summary
stringlengths
1
404k
text
stringlengths
2
598k
بيت لحم القدس دوت كوم نجيب فراج كرمت مديرية تربية بيت لحم أوائل الثانوية العامة في جميع الفروع.
وحضر حفل التكريم الذي أقيم بالتعاون مع مؤسسة بوتين الفلسطينية للثقافة والاقتصاد، محافظ محافظة بيت لحم كامل حميد، ومدير تربية بيت لحم سامي مروّه، ورئيس مجلس أمناء جامعة فلسطين الاهلية داود الزير، ورئيس جامعة فلسطين الاهلية الدكتور عوني الخطيب، ورئيس اساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، ومفتي محافظة بيت لحم الشيخ عبد المجيد عمارنه، ومدير البنك الوطني في بيت لحم وامين سر حركة فتح إقليم بيت لحم محمد المصري، وممثل قائد المنطقة العميد عدنان النايف ومدير مؤسسة بوتين معتز مزهر، وممثلون عن العديد من المؤسسات الرسمية والأهلية، ورؤساء البلديات والاجهزة الأمنية وحشد من الأسرة التربويه في المحافظة وأهالي الطلبة. واعرب مدير التربية والتعليم سامي مروّة عن اعتزازه بالنتائج التي حصدتها مديرية تربية بيت لحم، والتي جسدت جهود كادر المديرية والمدارس، حيث بلغت نسبة النجاح العامة في محافظة بيت لحم مقارنة بالنسبة العامة على مستوى الوطن التي بلغت . واستعرض مروّة تميز المديرية في مختلف المجالات التربوية لافتاً الى ان هذه النتائج لم تكن لولا الشراكات المثمرة مع مؤسسات المجتمع المحلي، معرباً عن شكره وتقديره لوزارة التربية والتعليم. بدوره نقل المحافظ حميد تهاني وتحيات السيد الرئيس أبو مازن للطلبة المتفوقين وهنأ الطلبة المتفوقين وذويهم بهذا التميز. و ألقى داود الزير رئيس مجلس أمناء جامعة فلسطين الاهلية كلمة بارك فيها للطلبة نجاحهم الباهر واعلن عن تقديم منحة لطالب من اوائل الثانوية العامة للدراسة في جامعة فلسطين الاهلية. وشكر الطالب أحمد ساحوري، في كلمة له باسمه وباسم زملائه الطلبة، وزارة التربية والتعليم العالي ومديرية التربية والتعليم العالي في بيت لحم بمختلف طواقمها على ما قدمته وتقدمه.
بيت لحم القدس دوت كوم اعلن الناطق الاعلامي باسم الشرطة، العقيد لؤي ارزيقات، مساء اليوم الجمعة، ان الاجهزة الامنية المختصة الشرطة والاستخبارات والوقائي ، القت القبض على منفذي عملية السطو المسلح التي استهدف البنك الاهلي الاردني في مدينة بيت ساحور الاربعاء الماضي.
وتمكن اللصوص في حينه من سرقة مبلغ مالي كبير يقدر بـ الف دولار و الاف دينار اردني و الاف شيكل. وكانت الاجهزة الامنية شرعت عقب عملية السطو باجراءات البحث والتحري وفتحت تحقيقا في الجريمة، حيث عثرت اثناء عمليات البحث على مركبة محروقة في منطقة عش غراب القريبة من بيت ساحور ويشتبه بكونها المركبة التي استخدمها منفذو هذه الجريمة.
بيت لحم القدس دوت كوم نجيب فراج شهد مخيم الدهيشة الى الجنوب من بيت لحم مواجهات عنيفة مع قوات الاحتلال الاسرائيلي التي اقتحمت المخيم في ساعات الفجر الاولى واعتدت على المواطنين بشكل واسع، ما اسفر عن اصابة العديد من المواطنين بينهم اطفال بحالات اختناق، جراء اطلاق جنود الاحتلال قنابل الغاز بكثافة.
ورشق عشرات الشبان والفتية جنود الاحتلال بالحجارة والزجاجات الفارغة فيما اطلق الجنود الاعيرة النارية والمطاطية وقنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة. ودهمت قوات الاحتلال العديد من منازل المواطنين عرف من بينها، منازل كلا من ابراهيم مزهر، وروحي مزهر، ومحمود مناصرة، كما اقتحمت قوات الاحتلال منزل عائلة الشهيد رائد الصالحي، وسألت عن منزل عائلة الشهيد الطفل اركان مزهر التي انتقلت لمنزل اخر بشكل مؤقت من اجل ترميمه، من دون معرفة اسباب هذه الاقتحامات. وفي بيت لحم افادت مصادر محلية ان قوات الاحتلال انتشرت في محيط مستوطنة هار حوماة المقامة على اراضي المواطنين في جبل ابو غنيم من جهتي بيت لحم وبيت ساحور، واطلقت القنابل المضيئة بكثافة. وفي بلدة تقوع ذكر مواطنون ان جنود الاحتلال اغلقوا البوابة الحديدية التي نصبها الجنود قبل نحو اسبوع على مدخل تقوع الغربي لمنع السيارات من المرور من هذا المدخل.
بيت لحم القدس دوت كوم اعتقل جنود الاحتلال بعد ظهر اليوم الجمعة، شابين أثناء المواجهات على المدخل الشماليّ لمدينة بيت لحم.
فيديو اعتقال شابين في مواجهات بيت لحم
بيت لحم القدس دوت كوم نجيب فراج أكدت مصادر فلسطينية متطابقة ان قوات الاحتلال الاسرائيلي اعتقلت خلال الاسبوعين الماضيين شاباً وفتى من سكان بلدة تقوع الواقعة الى الشرق من بيت لحم، في حملات دهم واعتقالات مكثفة تتعرض لها القرية بشكل شبه ليلي.
واشارت الى ان قوات الاحتلال تقتحم القرية وتدهم منازل المواطنين ومن ثم تقدم على اعتقال شبان من ابناء القرية في حملة واسعة النطاق. وبهذا الصدد أقر ناطق اسرائيلي بشن اعتقالات واسعة في القرية طالت عشرات الشبان والفتية، بذريعة رشقهم حجارة على جنود ومستوطني الاحتلال، مشيرا الى انه سيتم محاكمتهم جميعا وانه تم تقديم لوائح اتهام بحق معتقلا منهم على ان يتم تقديم لوائح اتهام ضد الباقين
بيت لحم القدس دوت كوم اعتقلت قوات الاحتلال الاسرائيلي، فجر اليوم الخميس، مسنا وشابا من بيت لحم.
وأفاد مصدر أمني بأن قوات الاحتلال اعتقلت كلا من الاسيرين المحررين بسام أحمد أبو عكر عاما من مخيم عايده شمال بيت لحم، وخضر محمد الياس الدلو من حي المسلخ وسط مدينة بيت لحم، بعد دهم منزليهما وتفتيشهما. وأشار شهود عيان إلى أن مواجهات اندلعت في منطقة المسلخ اثر اقتحامها بين الشبان وقوات الاحتلال التي فتحت نيران اسلحتها، دون أن يبلغ عن اصابات.
بيت لحم القدس دوت كوم نظم أهالي مبعدي كنيسة المهد، اليوم الأحد، وقفة تطالب بإعادتهم، وذلك في الذكرى الخامسة عشرة لحصار الكنيسة، الذي يصادف الثاني من نيسان ابريل.
واعتصم أهالي المبعدين ومواطنون على بلاط كنيسة المهد، رافعين لافتات كتب عليها عبارات مطالبة بعودتهم، منها حق مبعدي كنيسة المهد في العودة إلى أرضهم، لن يسقط بالتقادم . واعتبر أهالي المبعدين أن إبعاد أبنائهم عن أرضهم جريمة حرب يعاقب عليها القانون الدولي، ويجب أن تنتهي. وقال مدير مكتب هيئة شؤون الأسرى والمحررين في بيت لحم منقذ أبو عطوان وقوفنا اليوم تأكيد منا على تمسكنا بقضية المبعدين، وعليه يجب أن نفعّل القضية أكثر وتوسيع الفعاليات وليس الاقتصار على الذكرى . من جانبه، أكد عضو المجلس الثوري لحركة فتح محمد اللحام، أن على المجتمع الدولي أخذ دوره بإنهاء معاناة المبعدين وأسرهم، مشيرا إلى أنهم يعيشون ظروفا صعبة، سواء في قطاع غزة أو الخارج، ومنهم من استشهد مثل عبد الله داوود. وتحدثت زوجة المبعد والشهيد عبد الله داود، قائلة اليوم وكل أيامنا نرفع صوتنا من أجل عودة المبعدين، ويجب أن تستمر الفعاليات. يذكر أن الاحتلال حاصر مناضلا في كنيسة المهد في الثاني من نيسان ، وأبعد في العاشر من أيار ، منهم إلى قطاع غزة، والبقية إلى دول أجنبية.
بيت لحم جنين القدس دوت كوم اعتقلت قوات الاحتلال، اليوم الخميس، ثلاثة شبان من بيت لحم.
وأفاد مصدر أمني، بأن قوات الاحتلال اعتقلت كلا من ستيف منذر مطر عاما من مدينة بيت جالا، وابراهيم هاني حسان عاما من شارع الصف وسط بيت لحم، وأنس اسماعيل عبيات عاما من المدينة، بعد دهم منازل ذويهم، وتفتيشها. واعتقلت قوات الاحتلال، شابا من مخيم جنين، وداهمت منزل أسير في قرية صانور جنوبا. وأفادت مصادر محلية، بأن قوات الاحتلال اعتقلت فجرا، الشاب اياد حسام ضبايا عاما من المخيم، على حاجز عسكري نصبته بالقرب من قرية حداد السياحية. وفي السياق، اقتحمت قوات الاحتلال صانور، وداهمت منزل ذوي الأسير محمد خالد عيسة عاما ، وفتشته، واستجوبت ساكنيه.
بيت لحم القدس دوت كوم عبدالرحمن يونس تبدأ الطوائف المسيحية التي تسير حسب التقويم الغربي في محافظة بيت لحم، احتفالاتها بعيد الميلاد المجيد اليوم.
وكعادتها تزينت المدينة بابهى حللها واستفاقت على ايقاع انغام وألحان ترانيم عيد الميلاد، وجالت العشرات من فرق الكشافة شوارع المدينة معلنة بداية الاحتفالات واستعدادا لاستقبال المدير الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس الاب بيير باتيستا بيتسابالا الذي من المقرر ان يصل قادما من القدس بعد ظهر اليوم في اطار الاحتفالات بعيد الميلاد. وقالت رئيس بلدية بيت لحم فيرا بابون لمراسل القدس دوت كوم، استكملت كافة استعداداتها للاحتفال بهذه المناسبة حيث تم وضع اللمسات الاخيرة ليلة الجمعة، ولبست مدينة مهد السيد المسيح عليه السلام الزينة، وانيرت بالاضواء الملونة وشجرة الميلاد التي تتوسط ساحة المهد. عناصر حرس امن الرئاسة سيقومون بتأمين الاحتفالات للسنة الثانية على التوالي، حيث انتشر العشرات منهم في مختلف مناطق ساحة المهد استعدادا لاستقبال المحتفلين من وفود رسمية وشعبية. ومن المقرر خلال ظهر اليوم ان يتم استقبال المدير الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس الاب بيير باتيستا بيتسابالا، على بلاط كنيسة المهد وسيكون في استقباله وزيرة السياحة والاثار رولا معايعة ورئيسة بلدية بيت لحم فيرا بابون، ومستشار الرئيس للشؤون المسيحية زياد البندك ومحافظ بيت لحم اللواء جبرين البكري وقادة الاجهزة الامنية والعشرات من ابناء الطائفة ورجال الدين، وسيسيرون مع غبطته سيرا على الاقدام حتى الوصول الى مدخل كنيسة المهد. وقال محافظ بيت لحم اللواء جبرين البكري لمراسل القدس دوت كوم، ان محافظة بيت لحم بكل مؤسساتها الرسمية من وزارات واجهزة امنية وبلديات انهت كافة الاستعدادات لاستقبال الاحتفالات بالاعياد الميلادية المجيدة، وتم الانتهاء من وضع كافة اللمسات لهذه المناسبة الدينية المهمة. واعتبر المحافظ ان عيد الميلاد المجيد مناسبة دينية عزيزة على قلوب كل الفلسطينيين مسلمين ومسيحين، مشيرا الى أن الاجهزة الامنية والوزارات المعنية اتمت الاستعدادات لانجاح الاحتفالات يوم السبت المقبل من خلال خطة عمل مهنية يشارك فيها المستوى الامني والخدماتي وبما يضمن ان تكون الاحتفالات بما يليق بالمناسبة وقيمتها الدينية والوطنية من جهة، وبما يليق بثقافة وسمعة وتاريخ شعبنا الفلسطيني. ومن المقرر ان يصل في ساعات مساء اليوم، الرئيس محمود عباس الى المدينة من اجل المشاركة في قداس منتصف الليل والذي سيترأسه البطريرك طوال في كنيسة كاترينا الرعوية للاتين داخل كنيسة المهد، كما سيحضر القداس رئيس الوزراء رامي الحمد الله وكذلك عدد من الضيوف وعدد من السفراء والقناصل والضيوف الاجانب سيشاركون في قداس منتصف الليل. بدوره، قال مدير شرطة محافظة بيت لحم العقيد الحقوقي علاء الشلبي لمراسل القدس دوت كوم، إنه تم استكمال كافة الاستعدادات لتأمين الاحتفالات تنفيذا لتعليمات مدير عام الشرطة اللواء حازم عطا الله، موضحا نحن في الشرطة سنكون في حالة استنفار كامل بهدف توفير الأجواء الملائمة لتأمين هذا العيد الوطني . واعلنت شرطة محافظة بيت لحم الاستنفار في صفوفها بكافة إداراتها ومراكزها وأقسامها، لتتولى مهمة توفير الأجواء الملائمة واحترام قدسية هذا العيد الوطني الديني، ولتعمل من اجل تعزيز فرحة إخواننا المحتفلين وتسهيل وصول حجاج بيت لحم من جهة، وتنظيم حركة المواطنين المعتادة في مدن وبلدات المحافظة من جهة أخرى . واعدت شرطة بيت لحم خطة لإيجاد الطرق البديلة لحركة المواطنين داخل بيت لحم خلال الاستقبال الرسمي لموكب المدير الرسولي لبطريركية اللاتين في القدس الاب بيير باتيستا بيتسابالا، قادما من القدس عاصمة دولة فلسطين إلى بيت لحم عاصمة الميلاد من المدخل الشمالي باتجاه شارع المهد ثم الى شارع النجمة التاريخي داخل البلدة القديمة، مرورا من ساحة المنارة وصولا الى ساحة المهد حيث الاستقبال الرسمي والشعبي.
بيت لحم القدس دوت كوم أصيب فجر اليوم الثلاثاء، شابين برصاص قوات الاحتلال، خلال مواجهات اندلعت في بلدة بيت فجار جنوب بيت لحم، كما أصيب آخرون بالاختناق، جراء إطلاق القوات قنابل الغاز المسيلة للدموع.
وقالت مصادر امنية لمراسل القدس دوت كوم، إن شابين اصيبا بالرصاص الحي والرصاص المغلف بالمطاط في المناطق السفلية من الجسم خلال مواجهات بيت فجار. واوضحت المصادر ان قوة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال اقتحمت عدة احياء في البلدة. واشارت المصادر إلى أن جنود الاحتلال داهموا عدة منازل وسط بيت فجار وحققوا مع المواطنين ودققوا في بطاقاتهم الشخصية ولم يبلغ عن اعتقالات.
دكا القدس دوت كوم د ب أ ذكر تقرير إخباري اليوم أنه تم اعتقال حوالي من المشتبه بهم في بنجلاديش، في حملة على المتشددين الاسلاميين.
وبدأت الحملة أمس الجمعة بعد مقتل نحو من أعضاء الأقليات الدينية، ومدونين علمانيين ونشطاء حقوق المثليين وأكاديميين، حسبما ذكرت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي . ونقلت بي بي سي عن الشرطة قولها إنه ليس كل المعتقلين من الإسلاميين. وقال التقرير إن هناك مجرمين صغار من بين المشتبه بهم الذين تم اعتقالهم للاستجواب، على أمل الكشف عن معلومات عن المتشددين. وأعلنت جماعات مرتبطة بتنظيم داعش والقاعدة مسؤوليتها عن بعض الهجمات، على الرغم من أن الحكومة وجهت أصابع الاتهام إلى الجماعات الإسلامية المحلية.
بيت لحم القدس دوت كوم عبد الرحمن يونس أصيب عصر اليوم الثلاثاء، المواطن رائد صلاح عامًا بحروق بسيطة إثر احتراق غرفة في كنيسة مار جريس في بلدة الخضر جنوب بيت لحم.
وقال المواطن صلاح لـ القدس دوت كوم إن الحريق نجم عن تسريب غاز أثناء عمله في معمل لصناعة الشمع داخل الكنيسة، مشيرًا إلى أن طواقم الدفاع المداني تمكنت من إخماد الحريق.
بيت لحم القدس دوت كوم عبد الرحمن يونس أصيب ظهر اليوم السبت، مواطن بالرصاص الحيّ نتيجة إطلاق جنود الاحتلال النار عليه قرب جدار الفصل في قرية دار صلاح شرق بيت لحم.
وقالت مصادر محليّة لـ القدس دوت كوم إن سامر محمد قشقيش عامًا من بلدة حلحلول شمال الخليل، أصيب بجروح في قدمه، بعد إطلاق جنود الاحتلال النار عليه، في قرية دار صلاح قضاء بيت لحم. وأوضحت المصادر أنه جرى نقل المواطن قشقيش إلى مستشفى بيت جالا الحكومي لتلقي العلاج، ووصفت جراحه بالمستقرة.
بيت لحم القدس دوت كوم عبدالرحمن يونس اصيب صباح اليوم الاربعاء، المواطن وجدي نجاجرة عاما اثر سقوطه عن علو بعد مطاردة جنود الاحتلال له في منطقة وادي ابو الحمص شرق بيت لحم.
وقال نائب مدير الاسعاف في جمعية الهلال الاحمر بييت لحم محمد ابوريان لمراسل القدس دوت كوم، إن الطواقم الطبية قدمت الاسعاف الاولي لمواطن اصيب برضوض شديدة اثر سقوطه اثناء مطاردة جنود الاحتلال شرق بيت لحم. واوضح ابوريان ان نجاجرة يعاني من اوجاع شديدة في قدمه وظهره ويديه وجرى نقله لمستشفى بيت جالا الحكومي، واصفا وضعه بالمستقر . وقال شهود عيان لمراسل القدس دوت كوم، إن جنود الاحتلال قاموا بمطاردة مجموعة من العمال قرب حاجز مزموريا ومنطقة وادي ابوالحمص واثناء ذلك سقط العامل نجاجرة وقام الجنود باحتجازه والتحقيق معه لمدة تزيد عن ساعة ومنعوا تقديم الاسعاف الاولي له.
بيت لحم القدس دوت كوم عبدالرحمن يونس اصيب اليوم السبت، مواطنين في حوادث سير مختلفة، وقعت في مدينة بيت لحم.
وقال مدير الاسعاف الاولي في جمعية الهلال الاحمر محمد عوض لمراسل القدس دوت كوم، إن الطواقم الطبية قدمت الاسعاف لستة مواطنين اصيبوا في حوادث سير، مشيرا الى ان الاصابات تنوعت بين الطفيفة والمتوسطة والخطيرة. ووقع حادث في وسط بيت لحم، أصيب فيه مواطنين، فيما وقع حادث أخر في بيت جالا أسفر عن اصابة من المواطنين. واصيب مواطن بجروح خطيرة في حادث وقع في بلدة تقوع.
بيت لحم القدس دوت كوم اصدرت القوى الوطنية في مدينة بيت جالا، بيانا جماهيريا بمناسبة قرب الاعياد الميلادية المجيدة والعام الميلادي الجديد، اكدت فيه على ضرورة اقتصار الاحتفالات المجيدة على الشعائر الدينية والمعاني الوطنية في اضاءة شجرة الميلاد المقررة في العاشر من الشهر الجاري.
واهاب البيان بكافة الفعاليات والمؤسسات والبلدية بضرورة تعميق وابراز المظاهر الوطنية بكافة ابعادها خلال الاحتفالات، كما اهاب باصحاب القاعات والصالات احترام وتفهم الظروف القاسية والمعاناة المستمرة لابناء شعبنا وذوي الشهداء والمعتقلين والجرحى ، ودعاهم لعدم اقامة وتنظيم حفلات لا تنسجم مع الاجواء العامة في المحافظة والوطن. وشدد البيان على ان سياسة الاعدامات الميدانية والاعتقالات واحتجاز جثامين الشهداء وهدم المنازل ومحاصرة المدن والبلدات والقرى واغلاق مداخلها لن تكون سوى حوافز وطنية لتأكيد التمسك بالثوابت الوطنية والرغبة في الكفاح للخلاص من الاحتلال الاسرائيلي . وتطرق البيان الى الاوضاع التي تعاني منها مدينة بيت جالا، حيث تتعرض لهجمة اسرائيلية شرسة لقضم الاراضي ومصادرتها وبناء جدار الضم والتوسع العنصري.
بيت لحم القدس دوت كوم نجيب فراج نظمت فعاليات ومؤسسات اللاجئين في محافظة بيت لحم وبالتعاون مع لجنة التنسيق الفصائلية في بيت لحم، اعتصاما امام مقر الاونروا الكائن في مفرق باب الزقاق بمدينة بيت لحم، احتجاجا على نية الاونروا بتأجيل العام الدراسي في مدارسها بالاقاليم الخمسة المتواجدة فيها.
ورفع المشاركون ومن بينهم تلاميذ مدارس ونشطاء من مؤسسات مختلفة الرايات السوداء، حيث يبلغ عدد الطلبة التابعين لمدارس الاونروا نحو الف طالب وطالبة. وأكد المشاركون من خلال لافتات رفعوها بأن تسديد المائة مليون حل مؤقت، يجب حل المشكلة المالية بشكل جذري ، حقوقنا في الاغاثة والتعليم والرعاية الصحية ومستوى المعيشة اللائق والمأوى الامن مسؤولية المجتمع الدولي .
رام الله القدس دوت كوم ادان وزير التربية والتعليم د. صبري صيدم، اقتحام جيش الاحتلال لمدرسة مدرسة سعد بن العاص في بلدة الخضر غرب مدينة بيت لحم، بدعوى مصادرة أجهزة التسيجل الخاصة بكاميرات المراقبة المثبتة على جدران المدرسة.
وأفاد الوزير صيدم، أن سلطات الاحتلال تريد التسجيلات للكاميرات المطلة على الجدار في ساعة محددة من الليل، مشدداً على أن المدارس لن تفتح إلا للطلاب. وأضاف صيدم في تصريح صحفي، أن جيش الاحتلال هدد بتفجير أبواب المدرسة في حال عدم إعطائه التسجيلات، معتبرا ذلك خرقا للقوانين والاعراف الدولية.
أريحا القدس دوت كوم أطلق في اريحا اليوم الاحد مشروع لدعم قطاع المياه بقيمة ملايين دولار أمريكي بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وذلك بهدف زيادة قدرة المزارع الفلسطيني في الحصول على مياه الري الزراعية، عبر توسيع نظام تجميع مياه الصرف الصحي لتشمل آلاف موطن إضافي.
وحسب المشروع فإن سيتم توسيع شبكة الأنابيب الحالية التي ساهمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية في بنائها عام ، لربط من سكان مدينة أريحا مع محطة معالجة مياه الصرف الصحي الممولة من الحكومة اليابانية في تلك المنطقة، ما من شأنه أن يساهم في حماية البيئة والحفاظ على الصحة العامة، كما سيزيد الموارد المائية الحالية للمزارعين الفلسطينيين وخصوصاً مزارعي النخيل والتمور. وتم اطلاق هذا المشروع اليوم الاحد بحضور المبعوث الأمريكي الخاص لعملية السلام جاسون جرين بلات. وقال القنصل العام الامريكي في القدس دونالد بلوم في كلمة له خلال الاحتفال باطلاق المشروع إن كل قطرة مياه تنتجها المنشأة سيعاد استخدامها من قبل المزارعين . وأضاف خلال زيارتي لمدينة أريحا قابلت اليوم عددا من المزارعين الذين تغيرت حياتهم بفضل تمكنهم من الحصول على مياه عالية الجودة من محطة التكرير للاستفادة منها في ري مزروعاتهم. كما ستسهم مزارع النخيل المنتجة للتمور في خلق العديد من فرص العمل الجديدة للمواطنين والحد من البطالة، بما يساعد في تحسين ظروف الفلسطينيين وتحقيق عائدات لعائلاتهم . وأوضح بلوم أن هذا الاستثمار في مجال تكنولوجيا الري بدعم من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وبالشراكة ما بين القطاعين العام والخاص، هو خير برهان على منهجية الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية وشموليتها من أجل معالجة أزمة المياه في مدينة أريحا، من خلال زيادة الموارد المائية للمزارعين مع تقليل الكمية التي يحتاجونها من خلال الري بالتنقيط . ومن الجدير ذكره أن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية استثمرت منذ العام ، أكثر من مليون دولار في مشاريع المياه والصرف الصحي في الضفة الغربية وغزة، حيث شملت الاستثمارات ربط . فلسطيني بالمياه لأول مرة، وتوفير آليات محسنة لربط أكثر من . مليون مواطن بمصادر مياه صالحة للشرب.
رام الله القدس دوت كوم ذكرت الإذاعة الإسرائيلية العامة، اليوم الأحد، أنه تم الاعلان عن اكتشاف حقل نفطي في منطقة البحر الميت.
وتفيد التقديرات الأولية أن هذا الحقل يحتوي ما بين مليون برميل، تقدّر قيمتها بحوالي مليار و مليون شيكل. ويقع الجزء الاكبر من البحر الميت داخل حدود الضفة الغربية، ويعتبر إستغلال اسرائيل للثروات الطبيعية في الاراضي المحتلة مخالفة للقانون الدولي.
واشنطن القدس دوت كوم د ب أ كشف خبراء في المعهد الأمريكي للأبحاث بشأن كوريا في واشنطن عن وجود صوراً ملتقطة بالأقمار الاصطناعية تشير إلى استئناف كوريا الشمالية إنتاج البلوتونيوم من أجل برنامجها للأسلحة النووية، وذلك في مركز بحوث يونجبيون .
وكتب الخبراء في مدونة نشرت على موقع نورث الإلكتروني التابع للمعهد أن صوراً مؤرخة في و فبراير تظهر أعمدة ضبابية من البخار عند المفاعل الكوري الشمالي الذي تقتصر قدرته على ميجاواط فقط، وهو مؤشر مفيد بشكل عام لعمليات المفاعل . وفي حين أن قدرة طاقة المفاعل ضئيلة، إلا أنه يستخدم في صنع البلوتونيوم لبرنامج الأسلحة النووية في الدولة المنعزلة. وأقيم مخيم عسكري بالقرب من مكان المفاعل بعد فبراير، وتم رصد زيادة في نشر الأفراد حول المجمع خلال الشهور الماضية. وجاء في المدونة أنه في العمليات العادية، ينتظر تصريف مياه التبريد بالقرب من مصب النهر، إلا أن ذلك لم يلاحظ في أحدث نشاط للمفاعل. وأضاف المنشور أن ذلك قد يرجع إلى ان الكوريين الشماليين قاموا بتمديد أنبوب التفريغ إلى نهر قريب. كما ذكر أنه من المرجح أن يكون قد تم تمديد خط أنابيب مياه التبريد بالمفاعل إلى النهر. ومن شأن كلا التعديلين أن يزيد صعوبة عمليات الرصد في المستقبل. وفي انتهاك للعقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة، أطلقت كوريا الشمالية العام الماضي سلسلة من تجارب الصواريخ الباليستية، وأجرت تجربة نووية في سبتمبر الماضي. وقالت إن لديها صاروخاً عابرًا للقارات يمكن تزويده برأس نووية ووصوله إلى البر الرئيسي للولايات المتحدة.
واشنطن القدس دوت كوم أ ف ب صرح الرئيس الاميركي دونالد ترامب الاربعاء ان الولايات المتحدة ستعزز قدراتها العسكرية للدفاع عن نفسها وحلفائها في مواجهة التهديد الخطير الذي تشكله كوريا الشمالية، مؤكدا من جديد ان كل الخيارات مطروحة.
وجاءت تصريحات ترامب غداة اطلاق بيونغ يانغ صاروخا باتجاه اليابان مجددا وعشية لقاء مع نظيره الصيني شي جينبينغ الذي تعد بلاده الحليفة الاساسية لكوريا الشمالية. وفي اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي، اكد ترامب ان واشنطن تقف الى جانب اليابان وكوريا الجنوبية في مواجهة التهديد الخطير الذي ما زالت تشكله كوريا الشمالية ، كما ورد في بيان للبيت الابيض. وقال البيان ان ترامب قال بوضوح ان الولايات المتحدة ستواصل تعزيز قدرتها على الردع وعلى الدفاع عن نفسها وعن حلفائها وعن اراضيها عبر كل القدرات العسكرية التي تمتلكها الدول الثلاث. وفي طوكيو، نقل آبي عن ترامب تأكيده ان كل الخيارات مطروحة على الطاولة لحل مشكلة البرنامجين النووي والبالستي لكوريا الشمالية. وكان ترامب ابدى في مقابلة نشرتها صحيفة فايننشل تايمز الاحد استعداده لحل مشكلة كوريا الشمالية بمفرده اذا لم ترغب الصين بالمساعدة. ويفترض ان يستقبل ترامب الخميس الرئيس الصيني شي جينبينغ في منزله في مارالاغو. وستشكل كوريا الشمالية محور المحادثات.
