُعَدُّ مَرْسُومًا، أَمَّا فِي زَمَانِنَا فَالْكِتَابُ يُعَدُّ مَرْسُومًا بِالْخَتْمِ وَالتَّوْقِيعِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، وَذَلِكَ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (1610) وَلَكِنْ إِذَا كُتِبَ كِتَابٌ فِي زَمَانِنَا عَلَى غَيْرِ الْوَرِقِ مَثَلًا يُنْظَرُ إِذَا كَانَ الْمُعْتَادُ أَنْ تُكْتَبَ الْكُتُبُ عَلَى غَيْرِ الْوَرِقِ يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْكِتَابُ،	وكل كتاب لا يكون على هذه الصورة مكتوبا على ورق ومختوما لا يعد مرسوما، أما في زماننا فالكتاب يعد مرسوما بالختم والتوقيع على حد سواء، وذلك بمقتضى المادة (1610) ولكن إذا كتب كتاب في زماننا على غير الورق مثلا ينظر إذا كان المعتاد أن تكتب الكتب على غير الورق يعتبر ذلك الكتاب،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	كَمَا لَوْ كُتِبَ عَلَى وَرِقٍ وَإِلَّا فَلَا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ كِتَابٍ يُحَرَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَعَارَفِ مِنَ النَّاسِ حُجَّةٌ عَلَى كَاتِبِهِ كَالنُّطْقِ بِاللِّسَانِ. وَالْمُسْتَبِينَةُ غَيْرُ الْمَرْسُومَةِ: هِيَ أَنْ يَكُونَ الْكِتَابُ مَكْتُوبًا عَلَى غَيْرِ مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنْ يَكُونَ مَكْتُوبًا عَلَى حَائِطٍ أَوْ وَرِقِ شَجَرٍ أَوْ بَلَاطَةٍ مَثَلًا،	كما لو كتب على ورق وإلا فلا. والحاصل أن كل كتاب يحرر على الوجه المتعارف من الناس حجة على كاتبه كالنطق باللسان. والمستبينة غير المرسومة: هي أن يكون الكتاب مكتوبا على غير ما هو متعارف بين الناس كأن يكون مكتوبا على حائط أو ورق شجر أو بلاطة مثلا،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	فَالْكِتَابُ الَّذِي يُكْتَبُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ لَغْوٌ وَلَا يُعْتَبَرُ حُجَّةً فِي حَقِّ صَاحِبِهِ إِلَّا إِنْ نَوَى أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ حِينَ الْكِتَابَةِ، وَالْإِمْلَاءُ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَاتِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى هَذِهِ (1/123)	فالكتاب الذي يكتب على هذه الصورة لغو ولا يعتبر حجة في حق صاحبه إلا إن نوى أو أشهد على نفسه حين الكتابة، والإملاء يقوم مقام الإشهاد أيضا؛ لأن الكتابات التي تكون على هذه (1/123)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الصُّورَةِ، كَمَا أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ بِقَصْدِ بَيَانِ الْحَقِيقَةِ تَكُونُ فِي الْغَالِبِ بِقَصْدِ التَّجْرِبَةِ أَوْ عَبَثًا، فَتَحْتَاجُ إِلَى مَا يُؤَيِّدُهَا كَالنِّيَّةِ أَوِ الْإِشْهَادِ أَوِ الْإِمْلَاءِ حَتَّى تُعْتَبَرَ حُجَّةً بِحَقِّ كَاتِبِهَا. وَغَيْرُ الْمُسْتَبِينَةِ: هِيَ كَالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ، وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْكَلَامِ غَيْرِ الْمَسْمُوعِ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى كَاتِبِهَا حُكْمٌ وَإِنْ نَوَى مِثَالَ ذَلِكَ، لَوْ كَتَبَ شَخْصٌ عِبَارَةَ (إِنَّنِي مَدِينٌ بِكَذَا قِرْشًا لِفُلَانٍ)	الصورة، كما أنها قد تكون بقصد بيان الحقيقة تكون في الغالب بقصد التجربة أو عبثا، فتحتاج إلى ما يؤيدها كالنية أو الإشهاد أو الإملاء حتى تعتبر حجة بحق كاتبها. وغير المستبينة: هي كالكتابة على الماء، وحكمها حكم الكلام غير المسموع لا يترتب على كاتبها حكم وإن نوى مثال ذلك، لو كتب شخص عبارة (إنني مدين بكذا قرشا لفلان)
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	عَلَى سَطْحِ مَاءِ نَهْرٍ أَوْ فِي الْهَوَاءِ لَا يُعَدُّ مُقِرًّا بِذَلِكَ الْمَبْلَغِ لِلشَّخْصِ الْمَذْكُورِ. وَالْمَقْصُودُ هُنَا بِالْكِتَابَةِ عَلَى الْمَاءِ أَوْ فِي الْهَوَاءِ - كَمَا لَا يَخْفَى - هُوَ تَحْرِيكُ الْيَدِ بِحُرُوفِ الْكَلِمَاتِ، كَمَا تُحَرَّكُ بِالْقَلَمِ عَلَى صَفْحَةِ الْقِرْطَاسِ. وَفِيمَا يَأْتِي أَمْثِلَةٌ عَلَى هَذِهِ الْمَادَّةِ: إِذَا كَتَبَ شَخْصٌ تَحْرِيرًا مُعَنْوَنًا وَمَرْسُومًا إِلَى شَخْصٍ غَائِبٍ قَائِلًا فِيهِ:	على سطح ماء نهر أو في الهواء لا يعد مقرا بذلك المبلغ للشخص المذكور. والمقصود هنا بالكتابة على الماء أو في الهواء - كما لا يخفى - هو تحريك اليد بحروف الكلمات، كما تحرك بالقلم على صفحة القرطاس. وفيما يأتي أمثلة على هذه المادة: إذا كتب شخص تحريرا معنونا ومرسوما إلى شخص غائب قائلا فيه:
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	الْإِشَارَاتُ الْمَعْهُودَةُ لِلْأَخْرَسِ كَالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ. يُفْهَمُ مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ أَنَّ إِشَارَةَ الْأَخْرَسِ الْمَعْهُودَةِ مِنْهُ كَالْإِشَارَةِ بِالْيَدِ أَوِ الْحَاجِبِ هِيَ كَالْبَيَانِ بِاللِّسَانِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ تُعْتَبَرُ إِشَارَتُهُ لَمَا صَحَّتْ مُعَامَلَتُهُ لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ،	الإشارات المعهودة للأخرس كالبيان باللسان. يفهم من هذه المادة أن إشارة الأخرس المعهودة منه كالإشارة باليد أو الحاجب هي كالبيان باللسان؛ لأنه لو لم تعتبر إشارته لما صحت معاملته لأحد من الناس،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَلَكَانَ عُرْضَةً لِلْمَوْتِ جُوعًا. وَيُفْهَمُ مِنْ إِيرَادِ هَذِهِ الْمَادَّةِ مُطْلَقَةً أَنَّ إِشَارَةَ الْأَخْرَسِ تَكُونُ مُعْتَبَرَةً سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ. لِأَنَّ الْكِتَابَةَ وَالْإِشَارَةَ بِدَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ تَقْرِيبًا مِنْ حَيْثُ الدَّلَالَةُ عَلَى الْمُرَادِ وَإِلَيْكَ مَا يَخْتَلِفَانِ فِيهِ مِنَ النِّقَاطِ. فَالْكِتَابَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْإِشَارَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تَتَضَمَّنُ مَا يَقْصِدُهُ الْكَاتِبُ عَيْنًا،	ولكان عرضة للموت جوعا. ويفهم من إيراد هذه المادة مطلقة أن إشارة الأخرس تكون معتبرة سواء كان عالما بالكتابة أو غير عالم. لأن الكتابة والإشارة بدرجة واحدة تقريبا من حيث الدلالة على المراد وإليك ما يختلفان فيه من النقاط. فالكتابة مقدمة على الإشارة من حيث إنها تتضمن ما يقصده الكاتب عينا،
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	وَالْإِشَارَةُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْكِتَابَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا تَكُونُ بِالرَّأْسِ وَالْيَدَيْنِ وَهُمَا الْعُضْوَانِ اللَّذَانِ يَسْتَعِينُ بِهِمَا الْمُتَكَلِّمُ لِلْإِعْرَابِ عَنْ ضَمِيرِهِ. فَعَلَيْهِ قَدْ جُعِلَ لِلْأَخْرَسِ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْكِتَابَةَ فِي التَّعْبِيرِ عَنْ أَفْكَارِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا مُرَجِّحَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى الْأُخْرَى كَمَا قُلْنَا (تَكْمِلَةُ الْبَحْرِ) .	والإشارة مقدمة على الكتابة من حيث إنها تكون بالرأس واليدين وهما العضوان اللذان يستعين بهما المتكلم للإعراب عن ضميره. فعليه قد جعل للأخرس الخيار بين أن يستعمل الكتابة في التعبير عن أفكاره؛ لأنه لا مرجح لواحدة منهما على الأخرى كما قلنا (تكملة البحر) .
درر الحكام في شرح مجلة الأحكام.txt	عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَالَ ابْنُ الْهُمَامِ إِشَارَةُ الْأَخْرَسِ الْمَقْصُودَةُ فِي الْكَلَامِ هِيَ الْإِشَارَةُ الْمُقَارِنَةُ لِتَصْوِيتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْرَسَ مِنْ عَادَتِهِ عِنْدَ التَّعْبِيرِ عَنْ شَيْءٍ أَنْ يَقْرِنَ الْإِشَارَةَ (بِالتَّصْوِيتِ) . وَقَدْ زَادَ الْحَمَوِيُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ:	على أنه قد قال ابن الهمام إشارة الأخرس المقصودة في الكلام هي الإشارة المقارنة لتصويته؛ لأن الأخرس من عادته عند التعبير عن شيء أن يقرن الإشارة (بالتصويت) . وقد زاد الحموي عليه بقوله:

Subsets and Splits

No community queries yet

The top public SQL queries from the community will appear here once available.