سول القدس دوت كوم رويترز قالت وسائل إعلام رسمية اليوم الاثنين، إن كوريا الشمالية لن تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن مواطنين أمريكيين تعتقلهما إلى أن يتوقف السجين السابق لديها كينيث باي من الحديث عن الفترة التي أمضاها قيد الاحتجاز في بيونجيانج.
واستخدمت كوريا الشمالية التي تواجه انتقادات منذ سنوات بشأن سجلها السيء في مجال حقوق الإنسان مسألة اعتقالها لأمريكيين في الماضي لتجتذب زيارات لمسؤولين أمريكيين رفيعي المستوى إليها. ولا ترتبط كوريا الشمالية بأي علاقات دبلوماسية مع الولايات المتحدة. واعتقلت كوريا الشمالية باي وهو مبشر أمريكي في تشرين الثاني وحكمت عليه بالسجن لمدة عاما مع الأشغال الشاقة لارتكابه جرائم ضد الدولة. وأفرجت بيونجيانج قبل عامين عن باي الذي كتب مذكراته عن فترة سجنه. وصدرت المذكرات في مايو أيار أتبعها باي بالحديث عن تجاربه في عدد من المناسبات العامة والمقابلات للترويج لكتابه. وقالت وكالة الإعلام الرسمية في كوريا الشمالية كلما استمر باي في ثرثرته لن نستأنف أي تسوية أو مفاوضات مع الولايات المتحدة بشأن المجرمين الأمريكيين ولن يكون هناك بالتأكيد أي إجراء إنساني. وأضافت أنه إذا استمر باي في ثرثرته فلن يتمكن الأمريكيان المعتقلان لديها من العودة إلى بلادهم مجددا . وتعتقل بيونجيانج أمريكيين حكمت عليهما بالسجن مع الأشغال الشاقة. وفي آذار حكم على أوتو وارمبيير عاما وهو طالب في جامعة فرجينيا بالسجن عاما مع الأشغال الشاقة لمحاولته سرقة لافتة دعاية سياسية تحمل اسم الزعيم السابق كيم يونج إيل. وفي أبريل نيسان أدانت محكمة في كوريا الشمالية المبشر الأمريكي من أصول كورية كيم دونج تشول بارتكاب جرائم ضد الدولة وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات مع الأشغال الشاقة.
وارسو القدس دوت كوم توعد الرئيس الاميركي دونالد ترامب الخميس كوريا الشمالية برد شديد بعد اطلاقها صاروخا بالستيا عابرا للقارات وذلك غداة دعوة واشنطن وباريس لفرض عقوبات جديدة على بيون يونغ.
وفي الحال دعت الصين الى تفادي الاقوال والافعال التي من شأنها زيادة التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وقال ترامب خلال زيارة الى وارسو أدعو جميع الامم الى مواجهة هذا التهديد العالمي والى ان تظهر لكوريا الشمالية انه هناك عواقب لسلوكها السيء للغاية ، مؤكدا نحن ندرس أمورا شديدة جدا مضيفا هذا لا يعني اننا سننفذها . أعلنت الولايات المتحدة، مدعومة من فرنسا، الاربعاء انها ستعرض على مجلس الامن الدولي مشروع قرار لفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية غداة إطلاقها اول صاروخ بالستي عابر للقارات. لكن روسيا حذرت من انها ترفض هذا المقترح. وخلال اجتماع طارئ لمجلس الامن حول كوريا الشمالية قالت السفيرة الاميركية لدى الامم المتحدة نيكي هايلي إن التجربة الصاروخية الثلاثاء تشكل تصعيدا عسكريا واضحا وصريحا ، مضيفة انه في الايام المقبلة سنعرض على مجلس الامن قرارا لرفع الرد الدولي بما يتناسب مع تصعيد كوريا الشمالية الجديد . وأكد الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون إن إطلاق الصاروخ البالستي في الرابع من تموز يوليو، في العيد الوطني الأميركي هدية للاميركيين الأوغاد . وأضافت هايلي أمام مجلس الامن في الايام المقبلة سنعرض ... قرارا يتناسب مع تصعيد كوريا الشمالية . لكن روسيا التي تمتلك حق الفيتو في مجلس الأمن أكدت انها تعارض فرض اي عقوبات دولية جديدة على كوريا الشمالية او توجيه ضربة عسكرية اليها. وقال مساعد السفير الروسي فلاديمير سافرونكوف ان يجب على الجميع ان يقروا بأن العقوبات لن تحل المشكلة ، مضيفا ان اي محاولة لتبرير حل عسكري هي غير مقبولة . بدوره قال السفير الصيني في الامم المتحدة ليو جيي أن الرد العسكري لا يجب ان يكون خيارا . ودعا جينغ شوانغ المتحدث باسم الخارجية الصينية الخميس كافة الاطراف الى التحلي بضبط النفس بتفادي الخطابات التي من شأنها ان تؤجج التوتر والعمل معا على خفض التوتر . وأضاف ان الصين تدعو بشدة كوريا الشمالية الى احترام قرارات الامم المتحدة لكن الحفاظ على السلم والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية يخدم المصالح المشتركة للاطراف كافة . من جانب آخر أبدى الرئيس الكوري الجنوبي مون جاي ان استعداده للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون بشروط في مقدمها وقف الأعمال العسكرية التي تقوم بها بيونغ يانغ. وقال في خطاب القاه في برلين عشية قمة مجموعة العشرين في هامبورغ شمال المانيا حين تلتئم الظروف، انا مستعد للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون في اي مكان واي موعد . وأضاف نحن بحاجة لحوار سلام وتعاون وتوافق. من الخطورة انه لم يعد هناك في الوضع الراهن اية اتصالات من أي نوع كان بين الحكومات . لكن استئناف الحوار بين الكوريتين سيتطلب وقف كل التجارب النووية والصاروخية من جانب بيونغ يانغ كما أضاف. لكن هايلي حذرت من ان الولايات المتحدة مستعدة لاستخدام كل الوسائل المتوفرة لديها بما فيها الخيار العسكري للدفاع عن نفسها، مؤكدة في الوقت نفسه ان بلادها تفضل ان لا تضطر للذهاب في هذا الاتجاه . وعن الوسائل الاخرى أوضحت هايلي انها تباحثت مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب في امكانية فرض عقوبات اميركية على الدول التي لم تقطع مبادلاتها التجارية مع كوريا الشمالية. وقالت لن نراقب كوريا الشمالية حصرا بل سنراقب كل الدول التي تختار القيام بأعمال تجارية مع هذا النظام خلافا للقانون . واتهم الرئيس ترامب في تغريدة على تويتر الاربعاء، الصين بنسف جهود الولايات المتحدة إزاء كوريا الشمالية من خلال تعزيز مبادلاتها التجارية معها. ومن جانبها دعت فرنسا أيضا الى تشديد العقوبات على بيونغ يانغ، بحسب سفيرها لدى الامم المتحدة فرنسوا ديلاتر. وفي بروكسل دعا الاتحاد الاوروبي واليابان المجتمع الدولي الى فرض عقوبات اضافية على كوريا الشمالية، بحسب رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك الذي استقبل رئيس الوزراء الياباني شينزو ابي. في المقابل حذرت كوريا الشمالية الخميس من أن تدمير كوريا الجنوبية هو بالنسبة اليها أمر سهل للغاية وفق وسائل إعلام كوريا الشمالية، ردا على التمارين الكورية الجنوبية الأميركية المشتركة إثر تجربة إطلاق صاروخ بالستي كوري شمالي عابر للقارات. بعد أقل من ساعة من تجربة إطلاق الصاروخ الذي لقي إدانة دولية، ردت سيول وواشنطن الأربعاء بتنظيم تمارين تحاكي هجوما على الشمال أطلقت خلالها عدة صواريخ قصيرة المدى سقطت في بحر اليابان. وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية إن القضاء على القوات الدمى الجنوبية امر سهل للغاية ما دمنا اليوم قادرين على تدمير الاراضي الأميركية ، ووصفت سيول بأنها عصابة و دمية عسكرية . كان مجلس الامن قد تبنى في مجموعتين من العقوبات لزيادة الضغط على بيونغ يانغ وتجميد الأموال المستخدمة في تمويل البرامج العسكرية التي تحظرها الامم المتحدة. وأدت تلك العقوبات إلى انخفاض كبير لصادرات الفحم الكوري الشمالي، مصدر رئيسي للعملة الصعبة، وزيادة مراقبة كافة الشحنات من وإلى كوريا الشمالية. وفي الإجمال فرضت الامم المتحدة مجموعات من العقوبات على كوريا الشمالية منذ تجربتها النووية الأولى في . يعد إطلاق الصاروخ العابر للقارات نجاحا كبيرا لنظام بيونغ يانغ، التي تسعى لامتلك القدرة على تهديد أراضي القارة الأميركية بالسلاح النووي. ويشكل امتلاك كوريا الشمالية صاروخا بالستيا عابرا للقارات يمكن تزويده برأس نووية منعطفا مهما لنظام بيونغ يونغ الذي أجرى خمس تجارب نووية ويمتلك ترسانة صغيرة من القنابل الذرية. وحذر الجنرال الأميركي فنسنت بروكس قائد القوات الأميركية في كوريا الجنوبية من أن ضبط النفس، الذي هو خيار، هو ما يفصل بين الهدنة والحرب . وينتشر نحو ألف جندي أميركي في شبه الجزيرة الكورية.
رام الله القدس دوت كوم ترجمة خاصة ذكر الموقع الالكتروني لـ القناة السابعة في التلفزيون الاسرائيلي ان ما تسمى قوات حرس الحدود اعتقلت فلسطينيا بحجة عدم حيازتهم التصاريح اللازمة لدخول اسرائيل.
واضاف الموقع انه بعد عملية بحث تم العثور على عاملا ليس في حوزتهم تصاريح يحاولون التسلل الى داخل الاراضي الاسرائيلية حسب وصف الموقع فقامت قوات من جيش الاحتلال بملاحقتهم قبل ان يتمكنوا من الدخول، واحتجزتهم في نفق بالقرب من مستوطنة اورانيت المقامة على اراضي المواطنين في محافظة قلقيلية. واشار الموقع الى انه تم إجراء تحقيق ميداني مع المعتقلين وتبين ان من بينهم اشخاصا يشتبه في مشاركتهم بـ مخالفات امنية وجنائية .
واشنطن القدس دوت كوم سعيد عريقات قالت وزارة العدل الأميركية الأربعاء تموز انها تدرس دعوى قضائية ضد منظمة التحرير الفلسطينية تتهمها بدعم هجمات إرهابية في إسرائيل، وما إذا كان يتعين عليها م.ت.ف والسلطة الفلسطينية سداد دفعة مقدمة من الغرامة البالغة مئات ملايين الدولارات .
وكانت محكمة اميركية قضت قبل حوالي ستة شهور يوم شباط الماضي ضد منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية وطالبتهما بدفع تعويض قدره مليون دولار لعشر عائلات اسرائيلية تحمل الجنسية الاميركية . وبعد مرور ستة شهور على هذا القرار عبرت وزارة العدل عن اهتمامها بمبلغ الفائدة المحتمل في هذه القضية، في رسالة أودعتها لدى المحكمة الفدرالية ذاتها يوم الاثنين تموز الجاري. وأشارت وزارة العدل إلى أنها ستحسم قرارها في العاشر من شهر آب المقبل ، خاصة وأن محامو العائلات التي رفعت الدعاوى على منظمة التحرير الفلسطينية طالبو القاضي بإضافة فوائد بقيمة مليون دولار إلى مبلغ التعويض الذي حكم به لصالحهم في المحاكمة. وكانت المحكمة منحت هذه العائلات اليهودية الأمريكية مبلغ . مليون دولار كتعويض عن أضرار وهو مبلغ زاد بصورة مباشرة ثلاثة أضعاف بموجب قانون مكافحة الإرهاب الأميركي الصادر في ليتجاوز الـ مليون دولار، فيما يدعي محامو الدفاع ان إضافة الفائدة المطلوبة من شأنه رفع المبلغ إلى . مليار دولار. ومنحت المحكمة هذه التعويضات المالية للعائلات اليهودية الأميركية التي رفعت الدعوة على هجمات ادعوا بأنها وقعت بين عامي و وأسفرت عن مقتل شخصا وإصابة بجروح. يشار إلى أن أصل القضية المرفوعة في واشنطن، والمعروفة باسم كليمان ضد السلطة الوطنية الفلسطينية، يعود إلى عام حيث قتلت استر كليمان، وهي مدرسة تعيش في مستوطنة بالضفة الغربية إثر إصابتها بعيار ناري أطلقه مسلح على الحافلة التي كانت تستقلها وهي متوجهة الى عملها. ورفعت عائلة كليمان قضية عام ، وهو العام نفسه الذي قدمت أسر ضحايا هجمات أخرى في القدس دعوى قضائية ضد السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية في محكمة منطقة جنوب نيويورك. وحمل أصحاب الشكوى السلطة الفلسطينية وحركة فتح مسؤولية دعم هجمات نفذتها عناصر من كتائب شهداء الأقصى ، الجناح العسكري لحركة لفتح، وقالت إنهم تلقوا رواتب من السلطة الفلسطينية وتمويلا من الحركة. وأعلنت منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، استئنافهما ضد قرار هيئة المحلفين الأميركية الذي صدر في شهر شباط الماضي، فيما رحبت إسرائيل بهذا القرار. وكانت إسرائيل هددت مرارا بملاحقة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة في المحاكم الدولية بشأن العمليات الفلسطينية في العمق الإسرائيلي. يذكر أن الحكومة الإسرائلية أكدت علنا على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو نية تل أبيب التوجه إلى المحاكم الدولية لتجريم السلطة الفلسطينية على تحالفها مع حركة حماس.
رام الله القدس دوت كوم ذكرت وسائل الاعلام العبرية ان قائد الوحدة القطرية للتحقيقات في جرائم الاحتيال البريغادير افرايم براخا عاما اقدم على الانتحار الليلة الماضية بإطلاق النار على نفسه داخل سيارته قرب منزله في مستوطنة موديعين المقامة على أراضي المواطنين غرب رام الله.
وكان يشتبه بضلوع الضابط المذكور بقضايا فساد لها علاقة بملف الحاخام بينيتو والمحامي فيشر. ويشار الى ان زلزالا عصف بشرطة الاحتلال على مدار العامين الماضيين يتعلق بسلسلة فضائح جنسية وصلت إلى أكبر ضباط قيادات الشرطة، ما أدى لعزل عدد من القيادات من مناصبهم لاستكمال التحقيقات معهم بعد اعترافهم بارتكاب جرائم جنسية، ومن بينهم نائب المفتش العام نيسيم مور، وقائد الشرطة في الضفة الغربية وبعض القيادات الكبيرة في كبرى المدن الإسرائيلية.
الخليل القدس دوت كوم مهند العدم إلى ما قبل ما بعد الحداثة ، ظلت موائد رمضان المبارك لدى أغلب الفسطينيين، مناسبات لتعزيز الألفة وصلة الرحم، غير أن ارتفاع أسعر اللحوم والجنوح بها إلى الاستعراض و الفشخرة بحسب التعبير الشعبي الدارج ، بما في ذلك على مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيس بوك ، ساهما في جعلها عبئاً إضافيا على كاهل المواطنين؛ باستثناء شريحة محدودة تميل إلى النفخة الكذابة حتى في رمضان الفضيل .
في الخليل، على سبيل المثال لا الحصر، حتى وليمة رمضان المخصصة للبنات والشقيقات والعمّات و الخالات، غدت أقرب إلى الكابوس ؛ مع وصول تكلفتها الى آلاف الشواقل، وهي كلفة باتت تحيل العديد من الاسر إلى مديونيات تحتاج أشهرا وربما اكثر من عام للتخلص منها . قال المواطن أبو محمد الجعبري، وهو أب لعشرة من الأبناء والبنات في حديث مع القدس دوت كوم ، أن الولائم الخاصة بالبنات يقصد نساء العائلة القريبات مقدور عليها، لكن التي تكسر الظهر الولائم التي يدعى إليها أبناء العشيرة ، مشيرا إلى أن عدد المدعوين إلى الاخيرة يصل الى شخص، وأحيانا الى أو أكثر؛ مستدركا في الخصوص، كل صاحب وليمه يتصرف حسب قدرته ووضعه الاجتماعي . في الخليل وبلدات المحافظة، ثمّة ولائم رمضانية لأغراض مختلفة، بينها لـ صلة الأرحام و لتعزيز العلاقات الجتماعية و للتقرب إلى الله .. وأيضا، لأجل المباهاة و البريستيج ، فيما لفت المواطن الجعبري إلى أن بعض الأسر تقيم ولائم رمضانية تفوق قدرتها على التحمل وتغرقها في الديون؛ خشية من أن يقال أن فلان لا يكرم اقاربه، موضحا أن وليمة واحدة عائلية لأسر البنات والأبناء قد تصل كلفتها في حدّها الادنى الى شيقل؛ بينما تصل كلفة الوليمة للعائلة والاصدقاء الى آلاف شيقل على الأقل. في الإطار، قالت أم هشام من بلدة بيت اولا شمال غرب الخليل لـ القدس دوت كوم، إن موائد الافطار تعيد صلة الرحم والمحبة بين افراد العائلة والاصدقاء، مضيفة حين ندعو إلى الوليمة الرمضانية لا يخطر في بالنا التكلفة المادية بقدر ما يخطر في بالنا تجهيزها بما يليق بالمدعوين ؛ وأيضا، كما قالت، كلفة وليمة الافطار بقدر المحبة للمدعوين . أم هشام التي لا تعرف شيئا بخصوص الحداثة وتحرص دائما على ترتيب مائدتها الرمضانية، تقول إن مدعوين افتراضيين زادوا من عبء ترتيبها، لا سيما وان بناتها اللواتي يتواصلن مع أصدقاء افتراضيين كثر عبر الفيس بوك و الواتس آب دأبن على التقاط صور للموائد الرمضانية؛ لكي يشاهدها الاصدقاء.
عمان القدس دوت كوم ذكرت أسرة طارق عزيز، الذي توفي الأسبوع الماضي في سجن بالعراق، أن جثته اختطفت في بغداد بينما كانت في طريقها للدفن في الأردن.
وقالت زينب، ابنة طارق عزيز، إن جثة والدها فقدت بعد أن خطفت في مطار بغداد الدولي الخميس، مشيرة إلى أنه ليس لديها حتى اللحظة معلومات أو تفاصيل أخرى في هذا الشأن، لكنها أوضحت أن والدتها الموجودة في العراق أبلغتها بذلك. وأكد مسؤول أردني، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه ليس مخولاً بالتحدث للصحفيين، أن الرحلة الأخيرة غادرت بغداد وليس عليها جثة وزير الخارجية العراقي السابق عزيز. وتوفى عزيز، الذي يعد أبرز مساعدي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين السابقين، الجمعة في مدينة الناصرية حيث كان مسجوناً في انتظار تنفيذ حكم الإعدام. وقال رئيس مصلحة الطب الشرعي العراقية زيد على عباس إن نتائج تشريح الجثة كشفت أنه توفى متأثرا بهبوط في القلب. وكانت مصادر رسمية أردنية قالت لـ سكاي نيوز عربية إن عمّان لا تمانع نقل جثمان طارق عزيز إلى الأردن ودفنه هناك، مشيرة إلى أن الأردن ينظر إلى هذه القضية من ناحية إنسانية بحتة ، لا سيما أن عائلة عزيز تقيم في الأردن منذ غادرت العراق قبل سنوات.
بقلم المحامي علي ابوهلال
من جديد تعود مسألة اقتطاع مخصصات الأسرى في سجون الاحتلال من أموال المقاصة الفلسطينية التي تجبيها حكومة الاحتلال الإسرائيلي إلى الواجهة، وتعود لتتبوأ اهتمام وسائل الإعلام والمهتمين بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي. فقد صادق مجلس الوزراء الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية الكابينيت ، يوم الأحد الماضي على قرار يقضي بخصم مليون شيكل أي ما يعادل مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب المستحقة للسلطة الفلسطينية، بذريعة دفع الأموال كرواتب ومخصصات للأسرى ولعائلات القتلى الفلسطينيين الذين قضوا في عمليات ضد إسرائيل . ويأتي هذا القرار الجديد القديم استمراراً لموقف حكومة الاحتلال الذي اتخذته في شهر شباط فبراير الماضي، والتي قررت بموجبه خصم مبلغ مليون دولار شهريا من عائدات الضرائب في محاولة للضغط على السلطة لوقف تحويل مستحقات عائلات المعتقلين والشهداء والجرحى، ويذكر أن إيرادات المقاصة هي الضرائب التي تجبيها إسرائيل نيابة عن وزارة المالية الفلسطينية، على السلع الواردة للأخيرة من الخارج، ويبلغ متوسطها الشهري نحو مليون شيكل، تقتطع تل أبيب منها في المئة بدل جباية. وقد رفضت القيادة الفلسطينية هذا القرار في حينه وامتنعت عن استلام أموال المقاصة المنقوصة لعدة أشهر، ثم عادت وقبلت استلامها مخصوما منها مخصصات الأسرى بسبب الأزمة المالية التي عاشتها الحكومة الفلسطينية والتي أدت إلى عجز مالي كبير في دفع ما عليها من مستحقات ومن ضمنها عدم قدرتها على دفع كامل رواتب الموظفين لعدة أشهر. خصم مخصصات الأسرى المالية تشريع إسرائيلي عنصري يجد القرار الإسرائيلي خصم مخصصات الأسرى المالية دعما من الكنيست الإسرائيلي ومن المنظومة القانونية والتشريعية الإسرائيلية، بما يتناقض مع القانون الدولي، والشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وللقانون الدولي الإنساني، حيث قررت الكنيست الإسرائيلي بتاريخ القانون الخاص بخصم مخصصات الأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء من عائدات الضرائب الفلسطينية، ما يخالف الاتفاقيات الموقعة بين منظمة التحرير وحكومة الاحتلال، ويشكل اعتداء صارخا على حقوق الأسرى وعائلاتهم. وينص القانون الإسرائيلي على أن يقوم وزير الأمن الإسرائيلي سنويا بتقديم تقرير إلى المجلس الأمني المصغر يوجز فيه الأموال التي تقوم الحكومة الفلسطينية بتحويلها إلى المعتقلين الفلسطينيين وعائلات الفلسطينيين الذين سقطوا ضحايا لانتهاكات الاحتلال، هذا المبلغ ستقسم إلى جزء، وسيتم خصمها شهرياً من أموال الضرائب التي تجبيها وتحولها دولة الاحتلال لخزينة الفلسطينية. وتشكل تلك المبالغ ما يقارب من من ميزانية الحكومة الفلسطينية حيث سيتم اقتطاع المبالغ التي تدفعها الحكومة الفلسطينية ومنظمة التحرير لعائلات الأسرى تعويضاً عن الأحكام الصادرة عن قضاء الاحتلال بحقهم من أموال الضرائب والرسوم الجمركية التي تجبيها دولة الاحتلال لحساب الحكومة الفلسطينية. علماً أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تخصص جزءا كبيراً من موازنتها لدعم السجناء الإسرائيليين الذين اقترفوا جرائم قتل واعتداءات بحق الفلسطينيين، في ظل شرعنة دولة الاحتلال للقوانين العنصرية التي تجيز أعمال العنف تجاههم، في حين يتم وقف مخصصات الأسرى الفلسطينيين واتهامهم بالإرهاب، وهم في الحقيقة مقاتلين شرعيين ناضلوا من أجل حقهم في تقرير المصير وفق ما كفلته قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي، كما أن الأسرى الفلسطينيين هم ضحايا لمنظومة القضاء العسكري الإسرائيلي التي لا توفر الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة للأسرى، والذين يتم في العادة محاكمتهم على اعترافات انتزعت منهم تحت التعذيب الشديد. رعاية الأسرى وعائلاتهم حق كفله القانون الفلسطيني نظم القانون الأساسي الفلسطيني في المادة رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى، حيث نص على أن رعاية أسر الشهداء والأسرى ورعاية الجرحى والمتضررين والمعاقين واجب ينظم القانون أحكامه، وتكفل السلطة الوطنية لهم خدمات التعليم والتأمين الصحي والاجتماعي . وتستند الحكومة في دفع المخصصات الشهرية للأسرى المحررين على القرار بقانون الأسرى والمحررين رقم لسنة ، وتم تعديله من خلال قرار بقانون رقم لسنة ، حيث حددت المادة رقم منه سبل تحقيق أهداف القانون ودور السلطة الوطنية الفلسطينية في ذلك. عرف قانون الأسرى والمحررين للعام في المادة رقم الأسير المحرر بأنه كل أسير تم تحريره من سجون الاحتلال . ووصفت المادة رقم من القانون أن الأسرى المحررين شريحة مناضلة وجزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع العربي الفلسطيني وتكفل أحكام القانون حياة كريمة لهم ولأسرهم . ويعد رعاية العائلات المتضررة من الاحتلال أحد المكونات القانونية والنظامية والإدارية في النظام السياسي الفلسطيني، ونظم رعاية عائلات الأسرى بقانون رقم لسنة وقرار بقانون رقم لسنة بشأن تعديل قانون الاسرى والمحررين. من جهة أخرى، يقع على عاتق دولة فلسطين مسؤولية توفير الضمان الاجتماعي لعائلات الأسرى والمحررين، ويقع هذا في إطار قاعدة قانونية دولية تقضي بالاهتمام بالعائلات المتضررة، بغض النظر عن العمل الذي قام به أحد أفرادها حفاظا على الاستقرار الاجتماعي في المجتمع. ويستفيد من الخدمات المقدمة فئة الأسرى داخل السجون وفئة الأسرى المحررين خارج السجون، وذلك لتمكينهم من العيش بمستوى معيشي لائق باعتبارهم ضحايا للاحتلال. اتفاقية جنيف الرابعة تكفل حقوق الأسرى في الرعاية والمساعدة المالية كفلت المادة من اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب للعام للمعتقلين حق تلقي المساعدات المالية من دولهم، بالنص على أنه يجوز للمعتقلين أن يتلقوا إعانات من الدولة التي يكونون من رعاياها، أو من الدول الحامية، أو من أي هيئة تساعدهم، أو من عائلاتهم، وكذلك إيراد ممتلكاتهم طبقاً لتشريع الدولة الحاجزة . وأنه تفتح الدولة الحاجزة حساباً منتظماً لكل شخص معتقل تودع فيه المخصصات المبينة في هذه المادة، والأجور التي يتقاضاها، وكذلك المبالغ التي ترسل إليه، كما تودع في حسابه أيضاً المبالغ التي سحبت منه والتي يمكنه التصرف فيها طبقاً للتشريع الساري في الإقليم الذي يوجد فيه الشخص المعتقل. وتوفر له جميع التسهيلات التي تتفق مع التشريع الساري في الإقليم المعني لإرسال إعانات إلى عائلته وإلى الأشخاص الذين يعتمدون عليه اقتصادياً وله أن يسحب من هذا الحساب المبالغ اللازمة لمصاريفه الشخصية في الحدود التي تعينها الدولة الحاجزة . ولا يوجد ما يتعارض مع نصوص القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني فيما يتعلق بضرورة تقديم الإعانات أو الرواتب لأسر المعتقلين والأسرى المحررين والذين تعتمد عائلاتهم عليهم اقتصاديا بشكل كامل في تدبر أمور حياتهم وتوفير الحياة الكريمة والمستوى المعيشي اللائق لهم، ووجوب منح المخصصات المالية لهم وحقهم في ذلك، خاصة أولئك الذين قضوا سنوات طويلة في الأسر، والذين يفتقدون للتأهيل المناسب لتمكينهم من العمل والعيش بكرامة ورعاية عائلاتهم وتوفير المستوى المعيشي الملائم لهم، بالإضافة إلى أولئك الذين ليست لديهم القدرة على العمل. يعتبر قرار دولة الاحتلال خصم مخصصات الأسرى المالية مخالفاً لقواعد القانون الدولي الإنساني وللشرعة الدولية لحقوق الإنسان، وقرارات الشرعية الدولية، كما أن القرار يستهدف الأسرى الفلسطينيين ويكثّف من معاناتهم، ابتداءً من اللجوء إلى احتجاز الفلسطينيين داخل دولة الاحتلال ذاتها مخالفة بذلك نص المادة من اتفاقية جنيف الرابعة لعام المتعلقة بحماية السكان المدنيين وقت الحرب، وعدم الاعتراف بهم كأسرى حرب تنطبق عليهم اتفاقية جنيف الثالثة للعام بشأن حماية أسرى الحرب، وانتهاء بانتهاك حقوقهم ومنها قانون خصم مخصصات الأسرى الفلسطينيين وعائلات الشهداء من عائدات ضرائب السلطة الفلسطينية. ويعد القانون الإسرائيلي بخصم مخصصات الأسرى تشريع عنصري، ويعتبر من الانتهاكات المتواصلة لحقوق الأسرى والمعتقلين وجزأ من الممارسات التعسفية بحقهم، كما أنه جريمة إنسانية وعنصرية تستوجب المسؤولية الدولية لدولة الاحتلال، يجب محاكمة المسؤولين عنها أمام القضاء الجنائي الدولي وخاصة لدى المحكمة الجنائية الدولية. محام ومحاضر جامعي في القانون الدولي.
بقلم فينيان كانينغهام
إنه لموقف سخيف أن يوصم كل من ينتقد إسرائيل شخصاً كان أو حكومة بسبب اعتداءاتها على الفلسطينيين أو الدول العربية المجاورة بأنه معادٍ للسامية . ونحن نرى ذلك يحدث دائماً في بريطانيا والولايات المتحدة. وأحد الأمثلة البارزة هو اتهام نائبتين مسلمتين في الكونجرس الأمريكي بأنهما معاديتان لليهود ؛ لمجرد أنهما تنتقدان سياسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحتجان على النفوذ الخبيث لإسرائيل في السياسة الخارجية الأمريكية. وفي بريطانيا، كثيراً ما يتعرض زعيم حزب العمال جيريمي كوربن، عبر وسائل إعلام بارزة، لتهمة معاداة السامية . وفي الحقيقة، كوربن ليس معادياً لليهود ولا هو عنصري. والاتهامات المخادعة التي توجه إليه وإلى آخرين في حزب العمال تستند فقط إلى انتقاداتهم القاسية لسياسات إسرائيل ومعاملتها للفلسطينيين. وقد أعلن حزب العمال البريطاني أنه في حال فوزه في الانتخابات العامة، فسوف يعترف رسمياً بالدولة الفلسطينية، ويوقف المبادلات العسكرية بين بريطانيا وإسرائيل. وفي الواقع، الخلط بين انتقادات محقة لإسرائيل و معاداة السامية أو معاداة اليهودية إنما هو تشويه يُقصد منه منح إسرائيل حصانة تحميها من عقوبات القانون الدولي. وهذا الخلط هو في جوهره ابتزاز لمنتقدي إسرائيل من خلال مساواتهم بمضطهدي اليهود في أوروبا، بمن فيهم النازيون. وهذا التحريف للواقع يدينه حتى كثيرون من اليهود أنفسهم الذين يدافعون عن حقهم في انتقاد سياسات إسرائيل. وهؤلاء اليهود يرفضون ادعاء دولة إسرائيل بأنها تمثل يهود العالم، وتتحدث باسمهم. وهم يقولون دائماً إن معارضة ممارسات دولة إسرائيل لا تعني بأي حال معاداة اليهود ككل. ولنتذكر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن في منتصف نوفمبر تشرين الثاني أن حكومته تعتزم توسيع نطاق ضم أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل علماً بأن احتلال إسرائيل للأراضي التي استولت عليها في حرب هو احتلال غير مشروع بموجب كلا القانون الدولي ومجمل قرارات الأمم المتحدة. وهو يحظى بدعم إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي أعلنت حديثاً أنها لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في أراضٍ فلسطينية غير مشروعة. واللافت للنظر هو أن الإعلان عن هذه المواقف الإسرائيلية المخالفة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة يتزامن مع تصعيد للاعتداءات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة المحاصر، الذي يعاني سكانه المليونان أصلاً ظروفاً حياتية لا تطاق؛ بسبب الحصار الإسرائيلي. وعندما يرفع جيريمي كوربن وحزبه العمالي، وكذلك عدد صغير من سياسيين أمريكيين، أصواتهم للتنديد بانتهاكات إسرائيل، فهم إنما يفعلون ذلك انسجاماً مع القانون الدولي، ودفاعاً عن ضحايا عنف دولة. وهذا موقف مبدئي ومشرف، وليس عداء للسامية . ولكن الأمر المخزي هو أن الحكومتين الأمريكية والبريطانية، ومعهما طائفة كبيرة من وسائل الإعلام الرئيسية، لا تنتقد إسرائيل أبداً على انتهاكاتها واعتداءاتها، بل هي تحمي قادة إسرائيل من المحاسبة القانونية الدولية من خلال استخدام حق النقض الفيتو لمنع تبني قرارات في الأمم المتحدة تدين إسرائيل وممارساتها، وكذلك من خلال التغاضي عن الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. والحكومتان الأمريكية والبريطانية، ومعهما دوائر سياسية متعددة في الغرب، تلعب دائماً ورقة معاداة السامية من أجل حماية إسرائيل من الانتقادات ومن المحاسبة القانونية. صحفي بريطاني بارز يكتب حول الشؤون الدولية موقع إنفورميشن كليرينغ هاوس
بقلم اللواء بلال النتشة
الأمين العام للمؤتمر الوطني الشعبي للقدس القدس هي العنوان الأول والأخير لإجراء الانتخابات العامة في الأراضي الفلسطينية المحتلة تشريعية ورئاسية ولا يمكن الاقدام على هذا الاستحقاق دون ان تكون المدينة المقدسة مشمولة فيه فهي درة التاج والعاصمة الأبدية لدولتنا الفلسطينية المستقلة . ومن نافل القول ان نسلم في القيادة الفلسطينية برغبة إسرائيل في اجراء انتخابات منقوصة فهذا لا يجوز قانونيا او وطنيا . فالانصياع للإرادة الإسرائيلية يعني التسليم بان القدس عاصمة لدولة الاحتلال التي أعطاها من لا يملك لمن لا يستحق . وعلى الصعيد الدولي فان موضوع القدس غير محسوم سياسيا فهذا الأخير يقرر مصيره فقط عبر مفاوضات جدية وبرعاية نزيهة من المجتمع الدولي بما فيه الولايات المتحدة الأميركية لكسر احتكارها لهذا الملف منذ عاما وصلت فيها عملية السلام الى ثلاجة الموتى وتجمد الحلم الفلسطيني بتحقيق العودة والحرية والاستقلال . ان العملية الديمقراطية الفلسطينية يجب ان تكون متكاملة الأركان وهذا يعني ان تشمل الانتخابات كل الضفة الغربية وعلى رأسها القدس وقطاع غزة . وما محاولات الاحتلال عزل المدينة المقدسة سياسيا كما هي معزولة جغرافيا بفعل الحواجز العسكرية وجدار الفصل العنصري الا ضرب من الخيال فشعبنا الفلسطيني لن يسلم بالأمر الواقع بل لديه من الجلد والنفس الطويل ما يجعله يحقق انتصارات كبيرة بإمكانيات متواضعة . واذا اعتقدت إسرائيل انه من الممكن ان تفرض شروطها على القيادة الفلسطيني بشأن اجراء الانتخابات في مناطق ولاية السلطة الوطنية فإننا نقول لها لا كبيرة فهذا شأننا الداخلي ونحن الذين نقرره وليس دولة الاحتلال او من يدعمها . واذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تتوقع من القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الرئيس محمود عباس أبو مازن ان تقول ولا الضالين فإننا نرد عليها بما يلي الرئيس الذي قال لكم لا في الأمم المتحدة ومجلس الامن ، يبرقها اليكم مرة أخرى من رام الله ومعه كل المقدسيين وجميع أبناء شعبنا التواقين للحرية والاستقلال . ولعل تجربة الانتخابات الأولى في العام والتجربة الثانية في العام تشكل نموذجا واضحا لإسرائيل على صلابة وإصرار الموقف الفلسطيني الذي رفض اجرائها بدون القدس ووفقا للمعايير والشروط الاحتلالية . وبالفعل فقد مارس المقدسيون حقهم الانتخابي وقالوا كلمتهم عبر صناديق الاقتراع برعاية دولية نزيهة . الامر الذي يجب ان تتعظ منه إسرائيل وان لا تعيد التجربة مرة ثانية لأنها حتما ستكون خاسرة امام العناد الفلسطيني المجرب . من هنا فإنني أؤكد على وضوح موقفنا من هذه القضية التي تعتبر خطا احمر لا يمكن تجاوزه من قبل دولة الاحتلال . اما دوليا فرسالتنا الى العالم يجب ان تكون واضحة أيضا ومفادها لا انتخابات فلسطينية دون القدس ولن نعترف بالسيادة الإسرائيلية عليها وان أي تساوق مع موقف الاحتلال يعتبر تواطئا مرفوضا وسنقاومه سياسيا ودبلوماسيا وشعبيا . فالقدس عين العاصفة ومنها ينبعث نور السلام ومنها تندلع شرارة الحرب فلا تجرونا والمنطقة بأسرها الى ما لا تحمد عقباه . نحو انفكاك اقتصادي شامل عن إسرائيل ... القرار الذي اتخذه رئيس حكومة الشعب الفلسطيني د. محمد اشتية بالانفكاك الاقتصادي عن إسرائيل يدب الامل في القلوب الفلسطينية نحو خلاص شامل من الاحتلال على جميع المستويات وليس فقط الشق الاقتصادي منه . فالشعار الواقعي والوطني الذي ترفعه حركة فتح ومعها كل القوى الفلسطينية المنضوية في اطار منظمة التحرير البيت المعنوي للكل الفلسطيني هو لا تعايش مع الاحتلال . وفي هذا الخضم فإن الاتفاقات الاقتصادية التي عقدها رئيس الوزراء مع كل من العراق ومصر والأردن تشير بما لا يدع مجالا للشك الى بداية الخطوات العملية من قبل الحكومة نحو التخلص من التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال التي فرضها علينا اتفاق باريس الاقتصادي سيء الذكر . ولعلنا في هذه العجالة نعيد الى الذاكرة الفلسطينية تجربة محاربة المنتوجات الإسرائيلية في في الانتفاضة الكبرى عام عندما قررت القيادة الوطنية الموحدة وقف التبعية لاقتصاد الاحتلال فتضافر الجهد الوطني مع التقبل الشعبي العارم للقرار الذي استجاب له أيضا أصحاب الشركات والمصانع الفلسطينية وكافة القطاعات الإنتاجية . وتم في هذا السياق سحب كل البضائع الإسرائيلية التي لها بديل وطني من الأسواق المحلية وفي المقابل اغرقت الأسواق بالمنتوجات الفلسطينية مما كبد اقتصاد الاحتلال خسائر فادحة . وهذا انسحب على الايدي العاملة فبدلا من الذهاب الى السوق الإسرائيلي للعمل فيه عاد العمال والحرفيون الى الورش والمصانع الفلسطينية على الرغم من تدني الأجور . كما عاد الفلاحون الى ارضهم وانتعشت الزراعة والاقتصادات المنزلية فحققنا الهدف الوطني الكبير الذي اعترفت به دولة الاحتلال ذاتها عبر وسائل اعلامها المختلفة . وطبقنا شعار امة تلبس مما تصنع وتأكل مما تزرع . ان خطوات عملية بسيطة يبدأ بها الكل الفلسطيني بما يدعم قرار الحكومة والقيادة بالانفكاك عن الاقتصاد الاحتلالي حتما سيقودنا الى تغير كمي ونوعي في منظومة الحياة الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة . واذا خضعنا للمعادلة الفيزيائية حول الانتقال من الكمي الى النوعي وهو قانون عام في تطور العالم المادي ، فإن التغيرات البسيطة قادرة على التحول والتوسع نوعيا بشكل تدريجي بمعنى الانتقال من التلويح الى التنفيذ الفعلي المؤثر . وبتقديري فإن الوصول الى الخلاص التام من مذلة التبعية لاقتصاد الاحتلال امر شاق وسهل التحقيق في آن معا وذلك اذا تكاتفت الجهود الوطنية والشعبية المخلصة مع جهود حكومة د. اشتية وابتعدنا عن المصالح الفردية الخاصة التي تحقق الغنى الفاحش على حساب الكرامة الوطنية التي اهرقت في سبيلها دماء غزيرة . فطوبى لمن جعل من الوطن قبلته الأولى ولمن لبى نداء الحرية والاستقلال .
حديث القدس
إعلان رئيس لجنة الانتخابات المركزية الدكتور حنا ناصر عقب اجتماعه مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة بشأن الانتخابات ، بأن هذا الاجتماع ساده الأجواء الإيجابية، وان اللجنة اتفقت مع الفصائل على عدد من البنود التي تتعلق بالانتخابات والموقف الوطني من إجرائها، يبعث الأمل في نفوس جميع أبناء شعبنا، خاصة في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها قضية شعبنا، حيث تحيط المؤامرات بها من كل جانب. فالانتخابات هي الطريق الصحيحة لإنهاء الانقسام الأسود الذي ساهم في تراجع قضية شعبنا الى الوراء، وصعد من المؤامرات التي تستهدفها خاصة ما يسمى بصفقة القرن والتي لولا الانقسام البغيض لما تجرأت إدارة الرئيس ترامب على هذه الصفقة التي كان من أبرز نقاطها رغم عدم الإعلان عنها حتى الآن هو اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها إليها وإغلاق القنصلية الأميركية في القدس الشرقية المحتلة، عدا عن محاولات تصفية وكالة الغوث كمقدمة لتصفية حق العودة، ووقف المساعدات لعدة منظمات دولية لكونها تؤيد الحق الفلسطيني، وإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن وغيرها من الأمور الأخرى. انه اذا ما تم التوافق على إجراء الانتخابات كما أكدت تأييدها غالبية الفصائل الفلسطينية، فإننا نقف على أعتاب مرحلة جديدة، حيث يتم من خلال هذه الانتخابات في حال تم إجراؤها إعادة اللحمة للساحة الفلسطينية على الصعيد بين السياسي والجغرافي، وكذلك الوحدة الوطنية التي هي الطريق المجرب لتحقيق الأهداف الوطنية الفلسطينية في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وفقا للقرارات والرؤية الدولية بات الحل لا يتم إلا من خلال الدولتين لشعبين. كما أن إجراء الانتخابات بموافقة جميع الفصائل والقوى سيتم من خلالها إعادة تفعيل جميع مؤسسات وهيئات منظمة التحرير الفلسطينية التي تعاني من التكلس جراء عدم إجراء انتخابات في داخلها، وعدم تجديد الدماء فيها خاصة الدماء الشابة التي تتوق لأخذ دورها في بناء وتطوير المؤسسات الفلسطينية وتحديدا مؤسسات وهيئات منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا في كافة أماكن تواجده في الداخل والخارج. فهل يتم التجاوب مع ما أعلنه د. ناصر وكذلك قوله سنعود الى رام الله اليوم وشعورنا أنناء اقتربنا من الانتخابات كثيرا؟ ان شعبنا الذي عانى ولا يزال يعاني يوميا من ممارسات الاحتلال القمعية ومن الحياة والظروف الصعبة التي يعيشها في مخيمات اللجوء خاصة مخيمات لبنان من حقه علينا ان نشاركه في اختيار قيادته خاصة وان القيادة الحالية لم يتم تجديدها من حوالي ١٣ عاما، كما انه من حقه أن يختار قيادته من خلال الانتخابات المنصوص عليها في القانون الأساسي الفلسطيني. فهل نحن على أبواب انتخابات تشمل جميع ألوان الطيف السياسي أم أن تفاؤل رئيس لجنة الانتخابات سيبقى مجرد تفاؤل، وان الساحة الفلسطينية ستبقى كماهي عليه الآن والذي لا ينبىء بالخير لشعبنا وقضيته.
بقلم ماهر أبو طير
ملف المسجد الأقصى، وعلاقته بالأردن تحديدا، ملف حساس جدا، وإذا كان هذا الملف يعني للأردن الكثير، إلا أن نقطة الضعف فيه، كثرة التعبير عنه عبر وزارة الأوقاف، في أغلب الحالات، مع احترامنا للوزارة، غير ان القصة أعقد من تكييفها ضمن سقف مسجد مهدد. خلال الأيام الأخيرة أصدر وزير الأوقاف بيانا جيدا ردا على تصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، بخصوص حق عبادة اليهود في المسجد الأقصى، ويوم امس صرح الناطق باسم وزارة الأوقاف تصريحا ضد ذات الوزير الإسرائيلي حول مصلى باب الرحمة، الذي يريد الوزير الإسرائيلي ان يكون مجرد مكتبة، فيما الرد الأردني تحدث عن كون الموقع مصلى. والقصة هنا ليست نقد وزارة الأوقاف، التي لها جهد كبير ومقدر، إذ لولا أوقاف القدس التابعة للأردن لحدثت تطورات كثيرة، هذا فوق الأعباء التي تواجهها الوزارة في هذا الصدد. لا بد هنا من الحديث بصراحة ووضوح، دون غمز من قناة أحد، اذ إن ملف الحرم القدسي، يعد ملفا سياسيا إضافة الى كونه ملفا دينيا، لكن كثرة التركيز على الملف من زاوية أننا أمام مشكلة يجابهها مسجد يرعاه الأردن، يعد تركيزا غير مناسب في بعض الحالات، خصوصا، أن إسرائيل ذاتها تتعامل مع الملف باعتباره سياسيا، من زاوية التعامل مع القدس على أساس انها عاصمة إسرائيل، وأن درة القدس أي الحرم القدسي، يجب ان يخضع للتهويد او التقاسم في سياقات مشروع إسرائيل السياسي، بسماته المختلفة. هذا يعني أن الأردن وهو يرى تهديدا لوصايته على المسجد الأقصى، يدرك أن التهديد له سمة سياسية مباشرة، تتعلق بدور الأردن، ومساحته، واثر هذا التهديد على القضية الفلسطينية، وارتداد ذلك على الأردن وعلى المنطقة، ومن هذه الزاوية، لا يصح مواصلة التعبير فقط عن موقف الأردن من المسجد الأقصى، عبر وزارة الأوقاف، وكأننا امام مسجد من بين مئات المساجد التي ترعاها الوزارة، وتتابع شؤونها، وتقدم لها موازنات الموظفين والترميم وغير ذلك، تعبيرا عن الرعاية. لا بد من عودة التعبيرات إلى سقفها السياسي الأعلى، فنحن امام خطر سياسي بسمته الدينية والاجتماعية، وهذا التعبير لابد أن يأتي على لسان مسؤولين كبار، لا أن تبقى محصورة باسم وزير الأوقاف أو الناطق الرسمي باسم وزارة الأوقاف او وزارة الخارجية، دون ان يعني ذلك انتقاصا لأحد منهم، في كل الأحوال، وهنا يشار بشكل واضح إلى حاجة الأردن إلى تحرك على مستوى سياسي عال عربيا ودوليا، من اجل الوقوف في وجه الاخطار الإسرائيلية التي تهدد الحرم القدسي، فوق الحاجة إلى تعبيرات سياسية على ألسن مسؤولين كبار للتعبير عن هذه القضية بمعناها السياسي الديني، وليس حصر الموضوع في زاوية الملف الديني، بما يكرس الانطباع اننا امام وقف إسلامي نرعاه، بما يعزل كل العوامل الأكثر حساسية في هذه القصة الكبيرة جدا. هناك تسارع في التهديدات الإسرائيلية، واذا كان سوار المسجد الأقصى هو الذين يعيشون في القدس، أولا، فإننا أمام خطر مركب يوجب اتخاذ إجراءات اكبر، لا تخفيض سقف المعالجة، ولا البقاء في خانة انتظار الخطر الأكبر، من اجل التحرك، مع الايحاءات الإسرائيلية حول احتمال تكرار سيناريو الحرم الابراهيمي في الخليل، أي تقاسم الحرم القدسي، زمانيا ومكانيا، وهو المشروع الأخطر الذي تتم التوطئة له كل يوم، عبر السياسات الإسرائيلية داخل القدس، وفي البلدة القديمة، وداخل الحرم القدسي ذاته. وعلينا ان ندرك ان ظهر المنطقة مكشوف اليوم، بكل ما نراه من أزمات وصراعات، وتغير في الأولويات، وهذا يجعلنا في موقع اكثر حساسية، وحاجتنا تتضاعف من اجل حماية وجودنا من جهة، وعدم السماح أيضا، بإنزال كلف التغيرات السياسية التي يتسبب بها الاحتلال، على حسابنا، في هذا التوقيت بالذات، الذي ينضم فيه الأميركيون علنا الى معسكر تهويد القدس، دون ادنى حسابات بشأن أي طرف آخر في المنطقة. عن الغد الأردنية
بقلم بهاء رحال
دعا بنيامين نتنياهو إلى تشكيل حكومة وحدة قائمة على تحالف قوي لليمين يضم كافة الأحزاب اليمينية التي حصلت على مقاعد في الإنتخابات الأخيرة. وهي دعوة تعبر عن إمعان مطلق في تنفيذ السياسات العنصرية، لما لها من خطط وبرامج سياسية عدائية تجاه فلسطينيي الداخل أولاً، وتجاه العملية السلمية ومستقبل المنطقة، كما وتعبر عن دهاء سياسي يستخدمه نتنياهو في معركته الأخيرة التي يعتبرها معركة الحسم، وهو يراها من باب إما حياة في سدة الحكم، أو موت في أقبية السجن والبيت. نتنياهو يبحث عن طوق نجاة، وهو بكل دهاء يسعى لخلط الأوراق تارة، وتارة أخرى يخطط لجلب اليمين بكل أطيافه وتوجهاته نحو حكومة تتشكل على قاعدة البقاء في رئاسة الحكومة القادمة، لعلها تكون طوق نجاة له من محاكمة تنتظره في الأشهر القادمة على خلفية ملفات الفساد والقضايا المرفوعة ضده. وليس هذا فحسب، بل إن نتنياهو مصاب بهوس الحكومة ورئاستها وهذا ما جعله في المرة الأولى أن يدعو لجولة انتخابات ثانية، وربما يصل الأمر لجولة ثالثة. نتنياهو في دعوته يوافق رغبة ليبرمان الذي دعا منذ اليوم الأول للانتخابات لعقد حكومة ائتلاف، وهذا يتضح من خلال تصريحاته، حيث أن الأخير يعتقد أنه وحده من يقرر مصير الحكومة القادمة وشكلها وتركيبتها، فحاجة الليكود أو أزرق أبيض للتحالف معه لا مفر منها. خاصة بعد أن حصلت القائمة المشتركة على مقاعد أعلى منه، وسحبت البساط عن أحلامه في تزعم المعارضة مثلاً. لكن ليبرمان يفكر بعقلية المحاصصة وكسب الفرص، وهذه الطريقة التي يرى فيها أنها تضمن له حصة مهمة في الحكومة، وهذا ما يجعل التفاهم معه صعب في حال اتفق غانتس ونتنياهو على تشكيل حكومة وحدة. ما يجعل الباب مفتوحاً أمام جولة جديدة من الإنتخابات. ولكن السؤال هنا، هل يتوافق اليمين المتطرف ويجتمع على تشكيل إئتلاف حكومي، وتكون مفارقة لأول مرة تحدث في تاريخ الكيان، بأن تصبح القائمة المشتركة زعيمة المعارضة؟ أمر صعب أن يحدث، بل مستحيل ولهذا فإن دعوة نتنياهو ستفشل ولن تتم الموافقة على تشكيل ائتلاف حكومي موحد، ولن تتفق اللجان التي تم تشكيلها للتشاور، ولن تفضي لقاءاتهم عن شيء، وأن الأمر سيفتح الباب مجدداً لإمكانية إجراء انتخابات ثالثة. وهذا خيار وارد جداً في حال فشل نتنياهو أو غانتس في تشكيل الحكومة القادمة بتحالفات تضمن استمراريتها وعدم سحب الثقة عنها، وهذا أيضاً أمراً مستبعداً لأن التحالفات التي أبرمها الطرفان لا تفضي إلى نسبة الحسم والثقة الكافية، وهذا يعطي المجال لدورة انتخابية جديدة في المستقبل القريب.
بقلم حمزة أبو عيّاش
قد يبدو جدار الفصل العنصريّ سطحًا شهيًّا للرسم لفنّاني الجرافيتي. فلننظر إليه متجرّدين من السياسة والإنسانيّة لوهلة؛ جدار أصمّ بارتفاع يطاول عشرة أمتار، وطول يجاوز حال انتهائه كيلومتر، لونه أسمنتيّ بلا روح، خالٍ من العيوب الإنشائيّة والتشوّهات، مع إطلالة جميلة لأراضٍ مصادَرة من أصحابها، لدواعٍ أمنيّة من جهة، ومخفيّ أو معالَج بطرق مختلفة ليختفي من الجهة الأخرى. هل تصل الرسالة؟ كثير من الفنّانين الدوليّين يقعون في هذا الفخّ، مَنْ يظنّون أنّ ترك رسائل مناهضة للاحتلال في شرقيّ الجدار، من شأنه إيصال رسالة تضامنيّة، غافلين عن أنّ مَنْ يتلقّى هذه الرسائل هم أنفسهم مَنْ يقع عليهم نير البطش الاحتلاليّ، ومَنْ يجب أن تصله الرسالة يجلس مستمتعًا غربيّ الجدار، لا يأبه في أقلّ تقدير بما يحدث شرقيّه، بل غيرهم أيضًا من الفلسطينيّين، ممّن أغرتهم هيبة الجدار، من فنّانين وناشطين، حتّى جاء وزير الثقافة الحاليّ في السلطة الوطنيّة الفلسطينيّة، ليترك بصمته بلون ذهبيّ أمام أحد أهمّ رموز الاستغلال الرأسماليّ لمعاناة الفلسطينيّين، شعارًا كان ذا فاعليّة في مكان آخر، وربّما على جدار آخر، ولكن قبل ما يزيد على سنة نجح فندق بانكسي في اجتذاب مَنْ يبحثون عن خلاص من معضلتهم الأخلاقيّة الذاتيّة، بالوقوف إلى جانب مَنْ هم أقلّ حظًّا بالحرّيّة وأوفر حظًّا بالظلم؛ وذلك من خلال تسليع معاناة أهل المنطقة. منذ عام ، وفي باكورة إنشاء الجدار، تسلّلت رسمات لم يُعرف صاحبها آنذاك؛ فتاة تحمل بلالين لتصعد إلى جانب الجدار الغربيّ، فئران تحاول نقبه كما كان في سدّ مأرب، فتًى مع ألعاب شاطئ مع مشهد بحريّ، ستارة مرفوعة خلفها مشهد طبيعيّ وأمامها مقعدان وطاولة صغيرة وغير ذلك، كان من شأن هذه الأعمال تسليط الضوء عالميًّا على جدار الفصل العنصريّ، وهذا ما شكّل إغراء لممارسي الفنّ العامّ، ليسافروا لوضع بصماتهم أيضًا عليه. حتّى مدّة قريبة، كنتَ إذا بحثتَ عن الجدار أو في محرّك بحث، تظهر لك نتيجتان إمّا جدار الفصل العنصريّ، وإمّا ألبوم لفرقة الّذي صدر عام ، حتّى جاء ترامب لينافس النتائج بجداره مع المكسيك، فضلًا عن فيلم هوليووديّ عن جنديّ أمريكيّ في العراق، أُنتج عام . فندق بانكسي ذاك الّذي بدأ أو بدؤوا الجرافيتي في على الجدار، استغلّ تلك الموجة من الشهرة حين وقع بفخّها، بصفته صاحب المبادرة الأولى، فأنشأ بانكسي فندقًا شمال بيت لحم، على بعد بضعة أمتار من بوّابة بيت لحم نحو القدس، يُدعى أو الفندق المسوَّر ، واعدًا الزائر بأسوأ إطلالة في التاريخ، متناسيًا ربّما أو متجاهلًا الرسالة الحقيقيّة للجرافيتي فنًّا عامًّا، مُناوئًا ومناهضًا لسلطة رأس المال أو السلطة المتحكّمة. أمّا البيان الّذي ينشره موقع الفندق، فيدعو فيه الطرفين المختلفين إلى زيارة المكان واحتساء بيرة ليناقشا اختلافاتهما، وكأنّ الصراع الفلسطينيّ في هذا الفندق قد غدا مجرّد سوء فهم نجح بانكسي في اجتذاب مَنْ يبحثون عن خلاص من معضلتهم الأخلاقيّة الذاتيّة، بالوقوف إلى جانب مَنْ هم أقلّ حظًّا بالحرّيّة وأوفر حظًّا بالظلم؛ وذلك من خلال تسليع معاناة أهل المنطقة، واستحال الاختناق مالًا في جيوب المستثمرين من خلال زيارات الزائرين وإقاماتهم، وقد دشّن بانكسي في الفندق صالة عرض لاستقبال الفنّانين، ومتحفًا موجّهًا إلى الزائر غير الفلسطينيّ، ليرى بشاعة الفصل العنصريّ وانتهاكات الاحتلال للضفّة الغربيّة، في جولة مدّتها تتراوح بين و دقيقة، بتعرفة رمزيّة تبلغ نحو دولارات، ليخرج بعدها الزائر يمارس حياته الطبيعيّة، مكملًا تخطيط رحلته. والجولة بطبيعة الحال مجّانيّة للفلسطينيّ الّذي سيزداد اختناقًا بسبب المقتنيات الفجّة الّتي سيراها في الفندق، فهي الّتي تواجهه يوميًّا في حياته العاديّة. ذكريات للبيع رافق إنشاء ذلك الفندق ظهور سوق كاملة على امتداد الشارع أمام الجدار، تبيع مشتقّات ذكريات معاناة أهل المنطقة تحديدًا وعموم فلسطينيّي الضفّة الغربيّة عمومًا من الجدار، بأعمال فنّيّة بأيدي فلسطينيّين استغلّوا الزائر المتضامن البسيط، لإيهامه بجدوى هذه الزيارة، وبمتاجر لبيع مستلزمات الجرافيتي، ليترك الزائر ذاته بصمته، بأنّه أنجز ما عليه من تضامن، وقد تحرّر بفضله فتًى آخر من اعتقال، أو قد انسحب المحتلّ من مستوطنة أخرى، وكلّ ذلك طمعًا ببضعة دراهم يأتي بها الرجل الأبيض، ليحمد الله على نعمة حرّيّته، بعد المشهد الأسمنتيّ المغطّى حاليًّا بتواقيع ورسومات ورسائل سطحيّة، للتضامن ونبذ الحرب وصناعة الحمّص بدل الجدار، وخلاف ذلك من تسخيف وتسفيه لمعاناة تجلّت بأبشع صورها. ربّما في المستقبل، وحين يزول الاحتلال وتاليًا الجدار، سيكون هذا التسليع في مكانه، لكنّه لن يكون استثمارًا للمعاناة بقدر ما سيكون استثمارًا لممارسات سلطات احتلاليّة منزوعة الإنسانيّة أمّا البيان الّذي ينشره موقع الفندق، فيدعو فيه الطرفين المختلفين إلى زيارة المكان واحتساء بيرة ليناقشا اختلافاتهما، وكأنّ الصراع الفلسطينيّ في هذا الفندق قد غدا مجرّد سوء فهم أو خلاف بين جارين تربطهما صلة قرابة، وهذا ما يظهر جليًّا في الأعمال المنتشرة في بهو الفندق وغرفه، وأنّ ما يحدث بين هذين الجارين بالإمكان حلّه على فنجان قهوة سادة الجميع مرحّب به لا أنكر ذكاء المستثمرين بالرسالة المبطّنة الّتي وضعوها في مدخل الفندق، لربّما هي الرسالة اللطيفة الّتي يريد العالم سماعها، للتعايش اللطيف بين كلّ البشر، متناسين التاريخ أوّلًا، ومتجاهلين ما يحدث يوميًّا على الأرض الّتي يزورونها ثانيًا، ولك عزيزي القارئ أن تفهمها كما يحلو لك الجميع مرحَّب به . ربّما في المستقبل، وحين يزول الاحتلال وتاليًا الجدار، سيكون هذا التسليع في مكانه، لكنّه لن يكون استثمارًا للمعاناة بقدر ما سيكون استثمارًا لممارسات سلطات احتلاليّة منزوعة الإنسانيّة، سيكون حقًّا لأهل الأرض، لاستغلال ما خلّفه الاحتلال، لإعادة جزء ممّا دمّره. فنّان متعدّد الوسائط. درس الفنون الجميلة في جامعة النجاح الوطنيّة نابلس. شارك في العديد من المشاريع والمعارض الجماعيّة، بالإضافة إلى مشاركته في أعمال مسرحيّة، تمثيلا وإنتاجًا. يهتمّ بفنّ الجرافيتي، وتحديدًا الحروفيّات عن عرب ٤٨ .
بقلم خيرالله خيرالله
ليست معركة العراق سوى معركة تقرير مستقبل المنطقة كلّها. هل يكون العراق ارضا تسرح فيها الميليشيات المذهبية التي ترعاها الجمهورية الإسلامية التي تأسست في العام ... ام لا؟ بكلام أوضح، تسعى ايران الى وضع يدها على العراق بشكل نهائي، وكانت على قاب قوسين او ادنى من ذلك بعدما تمكنت من فرض عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء بعد انتخابات ايّار مايو على الرغم من انّه لا يمتلك قاعدة شعبية تذكر. اخترعت ايران قاعدة لعبد المهدي من اجل استبعاد حيدر العبادي عن موقع رئيس الوزراء. سعى العبادي، على الرغم من انتمائه الى حزب الدعوة الإسلامية المعروف بتعصّبه وفكره المتزمت، الى امتلاك هامش من الحرّية عن ايران طوال السنوات التي تولّى فيها موقع رئيس الوزراء خلفا لنوري المالكي. اكتشف العبادي متأخّرا ان ذلك ليس ممكنا وان التحالف الذي كان مفترضا ان يعيده الى موقع رئيس الوزراء لن يصمد امام الضغوط الايرانية التي تمارس عبر وسائل وشخصيات وميليشيات مذهبية مختلفة. بين هذه الشخصيات، مقتدى الصدر، الذي كان ينادي في الامس القريب بالقرار العراقي المستقل... فاذا به يعود الى لعب الدور المطلوب منه لعبه، أي الدور المرسوم له في طهران بعد اعلان ولائه لـ المرشد علي خامنئي مجدّدا. لا بدّ من العودة الى احداث وتواريخ معيّنة للتأكّد من ان الذي يجري في العراق نتيجة تراكمات مكنت ايران من القول انّها باتت تمسك اخيرا بكلّ خيوط اللعبة العراقية لو لم تفاجأ بحجم الحراك الشعبي المعادي لها والذي رأس حربته شيعة العراق من العرب. لم يقترب العراق من فم ايران مقدار ما اقترابه منذ العام ، خصوصا بعد الانتخابات التشريعية التي أجريت في تلك السنة. كشفت نتائج تلك الانتخابات الثقل الايراني في العراق من جهة وغياب السياسة الاميركية الواضحة من جهة أخرى. لا يتعلّق الامر بالعراق وحده بمقدار ما يتعلّق بالمنطقة كلّها حيث لا همّ لدونالد ترامب سوى تفادي ايّ مواجهة عسكرية مع ايران. وهذا ما تبيّن بوضوح ليس بعده وضوح بعد اسقاط صاروخ إيراني لطائرة تجسّس اميركية فوق مضيق هرمز في حزيران يونيو الماضي. يخشى الرئيس الاميركي في الواقع ان تؤدي أي مواجهة عسكرية الى القضاء على امله في العودة الى البيت الأبيض ثانية. انّه رئيس لا همّ لديه سوى انتخابات تشرين الثاني نوفمبر . امّا العراق والعراقيون وسوريا والسوريون ولبنان واللبنانيون، ففي استطاعتهم الذهاب الى الجحيم... قرّر العراقيون اخذ امورهم بيدهم، تماما كما قرّر اللبنانيون الذين اكتشفوا في تشرين الاوّل أكتوبر انّهم يعيشون في ظلّ عهد حزب الله ، النزول الى الشارع والمطالبة بتغييرات كبيرة بدءا بالحكومة. استقالت الحكومة التي يرئسها سعد الحريري استجابة لمطالب الأكثرية الشعبية اللبنانية وذلك على الرغم من مطالبة حزب الله بابقائها غطاء له. تكمن اهمّية كلّ ما يجري في العراق في انّه موجّه ضد ايران، مباشرة وعلنا، وضدّ مشروعها التوسّعي الذي كانت له انطلاقة جديدة بعد الاحتلال الاميركي للعراق في العام وعودة زعماء الميليشيات المذهبية العراقية الى بغداد على ظهر دبّابة أميركية. بات زعماء هذه الميليشيات في معظمهم، يشكلون قيادة الحشد الشعبي الذي يفترض ان يكون الأداة الايرانية التي تستخدم في السيطرة على العراق، على غرار حزب الله في لبنان. من الطبيعي في ظلّ هذه المعطيات ان تلقي ايران بثقلها لقمع التحرّك الشعبي في العراق. لم يكن العراق في ايّ يوم لقمة سائغة لإيران مثلما هو منذ تولي عادل عبد المهدي موقع رئيس الوزراء. تفوّق عادل عبد المهدي على نوري المالكي الذي قبل بعد العام ان يكون مجرّد أداة إيرانية طيّعة من اجل البقاء في موقع رئيس الوزراء قبل ان تطيحه احداث الموصل وفضيحة تسليمها الى داعش في حزيران يونيو . من العراق، انطلقت ايران بعد في كلّ الاتجاهات. عززت وجودها في سوريا، كذلك في لبنان، خصوصا بعد اغتيال رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط فبراير . ستعمل ايران كلّ ما تستطيع من اجل البقاء في العراق، او على الاصحّ، من اجل بقاء العراق مستعمرة إيرانية. هذا ما يفسّر كلّ الجهد الذي يبذله قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الايراني من اجل القضاء على أي مقاومة عراقية للوجود الايراني. هذا ما يفسّر أيضا تمسّكه بعادل عبد المهدي. وهذا ما يفسّر أيضا كلّ الجهود التي تبذلها ايران من اجل تفادي قيام جيش وطني عراقي له حيثيته ولو وزنه وله ضباطه الذين لا ولاء لديهم سوى للعراق. ستكون معركة العراق طويلة. في ضوء نتيجتها ستقرّر موقع ايران على خريطة المنطقة. هناك حلم إيراني كاد ان يتحقّق لو لم ينتفض العراقيون. كان امل آية الله الخميني الذي عرف كيف يجيّر الثورة الشعبية الايرانية على نظام الشاه لمصلحته، بسقوط العراق سريعا. لكن آمال الخميني في و ، خابت بعد خوضه حربا مع العراق استمرّت ثماني سنوات انتهت بشبه انتصار عراقي. استفاد الخميني كثيرا من تلك الحرب وذلك عندما ارسل الجيش الى الجبهات وابعده عن المدن. سمح له ذلك بتعزيز وضع نظامه الذي يعتمد على الحرس الثوري اكثر بكثير من اعتماده على الجيش النظامي الذي طالب قادته الشاه بالحسم باكرا في الشارع، لكنّه رفض الاستماع اليهم. بعيدا عن العقل السياسي التبسيطي لصدّام حسين، صمد العراق ثماني سنوات في المواجهة مع ايران. هذا يعود الى عوامل عدّة في مقدّمها الشعب العراقي نفسه الذي خيّب آمال الايرانيين الذين كانوا يعتقدون ان شيعة جنوب العراق في انتظار الساعة التي يقتربون فيها من الحدود كي يرموا السلاح. منذ ، لا تزال المعركة مستمرّة. انّها بين ايران والشعب العراقي الذي يرفض الاستسلام. لا يوجد ادنى شكّ بان معركة العراق اهمّ بكثير من معركة لبنان، نظرا الى ان مستقبل النظام الايراني على المحكّ. لو لم يكن الامر كذلك، لما كانت تلك الاستماتة الايرانية في رفض أي تغيير في العراق، بما في ذلك تغيير عادل عبد المهدي الذي خدم عسكريته، من الزاوية الايرانية، ولم يعد امامه في نهاية المطاف سوى الاستقالة بدل البقاء اسير لعبة هي جزء من معركة طويلة وخطيرة. لا بدّ لهذه المعركة من الانتهاء يوميا، علما انّه يبقى هناك سؤال لغز لا مفرّ من طرحه هل مسموح اميركيا ان تسيطر ايران على العراق وثرواته ام لا، وذلك على الرغم من كلّ ما فعله جورج بوش الابن بتقديمه العراق على صحن من فضّة الى ايران؟
بقلم فتحي كليب
النظرة الغالبة تجاه الاعلام العربي ودوره في التعبير عن قضايا المجتمعات العربية هي نظرة سلبية في غالبها، إنطلاقا من الوظيفة والدور المأمول لاعلام خان رسالته الاعلامية في أن يكون مرآة صادقة او جسرا للتواصل بين الحاكم والمحكوم، فاصبح اعلاما اما يخاطب نفسه على شاطئ لا تصله امواج، او بات يلعب ادوارا سلبية في تزوير الحقائق ليكون ناطقا امينا بلسان الحاكم والسلطان، او حتى منفذا لاستراتيجيات ومشاريع سياسية خارجية، بل ان بعض هذا الاعلام ما تشكل الا ليكون اعلام فتنة وتحريض على الصراعات الطائفية والمذهبية وعلى بث روح اليأس والاحباط في صفوف المجتمع.. غير ان الحقيقة تقتضي منا الاشارة الى ان الصراعات والحروب وعشرات المشاكل السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها المجتمعات العربية ليست جميعها من صنع هذا الاعلام الذي في كثير من الاحيان كان اما عاجزا عن مواكبة ما يحدث او وقع ضحية الصراعات بين مراكز القوى في الدولة الواحدة او بين مجموعة دول. لكن في الاستنتاج النهائي ان الازمة التي يعيشها الاعلام هي جزء من ازمة الديمقراطية في الوطن العربي وجزء من ازمة النظام، بكل مكوناته، مع المجتمع وحركته الصاعدة.. لدرجة يمكن فيها القول ان مشكلة الاعلام هي جزء من أزمة سياسية كبيرة لا ينصلح حاله الا بصلاح حال النظام السياسي والاجتماعي في المجتمعات العربية.. رغم ان الاعلام اللبناني، يختلف عن الاعلام العربي في الكثير من العناوين سواء بما له علاقة بهامش الحرية النسبية المضمونة بنص القانون او بمواكبة القضايا العربية وتبني القضايا العادلة منها او لجهة نشر ثقافة حقوقية ديمقراطية تحترم حقوق الانسان او لجهة التفاعل مع القضية الفلسطينية، فوق ارض فلسطين.. الا انه بالنهاية يخضع لحقيقة كونه اعلام يعمل في اطار نظام سياسي واجتماعي له قوانينه ولا يستطيع ان يبدع خارج اطار الصراعات السياسية والطائفية حول وداخل وفي اطار هذا النظام.. وعلى هذه الخلفية فقط، قد نلتمس له بعض الاعذار التي هي ليست قدرا محتوما بل يمكن تجاوزها نحو فضاء ارحب متحرر من سطوة النظام الطائفي وسلبياته.. قد لا يختلف اثنان على الدور الذي لعبه الاعلام اللبناني، تاريخيا وراهنا، في مواكبة القضية الفلسطينية وتبنيها باعتبارها قضية عادلة في مواجهة قوى الاستعمار الغربي والاحتلال الاسرائيلي. كما لا يناقش احد في الدور الذي ما زال هذا الاعلام يلعبه نصرة لفلسطين وشعبها، وهو دور يتماهى مع مواقف اغلبية القوى السياسية والشعبية والنقابية اللبنانية وايضا الموقف الرسمي الذي يتقاطع في معظم عناوينه مع موقف الشعب الفلسطيني.. غير ان هذا التقييم قد لا ينطبق راهنا على جميع وسائل الاعلام في لبنان التي باتت تتعاطى مع الوجود الفلسطيني في لبنان انطلاقا من رؤى وخلفيات تتحكم بها القوى السياسة والطائفية وليس الاعلامية. في نظرته الى القضية الفلسطينية، يتعاطى الاعلام اللبناني، كما السياسيين، وفق نظرتين متناقضتين الاولى النظرة العامة للصراع مع اسرائيل، وهذه نظرة لا تتضامن مع الحقوق الفلسطينية ومع النضال الفلسطيني فقط بل وتتبنى القضية الفلسطينية لدرجة الابداع في التعبير عن الموقف وتعرية المشروع الصهيوني وممارساته ضد الشعب الفلسطيني. وهذا ما يبرز عادة في المواقف السياسية المعلنة للرؤساء الثلاثة مثلا او لأمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله والعديد من الساسة والمثقفين والزعماء الروحيين الذين لا يتوانون عن تقديم مواقفهم الداعمة للقضية الفلسطينية.. مثل هذه المواقف، وإن كانت تنطلق من خلفيات متباينة، سياسية وطائفية، الا انها تبقى مواقف ايجابية مقدرة فلسطينيا ويجب البناء عليها وتطويرها والعمل بشكل مشترك لتكون نموذجا للمواقف العربية والدولية المطلوبة في زمن اصبحت الكلمة سلاح نادر في ظل اتساع عمليات التطبيع المتسارعة بين بعض الدول العربية واسرائيل.. الثانية النظرة المحلية الى شعب فلسطين في لبنان، وهي نظرة تكاد تختلف مع النظرة الاولى الى درجة التناقض.. ولأن كانت فلسطين هي وطن الشعب الفلسطيني، اينما تواجد، فان فلسطين الاعلامية هي ليست فلسطين المنتشرة في المخيمات والتجمعات الممتدة من الشمال الى الجنوب مرورا بيروت وصيدا والبقاع.. فلسطين هنا تصبح ذات معنى ومغزى آخر. وطبعا هذا لا ينطبق على قلة من الاعلام الذي ما زال مؤمنا بفلسطين الشعب والقضية والمقاومة وفلسطين الحق والعدالة.. مثل هذا الكلام لا يعني للحظة ان ليس هناك سياسيون ومثقفون واعلاميون وصحافيون لبنانيون ما زالوا امناء على تاريخهم، يعلنون ويعبرون ويكتبون مواقفهم بشكل موضوعي بعيدا عن الحساسيات الطائفية والديمغرافية، لكن الحديث هنا هو عن السياسة الاعلامية للكثير من وسائل الاعلام اللبناني تجاه الوجود الفلسطيني المحشور في مخيمات لا تصلح لمعيشة بشر.. والصورة النمطية لهذا الاعلام في نظرته الى تلك المخيمات هي تلك الصورة الامنية والعسكرية وصورة السلاح المنتشر في طول المخيمات وعرضها وانتشار هذه الصورة في وسط الشباب الذي ولد في فترة ما بعد العام ولا يعرف المخيمات الا بسلاحها وثكناتها ودباباتها وصواريخها وطائراتها، علما ان الحالة العسكرية في المخيمات هي حالة متوافق عليها مع الدولة منذ العام ، لكن ليس هذا هو بيت القصيد اذا ما كان وجود السلاح قانونيا ام لا.. من يطالع ويشاهد ويستمع الى وسائل الاعلام الاعلام اللبنانية، يلمس ان هناك تعاطفا شعبيا، وسياسيا مع حالة البؤس التي يعيشها الشعب الفلسطيني في المخيمات. وهذا امر يرفع شأن كل من عبر عن وطنية وتقدمية امام الجمهور، سواء كان حزبا او مؤسسة او افرادا، وهي مواقف مقدرة من قبل كل افراد الشعب الفلسطيني الذين ما بادلوها الا بما استحقت من ثناء ومديح. غير ان المواقف على طريقة قل كلمتك وامشي او تسجيل موقف للتاريخ لا تكفي، بل يجب العمل والنضال لتبنيها من اوسع فئات المجتمع اللبناني كمقدمة تضع العلاقات الفلسطينية اللبنانية على مسارها السليم وتتخلص من عقد الماضي.. وفي هذه الحالة لا يكفي الاعتراف من قبل الأوساط السياسية اللبنانية ببؤس الحالة المعيشية في المخيمات، فاللاجئون لا يحتاجون الى المشاعر فحسب، بل الى سياسة عملية ترفع عن كاهلهم البؤس المنتشر في المخيمات المهملة على امتداد عقود من الزمن، خاصة وان الحالة السياسية اللبنانية ما زالت تفتقر الى الاجماع الداخلي حول هذه القضية، كما الامر تاريخيا، وهو ما يعيق صدور تشريعات تضمن لللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الانسانية والاجتماعية. نتيجة لتجاهل الكثير من وسائل الاعلام اللبنانية للواقع اليومي للمخيمات، المعيشي والحياتي، فان صورة المخيم في عيون بعض اللبنانيين هي صورة مغايرة لواقعها الفعلي. وكم من الروايات والقصص، وبعضها يثير الاستغراب الى درجة الدهشة، ان كثيرا من اللبنانيين لا يعرفون شيئا عن المخيمات، موقعها الجغرافي.. سكانها.. كيف تعيش.. الخ، وان ما يقدم لهم من معطيات ومعلومات هو اشبه بالتلقين التحريضي العائد الى زمن الحرب الاهلية، رغم ان الفلسطينيين، بجميع تياراتهم يعلنون التزامهم، بسبب وبدون سبب، بالقانون وبالنظام العام، الا ان هناك من يصر على العودة بهم الى زمن مضى.. في زمن العولمة وثورة الاتصالات، يخطئ من يعتقد انه قادر على اخفاء اوجاع الناس داخل المخيمات، فالشمس لا يمكن اخفاءها بغربال. إذ رغم كل هذا التجاهل المقصود، فلا امكانية للهروب من واقع ان اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ينفردون بخصوصية معينة، تاريخية وسياسية واجتماعية وباعتبارهم لاجئون في لبنان بشكل قسري ورغما عنهم، وهذا كلام سياسي وقانوني وانساني واخلاقي ايضا، ومن يقل غير ذلك فهو انسان لا لا يقيم وزنا لقيم العدالة والانسانية. كما لا امكانية للهروب من حقيقة ان اللاجئين، ونتيجة لمواقف بعض القوى والتحريض المتكرر من وسائل اعلام، ما زالوا يحملون الإرث الثقيل للنتائج الأليمة للحرب الأهلية اللبنانية وما زالوا إلى الآن يدفعون ثمنها يوميا، حتى وان هذه الحرب قد انتهت منذ نحو ثلاثة عقود. رغم أن الأطراف اللبنانية المختلفة، توصلت إلى اتفاق الطائف الذي طوى ملف الحرب، إلا أن هذه الاطراف لم تخط إزاء الوجود المدني الفلسطيني في لبنان، الخطوات اللازمة لتصفية إرث الماضي وإغلاق ملفاته نهائيا، لأسباب محلية، بحيث يمكن القول ان جميع الملفات الموروثة من زمن الحرب قد فتحت باستثناء الملف الفلسطيني الذي ما زال مقفلا على من فيه ويرزح تحت ضغط أوضاع إجتماعية وإقتصادية سيئة. في استعراض بانوراما الوجع الفلسطيني، يمكن الاشارة الى انه منذ توقيع الطائف اتفاق في بداية التسعينات وحتى اليوم، اعتمدت السلطة اللبنانية سياسة تجاهلت فيها الحالة الفلسطينية، المدنية والانسانية، في لبنان باعتبارها حالة مجتمعية، واقتصر التعاطي معها على النظرة الامنية فقط، وبنتيجة هذه السياسة تحولت قضية اللاجئين في لبنان من مسألة ذات ابعاد سياسية وقانونية الى مسألة ذات ابعاد امنية وعسكرية. وانطلاقا من هذه السياسة، تحولت المخيمات ومن مدخل السلاح المبالغ فيه الى حالة استخدامية لدى جميع القوى السياسية اللبنانية.. مع اصرار البعض على اعتبار السلاح مدخلا اجباريا لبحث قضية اللاجئين الفلسطينيين، واختصار الأمر، برمته، وكأن المسألة تتعلق بمصير هذا السلاح وكيفية اعادة المخيمات تحت السيادة اللبنانية. ففي هذا المدخل تجاهل لقضايا اخرى، وفيه ايضا ما يعيد تقديم الوجود الفلسطيني في لبنان وكأنه مجرد حالة أمنية عاصية على القانون اللبناني، بل أن حالة المخيمات معزولة عن سياقها السياسي التاريخي، والراهن. ليس غريبا ولا مستهجنا ان تتعاطى بعض القوى مع المخيمات وفق نظرية مؤامرة السلاح التي تعتقد، مخطئة طبعا، ان تحويل المخيمات من حالة عسكرية عاصية على السيادة اللبنانية كما تقدم في العديد من وسائل الاعلام الى حالة مدنية انسانية، خطر على الحالة اللبنانية، خاصة اذا ما تضافرت الضغوط الدولية على الاطراف العربية المضيفة لتحمل بعض أعباء قضية اللاجئين خارج اطار حقهم في العودة.. مثل هذا التفكير موجود لدى قوى سياسية تمتلك منصات ووسائل اعلامية تعمل على بث منطقها وسياساتها في وسائلها المختلفة وتحرض عليها بشكل يومي باعتبارها حقائق على الارض. غير انه لا يمكن الادعاء وكأن تسليم المخيمات سلاحها بات موضع إجماع لبناني. ولا نذهب بعيدا، أو نجافي الحقيقة السياسية، اذا ما قلنا ان قوى سياسية في لبنان ومن اتجاهات ومواقع مختلفة، لا ترى مصلحة في سحب سلاح المخيمات، بل ان بعضها يخون من يتحدث بهذا المنطق من الفلسطينيين واللبنانيين. وبعض هذه القوى يرى ان بقاء السلاح في المخيمات يخدم سياسته في إبقاء قضية اللاجئين الفلسطينيين ساخنة ومدرجة على الأجندة السياسية في لبنان، وخارجه، واداة ضغط على المجتمع الدولي لشد أنظاره على الدوام، الى الوجود الفلسطيني في لبنان، لإدراجه في باب الأولويات عند بحث هذه القضية في اية تسوية تطرح على طاولة المفاوضات. رغم كل ما يقال عن الاعلام اللبناني من هامش حريات وديمقراطية تفرضها الخصوصية اللبنانية في محيط عربي ديكتاتوري يعج بالصراعات، الا ان نظرة هذا الاعلام، وبسبب من ظروف تشكله، تجاه قضايا ذات اهمية، ليس لأصحابها فقط، بل وللمنطقة والعالم، نجده يسير باتجاه مخالف للتوصيف السابق. فالضحية في المخيمات يتحول الى مجرم وقاتل، والوجود المدني يتحول الى ثكنات مدججة بالسلاح.. والصورة الحقيقية لواقع المخيمات يتم تجاهلها وتستبدل بواقع مختلف ينسجم مع رؤية سياسية لهذا الحزب او ذاك.. والامثلة على حالات الوجع التي يتم تجاهلها اعلاميا لا تحصى، وعلى سبيل المثال بتاريخ الغى مجلس النواب اللبناني من جانب واحد، اتفاق القاهرة الذي كان ينظم الوجود المدني والعسكري للفلسطينيين في لبنان. وبالغاء هذا الاتفاق، عاد الوضع المدني القانوني للفلسطينيين في لبنان شبيها بما كان عليه قبل العام ، لجهة الحرمان من ابسط حقوق الانسان.. وبامكاننا ان نتخيل كيف لمجتمع ان يعيش حياة طبيعية، هادئة ومستقرة، في ظل غياب قوانين ترعى اوضاعه.. وكان يفترض بمؤسسات الدولة اللبنانية ان تستعيض عن الاتفاق الملغى بقوانين تنظم حياة البشر، اي قوانين.. ولا نتحدث هنا عن مضامين معينة لهذه القوانين، لكن الذي يحصل ان الفلسطينيين دائما ما يصورون في الاعلام وكأنهم ضد القانون وضد النظام العام في لبنان، دون ان يعرف احد حقيقة هذه القوانين التي يصور الفلسطيني انه ضدها. لعبت القوانين اللبنانية دورا رئيسيا في حالة الافقار التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان. وعادة ما يركز الاعلام اللبناني على مواقف بعض السياسيين بأن لبنان لا يستطيع تأمين الوظائف لأبناءه فكيف يمكن تامينها للفلسطينيين، وتقدم المعطيات الرقمية عن حالات الفقر والبطالة في لبنان وغير ذلك من مظاهر عجز للدولة حتى يتم تبرير تقصير الدولة الخدماتي تجاه الفلسطينيين المقيمين على ارضها. وفي هذا تضليل يجافي الحقيقة ويجافي المطالب الفلسطينية التي لم تطالب يوما الدولة اللبنانية بتأمين وظائف للعمال الفلسطينيين، بل ان المطلب الفلسطيني، وانطلاقا من طبيعة الاقتصاد اللبناني القائم على المبادرة الفردية والاقتصاد الحر، كان في توفير الحماية من قبل القوانين اللبنانية، والمثال الفاقع هو عدم اقبال الفلسطيني على الحصول على اجازة عمل لمعرفته المسبقة انها لن تقدم له اية مكتسبات.. وتكفي نظرة بسيطة على عدد اجازات العمل الممنوحة للفلسطينيين في الاعوام الاخيرة التي لم تزد خلال خمسة سنوات عن اجازة من اصل الف اجازة عمل منحت للاجانب لنتعرف على حجم هذه المعاناة التي لم تستفز انسانية اي مسؤول لبناني.. وفق معطيات وكالة الغوث، فان ثلثي الشعب الفلسطيني في لبنان هم من الفقراء، وان بالمائة من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان غير مشمولين بأي تأمين صحي. اما متوسط إنفاق الفرد من اللاجئين الفلسطينيين فهو شهريا حوالي دولارا أمريكيا بالمقارنة ب دولار أمريكي متوسط إنفاق الفرد اللبناني شهريا. الكثافة السكانية العالية في المخيمات والتي ازداد الضغط عليها خلال السنوات الماضية مع كل ما رافق ذلك من مشكلات ناتجة عن هذه الكثافة بكل ما لهذا الامر من نتائج وسلبيات على مختلف المستويات التي تقود حكما الى الضغط على البنية الاقتصادية والاجتماعية الموجودة وهي اصلا تعاني من مشكلات. عام اقر مجلس النواب قانونا قضى بمنع الفلسطينيين في لبنان من حق التملك، الامر الذي ولّد آلاف المشكلات التي ما تزال دون حل حتى هذه اللحظة. رغم المناشدات الفلسطينية والدولية بضرورة الغاء هذا القانون المجافي لشرعة حقوق الإنسان قدسية حق السكن بسبب عدم قدرة المخيمات على تحمل الضغط السكاني المتزايد. تراجع القوة الشرائية وارتفاع نسب التضخم واقفال البلدان الخليجية ابوابها امام المهنيين والخريجين من حملة الشهادات الجامعية وعودة البعض منهم، اضافة الى ذلك تراجع تقديمات وكالة الغوث والمؤسسات الاجتماعية نتيجة سياسات الدول المانحة.. نتيجة الاهمال المتواصل من قبل المرجعيات المعنية، ما زالت المخيمات ترزح تحت وطاة مجموعة من الازمات الاقتصادية والاجتماعية. ولهذه الغاية جال عدد من وزراء حقائب الخدمات يمثلون مختلف التيارات السياسية على عدد من المخيمات عام ، ولمسوا حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون لدرجة ان بعضهم لم يستطع تحمل الصورة امامه وبكى امام الكاميرات. وعلى اثر هذه الجولة قدمت وعود بنقل الصورة الى الحكومة بهدف تقديم الحلول، لكن شيئا من هذه الحلول لم يتحقق حتى هذه اللحظة. هذا اضافة الى مجموعة من الملفات العالقة التي تحتاج الى معالجات حقيقية من قبل الدولة اللبنانية، منها معالجة مشكلة فاقدي الاوراق الثبوتية وتقديم الخدمات للمخيمات من قبل الوزارات المعنية. اضف الى كل هذا مشكلة مخيم نهر البارد الذي دمر في العام ولم يتم بناء القسم الاكبر منه حتى الآن، مرة نتيجة عدم وجود اموال ومرة اخرى نتيجة انقسامات لبنانية حول هذه المسألة. هذه هي الصورة الحقيقية للفلسطينيين واوضاعهم في لبنان، وهي صورة دائما ما يستعاض عنها بصورة اخرى مغايرة للواقع الفعلي، بحيث يتم التركيز، وبشكل متعمد، على جوانب اخرى لحرف النقاش عن مسؤولية الدولة وسياساتها التضييقية والتي وصفها كثير من السياسيين والمراقبين المحليين والدوليين بأنها تندرج في باب سياسة التمييز العنصري التي تمارسها الدولة اللبنانية، في محاولة منها للإيحاء بأنه كلما زاد بؤس اللاجئين وتدني مستوى معيشتهم، كلما تمسكوا اكثر بحقهم في العودة. لكن الواقع الفعلي يؤكد أن مثل هذه السياسات والإجراءات لم تنتج سوى بطالة وأمراضا واوبئة واضطرابات اجتماعية، لا يمكن لحواجز الأمن في محيط المخيمات أن تحجب تداعياتها على الجوار. كما أثبت الواقع الفعلي أن مثل هذه السياسات أنتجت تهجيرا قسريا لعشرات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين من لبنان، وفي هذا الجانب بالتحديد يربط اللاجئون بين اجراءات وزارة العمل اللبنانية والتطبيقات الميدانية لصفقة القرن، انطلاقا من ان النتيجة المؤكدة لاجراءات تلك الوزارة هي التهجير الذي يسعى الاميركيون والاسرائيليون الى فرضه على اللاجئين.. بكل تأكيد هذه الصورة غائبة كليا عن اولويات الاعلام اللبناني الذي لا يرى المخيمات الا من خارجها، دون ان يكلف نفسه عناء الدخول الى مستنقع المعاناة والقهر الموجود داخلها.. ولعل الجميع في لبنان وخارجه، يعلمون طبيعة الصورة في الداخل والتي تختلف الى درجة التناقض عن الصورة المشكلة من الخارج، نتيجة التحريض والضخ الاعلامي اليومي.. فما هي هذه الصورة وما هي تفصيلاتها التي تتكرر كل يوم؟ صورة المخيم من الداخل هي صورة النساء اللواتي يحملنّ احلامهنّ لمستقبل جميل.. صورة الكهل والطفل.. وصورة السلاح ايضا، صورة شبان وصبية.. وطفل يحمل حقيبة مدرسة وعامل يذهب باحثا عن قوت اطفاله.. هذا هو المخيم الفلسطيني.. مجتمع قائم بذاته يعيش حياته كبقية البشر وان انعدمت مقومات الحياة فيه.. مهما حاولوا ان يغيروا هذه الصورة، فلا يمكن النظر للمخيم الا باعتباره وليد النكبة وتوأم اللاجىء ووعاء نضالي وثقافي واجتماعي ومخزون للنضال وللعلاقات التقليدية التي ارادها ابناؤه كتأكيد على معنى الوجود المرتبط بالماضي والمحافظ على الهوية الوطنية التي يجسدها هذا المخيم.. كشاهد حي على المأساة التي حلت بالشعب الفلسطيني. يخال الانسان نفسه حينما ينقل معاناة ابناء المخيمات، انه يعيش في عصر غير عصره، وفي تاريخ طوى النسيان انسانه، في ظروف قل ان شهدها شعب آخر. ولعل المفارقة ان الجميع يجزم بأن وضع اللاجئين الفلسطينيين، وعلى الاخص لاجئي لبنان، هو الاسوأ من بين لاجئي العالم.. فيما المرجعيات المعنية وبدلا من معالجة اسباب هذا الحرمان نراها تمعن في تعميق الجرح النازف في جسد اثخنته الجراح. البانوراما الحية تتواصل معاناة يومية، فمن صحة مستباحة لضحايا يستسهل الموت اختطافهم على ابواب المستشفيات، الى مدارس وصفوف يتكدس فيها التلاميذ كعلب السردين، الى مهجرين تتقاذفهم المنازل الهشة وتلسعهم علب الصفيح هنا وهناك فلم يجدوا سوى التحاف السماء.. ويستمر مسلسل المخيم، من مشاكل المياه الى عتمة الكهرباء الى الطرقات والازقة.. الى سوق عمل مقفل ومنازل ضاعت مفاتيحها بعد قانون التملك.. هذا هو الانسان الذي يعيش المخيم والذي لا يكفيه كل هذه المعاناة حتى تأتيه معاناة التحريض الاعلامي من قبل الكثير من وسائل الاعلام اللبنانية. وبعد، سؤال لا بد منه هل معالجة كل هذه المآسي يقود الى التوطين، هل بقاء هذه الشواهد هي دليل البعض للمحافظة على العودة؟ ونعود لنقول نعم هناك اعلام وطني في لبنان يتفاعل ايجابا مع معاناة الشعب الفلسطيني، لكن هذا لا يمنع القول ان اجندة بعض وسائل الاعلام واولوياته تبدو مختلفة عندما يتعلق الامر بالحقوق الانسانية للفلسطينيين في لبنان.. لماذا كل هذا التجاهل للواقع الحياتي والمعيشي في لبنان؟ رغم ان الفلسطينيين بجميع فصائلهم وتياراتهم اعلنوا واثبتوا، واحيانا على حسابهم، انهم خارج الصراعات اللبنانية الداخلية؟ وحتى في الجانب التقني والمهني هل ان المخيمات ومن فيها، او الموضوع الفلسطيني في لبنان بشكل عام ما زال جاذبا للاعلام اللبناني، وما زالت المخيمات تكنز موادا اعلامية تهم المشاهد والقارئ والمستمع غير مادة التحريض؟ اذا كان الجواب بنعم، وهي كذلك، فان اسباب التجاهل نابعة من قرار سياسي مقصود، حتى ولو كانت العلاقات الفلسطينية ى اللبنانية لا زالت تشكل عنوانا هاما وجاذبا للجمهور، بغض النظر اي جمهور.. وهنا وجب علينا مناقشة الابعاد والدوافع السياسية التي ترسم الاستراتيجيات الاعلامية. في النقاش العام حول مشاكل الاعلام في العالم العربي نصل الى خلاصة ان هذا الاعلام يتوزع على ثلاثة انواع الاعلام التابع للنظام الرسمي العربي والذي لا وظيفة له الا تقديم النظام وسيده امام الرأي العام بأجمل صورة ممكنة، اضافة الى محاولة توجيه الرأي العام نحو قضايا هامشية فنية او مجتمعية او غير ذلك والتعتيم على قضايا وطنية كبرى قد يثير طرحها حساسيات المجتمع اذا ما قدمت بشكلها المناسب. اعلام المال والنفوذ الاقتصادي، وان كان الهم الاساسي لهذا النوع من الاعلام هو الدفاع عن مصالحه وامتيازاته، الا انه اعلام يتماشى مع اعلام النظام، وان كانت القضايا المجتمعية التي يثيرها تلفت نظر الجمهور وتشده لفترات ليس بالطويلة، نتيجة قدرته على جذب الكفاءات والتقنيات التي قد لا تتوفر في اعلام السلطة.. واولوية هذا الاعلام ليس حماية الدولة او القانون وتطبيقه، وليس حتى المصلحة العيا للشعب، بل اولويته نسج افضل العلاقات مع النظام ورموزه بما يؤمن لمصالحه الاقتصادية والسياسية الحماية المطلوبة.. اعلام الاحزاب والقوى المجتمعية التي تعلن مواقف صريحة من قضايا المجتمع والشعب ويتصادم في احيان كثيرة مع السطة وسياساتها.. ولعل هذا النوع من الاعلام هو الاكثر شعبية بين صفوف الشعب لانفراده بطرح قضايا يتم التعتيم عليها من قبل اعلام السلطة ورجال الاعمال.. ومثال ذلك القضية الفلسطينية التي نراها حاضرة بقوة في وسائل اعلام خاصة بأحزاب تتخذ من دعم فلسطين وشعبها عنوانا صريحا في العديد من برامجها وتفتح الهواء في العديد من المنعطفات.. الاعلام اللبناني، ورغم الانطباع العام انه اعلام حر ويتمتع بهامش اوسع بكثير من وسائل الاعلام في العالم العربي، الا انه في التوصيف العام لا يختلف كثيرا عن وسائل الاعلام في بعض الدول العربية لجهة ارتباطه اما بقوى طائفية او برجال اعمال او بحركات سياسية لها اجنداتها الخاصة من قضايا محلية واقليمية ودولية، وبالتالي فان فليس من العدالة الحديث عن اعلام موحد في لبنان بل عن منصات اعلامية لكل منها سياسته التي تنسجم وسياسة الحزب او الطائفة التي ينتمي اليها.. وقد اظهر تحقيق استقصائي اجرته في نهاية عام منظمة مراسلون بلا حدود و مؤسسة سمير قصير ، ان السوق الإعلامية اللّبنانية التي هي نابضة بالحياة، إنما هي خاضعة في الواقع لسيطرة عدد محدود من أصحاب الوسائل الإعلامية ذوي الارتباطات السياسية العميقة، من خلال أحزاب أو عائلات سياسية، التي تؤدي لتشكيل تهديدات إضافية أمام التعددية الإعلامية، بسبب الخطوط التحريرية التي تتحدد وفقا للاعتبارات السياسية. وبين التحقيق ان هناك وسيلة إعلامية تتمتع بأعلى حصص متابعة في لبنان وهي محصورة بأيدي عائلات، و أحزاب سياسيّة، وتستحوذ شركات تلفزيونية على نسبة مشاهدة تزيد عن . وبالنسبة للصحافة المكتوبة فالصورة لا تبتعد كثيرا، إذ تستحوذ شركات على نسبة مشابهة من القراء تصل نحو . فيما اخطر ما اشار اليه التحقيق ان لبنان نال المعدل الاعلى لجهة تسييس وسائل الإعلام بين دولة وبنسبة بلغت . .. هذه النتيجة تؤكدها الكثير من الوقائع على الارض. وفي العلاقة مع اوضاع الفلسطينيين في لبنان، فان انحياز وسائل الاعلام اللبنانية في تغطيتها ومتابعتها للاحداث تبدو ملموسة لدى الغالبية العظمى من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان الذين وجهوا مؤخرا سهام النقد الى العديد من وسائل الاعلام اللبنانية في طريقة تعاطيها من التحركات الشعبية الاحتجاجية التي تشهدها المخيمات.. يلاحظ المتابع بلا عناء ان الاعلام اللبناني، وبعضه يتخذ موقفا عدائيا مسبقا من فلسطين والفلسطينيين، انه يتعاطى مع الكثير من الاحداث بمنطق الاستنتاج المسبق الذي يحتاج الى رواية لتؤكده. فالاحداث الكبرى التي يكون الفلسطيني احد اطرافها يتم تضخيمها بشكل مبالغ فيها، وحين تقع جريمة ما مثلا ويكون القاتل فلسطينيا يشار الى ان القاتل هو فلسطيني من مخيم كذا وكذا واحيانا تذكر سيرة عائلته وغير ذلك من معلومات تؤكد انه فلسطيني من رأسه حتى اخمص قدميه. لكن عندما يأتي هذا الفلسطيني ليقدم ابداعاته وكفاءاته في مجالات الاقتصاد والسياسية او في حقول الفكر والادب والفن والرياضة وكل صنوف المعرفة يصبح الفاعل مجهولا، بل احيانا ولمزيد من الشفافية تذكر المنطقة التي يقيم فيها او اسم مدرسته..، وهنا نستحضر المقولة الصهيونية التي تمادت في عنصريتها ان الفلسطيني الطيب هو الفلسطيني الميت ، في حالة فريدة في بلد الحرية والديمقراطية عاصمته ام الشرائع والقانون.. قد يقول احدهم ان الاعلام لا يصنع حدثا بل هو مرآة عاكسة لما يدور في المجتمع من احداث، وهذا صحيح في جزء كبير منه، غير ان الصحيح ايضا ان بعص وسائل الاعلام تذهب بعيدا في بث رسالتها الاعلامية لتتحول من جسر بين الحدث والمواطن الى رسالة تحريضية يجب ان تحاسب عليها قانونا. وإذا كانت المتطلبات التحريرية في صياغة الرواية تعطيها بعض الهوامش التي يمكن ان تعلب عليها، فهذه الهوامش لا تعطيها حق صياغة الاخبار لتصبغها بمواقف واستنتاجات موجودة مسبقا لديها، فترى هذه تصنع خبرا واخرى تفبرك تقريرا وثالثة تتجاهل واقعة.. وكثيرة هي النماذج التي تؤكد الاستنتاج السابق نذكر بعضها على سبيل الاشارة حين تطلق طلقة من مخيم عين الحلوة مثلا، وحتى لو كان الامر يصنف امنيا كحادث فردي، يبدا البث المباشر من مداخل المخيم الاربعة ويفتح الهواء لمحلل هنا ومتابع هناك، وتطلق السيناريوهات عن مشاريع هنا ومشالايع هناك. اما عندما تنزل عشرات الألوف الى شوارع المخيمات لتطالب بحقها في الحياة وفي العمل بحرية، فان هذا الاعلام لا يراها ولا يسمع حناجر الآلاف التي تهتف من داخل المخيمات ضد ظلم القوانين اللبنانية.. بعض وسائل الاعلام تعاطت مع التحركات الشعبية في المخيمات بطريقة مستهجنة ومستغربة. فبعضها مثلا نقلت صورا لفلسطينيين يرقصون فرحا بقرار وزير العمل اللبناني، فيما نقل مراسل رسالة مباشرة قال فيها ان المسيرة اللبنانية الفلسطينية التي شهدتها مدينة صيدا يوم الثلاثاء بلفت الآلاف، بينما اشارت هذه الفضائية على شاشتها ان المسيرة تعد بالعشرات، فيما جميع المراقبين اكدوا انها تجاوزت الـ الفا.. تصوير التحركات الشعبية السلمية بأنها مسيرات عسكرية دون وضع الصورة المتحركة امام الجمهور، بل ان البعض يستحضر صورا قديمة ليبني عليها تحليلاته ويدعو الدولة الى كذا وكذا. وبهذا يسري الخبر بين صفوف المجتمع ان هناك تحركات عسكرية في المخيمات، بكل ما لهذا الامر من تداعيات ونتائج قد تحدث على الارض بنتيجة تضليل وفبركات لا تكون موجودة الا في اذهان من اصطنع الرواية الكاذبة وبنى عليها سيناريو المواجهة.. اشارت وسيلة اعلامية لبنانية الى ان فلسطينيين تظاهروا وقطعوا الطريق بالاطارات المشتعلة، دون ان تشير الى مكان حرق الاطارات. والصحيح ان قطع الطريق كان داخل المخيم وليس خارجه. بينما يعلم الجميع كم من التحركات من فئات اجتماعية لبنانية مختلفة ليس فقط تظاهرت في اماكن عامة، بل وقطعت طرقا دولية رئيسية وتظاهرت حتى في وسط بيروت.. اي ان سياسات التمييز بين الفلسطيني وغيره تمارس حتى في اطار التغطية الاخبارية.. عنونت صحيفة لبنانية في صفحتها الاولى خبرا مضللا قالت فيه ان الفلسطينيين ضد القانون ، لكنها لم تشر اي قانون هو الذي يرفضه الفلسطيني، وهل بكاء الفلسطيني بصوت عال يعتبر اعتداءا على القانون؟ علما ان القانون الذي تتحدث عنه تلك الصحيفة ليس موضوعا بالاساس كي يطبق على الفلسطيني. بل ان الفلسطيني هو من يقول ان القانون في لبنان يتعاطى بالضد من مصالحه وحقوقه، وهو، اي القانون، يتناقض مع نفسه في التعاطي مع الفلسطيني. فعندما يتعلق الامر بحق العمل فالعمال الفلسطينيون هم اجانب، بل يصر وزير العمل ومن معه انهم يطبقون القانون، لكن عندما يتعلق الامر بقانون التملك مثلا فالفلسطيني ليس اجنبيا بل لاجئ لا يحمل هوية وهنا لا نجد احدا من المدافعين عن القانون وتطبيقه يتصدون لمسألة الصيف والشتاء تحت سقف واحد.. ولعل السؤال المنطقي والمشروع الذي يتردد على السنة جميع الفلسطينيين، لماذا هذا التعاطي من قبل وسائل الاعلام في لبنان مع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وما هي اسبابه، وهل تنسجم السياسة الاعلامية، او السياسات الاعلامية لبعض وسائل الاعلام اللبنانية مع المواقف الرسمية للدولة ومؤسساتها، والمعبر عنها من قبل الرؤساء الثلاثة؟ رغم ان سياسة الاعلام اللبناني تبتعد عن الموقف الرسمي اللبناني في الكثير من القضايا المحلية والاقليمية، الا ان هذا الاعلام نراه يعزف على نفس الوتر الذي تعزف عليه سيمفونية الدولة بما يتعلق بمسألة حرمان الفلسطيني من ادنى حقوقه المعيشية والانسانية. فإذا كان رفض التوطين هو العنوان البارز لكل الاجراءات والتدابير المتخذة من قبل السلطة اللبنانية، فان وظيفة الاعلام، الطائفي، تصبح، في هذه الحالة، ايجاد المبررات لسياسة الحرمان والسعي لاقناع جمهور ليس بقليل بصحة هذه السياسة، حتى وان كانت سياسة تفتقد بشهادة اللبنانيين انفسهم الى الحد الادنى من التعامل الانساني. قد تكون هذه السياسية مفيدة للبنان بالنسبة للبعض، لناحية امكانية نجاحها في التخلص من عبء اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على ارضه. إذ هناك من يعتقد، وقد يكون محقا في ذلك، بأن السلطة اللبنانية باتت شبه مقتنعة بصعوبة عودة اللاجئين وفقا للقرار ، واي حل قادم، من وجهة نظرها، مهما كان كبيرا ويشكل مكسبا للفلسطينيين والعرب، فلن يتخطى حدود عودة افرادية ومجزوءة لبعض اللاجئين، لذلك تلجأ الى سلسلة من الاجراءات بهدف تخفيف الوجود الفلسطيني ما امكن بحيت يستقبل لبنان اية استحقاقات قادمة بأقل عدد من اللاجئين على ارضه. وبالتالي يضرب عصفورين بحجر واحد لا يتصادم مع السياسة الامريكية، التي تسعى لفرض مشروع التوطين، لمصالح سياسية وانتخابية واقتصادية وما الى ذلك من مصالح، وثانيا يتم تقليص عدد اللاجئين الى حدوده الدنيا دون ان يدفع لبنان اية اثمان سياسية، وهذا ما يحقق مكاسب سياسية على المستوى الطائفي والمذهبي. ان التفكير السابق هو تفكير قاصر عن رؤية الامور بشمولية وبصورتها الحقيقية. فقوة الموقف اللبناني الرافض للتوطين تكمن في اتباع سياسة موضوعية تركز على جميع عناصر القوة فلسطينيا ولبنانيا وعربيا ودوليا. لأن معادلة التوطين تفترض قبولا من الفلسطينيين المستهدفين بالتوطين وموافقة لبنانية صريحة. غير ان شعار رفض التوطين لا يساوي شيئا ما لم يكن مقرونا بشار رفض التهجير وبسياسية فعلية تحافظ على حق العودة وترفض اية حلول بديلة مهما كانت، سواء كانت في دول عربية او اجنبية، وعدم اعتبار التوطين مشروعا فلسطينيا، بل مشروعا اسرائيليا واميركيا يراد منه تصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين كمقدمة لتصفية الحقوق الاخرى. ومع ان اصواتا سياسية وحزبية وفكرية وروحية واعلامية وازنة وذات تأثير ملموس في الحياة السياسية اللبنانية قد تنبهت الى ضرورة التعامل مع خطر التوطين بالموضوعية الكافية، لجهة التمييز بين المصدر الحقيقي للخطر وهو مشروع ترامب نتن ياهو وبين الفلسطينيين، ضحايا التوطين الحقيقيين، بما في ذلك ابراز وحدة الموقفين اللبناني والفلسطيني في رفض التوطين، والتأكيد على ان حق العودة وما يترتب عليه من دعم الصمود الاجتماعي للاجئين هو الرد المنطقي على التهجير والتوطين، الا ان هذه الطروحات السياسية الموضوعية لا تلغي وجود اصوات لا زالت ترى في الوجود الشعبي الفلسطيني في لبنان نفسه الخطر الحقيقي على لبنان، وترى ان مجابهة خطر التوطين تستوجب الخلاص من هذا الوجود بأية طريقة، لذلك تسعى جاهدة لطرح تصوراتها وافكارها للتخلص من هذا الوجود. وهنا تضيع معايير الأخوة القومية رابطة العروبة ومواقف الدعم والتأييد للقضية الفلسطينية.. لدرجة ان بعض الاصوات التي تفاخر في عروبتها وتنتقد الآخرين على خلفية مواقفهم من فلسطين والفلسطينيين، هي نفسها تجاهر في طروحاتها التهجيرية للفلسطينيين في لبنان، بحيث يصح فيها قول الراحل شفيق الحوت مع فلسطين وضد الفلسطينيين .. ان اللاجئين الفلسطينيين لا يطالبون وسائل الاعلام في لبنان بأن تكون فلسطينية او ان تتبنى الرواية الفلسطينية في قضايا السياسة والامن والاجتماع والاقتصاد، وبعضها فعل ذلك مشكورا، بل ان تكون موضوعية في التعاطي مع الوجود الفلسطيني وان تنقل حقيقة ما يدور داخل المجتمع الفلسطيني بسلبياته وايجابياته بعيدا عن الافتعال او تصوير المخيمات الفلسطينية على غير حقيقتها، وعدم زج اللاجئين في أتون الصراع الداخلي اللبناني او الاساءة الى الفلسطينيين وتحميلهم مسؤولية مشاريع هم الاكثر تضررا منها، لأن المطلوب مواقف مشتركة لبنانية وفلسطينية تحمي حق العودة وتوفر مقومات الصمود الاجتماعي للاجئين بعيدا عن تلك الدعوات التمييزية التي لا تليق لا بلبنان ولا باللبنانيين الذين لا يذكرون من قبل اي فلسطيني الا على قاعدة ما قدمه لبنان للقضية الفلسطينية من دعم واسناد.. ان تقديم خطاب اعلامي تحريضي، من نوع اعتبار التحركات الشعبية الرافضة لاجراءات وزارة العمل اللبنانية وكأنها مقدمة لحرب اهلية، من الطبيعي ان ينعكس سلبا على كل المجتمع خاصة جيل الشباب الذي لم يعش تجربة الحرب الاهلية، لكنه يكررها بشكل يومي في كلام ومواقف تتقاطع مع مواقف رسمية لاحزاب لبنانية ما زالت تعيش في الماضي مستحضرة الحرب الاهلية وويلاتها، علما ان لكل طرف فيها تاريخه الخاص الذي يصر البعض على نبشه من زاوية حملات تحريض تمارس يوميا ضد الفلسطينيين في لبنان.. آن الاوان لكي يفهم اولئك الذين يصرون على معاداة الشعب الفلسطيني بتقديم خطاب سياسي واعلامي اقل ما يقال فيه انه تمييزي، ان اللاجئين في لبنان ليسوا سوى ضيوف، مهما طال تهجيرهم، وليس لديهم اي مشروع في لبنان وان وجودهم هنا ليس بارادتهم، كما هو حال الرعايا العرب والاجانب الذين لا يأتون الى لبنان الا للسياحة او العمل. وقد اكدت التجربة السابقة منذ العام ان اللاجئين الفلسطينيين هم خارج الاصطفافات السياسية والطائفية والمذهبية، وان لا مشروع سياسيا لديهم سوى عودتهم.. نعم آن الاوان لكي تغلقوا ملف الحرب الاهلية، اقله بالنسبة للفلسطيني الذي ما خرج بعشرات الآلاف في مخيماته الا نتيجة سياسات القهر والمعاناة المتراكمة منذ اكثر من سبعين عاما..، وهم بالتالي ليسوا معنيون بصراعاتكم السياسية والطائفية، وتحركاتهم ليست موجهة ضد احد. اهي جريمة ارتكبها اللاجئون الفلسطينيون حين صرخوا بصوت عال بعد اتساع جرحهم وهتفوا كفى حرمانا؟ اما ان يبقى الوضع على حاله وتبقى المخيمات مقفلة على جراحها، فهذا امر لا طاقة للفلسطيني به.. ان صمت الفلسطينيين عن استحضار ويلات الحرب والتحريض ضد اطرافها لا يعني انهم عاجزون عن الرد او ان ليس لديهم ما يتحدثون به. بل لأنهم جادون في رؤيتهم لمستقبلهم ومستقبل من يعيشون على ارضهم، انطلاقا من استيعابهم لدروس الحرب وما جرته من مصائب على الجميع، كانوا هم اكثر الخاسرين فيها.. والحديث الدائم عن الحرب وعن بطولات اصحابها، لا يمكن وضعه الا في اطار المحاولات الدائمة لخلق بيئة جديدة للحرب يجر اليها الفلسطيني رغما عنه كي يستعيد، هذا وذاك، البطولات في اطار الجماعة او الطائفة باعتبار هذا الفلسطيني خطر يجب التخلص منه. وهل لأحد ان ينسى ذلك الشعار العنصري الذي رفع قبل الحرب بأن هناك اربعة دول وخمسة شعوب وعلينا التخلص من الشعب الزائد ؟ لكن رغم اندحار مثل هذه الشعارات، فما زال هناك من يفاخر بأنه امضى حياته في قتل الفلسطينيين وهو غير نادم على ذلك ولا زال مستعدا لأن يكرر التجربة مرة اخرى.. هل يستحق مقعد انتخابي او زعامة طائفية وحزبية كل هذا التحريض.. اليس هذا ما تفعله اسرائيل امام كل استحقاق انتخابي، عندما يصبح الدم الفلسطيني هو الناخب الاكبر بين الاحزاب الاسرائيلية المختلفة؟ لقد اعطت الحرب الاهلية اللبنانية ومسبباتها دروسا للجميع، وسياسات القمع التي فرضت على المخيمات قبيل الحرب لم يجد لها اللاجئون مبرراً وتفسيراً سوى أنها كانت تعبيراً عن عقلية معادية لقيم الانسانية، لذلك نجدد القول ان نقطة البداية في المعالجة تكمن في امتلاك الشجاعة الكافية لفتح الملف الفلسطيني في لبنان بكل ايجابياته وسلبياته بهدف الوصول الى موقف موحد يخدم القضايا المشتركة وما اكثرها. وأي علاقة مستقبلية بين الجانبين الفلسطيني واللبناني يجب ان يحكمها مجموعة من العوامل التي ينبغي ان تشكل ارضية للانطلاق نحو علاقة سليمة وصحيحة، ومثل هذه الامور لا يمكن الوصول اليها دون حوار رسمي فلسطيني لبناني يضع المخيمات والحالة الفلسطينية برمتها على نسق الحياة الطبيعية، وعلى قاعدة واضحة من الالتزامات المتبادلة وبرؤية سياسية قائمة على التمسك بحق العودة ورفض التهجير والتوطين كمبدأ وليس موقفا تكتيكيا، فالمرجعية الامنية والقانونية هي للدولة اللبنانية صاحبة السيادة على ارضها، والمرجعية السياسية هي لمنظمة التحرير، والمرجعية الاجتماعية هي لوكالة الغوث والدولة اللبنانية.. وبهذا نكون قد حمينا لبنان وحمينا فلسطين وشعبها .. وحمينا قيم انسانية ما زال الفلسطيني في لبنان يبحث عن عنوانها... عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية
بقلم الدكتور أحمد جميل عزم
لتوضيح نوع الفريق الذي يقود السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، وأنّه فريق هواة متواضع المستوى، يمكن الإطلالة على أمرين، أولهما النص العربي للوثيقة التي قُدّمت في البحرين، في الورشة الاقتصادية المرتبطة بالمبادرة الأميركية المجهولة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، والثاني، الشخص الذي يُصنّعه ويُضخمه الفريق الأميركي ليكون شريكا للمستوطنين في الحل الاقتصادي، المدعو أشرف الجعبري. على أن كون الفريق الأميركي فريق هواة متواضع المستوى، لا يلغي أن بيده إمكانيات الدولة العظمى، ما يجعله فريقاً خطراً. بعد أن نشر البیت الأبیض رسمیا، وثیقة تخص التصور الاقتصادي للوضع الفلسطیني لتكون محور اجتماعات البحرین يومي و حزيران . والتي سبق وكتبت عنها سابقا، نشرت الإدارة الأميركية ترجمات للوثيقة، بالعربية والعبرية، وجاء العنوان بالعربية، كلمة واحدة كبيرة هي السلام ، ثم عنوان فرعي هو من السلام إلى الازدهار ، وعنوان ثالث أصغر أيضاً، هو رؤيا جديدة للشعب الفلسطيني . ويتضح أولا الاختلاف بين النسخة الانجليزية والعربية، فقد أصبح العنوان بالعربي السلام ، ولم يفطن مترجمو أو معدو هذه النسخة، أنّها تكشف الهدف الحقيقي من الخطة، وتثبت تهمة أنّ هدف هذا الفريق الأميركي، اختزال السلام ببعض المشاريع الاقتصادية، التي ينقصها الجدّية. وثانياً، يوجد خطأ في الترجمة على غلاف الخطة، فكلمة رؤيا، تعني المنام، أو الحُلُم، وليس الرؤية ، التي تعني تصوراً ما. ولكن أيضاً هذا الخطأ، ربما يعكس الأضغاث ، أي العناصر المفككة والخيالية في الخطة؛ التي تضمنت فقرات مفككة، وعناوين تختلف أحياناً عن المضمون، مع طباعة بحاجة لتنسيق. أجزم أن عددا لا بأس به من أساتذة الجامعات لن يقبل هذه الورقة من طالب ماجستير مبتدئ وسيطلب منه تنسيق الطباعة، وضبط اللغة، والعمل على الترابط بين الأفكار وتدقيق المعلومات. إلى ذلك كتب ممثل الرئيس الأميركي جيسون غرينبلات، تغريدات على تويتر، يعبّر عن إعجابه بالانفتاح العقلي لشخص فلسطيني اسمه أشرف الجعبري، وظهر السفير الأميركي ديفيد فريدمان، معه، في مؤتمرات وندوات، يجلسان معا ويتصافحان، ودُعِيَ لإلقاء محاضرة في مؤتمر إسرائيلي وجرى تقديمه باعتباره، الحاج أشرف الجعبري ، وتحدث تحت عنوان يكفي لقيادة السلطة الفلسطينية الفاسدة، نريد العيش تحت السيادة الإسرائيلية . وقال لسنا ضد فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية ببساطة لأن الحكومة الإسرائيلية من يملك القرار لذلك، ولا أحد يستطيع منعها ، ودعا نتنياهو أن يكون قوياً لأخذ هذا القرار مثل مناحيم بيغن. وأنّه ليس بالضرورة منح الفلسطينيين حق التصويت في الكنيسيت، منذ البداية. وكان الجعبري المشارك الأبرز في ورشة البحرين. وهو عضو مؤسس في ما يسمى غرفة صناعة وتجارة يهودا والسامرة ، أي غرفة خاصة بالمستوطنات أو بالضفة الغربية بالاسم الإسرائيلي المستخدم. تعلق الصحفية ميريم بيرغر، في تقرير مطول في موقع ، مبني على زيارتها بيت الجعبري، أنّ بيته يعكس شخصا من الطبقة الوسطى المرتفعة، وأنّه غالباً غير معروف بين الفلسطينيين . وتقول إنّ مكان سكنه في الخليل في جزء من المدينة حيث تسيطر إسرائيل على الأمن وحيث يجوب الجنود الإسرائيليون الشوارع لحماية حياة المستوطنين . أثناء لقاء بيرغر بأشرف في بيته كان أحد حضور المقابلة، إسرائيلي يُسمى اسحق مغرافاتا، و يصوّت عادة لحزب الليكود الإسرائيلي الحاكم، و يعمل مع الجعبري وكان يتدخل في النقاش باستمرار، بهدف تحويل النقاش إلى الحديث عن فساد السلطة . تبدو خطة هذا الفريق الأميركي المقدمة للبحرين بائسة الصياغة، والمحتوى، أشبه بقص ونسخ من خطط وأفكار ودراسات سابقة، وترجمتها بائسة، والأشخاص الفلسطينيون الذين يراهن عليهم، هذا الفريق، دون قاعدة شعبية، أشبه بعرائس يتم تحريكها. رغم هذا فإنّ قوة الولايات المتحدة وقدرة هذا الفريق على تسخير هذه القوة أمر غير سهل. و حتى الإدارات الأميركية السابقة التي كان لديها رغبة في التوصل لحل للصراع العربي الإسرائيلي فشلت في إقناع الإسرائيليين بشيء، فكيف بفريق أميركي أشبه بالتابع والموظف عند الحكومة الإسرائيلية، أو الشريك معها؟ هذا يعني أنّ فريق الهواة المُؤدلجين صهيونياً، والذين يغامرون بسمعة ومكانة الولايات المتحدة، كدولة عظمى، يمكن أن يسببوا أضراراً كبرى للفلسطينيين، حتى لو سببوا أضراراً بمكانة الولايات المتحدة، وصورتها في العالم. جامعة بير زيت عن الغد الأردنية
بقلم علي جرادات
أنا صهيوني حتى النخاع.. وإسرائيل البلد العظيم الذي أحبه.. . هكذا وصف بوريس جونسون نفسه، حسب موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي ، قبل فوزه بخلافة تيريزا ماي في رئاسة حزب المحافظين والحكومة البريطانية، علماً أن سجل جونسون هذا يتضمن أنه تطوع وخدم، قبل عاماً، في كيبوتس إسرائيلي، وأنه، كان يُعرِّف نفسه كصهيوني منذ ذلك الوقت.. وأن حبه لإسرائيل، وكرهه للاتحاد الأوروبي، هما ركيزتا التوافق الفكري السياسي، القائم بينه وبين ترامب، وأن ما قاله جونسون عن الصهيونية، لا يختلف، في الجوهر، عما قاله ترامب أثناء حملته الانتخابية. هذا يعني أن جونسون كان، عملياً، مرشح ترامب، وبالتالي نتنياهو ، لرئاسة حزبه وحكومة بلاده. يشي بذلك مديح ترامب الزائد لجونسون، وانتقاداته المهينة للمختلفين معه، بمن فيهم منافسوه داخل حزبه، إضافة إلى أحزاب المعارضة، بزعامة جيرمي كوربين، أكثر القادة البريطانيين الرسميين وضوحاً في تأييده للفلسطينيين، وقضيتهم الوطنية، وبالتالي، تعرض لحملات التحريض والتشويه الممنهجة من قبل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، برئاسة نتنياهو، واللوبي الصهيوني في بريطانيا والعالم، وأركان إدارة ترامب. بما يعني أن توافق جونسون مع ترامب، يستهدف إنهاء التمايز النسبي القائم، وهو الطفيف أصلاً ، بين سياسة بريطانيا الخارجية والداخلية، ونظيرتها الأمريكية الحالية، لمصلحة إحداث تطابق كامل بينهما تجاه قضايا العالم، بشكل عام، وتجاه قضايا منطقتنا، وفي مقدمتها الصراع العربي الإسرائيلي، بشكل خاص، وتجاه القضية الفلسطينية، تحديداً. وهو ذو دلالة، هنا، استخدام جونسون لتعبير الخمس عيون في إشارة إلى التحالف القائم بين بريطانيا والولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا. كل ذلك، رغم أن نسبة تأييد البريطانيين لجونسون لا تتجاوز ، حسبما أشار استطلاع نشره معهد يوغوف غداة فوزه بتأييد واسع من حزبه، ما يعني أنه يواجه تحديات كبيرة؛ مبعثها الرئيسي خلافاته الحادة مع معارضيه، من داخل حزبه، ومن خارجه حول تأييده الخروج من الاتحاد الأوروبي، دون اتفاق مع بروكسل. هذا مع العلم أن هذه الخلافات قادت، منذ عام ، إلى استقالة رئيسيْن لحزب المحافظين والحكومة البريطانية؛ هما ديفيد كاميرون وتريزا ماي. هذا يعني أن حكومة جونسون التي تحظى بتأييد إدارة ترامب، لا تحظى سوى بغالبية هزيلة، وتواجه معارضة شديدة من داخل حزبه، ومن أحزاب المعارضة، بزعامة كوربين الذي طالب جونسون بالدعوة إلى انتخابات مبكرة، وقال إن الأخير لا يحظى بتخويل من الشعب . وبقدر ما يتعلق الأمر، هنا، بالقضية الفلسطينية، فلنقل استبعد كثيرون أن ينفذ ترامب وعوده الانتخابية بشأن نقل سفارة بلاده إلى القدس؛ لكنه فعلها، ليتضح أن كلامه الانتخابي حول القدس لم يكن سوى رأس جبل الجليد العائم في خطته المُعدة، سلفاً؛ لتصفية القضية الفلسطينية. ويبدو أن جونسون الذي وصف نفسه ب الصهيوني حتى النخاع يتبنى رؤية ورواية حكومة الاحتلال، برئاسة نتنياهو، شأنه في ذلك شأن الرئيس الأمريكي، ترامب، ونائبه بنس، ووزير خارجيته بومبيو، ومستشاره للأمن القومي بولتون، وفريقه لمتابعة ما يُسمى، زوراً، خطته ل السلام في الشرق الأوسط ، كوشنر وجرينبلات وفريدمان. لكن، في كل الأحوال، بات من شبه المؤكد أن جونسون، بما يمثل، يسير على خطى ترامب تجاه القضية الفلسطينية، خاصة وأن إدارة الأخير التي فتحت طريق التجرؤ على طرح خطة لإسدال الستار على هذه القضية، لم تتلقَّ الرد الذي تستحقه قراراتها بشأن القدس، أكثر قضايا الصراع حساسية ، واللاجئين، جوهر الصراع ، والمستوطنات، العقبة الكأداء أمام ما يُسمى ب حل الدولتيْن . كل ذلك يُسهِّل الطريق أمام أن يصبح جونسون ترامب البريطاني ، هكذا باتت تصفه وسائل الإعلام ، لناحية العداء للفلسطينيين. هذا دون نسيان أن بريطانيا هي صاحبة وعد بلفور ، المدماك الأول في نكبة فلسطين المستمرة، والظلم التاريخي المتواصل الذي لحق بشعبها، وأن بريطانيا وفرنسا هما صاحبتا اتفاقية سايكس بيكو لتجزئة الوطن العربي، على ما بين الوعد و الاتفاقية ، هنا، من علاقة، فحواها كانت تجزئة الوطن العربي شرطاً لازماً؛ لإنجاح مشروع إقامة إسرائيل في فلسطين، وعلى حساب شعبها وحقوقه الوطنية والتاريخية، فيما باتت إسرائيل، منذ إقامتها، شرطاً أساسياً؛ لإدامة تلك التجزئة؛ بل ولتجزئة المجزأ فيها، أيضاً. بالاتفاق مع الخليج
بقلم الدكتور ناجي صادق شرّاب
أسئلة كثيرة تطرحها صفقة القرن ، لكن يبقى السؤال الرئيسي، الذي يشكل دافعاً قوياً لأية مبادرة، هل هدفها إرساء السلام؟ والسؤال تتبعه أسئلة كثيرة عن ماهية هذا السلام وركائزه وأسسه وآلياته. وإذا كان الهدف هو السلام، فبلا شك سيكتب له النجاح، والقبول من أطراف الصراع. هذه هي الإشكالية الكبرى التي غابت عن كل المبادرات والجهود التي قامت بها الإدارات الأمريكية التي احتكرت العملية التفاوضية والتسوية بين الطرفين الرئيسيين العربي الفلسطيني والإسرائيلي، وهي التي أخفت وراءها كل أسباب الفشل. أولاً، لأن هذا الاحتكار، أدى إلى إلغاء كل المرجعيات القانونية وقرارات الشرعية الدولية التي تحكم أية عملية سلام، وتؤدي إلى مفاوضات ناجحة. وثانياً تبني وجهة نظر واحدة وهي وجهة نظر إسرائيل في فرض السلام، الذي يحقق أمن وبقاء إسرائيل، ويشرعن سياساتها الاحتلالية، ويتجاهل الطرف الثاني وهو الفلسطيني، الذي لا تكتمل أية عملية سلام من دونه، وهو الطرف الذي يعاني غياب السلام في عدم ممارسة حقه في تقرير مصيره وممارسة حقوقه السياسية التي نصت عليها قرارات الشرعية الدولية، ويتطلع لقيام دولته الديمقراطية المدنية، كما أن شعبه تحت ذل الاحتلال وتمتهن كرامته الوطنية بسبب سياسات الاحتلال والحصار والحواجز. السلام عملية كلية شاملة هدفها إنهاء الحروب، وهو الهدف الذي لم يتحقق منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي ، الذي شهد أربعة حروب رئيسية، وحروباً ثنائية مع لبنان وقطاع غزة، وهي حروب غير متكافئة راح ضحيتها آلاف المدنيين الأبرياء، وتدمير البنية التحتية. و معيار نجاح السلام، أن يضع حداً للحروب، وأن يخاطب الحقوق الناقصة أو الحاجات الأساسية لأطرافه، وأن يحقق التوازن في معادلة الحقوق وصولاً لصيغ من التعايش والمصالح المشتركة وبناء نماذج للتنمية والاعتماد المتبادل في إطار من بنية أساسية من القيم تقوم على نبذ العنف والكراهية والحقد، والقبول والتفاعل الاجتماعي. إسرائيل حققت ما تريد من دولة تجاوزت الحدود المرسومة لها وفقاً لقرار ، وأبدى الفلسطينيون كل المرونة السياسية، ووافقوا على دولة بمساحة تقارب العشرين في المئة من مساحة فلسطين التاريخية. الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط، وفي رسالته عن السلام، مستبعداً سلام القبور، يحدد شروطاً عامة لتحقيق السلام للجميع، يقول حول تحقيق سلام دائم بين الدول حرب أو صراع، فالبديل عن فشل السلام أن تعيش الدول في حالة حرب دائمة وهو خيار لا يمكن لأي دولة أو شعب أن يتحمله . ويضيف الحكم بالحق بين الأطراف المتنازعة المتحاربة، وإعطاء كل ذي حق حقه ، هذه إرشادات لتحقيق السلام. والسؤال هنا هل يمكن أن يكون جاريد كوشنر كما كانط ويفكر كما يفكر. وينظر للسلام كما ينظر؟ لا يبدو ذلك أبداً، فالسلام الذي تتبناه الخطة الأمريكية هو نموذج السلام الأحادي الذي يلبي حاجات إسرائيل فقط، في حين يتجاهل تماماً كل الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني. صفقة القرن سبقت وتجاوزت كل المبادرات الأمريكية السابقة بأن طبقت بنودها على الأرض قبل أن تعلن، فنزعت القدس من جسدها الطبيعي، وأوقفت كل المساعدات عن وكالة الغوث تمهيداً لشطب ملف اللاجئين، والتمهيد لضم أراض من الضفة الغربية لإسرائيل لشرعنة الاستيطان والاحتلال. هذه هي إشكالية الخطة التي تتعامل مع السلام ليس كسلام ورؤية بل كعملية أحادية تهدف إلى فرض الأمر الواقع بالقوة، والاعتراف بحقائق الاحتلال،وبدلاً من إرساء بذور السلام وتنميتها، وخلق بيئة السلام تعمل الصفقة على ترسيخ بيئة الحرب وإطالة أمد الصراع. لهذه الأسباب سيكون مصيرها الرفض والفشل لسبب بسيط، أنها لا تتعامل مع السلام بقدر ما تتعامل مع الحرب. استاذ علوم سياسية غزة .
بقلم د. مصطفى البرغوثي
تصادف يوم القدس هذا العام في الجمعة الأخيرة من رمضان مع ليلة القدر. أكثرمن اربعمائة ألف فلسطيني وفلسطينية، أي ما يقارب النصف مليون، نجحوا في الوصول للمسجد الأقصى في هذه الجمعة رغم الحواجز والمضايقات والقمع، ورغم منع كل سكان قطاع غزة، وأكثر من ثمانين بالمئة من شباب، ورجال الضفة الغربية، من دخول القدس. آلاف من الشباب أُعيدوا عن الحواجز، وكثيرون منهم أصيبوا بالجراح وهم يقفزون عن الجدار كي يصلوا للقدس. ولم يتورع جنود الإحتلال عن إطلاق الرصاص الحي على شبان حاولوا العبور للقدس فأردوا برصاصهم الفتى، أو بالأحرى الطفل، عبد الله لؤي غيث الذي لم يتجاوز عمره الستة عشر عاما، وأصابوا بجراح فتيانا آخرين . وأضاف جنود الإحتلال شهيدا آخر هو الشاب يوسف وجيه من قرية عبوين، والذي إدعوا أنه هاجم الجنود في منطقة باب العامود. الشعب الفلسطيني فهم بعمق الرسالة التي حاول نتنياهو وفريق ترامب إرسالها، عبر ما يسمى بصفقة القرن ومضمونها أن عنوان المعركة الدائرة على فلسطين هي القدس. ولذلك لم، يتوان الفلسطينيون العاديون عن القيام بكل ما يستطيعون فعله للحفاظ على القدس، والمسجد الأقصى، وكنيسة القيامة، وكل المقدسات. ومن تعمق في مشهد القدس يوم الجمعة الأخيرة من رمضان يستطيع أن يفهم ما يدور في وجدان كل فلسطيني وفلسطينية تجاه القدس. مئات آلاف الرجال والنساء، والشيوخ، والأطفال يتحملون حرارة الصيف، وظمأ الصيام، ومشاق السفر، كي يصلوا الى القدس، وآلاف المتطوعين، من مسعفين ومرشدين ومنظمين، يتطوعون دون مقابل لإسناد المصلين. و تجار وسكان البلدة القديمة يتبارون في تقديم الطعام والشراب للصائمين، دون تمويل أو توجيه من أحد، وحملة رشاشات الماء الذين يتجولون في ساحات الأقصى للتخفيف من حرارة الصيف القائظ، وبعضهم أفراد يحملون مجرد زجاجة ماء صغيرة يرشون الماء منها على الناس. ونشطاء ومتطوعو الإسعاف يتبارون في تقديم العلاج والمساعدة لكل يتعرض لعارض صحي. روح التكافل والتضامن الرائعة التي رأيناها في القدس، وفي المسجد الأقصى، ذكرتنا بنفس مظاهر العطاء الذي شهدته القدس في معركتها الباسلة قبل حوالي عامين ضد بوابات نتنياهو، والتي تحولت إلى هبة شعبية انتصرت على نتنياهو، وأجبرته على التراجع. وذكرتنا أيضا بما عشناه كشعب بكامله أيام الإنتفاضة الشعبية الأولى، والتي جسدت مبادىء تنظيم النفس، والاعتماد على النفس، وتحدي إجراءات وقوانين الاحتلال. ولم تكن صدفة، أن نلتقي ونحن نسير في شوارع القدس رجالا، بادروا لسرد ذكريات شبابهم و نضالهم المشترك أيام الانتفاضة الأولى. نعم كان يوم الجمعة، يوم القدس بلا منازع، ولكن من أحياه، وصانه، وقدم دماء شهدائه، وجراح أبنائه، وعطائه، كان الشعب الفلسطيني قبل أي كان. فهل تُسمع رسالة القدس التي نبضت بها أفئدة الفلسطينيين؟
بقلم د. محمد السعيد إدريس
لم يتردد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن التعامل مع إيران بذات المنهجية التى اختار أن يقود بها السياسة الخارجية الأمريكية وهي أن يضرب عرض الحائط بكل العوائق والاعتبارات القانونية التي أقرها المجتمع الدولي على مدى عقود طويلة لتنظيم العلاقات بين الدول، وأن يصعد في توظيف كل أدوات الضغط بما فيها القوة العسكرية لإجبار إيران على القبول بما يريده، وما يريده فعلياً هو إسقاط النظام الذي يعتبره، كما يعتبره قادة الاحتلال الاسرائيلي العائق الإقليمي الأكبر لفرض المشروع الإسرائيلي في الشرق الأوسط. قد لا يكون هدف إسقاط النظام الإيراني هدفاً معلناً لأسباب تتعلق بمحدودية القدرة الأمريكية على تحقيقه، وأن هناك أهدافاً أخرى تضمنتها المطالب الـ التي طرحها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو كشروط للتوقف الأمريكي عن التصعيد ضد إيران مطالب تشمل القدرات النووية الإيرانية وتشمل القدرات الصاروخية الإيرانية كما تشمل ما تعتبره واشنطن وحلفاؤها تدخلا إيرانيا فى الشئون الداخلية للدول، ناهيك عما تسميه دعم الإرهاب وهنا يكون المقصود هو كل منظمات وأشكال المقاومة الرافضة للسياسة العدوانية الإسرائيلية. انسحب ترامب من الاتفاق النووي الموقع مع إيران من جانب الدول الست الكبرى الولايات المتحدة وروسيا وبريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا مع إيران في لوزان عام ، وقرر فرض عقوبات مشددة ضد إيران، كان آخرها قراره منع إيران من تصدير نفطها ابتداءً من تشرين الثاني الماضي مع منح إعفاءات لثماني دول تعتمد بدرجة كبيرة على استيراد النفط الإيراني لتدبير أمورها لمدة ستة أشهر تلتزم بعدها بالتوقف نهائياً عن استيراد النفط الإيراني انتهت يوم الثاني من ايار الحالي، ما يعني أن الأزمة بين البلدين دخلت الآن ما يمكن تسميته الزمن الخطر . الولايات المتحدة تضع نفسها بذلك فى مواجهتين كبيرتين مواجهة مع الدول الكبرى التي تستورد النفط الإيراني وعلى رأسها الصين والهند وتركيا إضافة إلى اليابان وكوريا الجنوبية فهل تستطيع الولايات المتحدة أن تصطدم مع الصين والدول الأخرى؟ هل في مقدورها منع الصين والهند وتركيا من استيراد النفط الإيراني؟ وكيف سيكون الرد الأمريكي في حال عدم التزام هذه الدول بالتهديدات الأمريكية؟ أما المواجهة الثانية فهي مع إيران التى أكدت أنها لن تلتزم بالقرار الأمريكى ولن تتوقف عن تصدير نفطها فماذا ستفعل واشنطن مع إيران إذا لم تلتزم بالتوقف عن تصدير النفط؟ هذا يعني أن الولايات المتحدة وضعت نفسها أمام اختبار صعب إذا فشلت في اجتيازه أي إذا فشلت في منع إيران من الوصول بصادراتها النفطية إلى الصفر. هذا الفشل، إن حدث، سيكون كارثة بالنسبة للرئيس الأمريكي الذي يواجه تصعيداً غير مسبوق من الحزب الديمقراطي بخصوص التشكيك في تقرير وزير العدل وليم بار الذي اتهمته رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي بـ تضليل مواطنيه، بعد ما اعتبر أن التقرير الذي أعده المحقق الأمريكي الخاص روبرت مولر الذي تولى التحقيق في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي فاز فيها دونالد ترامب عام ، قد برأ الرئيس الأمريكي من التواطؤ مع موسكو، ما يعني أن الرئيس ترامب في أسوأ أحواله داخلياً وهو يستعد لإكمال ولايته الأولى وخوض غمار ولاية ثانية العام المقبل، وفشله في التحدي الذي فرضه على نفسه مع إيران يعني، في ظل أوضاعه الداخلية المتردية، إعلاناً مسبقاً بفشله في الانتخابات المقبلة، وسقوط كل سياساته بالتالي وهذا أحد رهانات إيران لكسب المعركة مع ترامب وإدارته. إيران هي الأخرى تواجه اختباراً صعباً إذا لم تستطع الصمود أمام الضغوط الأمريكية، أي إذا لم تستطع كسر حاجز الحصار الأمريكي، وإذا لم تنجح أيضاً في فرض قدرتها على تصدير نفطها هنا من الضروري أن نتساءل عن كيف سيكون بمقدور إيران إفشال ما تعتبره سياسة عدوانية أمريكية؟ المرشد الإيراني الأعلى السيد على خامنئي وضع معالم الرد الإيراني بتأكيده أن تشديد العقوبات الأمريكية لن يمر دون رد، ما يعنى إعطاء أولوية لخيار المواجهة مع الولايات المتحدة إذا هي نفذت تهديداتها ضد إيران. لكن في كل الأحوال فإن خيارات إيران تبقى محدودة بخيارين إما التصعيد وإما التهدئة. والتصعيد هنا يعني أكثر من خيار أبرزها بالطبع إغلاق مضيق هرمز في حال المنع القسري لإيران من تصدير نفطها، ما يعني الدخول في حرب مع الأمريكيين إذا تعرضت ناقلاتها النفطية لأى اعتداء، وهناك العديد من الأهداف الأمريكية التي يمكن استهدافها في الجوار الإقليمي لإيران أبرزها وجود أكثر من جندي أمريكي وثلاثين قاعدة عسكرية أمريكية في العراق، ونحو جنديأمريكى في شمال شرق سوريا، ناهيك عن القواعد الأمريكية المنتشرة بكثافة في عدد من الدول الخليجية، وهناك نقطة الضعف الأمريكية الكبرى أي إسرائيل التي باتت محاطة بثلاث جهات جنوب لبنان وغزة وجنوب سوريا، في وقت يؤكد فيه القادة العسكريون الإسرائيليون أن الحرب المنتظرة بين حزب الله وإسرائيل ستكون الجبهة الداخلية الإسرائيلية ميدانها. هناك تصعيد إيراني ممكن في مجال آخر هو الانسحاب الرسمي الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني، والعودة بالبرنامج الإيراني إلى سابق عهده قبل توقيع الاتفاق عام وربما تتمادى إيران في هذا الاتجاه وتنسحب كلية من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وتأخذ بالخيار الكوري الشمالي. رغم ذلك فإن خيار التهدئة مازال متاحاً وممكناً وهذا ما يحاوله وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بدعم من الرئيس حسن روحاني على العكس من خيارات الحرس الثوري وقادته. فقد أكد ظريف أن بلاده ستتصرف بحكمة إزاء ما يراه سياسات أمريكية خطيرة، وقال على هامش حضوره في نيويورك فعاليات يوم السلام الدولي أن إيران ستواصل بيع النفط، وأننا سنجد مشترينا وسنبقى نستخدم مضيق هرمز مضيفاً من مصلحتنا ومصلحة الجميع أن يبقى مضيق هرمز مفتوحاً كما أننا سنتخذ إجراءات وقائية إذا تم منعنا من بيع النفط . خياران يكشفان حقيقة أن المعضلة التي تواجه إيران لا تقل عن المعضلة التى تواجه الولايات المتحدة وكلاهما يواجه التحدي وكلاهما أمام الاختبار الصعب.
بقلم د. أحمد يوسف
منذ فترة وأنا أفكر في الكتابة عن تجربة الإسلاميين في الحكم، حيث إنيِّ كنت معايشاً لخطاب الحركة الإسلامية منذ السبعينيات، وكان الشعار الإسلام هو الحل يدغدغ مشاعر جيل الصحوة من الشباب الإسلامي. عرفت الكثير من هؤلاء الإسلاميين خلال سنوات دراستي وعملي بالولايات المتحدة الأمريكية، والذين نجح عدد كبير منهم أن يكونوا في مشهد الحكم وعلى مقاعد البرلمان، وخاصة من الإخوة السودانيين والأردنيين والكويتيين والماليزيين والاتراك، ولكن للأسف لم يكن حصاد التجربة بشكل عام بحجم الطموحات والتوقعات ونشوة الشعارات التي كنَّا نرددها ونبشِّر الناس بها. كان إعجابي كبيراً بالدكتور حسن الترابي رحمه الله ، فقد كان مدرسة في الفكر الإسلامي والتنظير السياسي، وكان الإخوة السودانيون من أتباعه مميزين في انفتاحهم على الآخر، ويتمتعون برؤية فكرية على درجة عالية من الثقافة والوعي السياسي، وكنَّا نُعلِّق عليهم آمالاً كبيرة للنهوض ببلادهم، وتقديم تجربة فريدة في الحكم الرشيد. ولكن واحسرتاه كانت خيبة الأمل أيضاً كبيرة وصادمة بعدما انتكست التجربة، وتحولوا بعد نجاح الانقلاب الثورة إلى جبهتين من الإخوة الأعداء ، يعمل بعضهما ضد بعض وأضاعوا بسوء التخطيط والإدارة والتآمر وحدة بلادهم، وانشطر الوطن الواحد إلى دولتين، ولم ينجح الإسلاميون في السودان برغم سنوات الحكم الطويلة أن يقدموا إلا الخيبة والفقر والبطالة، ونموذج متهالك من الصراع بين السياسيين على السلطة والثروة، والتي أدت إلى خروج المواطنين إلى الشارع بعشرات الآلاف في الكثير من المدن السودانية لاجتثاث رأس الحكم، وربما مع قادم الأيام كل أركانه في المؤسسات التنفيذية والتشريعية والأمنية. الإسلاميون ليسوا ملائكة مقربين الإسلاميون ليسوا هم مندوبي العناية الإلهية حتى يحتكروا السلطة والقرار، إنهم كغيرهم من التيارات والجماعات والأحزاب، يقدِّمون برامجهم، فإما أن تنجح أو تفشل، ولهذا فإن التعددية والتداول السلمي للسلطة هما الحل. ويبقى الشعب هم الحكم على مستوى الجدارة والأهلية لهذا الحزب أو ذاك. لذا نقول لإخواننا في الحركة الإسلامية لا تمنحوا أنفسكم ألقاباً ومكانة استثنائية، ودعوا الإنجازات تتحدث عنكم إذا حققتموها، وإذا تراجع الكسب والعطاء وانتكست أحوال الناس فلا حق لكم في البقاء، فالسنن الإلهية لا تحابي أحداً. نعم؛ نحن الإسلاميين نقود مشروعاً تحررياً، وغيرنا كذلك. وعليه؛ فإن بالإمكان التشاور والحوار مع الآخرين حول بناء شراكة سياسية وفق توافق وطني نجتمع عليه، أما استمرار المماحكة والتلاحي بأن ما بيننا والآخرين هو خلاف حول مشروعين لا يلتقيان، فهذا هراء سياسي. نحن شعب تحت الاحتلال، سبقنا في النضال والكفاح المسلح إخوة لنا؛ توافقنا معهم حيناً وتباينت المواقف أحايين.. نعم؛ قدَّموا رؤية وحلولاً لم تحقق إجماعاً وطنياً حولها ولكنها نجحت في تحريك القضية، وجعلتها تتصدر اهتمامات المجتمع الدولي، والتوصل إلى اتفاقات كان لها سلبيات دفعنا أكلافاً غالية لها، ولكنها أيضاً لم تعدم الإيجابيات، بغض النظر عن طبيعة الاتفاق أو الاختلاف حول درجة التقييم لها. وعلى ذلك، جاء الوقت الذي وصلنا فيه إلى المرحلة التي اعتقدنا أنه آن الأوان لنا أن نكون جزءاً من العملية السياسية. دخلنا الانتخابات في كانون الثاني ، ومنحنا الشارع ما اعتقد أننا نستحق من ثقته وأصواته، وها نحن الآن بعد ثلاثة عشر عاماً نراوح مكاننا فأحوالنا تتردى من سيء إلى الأسوأ، ومشروعنا السياسي يتخبط وفي تراجع مستمر، والقضية فقدت زخمها على مستوى التأييد والنصرة؛ عربياً وإسلامياً.. وعلى المستوى الدولي، فالوضع ليس في أحسن حالاته، وحتى المقاومة التي كانت إحدى مقدساتنا التي لا يعبث أحدٌ بطهارتها، أصبحت اليوم لدى البعض موضع تساؤل وتشكيك للأسف؛ خسرنا وحدتنا، وتشرذمت مقدرات وجغرافيا الوطن، وانتهكت باستخفاف وجراءة غير مسبوقة حُرمات مقدساتنا، وساد الاعتقاد لدينا أن الآخر من خصومنا السياسيين هم وراء كل كارثة أو تراجع يحصل لقضيتنا وشعبنا، أما نحن الإسلاميين فضحايا لحالة تآمر تتشارك فيها جهات إقليمية ودولية، إضافة لواجهات محلية أمنية وسياسية وحتى لو سلَّمنا بذلك؛ أليس من الحكمة أن نعمل على تفكيك كل هذه التحالفات التي تعمل ضدنا، واختراقها بانفتاح سياسي ذكي يربك حساباتها؟ هل فكرنا يوماً أن نلوم أنفسنا على جهلنا بالسياسة والتاريخ، وغياب المعرفة بفقه العلاقات، وكيفية بناء التحالفات مع الآخر؟ إننا كإسلاميين علينا الإقرار بأن بضاعتنا محدودة، ووعينا في السياسة لا يؤهلنا لمجاراة الآخرين من أساطين هذه العلوم وأساتذتها، بالرغم من مرور قرابة العقد ونصف العقد على هذه التجربة لنا في مشهد الحكم والسياسة نعم؛ بعض من تصدروا هذا المشهد تعلموا شيئاً من أدبيات الخطاب السياسي، وبعضاً من دبلوماسية التمني والتحلي وطهي الحصا ، ولكن كل هذه التكتيكات من محاولات تطويع الجماهير وتخديرها لها سقف زمني، ولا تنجح دائماً؛ لأنها فقط تؤجل الانفجار، ولكن حتميته وقوعه تبقى قائمة. منذ سنوات ونحن نطالب بضرورة إجراء مراجعات لكل ما جرى خلال الفترة السابقة من نزاعات وحروب، كنا وما زلنا لا نعرف حتى اليوم من يقف خلفها، وما الذي توصلنا إليه واستخلصناه من نتائج على مستوى الدروس والعبر؟ وكذلك فيما يتعلق بمحاولات تحقيق المصالحة وإنهاء الانقسام، إضافة لانتخاباتنا الداخلية، والتي وقعت فيها انتهاكات وتجاوزات واختراقات لمنظومتنا القيميِّة لم نعهدها في أية انتخابات سابقة وعلى مدار عقود طويلة؟ لماذا لا نتعلم من أعدائنا بأخذ الكتاب بقوة، وإعادة قراءة المشهد بما لنا وما علينا؟ أين أصبنا وأين أخطأنا؟ وعلى مستوى منظومتنا القيمية، هل حافظنا على أدبياتنا وسلوكياتنا الأخلاقية أم نراكم الأخطاء والتجاوزات ويسعى البعض بفلسفة وخبث للتغطية عليها؟ إن تجارب الإسلاميين في المشهد السياسي عليها الكثير من الملاحظات والتحفظات، حيث إنهم لم ينجحوا في تقديم النموذج والمثال الذي يمكن الإشارة إليه والاحتذاء به. لا شك أن حضور الإسلاميين في بعض الدول العربية والإسلامية داخل مشهد الدولة المدنية كحزب سياسي أو طرف مشارك في الحكومة قد قدَّم صيغاً أفضل من ناحية الشفافية والطهارة لمنظومة الحكم، كما رأينا في دول مثل تركيا وماليزيا والمغرب وإندونيسيا، ولكن صور الإسلاميين في بلدان مثل السودان وإيران ليست نماذج كافية لتوطين القناعة بجدارة الإسلاميين في تولي قيادة الدول، وتشجيع الآخرين للاقتداء بها. سودان البشير الفشل وغياب الحكم الرشيد مرَّ على الرئيس عمر البشير في حكم السودان سنة، كان في بدايتها منسوب الأمنيات والطموحات عالياً، وانتعشت مع نجاح الانقلاب العسكري أو ما تمَّت تسميته بثورة الإنقاذ الوطني عام تطلعات الإسلاميين في المنطقة بإمكانيات تقديم نموذج الحكم الرشيد، الذي طالما بشَّروا به ودعوا إليه، ولكن للأسف مرَّت السنوات تباعاً وطال الانتظار دونما رؤية تُشجع تكرار التجربة في بلدان أخرى، وتوقع البعض أن يبدأ الربيع العربي ثوراته بالسودان، بعد أن خسر البلد وحدته، وتشظَّت أراضيه، إلا أن الشعب السوداني آثر ألا يعاظم من خسارته بتهديد أمنه القومي، وأجَّل مطالبه برحيل عمر البشير. لقد كانت السودان مفجوعة بالانقسامات الداخلية والصراعات الحزبية، وأبرزها ما كان دائراً بين الإسلاميين المنتمين للجناح الحاكم الذي يمثله عمر البشير، والآخر الذي يقوده في المعارضة أتباع د. حسن الترابي رحمه الله ثلاثون عاماً مضت والإسلاميون يبيعون الوهم للشارع السوداني، رغم أن السودان بلدٌ فيه وفرة من الثروات الزراعية والحيوانية، وكان يوماً يطلق عليه سلَّة أفريقيا الغذائية ، إلا أن عقلية العسكريين لا تصلح للتنمية والتطوير، الأمر الذي أدى إلى التراجع في كل مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعلاقات الدولية. في عام ؛ أي ذكرى مرور عشر سنوات على وصول الإسلاميين للسلطة في السودان، استضاف الإعلامي أحمد منصور في برنامجه بلا حدود على قناة الجزيرة الرئيس عمر البشير للحديث عن تجربته السياسية خلال عقد من توليه حكم البلاد، حيث تحدَّث الرئيس عن رؤيته ومشاريعه والعقبات التي تعترض طريقه، وعن المؤامرات التي تحاك لتعطيل الإنجازات، وأنه لا رغبة له بالاستمرار والبقاء في الحكم، وهو يعمل لبناء مؤسسات الدولة ونقل السلطة لغيره، ونحو ذلك اليوم، وقد وقع الانقلاب عليه بعد ثورة شعبية عارمة عمَّت السودان، تذكرت ذلك اللقاء، والذي كانت لي مداخلة فيه، حيث واجهته بالقول سيادة الرئيس.. لقد أثلجت صدورنا جهود المصالحة القائمة لتطويق الأزمة الأخيرة بينكم وبين الدكتور الترابي، أنا عندي لربما تعقيب وتساؤل، لقد تعوَّدنا نحن في الحركة الإسلامية أن نعيب على الأنظمة العربية بشكل عام، استبدادها السياسي، واحتكارها للسلطة، وتحويلها إلى مُلْكٍ عَضُوضٍ، وكنا دائماً نجادل بأن المشروع الإسلامي هو النموذج الأصلح للحل والاقتداء، ولقد صفَّقنا مطولاً لتجربة الإنقاذ الإسلامية في الحكم، وحرصنا أن نتابعها وندافع عنها دائماً، ولكن ألا ترى معي سيادة الرئيس أنه آن الأوان لمراجعة تجربة الحكم عندكم، والبحث عن مخرج حقيقي للصراع القائم على السلطة؟ إننا نقدَّر جهدكم وجهادكم أنتم والدكتور الترابي لأكثر من عشر سنوات، لكنَّ مستقبل السودان بحكم التربُّص والتآمر الواقع عليه وعلى مشروعه الإسلامي، بحاجة ماسَّة إلى التغيير، ورؤية الجيل الجديد من الشباب الإسلامي بمختلف انتماءاته القبلية والحزبية، يتآلف ويستلم الراية، ويمضي على نهج رسمتموه، ولكنه ربما متخفف أكثر منكم من عداوات الجيران وتناقضات القبيلة.. لقد كنا نتابع تغطيات الصحافة العربية والغربية، وكان من السهل علينا إدراك ملامح التشفِّي والشماتة لما حدث بينكم وبين الدكتور الترابي، والمسألة كانت واضحة للمتابع للشأن السوداني أنها شماتة بالمشروع الإسلامي، وأن هذا الترحيب والمباركة لما وقع كان يعكس حقيقة حجم الكراهية والبغضاء في قلوب أعداء السودان ومشروعه الإسلامي. سؤالي سيادة الرئيس، ألا ترى أننا بحاجة الآن إلى تحديد عُمْر زمني لأي حاكم للسلطة، وبعدها لا بدَّ له أن يترجل وأن يعطي الفرصة لغيره من القيادات الشابة، التي نشأت وترعرعت تحت ظل حكمه؟ حتى لا تكرر أخطاء معظم الرئاسيات العربية، التي تظل تنتظر مَلَكَ الموت أو حدوث انقلاب عسكري إنني أُكِنُّ لكم، ولشعب السودان، وللدكتور الترابي كل التقدير والاحترام، ونتمنى لكم الخير، وأن هذا الذي نقوله هو من باب حرصنا على تجربة السودان الإسلامية، وحتى لا يظل الجميع يقول إن الإسلاميين هم دعاة سلطة ودعاة حكم كانت إجابة الرئيس البشير وتعقيبه على ما ذكرت، بالقول ولكن نحن نريد أن نبني دولة مؤسسات، وأن نتيح الفرصة حقيقة لأجيالنا المتصاعدة والمتشوقة، نحن نريد أن نؤسس هذا العمل على قواعد ثابتة.. ففي الدستور، هنالك نصٌّ واضح جداً بأن فترة الرئاسة هي خمس سنوات، ويمكن تجديدها لفترة واحدة مرة أخرى. وعندما سأله الأخ أحمد منصور يعني المدة بحسب الدستور هي فقط عشر سنوات، وليست هنالك زيادة أو تعديل على هذه الفقرة؟ أكد الرئيس البشير نعم؛ لن يجري تعديل إن شاء الله؛ لأنه نحنا نريد أن نُسلِّم الأمانة . للأسف؛ وكما شاهدنا، صارت العشر سنوات ثلاثين سنة، وما زال الرجل ولوقت قريب يبيع الأوهام، ويبشر بما هو قادم من أمن واستقرار وأمان وازدهار إن كُرسي المُلك لا يتخلى عنه أحد إلا إذا تمَّ انتزاعه بالقوة، وفي هذا الأمر لا يختلف الحال بين الإسلاميين والعلمانيين، إلا إذا كانت هناك ديمقراطيات ودساتير لا يمكن التلاعب بها كما في الدول الغربية، حيث يشعر الحاكم أنه مجرد موظف حكومي جاء ليخدم شعبه وينهض به، وفق فترة زمنية محدودة سيغادر بعدها من نفس الباب الذي دخل منه، ويعود إلى أحضان شعبه كواحد منهم ليس أكثر. ختاماً.. إن الإسلاميين ونحن في حركة حماس كأحد تياراتهم ليس لنا أفضلية على أيٍّ منهم، والسنن الإلهية تجري على الجميع، فإما أن نقدِّم النموذج في الحكم الرشيد أو تطالنا عوادي من سبقنا من تجارب الشعوب والأمم، وسنجد أنفسنا إذا ما أخفقنا تحت طائلة نداء الجماهير، الذي يمزج بين إرادة الحياة واستجابة القدر. فالمعادلة التي تحكم الجميع هي الكسب والنجاح والتمكين في تقديم نموذج الحكم الرشيد، وإلا فإن أي فصيل أو تنظيم مهما بلغت قوة حضوره سيجد نفسه مع الإخفاق والفشل لا ظهير له، وسيكون عاقبة أمره خُسراً، ولن تنعم قياداته وكوادره وتاريخه إلا بمشاهد الإذلال على قارعة الطريق
بقلم علاء الدين أبو زينة
في نيسان أبريل ، نشر دانيال بايبس، الأكاديمي الأميركي المعروف بنقده للإسلام ودفاعه المتحمس عن الكيان الصهيوني مقالاً في صحيفة واشنطن تايمز ، والذي سرد فيه ملامح من صفقة القرن . وقال أن ثمة سيلاً من التسريبات التي تنطوي على ما يكفي من التساوق الداخلي، بحيث يوفر مجموعها، مدعوماً بالمحادثات مع مسؤولي الإدارة، خطوطاً عريضة يمكن تصديقها لمحتويات الصفقة . ويرى أن الخطة تضم الكثير من العناصر التي تفضل الفلسطينيين ولو أنه يقول إن الرئيس الفلسطيني رفض خطة القرن على الفور عندما التقى بترامب في أيار مايو . وكانت ملامح صفقة القرن كما ذكرها بايبس كما يلي تتكون فلسطين من كامل المنطقتين أ و ب في الضفة الغربية وأجزاء من المنطقة ج ؛ وفي المجموع، سوف تشكل فلسطين من الضفة الغربية. سوف تكون العاصمة داخل أو بالقرب من حدود القدس البلدية الموسعة؛ ربما في منطقة تمتد من شعفاط إلى العيسوية، وأبو ديس وجبل المكبر. تشرف هيئة دولية على إدارة مشتركة من السلطة الفلسطينية وإسرائيل، والتي تحكم الحوض المقدس في القدس بما في ذلك المدينة القديمة ؛ وتسيطر هيئة مشتركة من الأردن والسلطة الفلسطينية على المقدسات الإسلامية في القدس. تعطي مصر والأردن ولبنان قدراً أكبر من الحقوق لسكانها الفلسطينيين. يتم نقل السكان اليهود المقيمين في البلدات الصغيرة من الضفة الغربية. يصل ممر بري بين الضفة الغربية وغزة. تنضم غزة إلى فلسطين عندما تستعيد السلطة الفلسطينية السيطرة عليها. تقوم واشنطن بتنظيم حزمة مساعدات ضخمة للسلطة الفلسطينية ربما مليار دولار؛ أو حوالي . دولار عن كل فلسطيني في الضفة الغربية . يتمتع الفلسطينيون بوصول مؤقت إلى بعض الموانئ والمطارات الإسرائيلية المختارة، إلى أن تموِّل الصناديق الأجنبية منشآت حصرية للسلطة الفلسطينية. وحسب بايبس، سوف يُطلب من الفلسطينيين القبول بعدة محددات استمرار السيطرة العسكرية الإسرائيلية على حدود فلسطين ومجالها الجوي والبحري، ووادي الأردن. اعتراف رسمي من الحكومة الأميركية بالبلدات اليهودية الكبيرة التي تصل مساحتها إلى نحو من مساحة الضفة الغربية، وربما قيام إسرائيل بضمها . التخلي عن حق العودة للفلسطينيين الذين يعيشون خارج إسرائيل في مقابل تعويضات. ويرى بايبس أن هذه الخطوط، إذا كانت صحيحة، تثير ثلاثة مخاوف رئيسية أولاً، الفوائد التي تعود على إسرائيل وهمية ، لأن معاهدات السلام السابقة التي أبرمتها مع دول عربية لم تؤد إلى علاقات تجارية أو دبلوماسية ودية أو زيادة في التواصل الإنساني. وبدلاً من ذلك، كثفت المشاعر المعادية للصهيونية بين المصريين والأردنيين . كما تكرر النمط نفسه من العداء المتصاعد أيضاً في أعقاب اتفاقيات دبلوماسية عربية أخرى مع إسرائيل لبنان في ، ومنظمة التحرير الفلسطينية في . وبذلك، حسب قوله، لن يضيف اعتراف دول عربية أخرى بـ إسرائيل شيئاً. ويرى بايبس أن إنهاء المطالبة الفلسطينية بحق العودة هو فائدة وهمية أخرى لإسرائيل . ويذكِّر بما وصفه بأنه عدم التغيير الذي طرأ على ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية لإسقاط الدعوة إلى تدمير إسرائيل، والذي كان استباقاً للعروض المسرحية الجوفياء التالية . ثانياً، حسب بايبس على الرغم من أن الفلسطينيين سيحصلون على فوائد حقيقية لا يمكن نقضها المال، والأرض، والشرعية ، فإنهم سيواصلون بالتأكيد نمطهم القديم الذي بعمر قرن من رفض إسرائيل من خلال حملات نزع الشرعية والعنف، كما كان الحال منذ الاتفاق الفلسطيني الإسرائيلي الأول في العام . ويقول إن إثراء ومكافأة الفلسطينيين لن تجعلهم مسالمين وإنما أكثر ميلاً للقضاء على الدولة اليهودية . ثالثاً، في حال اشتكت إسرئيل لترامب من حملات نزع الشرعية والعنف، يرجح أنه سيرد بضيق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي لم يعد الآن على الطاولة وعليهم المضي قدماً. وإذا استمرت الشكاوى، فإن غضبه المتوقع لن يلحق الضرر بإسرائيل فحسب، وإنما أيضاً بالحملة المناهضة لطهران وبالجهود المناهضة للإسلاميين بشكل عام . في النهاية، يتوقع بايبس فشل الخطة التام، مثل مبادرات كلينتون وجورج دبليو بوش وأوباما ، لأنها تطلب القليل من العرب والكثير من الإسرائيليين . في الحقيقة، من المتوقع حتمية فشل الصفقة ،وإنما بسبب العكس بالضبط إنها تطلب القليل جداً من الكيان والكثير جداً جداً من العرب والفلسطينيين. عن الغد الاردنية
بقلم نبيل عمرو
هنالك أمر مشترك بين إدارة الرياضة وإدارة الحكم؛ ففي إدارة الرياضة يضحّى بالمدرب لإرضاء الجمهور المستاء من النتائج، وفي أمر السياسة والحكم يضحّى برئيس الوزراء بعد تحميله المسؤولية عن الإخفاق، ويروّج لبديله على أنه الأكثر تأهلاً للنجاح. الاثنان؛ المُقال والمكلَّف، يقع عليهما ظلم فادح، فالمُقال ظُلم بتلبيسه كل أسباب الفشل، مع معرفة الجميع أن الأمر ليس كذلك، ويُظلَم المكلَّف بانتظار الناس نجاحات يحققها مع أنه لا حيلة له فيها. الفلسطينيون ليسوا استثناءً من هذه القاعدة التي تعتمدها معظم؛ إنْ لم أقل جميع، النظم السياسية في العالم، وبفعل ذلك شاع مصطلح كبش الفداء ، إلا إن الفلسطينيين يعيشون استثناءً صارخاً في أمر آخر، وهو طبيعة أزماتهم الأساسية التي لا حل لها؛ لا بعبقرية رئيس وزراء موهوب، ولا بقرارات إدارية ومالية. ولو دققنا في مسيرة ودروس الحكومات الفلسطينية التي بلغ تعدادها ثماني عشرة، فلن يكون صعباً علينا اكتشاف سر النجاح والفشل؛ فالمسؤول الأساسي عن ذلك هو الحاضنة السياسية لأي حكومة فلسطينية، وكذلك بداهةً مدى وحجم تبني دعم العالم لها، وحين يتراجع الزخم السياسي ويتواضع الدعم المالي إلى أدنى مستوياته، فلا أمل في النجاح مهما بلغت مواهب من يسنَد إليه منصب رئيس الوزراء. لسوء حظ الدكتور محمد أشتية أنه كُلف بالمهمة الصعبة في ظرف تبدو فيه المشكلات السياسية والاقتصادية والمالية بلا حل، هذا إذا ما نظرنا إلى الأمور من خلال ما هو قائم الآن، غير أن هذا القائم الآن ينبئ من خلال كثير من المقدمات، بأن هنالك اشتراطات سياسية أميركية ستربط الدعم المالي أو وقف الحصار بقرارات يراها الأميركيون ضرورية لمرور صفقة القرن ، وبعد التسريبات التي عرفت والإجراءات التي اتخذت، يبدو جلياً؛ بل ومؤكداً، أن الفلسطينيين لن يلبوا رغبة ترمب الملحّة في التعاون أو التواطؤ لتنفيذ صفقته. في هذا المناخ السياسي الملبد بالغيوم السوداء والاحتمالات السلبية، أقيل رامي الحمد الله، وسبقته لائحة اتهام لها أول وليس لها آخر. أصحاب القرار والتأثير في فتح نضجت في أذهانهم فكرة أن الحمد الله يحتل على مدى سنوات موقعاً هو لهم بالميراث، وفوق ذلك هنالك تهمة أخرى هي أن الرجل الأكاديمي بالغ في إظهار سعيه لخلافة عباس، ويسوّق الفتحاويون المتحمسون لإنهاء دوره أمثلة لا أستطيع الجزم بصدقيتها؛ منها مثلاً أنه أسس ميليشيا مسلحة لهذا الغرض، ومنها كذلك أنه أوعز بتأليف أغنيات للتبشير به على أنه مُخلّص. وأمور كهذه، ونظراً لهشاشة الوضع السلطوي الفلسطيني، تكفي؛ بل والأقل منها، لإبعاد الرجل كما حدث مع سلام فياض. لقد غادر الحمد الله بعد أن ترك وراءه أزمة مالية تطلبت فرض تقشف خانق على خليفته، وترك وراءه مؤشرات مرعبة على أن الانقسام يمضي حثيثاً للتحول إلى انفصال، وإذا كان الحمد الله غير مسؤول عن الأزمات الأكبر منه؛ بل والأكبر من السلطة، فإن خليفته سيكون مسؤولاً، ومعه حركة فتح ، عن إخراج الجميع من المأزق، وقد يكون هذا الظلم الأفدح الذي سينتجه الرهان على رئيس الوزراء الجديد، فما هو منتظر منه؛ بحكم استفحال الأزمات وعجز من سبقوه عن إخراجنا منها، يبدو كثيراً وثقيلاً... فهل يستطيع؟
بقلم صالح القلاب
ليس جديداً أن تسعى روسيا لإقناع إيران بمغادرة سوريا وبكل وجودها العسكري وغير العسكري، فقد كان نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قد أطلق تصريحاً منذ نحو شهرين دعا فيه الإيرانيين إلى الانسحاب من هذا البلد العربي لأنه لم يعد لبقائهم فيه أي ضرورة، والواضح أنَّه كان هناك تنسيق روسي إسرائيلي بالنسبة إلى هذه المسألة وبالنسبة إلى مسائل أخرى تتعلق بمستقبل نظام بشار الأسد وأيضاً بالنسبة إلى مصير هضبة الجولان التي كان قد صدر قرار إسرائيلي بضمها في عام ، والتي حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إقناع الإدارة الأميركية السابقة واللاحقة بالاعتراف بهذا الضم ولكن من دون أي جدوى حتى الآن. لقد صمت الإسرائيليون على التدخل الإيراني العسكري والسياسي و الميليشاوي ... وكل شيء في سوريا ولأكثر من ستة أعوام، وكان الهدف هو ترك الأمور تأخذ أبعاداً تجعل الروس يغيِّرون مواقفهم ويصبحون هم بدورهم يطالبون الإيرانيين بمغادرة الأراضي السورية لأن استمرارهم سيؤدي في النهاية إلى صدام إسرائيلي إيراني قد يؤدي إلى احتلال إسرائيل مزيداً من الأراضي السورية، وبحيث تذهب هضبة الجولان كفرق حسابات لمصلحة الاحتلال الإسرائيلي. وهنا فإن بعض التقديرات يشير إلى أنَّ الإسرائيليين قد صمتوا على كل هذا التدخل الإيراني المتلاحق والمتصاعد الذي اتخذ أشكالاً متعددة عسكرية وغير عسكرية، لا بل وهم قد شجّعوه في البدايات لتصبح هناك إمكانية لمساومتهم، ما دام القرار السوري غدا قرارهم وليس قرار بشار الأسد، على الاعتراف بضم الإسرائيليين للهضبة السورية المحتلة مقابل بقائهم، أي الإيرانيين، في هذا البلد ولكن مشروطاً بتحديد أنواع الأسلحة التي يمتلكونها وأعداد القوات التي سيحتفظون بها، وهذه المسألة يبدو أنها لا تزال مطروحة من قبل بنيامين نتنياهو وحكومته وبموافقة الروس الذين سيحافظون على قواعدهم كلها في الأراضي السورية وعلى وجه التحديد قاعدة حميميم التي هي أهم قاعدة لهم خارج الأراضي الروسية. لقد كان بإمكان إسرائيل، لو لم يكن هناك هذا السيناريو آنف الذكر، أن تتصدى ومنذ اللحظة الأولى للتدخل الإيراني، عندما كان لا يزال في بداياته، وتَحُول دون استكماله، لا بل والقضاء عليه، فالإسرائيليون أرادوا المزيد من توريط الإيرانيين وإغراقهم في المستنقع السوري لتصبح هناك إمكانية لمساومتهم تحت الضغط العسكري وبصمتٍ روسي وأميركي، لا فرق، على مقايضة الوجود الإيراني في سوريا باعتراف إيران بضم إسرائيل لهضبة الجولان، وحيث كان نتنياهو قد بذل جهوداً مضنية لحمل إدارة دونالد ترمب على الموافقة على هذا الضم ودعمه وتأييده ولكن من دون أي جدوى. والآن وعندما ينقل فلاديمير بوتين هذه المهمة الصعبة فعلاً من ميخائيل بوغدانوف إلى وزير خارجيته الفاعل سيرغي لافروف، فإن هذا يعني أن هذه المسألة أصبحت أكثر جدية، وأن تسوية الأوضاع في هذه الدولة العربية مطروحة بالفعل، وأنه أصبح هناك تفاهم روسي أميركي لوضع حدٍّ لما جرى ويجري في هذا البلد الذي كان ولا يزال موضع أطماع معظم الدول الكبرى إنْ لم يكن كلها، وهذا كان في عهد الاتحاد السوفياتي وفي كل العهود الأميركية، والمعروف أنه كان هناك وبالطبع لا يزال عنوان هو الصراع على سوريا والمشكلة هي أنَّ الإيرانيين يعرفون أنهم إنْ هم ساوموا الإسرائيليين على وجودهم في سوريا فإنهم سيضطرون إلى مساومة الأميركيين بالنسبة إلى وجودهم في العراق وأنهم إن هم خرجوا من هذا البلد فإنهم سيخرجون من بلاد الرافدين وأنهم سيخرجون لاحقاً من اليمن ومن لبنان، وأنَّ فكرة ما يسمى الهلال الفارسي ستنتهي نهائياً، وأنَّ كل هذا الصراع الذي تشهده هذه المنطقة نتيجة التدخل الإيراني السافر سيتحول إلى صراع إيراني مع الأقليات القومية، العرب والبلوش والأكراد وغيرهم، وأن الحرب الأهلية الإيرانية المتوقعة ستصبح تحصيل حاصل، وهي ستصبح تحصيل حاصل وفي كل الحالات ومهما استجدّ من المستجدات. وعليه، ولأن بشار الأسد بات يشعر بأن المياه غدت تسيل من تحت قدميه وأن الروس قد يبيعونه لحساب رسم خريطة شرق أوسطية جديدة، يكون لإسرائيل فيها الحصة المجزية، فقد ذهب هرولةً إلى طهران وإجراء محادثات مع كبار المسؤولين هناك من بينهم الولي الفقيه علي خامنئي، وحسن روحاني، وقائد حراس الثورة محمد علي جعفري، وقائد فيلق القدس قاسم سليماني، والواضح أن الإيرانيين سيتمسكون بوجودهم في سوريا وبكل أشكاله، وأنهم إذا كان لا بد من مساومات في هذا المجال فإنهم سيساومون إسرائيل مباشرةً، وأنهم قد يعترفون بضم الهضبة السورية المحتلة مقابل الاعتراف ببقاءٍ لهم يتم التفاهم عليه مع الدولة الإسرائيلية. ربما أن البعض قد يستبعد هذا ويرون أنه من المستحيلات لكن على هؤلاء أن يأخذوا في اعتبارهم أن الإيرانيين ليس لديهم أي محرمات عندما تتعلق الأمور بمصالحهم الاستراتيجية وبأمنهم، وهنا يجب تذكُّر أن دولة الولي الفقيه كانت قد حصلت على أسلحة كـ هدية من دولة العدو الصهيوني في بدايات حربها مع العراق، في مطلع ثمانينات القرن الماضي، مما يعني أنها مستعدة للاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان وإنْ بصورة ملتوية ومواربة إذا كان هذا الاعتراف يضمن لها ولو الحدود الدنيا من البقاء في سوريا وأيضاً ولو الحدود الدنيا من تمددها في العراق وفي لبنان والاعتراف بها كقوة إقليمية في هذه المنطقة. ولعل ما يجب التذكير به هو أن حافظ الأسد كان أهم بمائة مرة من ابنه بشار الأسد، فهو كان من الأوائل الذين انضموا إلى حزب البعث وكان قائداً طلابياً مرموقاً لدى دراسته في إحدى مدارس مدينة اللاذقية، وهو كان في طليعة البعثيين الذين أصبحوا طيارين في سلاح الجو السوري، وهو كان أيضاً أحد الضباط الخمسة الذين شكّلوا لدى إقامتهم الإجبارية في القاهرة اللجنة العسكرية السرية، التي ضمت بالإضافة إليه محمد عمران وصلاح جديد من الطائفة العلوية، وعبد الكريم الجندي وأحمد المير من الطائفة الإسماعيلية، التي كانت المجموعة الأساسية في انقلاب مارس آذار عام ، وانقلاب فبراير شباط عام ، وأيضاً انقلاب حافظ الأسد عام الذي كان قد انفرد به بعد التخلص من رفاقه الآخرين إنْ بالاغتيال وإنْ بالسجون ولسنوات طويلة. لكن ومع ذلك فإن حافظ الأسد لم يتردد في توقيع اتفاق عام مع الأتراك عندما هددوه باجتياح سوريا عسكرياً حتى مدينة درعا على الحدود الأردنية إنْ هو لم يوقف عمليات الحزب الكردستاني التركي الـ . . ضد تركيا، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الاتفاق تضمن نصاً يعترف بضم الدولة التركية للواء الإسكندرون في عام ، ولواء الإسكندرون هذا يعد أكثر أهمية من هضبة الجولان بعشرات المرات، حيث يصل عدد سكانه حسب بعض التقديرات الجديدة إلى نحو أربعة ملايين. إذن يجب عدم استبعاد أن يفرط بشار الأسد في هضبة الجولان ويؤيده في هذا الإيرانيون وأيضاً الروس وإنْ بحدود أقل إنْ هو شعر بأن نظامه غدا مهدداً بالانهيار، وحيث إن روسيا دأبت على التلويح في الآونة الأخيرة بإعداد دستور جديد حسب ما تم الاتفاق عليه في جنيف والتوجه إلى حل سياسي حسب القرار ، والمعروف هنا أن علاقات الدول تحكمها المصالح، والمؤكد أن موسكو مستعدة للذهاب إلى ما هو أبعد من هذا كله إن اقتضت مصالحها ذلك بالاتفاق مع الشرق الاوسط
بقلم فهد الخيطان
التأم اجتماع وارسو أمس الأول بدعوة أميركية بولندية ومشاركة ممثلين عن سبعين دولة. تهدف الإدارة الأميركية من الاجتماع إلى صوغ استراتيجية جديدة للشرق الأوسط، تحظى بدعم أكبر عدد ممكن من الدول والقوى المؤثرة في المسرح الدولي. إيران وقضية السلام في الشرق الأوسط أبرز عنوانين لهذه الاستراتيجية. أما مستوى التمثيل في الاجتماع فيعكس تباين المواقف حيال الرؤية الأميركية لقضايا الشرق الأوسط وأولوياتها. الأردن وبعد نقاش دبلوماسي مستفيض مع الدول العربية والشركاء الدوليين قرر المشاركة على مستوى وزير الخارجية، إلى جانب عدد من الدول العربية. وبالنسبة لهذه الدول يبدو حدثا غير مسبوق المشاركة في اجتماع يحضره رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يحاول تجنيد المؤتمر بتنسيق مع الحليف الأميركي في مواجهة ما يدعيه بالخطر الإيراني. جلسات الاجتماع ستكون مغلقة، ومن المقرر أن يشارك فيها نائب الرئيس الأميركي ووزير الخارجية والمستشار جاريد كوشنير المعني بملف ما بات يعرف بصفقة القرن لحل القضية الفلسطينية. الأردن لم يغب أبدا عن أي مؤتمر أو اجتماع يبحث قضايا المنطقة، والحضور لا يلزِمه بمخرجات أي اجتماع إذا لم تتوافق مع مواقفه المعروفة ومصالحه الوطنية والقومية. في هذا اللقاء يشارك الأردن تحت عنوان عريض لا لبس فيه، فلسطين هي قضية العرب الأولى ولا سلام ولا استقرار في الشرق الأوسط دون حل عادل يضمن قيام الدولة الفلسطينية على خطوط الرابع من حزيران وعاصمتها القدس الشريف. وفي تغريدة لوزير الخارجية أيمن الصفدي قبيل توجهه أمس الأول لوارسو قال بوضوح إن لا خطر أكبر على المنطقة من استمرار الاحتلال الإسرائيلي وغياب آفاق زواله . الرسالة الأردنية هذه بمثابة رد استباقي على محاولات التلاعب بأجندة المنطقة وأولوياتها وتصوير إيران خطرا رئيسيا، وتجاهل خطر الاحتلال الإسرائيلي. وهي في بعدها الثاني رد على مبادرات وصفقات تسعى لتسوية القضية الفلسطينية على حساب الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني، واستبدال السلام العادل بالتطبيع الاقتصادي. اجتماع البحر الميت التشاوري الذي عقد قبل أسبوعين بمبادرة أردنية ومشاركة خمسة وزراء خارجية عرب، كان في حقيقة الأمر جهد أردني لتنسيق المواقف العربية وبناء أجندة مشتركة قبل التوجه لاجتماع وارسو. ومن المفترض أن يترجم هذا الجهد بإسناد عربي في الغرف المغلقة لموقف الأردن حيال أولويات المنطقة. الجانب الفلسطيني لا يشارك في اجتماع وارسو، وهذا دون شك موقف حكيم، يدعمه الأردن. الأردن سيكون صوت الفلسطينيين القوي في الاجتماعات، والتنسيق بين الجانبين مستمر على مدار الساعة. ومن المتوقع أن يقدم كوشنير عرضا موجزا للمشاركين عن خطته الموعودة، والتي سيتم طرحها كما قيل بعد الانتخابات الإسرائيلية. ليس ثمة شيء يلزم العرب والفلسطينيين في الخطة إذا لم تستجب لمصالحهم. وما تسرب من تفاصيل بشأنها يكفي للحكم المسبق عليها بالفشل. الحل العادل هو فقط الذي يرضى به الشعب الفلسطيني ويلبي حقوقهم. هذا هو موقف الأردن، والمشاركة في وارسو لن تبدل أو تغير فيه مهما كانت الضغوط. ...عن الغد الأردنية
بقلم عوني صادق
يطلق بعض الإسرائيليين على بنيامين نتنياهو اسم ملك إسرائيل ، وسبق لهم أن أطلقوه على الجنرال أرئيل شارون، انطلاقاً من معطيات معينة أهمها التمسك بما يسمونه إسرائيل الكبرى التوراتية. يمكن أن يضاف في حالة نتنياهو كونه أطول رؤساء الحكومات الإسرائيلية عمراً في السلطة منذ قيام دولتهم، وعدم وجود منافس حقيقي له وهو على عتبة حكومته الخامسة. مع ذلك، ينقسم الإسرائيليون اليوم إلى قسمين قسم متفائل يرى أن سياسة نتنياهو ستحقق لهم أحلامهم، وقسم متشائم يرى أن هذه السياسة ستفضي إلى كارثة تؤدي لانهيار الدولة القائمة. وبين المتشائمين والمتفائلين يدور جدل اشتد في الأسابيع الأخيرة، وشارك فيه مؤرخون وسياسيون وجنرالات، بدأ بالمقابلة التي أجرتها مع المؤرخ الصهيوني بني موريس صحيفة هآرتس ، ثم الردود عليها. وسأتوقف عند أبرز ردَّين قرأتهما، على ما اعتبر نبوءة المؤرخ. في مقال له عنونه إسرائيل بين تعزيز الجيش ورؤيا المؤرخ والجنرال ، نشر في صحيفة معاريف ، أراد يوسي أحيمئير الرد على أبرز المتشائمين بمستقبل إسرائيل، فبدأ بأقوال موريس الذي رأى أنه غير مؤهل للتنبؤ، مشدداً على أن موريس الذي رأى أنه بعد سنة سيتغلب الفلسطينيون علينا كيفما اتفق... ، وعلق عليها قائلاً ليس كل مؤرخ يسمح لنفسه بأن يتنبأ بالمستقبل، وبالكاد ينجح في أن يحلل ويصف الماضي وانتقل الكاتب بعد ذلك إلى ما كتبه اللواء احتياط اسحق بريك، مأمور شكاوى الجنود الذي أثار بدوره زوبعة كبيرة بالتقرير الذي وضعه حول جهوزية الجيش الإسرائيلي ، فيرى أن نظرته هي الأكثر تشاؤماً ويلخص أقواله بأنه في غضون سنة إلى سنتين قد نصل إلى نقطة اللاعودة ، وأضاف هذه الدولة تعيش على التايتنك. يعيش الجيش الأزمة الأشد التي رأيتها منذ تجندت للخدمة النظامية العام . ويرد الكاتب بقوله إن نبوءة موريس ستتبدد لأنه ليس أول المتنبئين بالخراب الذين تبددت نبوءاتهم. أما أقوال بريك، فسيقول عارفون آخرون إن الجيش الإسرائيلي أصبح اليوم القوة العسكرية الأقوى في المنطقة، وأنه ذو قوة وقدرات لم يكن مثيل لها قط وفي رأيه أن الأمر يقتضي أن تعيش إسرائيل لسنوات طويلة على حرابها وهكذا تضمن مستقبلها. أما دور القيادة في السنوات التالية فهو أن تعمل على أن يتعزز الجيش أكثر فأكثر، وإلا ستتحقق رؤيا اللواء الشجاع وعظيم الحقوق، وسيتجسد الكابوس كما يرسمه المؤرخ الرد الثاني على المتشائمين الصهاينة، كتبه ميرون ربابورت في صحيفة هآرتس ، تحت عنوان بعيداً عن تخويفات موريس ونتنياهو ، قال فيه الكثير من اليهود في إسرائيل يوجدون في منطقة بين نتنياهو الذي يقول بأننا سنعيش على حرابنا إلى الأبد، وبين موريس الذي يقول بالانهيار الحتمي لدولة إسرائيل، لأنهم، من جهة، يعتقدون أنه لا يمكن التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين، والوضع الراهن هو المفضل على التسوية بالنسبة إليهم. ولأنهم، من جهة أخرى، يخشون أن الوضع الراهن سيقود إلى كارثة. الكثيرون من اليهود يكونون في يوم مع نتنياهو، وفي يوم آخر مع موريس، والحل في رأي ربابورت هو هناك حاجة أخلاقية لتقديم حل جديد، حل يقوم على الشراكة والمساواة والاحترام المتبادل كيف؟ يشرح باختصار، دولتان مستقلتان تعيشان معاً في إطار مشترك، مع مؤسسات مشتركة تحافظ على حقوق جميع المواطنين في كل مكان يختارون العيش فيه . المتجادلون الصهاينة، المتشائمون منهم والمتفائلون، يتجاهلون بشكل أو بآخر الموقف الوطني الفلسطيني، مع أنهم يعرفون أن الفلسطينيين في نهاية المطاف ومهما كانت الظروف لن يفرّطوا في وطنهم، كله أو بعضه. المتشائمون منهم يريدون ويعملون للاستيلاء على فلسطين كلها، وهم الذين في السلطة، وهم في سبيل ذلك يرتكبون كل ما يدفع الفلسطينيين إلى التمسك بالوطن كله. أما المتفائلون فيقترحون حلولاً يعرفون أن سلطتهم لا تفكر فيها ولا تسمح لأحد أن يفكر فيها، وبالتالي هم يثرثرون وحسب. بالاتفاق مع الخليج
بقلم صبحي غندور مدير مركز الحوار العربي في واشنطن
صحيحٌ أنّ الرئيس الأميركي هو الذي يقرّر في النهاية السياسة الخارجية وهو أيضاً القائد الأعلى للقوات المسلّحة الأميركية، لكن ما هو مهمٌّ إدراكه أنّ الرؤساء الأميركيين يُخضعون قراراتهم عادة لاستشارة المؤسّسات الأميركية الكبرى المعنيّة في السياستين الخارجية والأمنية. فرغبات أي رئيس أميركي ليست هي بالضرورة التي تُنفّذ خلال صناعة القرارات الإستراتيجية الأميركية. طبعاً، الرئيس دونالد ترامب هو حالة مختلفة عمّن سبقه، خاصّةً في مسألة إعلان القرارات والمواقف عبر تغريداته على تويتر ، لكن في النتيجة سيعود تنفيذ ما يرغبه ترامب إلى مؤسّسات لها صفة الاستدامة والتأثير الكبير على كل من يسكن في البيت الأبيض لفترةٍ محدودة من الزمن . السلطة القضائية، على سبيل المثال، اختلفت مع ترامب حينما أصدر في بدء ولايته قرار حظر السفر لأميركا من عدّة دول إسلامية، ثمّ حصل ذلك أيضاً في مسألة طالبي اللجوء السياسي من أميركا اللاتينية. ويحصل الآن خلافٌ كبير داخل الكونغرس السلطة التشريعية ومع الرئيس ترامب بشأن مطالبته بتمويل جدار على الحدود مع المكسيك. ووجدنا الخلاف يحدث أيضاً بين مؤسّسة وزارة الدفاع البنتاغون وبين الرئيس ترامب حول قراره بالانسحاب من سوريا وتخفيض القوّات في أفغانستان. وجرى التناقض في المواقف أيضاً بين ترامب وأجهزة المخابرات كلّها بعد لقائه مع بوتين في العام الماضي وإشادته بالرئيس الروسي، وبأنّه يُصدّق ما قاله بوتين حول قضية دور موسكو في انتخابات العام ، بينما، بعد أيام قليلة، أدان قادة الأجهزة الأمنية الأميركية روسيا بسبب تدخّلها في تلك الانتخابات. حتّى في مسألة العلاقة مع كوريا الشمالية حصل اختلافٌ كبير بين ما كان يُغرّد به ترامب وبين ما كان يصدر من مواقف عن عدّة مؤسّسات أميركية، كوزراتي الخارجية والخزانة، إضافةً إلى التقييمات الأمنية والعسكرية التي لم تتوافق مع إشادات ترامب بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون وبمدى التزامه بإنهاء البرنامج النووي العسكري. لذلك، لم يكن بالأمر الجديد أن يتراجع ترامب مؤخّراً عن قراره بالسحب الفوري لقوّاته من سوريا بعدما لمس حجم الاختلاف معه من عدّة جهاتٍ ومؤسّساتٍ فاعلة في صنع القرار الأميركي، وبعدما سمع من القادة العسكريين رؤى مختلفة عمّا قرره بشأن سوريا وأفغانستان. وحتماً، قيل للرئيس ترامب بأنّ التواجد العسكري الأميركي في سوريا هو مكسبٌ أميركيٌّ مهمّ في مواجهة النفوذين الروسي والإيراني بالمنطقة، ولا يجوز التخلّي عنه، وبأنّ الأمر لا يتعلّق بالحرب على داعش فقط كما هو صرّح. فبعدما كانت روسيا وإيران هما القوّتان الوحيدتان، قبل العام ، اللتان لهما خصوصية الوجود والعلاقة مع سوريا، أصبح للولايات المتحدة وجود عسكري وقواعد على الأراضي السورية، وحلفاء محلّيون وإقليميّون تدعمهم واشنطن، ونفوذ على الحدود السورية مع الأردن والعراق وتركيا ممّا يعطي الولايات المتحدة دوراً أمنياً وسياسياً هامّاً في تقرير مستقبل المنطقة ككل. وحتماً قيل أيضاً لترامب بأنّ سوريا ليست رمالاً وموتاً كما وصفها، بل إنّ المنطقة التي تُهيمن عليها أميركا من خلال دعمها للجماعات الكردية هي حوالي ثلث الأراضي السورية، وفيها نحو في المائة من الثروة النفطية السورية بالإضافة إلى في المائة من إنتاج الغاز، وعليها ثلاثة سدود هي مصدر مهمّ للطاقة الكهربائية ولثرواتٍ زراعية، كما توجد في مناطق شرق الفرات أحد أكبر معامل إنتاج الإسمنت في سوريا، ويقع بالقرب من مدينة كوباني وتملكه شركة لافارج الفرنسية. وتنتج هذه المنطقة المهيمَن عليها أميركياً احتياجات سوريا من القمح والشعير والعدس إضافةً إلى القطن، وخاصّةً في محافظة الحسكة بفضل المساحات الشاسعة من الأراضي الخصبة ووفرة الأمطار، وخاصّةً تلك التي تقع بالقرب من الحدود التركية. راجع تقرير نشره موقع بي بي سي العربية يوم . لكن هل كان الرئيس ترامب يجهل هذه المعلومات كلّها عن سوريا وعن دور القوات الأميركية هناك؟ ألم يشرح له ذلك وزير الدفاع المستقيل جيم ماتيس حينما اجتمع معه قبل إعلان قرار الانسحاب؟ . طبعاً حصل ذلك، وطبعاً ترامب يعرف أهمّية استمرار الوجود الأميركي في سوريا، لكن ما دفعه إلى هذا القرار في تقديري هو الحاجة الروسية إلى هذا الأمر، وبالتالي ترامب مضطرٌّ إلى فعل شيء ما يرضي موسكو بعدما عجز عن وقف العقوبات الأميركية على روسيا كما كان مستشار ترامب مايكل فلين قد تعهّد للسفير الروسي في واشنطن عقب فوز ترامب بالرئاسة ، بل إنّ العقوبات زادت بفضل ضغوطات المؤسّسات الأمنية والعسكرية الأميركية. ربّما كان ترامب يأمل بعد انتخابه أن يشتري سكوت مؤسّسة البنتاغون على أجندته ومن ضمنها تحسين العلاقة مع موسكو من خلال جعل ميزانية وزارة الدفاع أكثر من مليار دولار، وأيضاً بتعيين جنرالات سابقين في إدارته جيم ماتيس كوزير للدفاع، جون كيلي كرئيس لموظفي البيت البيض، وماكماستر كمستشار لشؤون الأمن القومي. وربّما قام ترامب بذلك بناء على نصائح الجنرال السابق مايكل فلين الذي كان يلعب دوراً هامّاً في نسج العلاقة بين موسكو وترامب وحملته الانتخابية، وهو الآن يخضع لتحقيقاتٍ قانونية بسبب ذلك، وأُجبر على الاستقالة من منصبه مع بداية عهد ترامب. وربّما أيضاً ظنّ الرئيس ترامب أنّه باختيار مدنيين موثقين منه مثال مايك بومبيو وجون بولتون ومتّفقين مع أجندته، مكان الجنرالات السابقين، سيسهُل عليه اتّخاذ قراراتٍ صعبة تردّ الجميل لموسكو بعد عامين من انتخابه ، خاصّةً في ظلّ وجود قاعدة شعبية مؤيّدة له داخل الولايات المصنّفة لصالح الحزب الجمهوري. ما لم يدركه الرئيس ترامب بعد، أنّ الفارق هو كبير جداً بين إدارته وظروف انتخابه، وبين إدارة جورج بوش الابن التي وظّفت ما حدث من أعمال إرهابية في أميركا في سبتمبر لصالح أجندة كان المحافظون الجدد يعدّون لها منذ منتصف حقبة التسعينات، وبتغلّل مسبَق داخل المؤسّسات الأميركية الفاعلة بصنع القرار، ومن خلال زرع الخوف والرغبة بالانتقام لدى الرأي العام الأميركي، وهذه كلّها عناصر غائبة الآن في عهد ترامب الخاضع لمساءلاتٍ حتّى من داخل حزبه، والمتصارع مع صُنّاع القرار الفعليين في الولايات المتحدة. فحينما يُغرّد ترامب ويُصرّح، انتظروا قليلاً قبل بناء المواقف لفهم حقيقة السياسة الأميركية . .
بقلم ربيع عيد
توجّه حزب التجمع الوطني الديمقراطي إلى المحكمة العليا الإسرائيليّة قبل أسبوعين، بطلب التماس ضد قرار رئاسة الكنيست شطب مشروع قانون دولة كل مواطنيها ، ومنع طرحه وشرحه والتصويت عليه في الكنيست. مرّ منع تقديم مشروع القانون والتوجّه للمحكمة لمنع المنع، كحدث اعتيادي عابر دون أي ضجّة، في الوقت الذي يُتوقع من التجمع أن يستغل هذا الحدث لفضح نظام الأبرتهايد الإسرائيلي و الديمقراطيّة الإسرائيليّة على مستوى عالمي والتجنيد من أجل برنامجه السياسي من خلال حملة شعبية وإعلامية، تُعيد إلى الواجهة المشروع السياسي الأهم والأنضج للفلسطينيين في أراضي الـ . دخل التجمع الساحة السياسيّة ببرنامج سياسي تميّز فيه عن باقي الأحزاب العربية، من خلال طرحه شعار دولة كل مواطنيها وتعريفه أن تحقيق المساواة للجميع يكون فقط من خلال دولة المواطنين، بالإضافة للحكم الذاتي الثقافي. استطاع هذا الخطاب أن يهيمن بين الفلسطينيين في الداخل وانعكس في وثائق التصور المستقبلية لمؤسسات المجتمع المدني عام ، كما استخدمته الأحزاب العربية الأخرى والعديد من النخب والمثقفين وأصبح خطاب التجمع الخطاب السائد بين المجتمع العربي الفلسطيني في أراضي الـ . لم يقدّم التجمع في السابق اقتراحَ قانونٍ مماثلا، وهذه هي أول مرة، وهي أيضًا خطوة جاءت ردًا على قانون القوميّة العنصري. الجميع يدرك في حال سمح الكنيست بتقديم مشروع القانون أنه لن يمر من خلال عملية التصويت المحكومة بأغلبية صهيونية داخل الكنيست، كما يدرك التجمع أن أحد أسباب دخوله للكنيست جاء لفضح التناقض بين مقولة دولة يهودية وديمقراطية وليس لأنه مؤمن بديمقراطية إسرائيل، وبهدف إعلاء صوت المواطنين العرب وقضاياهم السياسية النابعة من سياسة التمييز العنصري، وذلك كله ضمن ظروف المواطنة الإسرائيليّة والهويّة الفلسطينيّة. نجح التجمع لسنوات طويلة في استغلال منبر الكنيست بهدف نشر أفكاره وطرح برنامجه، واضطر للتوجه للمحاكم عدّة مرات بسبب محاولات شطبه أو ملاحقاته بسبب طرحه وأدائه، وكانت تلك كلها مناسبات لإثارة الجدل أمام الرأي العام وفي وسائل الإعلام حول تناقض تعريف إسرائيل لنفسها كدولة يهودية وديمقراطية، وفضح زيف الديمقراطية الإسرائيليّة، وكانت له في ذلك محطّات بارزة أثرت على الوعي العام وساهمت في بناء خطاب سياسي جديد. لكن ما شهدناه الشهر الماضي يدعو للتساؤل حول مدى إخفاق التجمع في تعامله مع هذه القضية. كان بإمكان التجمع إطلاق حملة شعبية واسعة لتعبئة الرأي العام، مصحوبة بحملة إعلاميّة كبيرة تستهدف شرائح مختلفة. كما كان بإمكانه التوجه لمؤسسات المجتمع المدني وإشراكها، والتوجه للسفراء الأجانب في تل أبيب، والتواصل مع وسائل إعلام عالمية، وشخصيّات مؤثرة، وتحويل قضية دولة كل مواطنيها إلى قضية عامة تخص وتُشغل الجميع، وليس التجمع وحده الذي لم ينجح في إحضار كوادره لقاعة المحكمة، التي ردت لاحقًا بالسماح لرئاسة الكنيست بمنع تقديم القانون بحجة الانتخابات المقبلة لينتهي الموضوع هنا. وفي هذه المناسبة، لربما من الأفضل للتجمع أن يتوقف عند إخفاقه في هذه المعركة التي مرّت كأن شيئًا لم يكن ويقوم بمراجعة تنظيمية سياسية ذاتية، ويحاول أن يفهم إخفاقه في عدة أماكن أخرى أوّلها بناء مؤسساته الداخلية نحن في عام ٢٠١٩ والتجمع بدون موقع إلكتروني وصحيفته الرسمية متوقفة عن الصدور منذ أكثر من سنتين ، فمن يطالب بانتخاب لجنة المتابعة وإعادة تنظيمها بشكل مهني وعصري، عليه أن يبني، أولًا، مؤسساته الداخلية كذلك، ومن يحمل شعار الحكم الذاتي الثقافي عليه أن يسأل نفسه عن دور المثقفين والثقافة داخل الحزب وتقلص دور الحزب في جذب المثقفين المنتجين. أسئلة وقضايا كثيرة مطروحة أمام التجمع يجب عليه أن ينشغل فيها قبل أن ينشغل بحمى البرايمرز الداخلية لانتخاب قائمته في انتخابات الكنيست القادمة. وإن لم يقم بذلك في هذه المرحلة ويأخذ الشباب دورًا نقديًا وعمليًا في هذه المراجعة بعيدًا عن تجاذبات الاصطفافات الداخلية، سيتحول التجمع إلى هيكل تنظيمي ركيك وضعيف غير مؤثر في ظل واقع سياسي واجتماعي لا يبشر بالخير أو يدعو للتفاؤل. ...عن عرب ٤٨
بقلم الدكتور محمد السعيد إدريس
أسئلة مهمة باتت تفرض نفسها على أوساط إسرائيلية كثيرة، يتركز معظمها حول مستقبل ما يمكن تسميته ب العملية السياسية في إسرائيل، وتعني مجمل تفاعلات الحكم من صراعات وتحالفات، على إدارة إسرائيل لملفات سياستها الخارجية، وفي مقدمتها الملف الفلسطيني، وملف العلاقات الإقليمية، سواء منها ما يعتبرونه فتحاً غير مسبوق في علاقات إسرائيل العربية أو ما يتعلق بالصراع مع إيران. الدافع لمثل هذه الأسئلة أمران مرتبطان ببعضهما، أولهما يتعلّق بالأزمات الداخلية التي تكاد تنهي وجود الحكومة الحالية، بل وتهدد المستقبل السياسي لرئيسها بنيامين نتنياهو، وثانيهما يخص المستقبل السياسي للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ظل ما يواجهه هو الآخر من أزمات وصراعات وتحديات داخلية، بعضها يخص الاتهامات التي يمكن أن توجّه له من المحقق القضائي روبرت موللر ، بخصوص الحملة الرئاسية التي فاز فيها والتدخل الروسي فيها، وهي اتهامات يصفها بعض النقاد بأنها ستكون مدمرة للرئيس ، وبعضها الآخر يخص النجاحات التي حققها الديمقراطيون في انتخابات الكونجرس الأخيرة، التي أعطت للحزب الديمقراطي مقعداً مقابل مقعداً للجمهوريين، في حين احتفظ الحزب الجمهوري بالأغلبية في مجلس الشيوخ مقعداً من أصل مقعد ، وهي النتائج التي وصفتها سوزان رايس مستشارة الأمن القومي للرئيس باراك أوباما بأنها دليل على أن أمريكا لم تفقد عقلها . تطورات تحمل إيحاءات مهمة بأن الرئيس ترامب ربما لا يستطيع الفوز بفترة رئاسية ثانية، ما يعني أن بنيامين نتنياهو معرّض لأفدح الخسائر، نظراً لافتقاده المحتمل لحليفه الأساسي الذي بنى عليه معظم رهاناته ومخططاته السياسية. معظم الأسئلة المثارة تتحدث عن تهديدات حقيقية تواجه المستقبل السياسي لنتنياهو إذا أخذنا في الاعتبار تصوّر المعارضة السياسية في إسرائيل وتقديراتها لمعركتها الانتخابية المقبلة ضد نتنياهو وحزب الليكود اليميني الحاكم. فقد وعدت تسيبي ليفني زعيمة المعارضة، وزيرة الخارجية السابقة بأن تحدث ثورة في مجمل العملية السياسية الإسرائيلية. مثل هذه الأسئلة والتوقعات لم تأت من فراغ، إذ لم يكد نتنياهو أن يتجاوز، ولو مؤقتاً، الأزمة التي وصفها بأنها طارئة وتتعلق باستقالة وزير الحرب أفيجدور ليبرمان وانسحاب حزبه إسرائيل بيتنا من الائتلاف الحاكم بزعم رفضه لقبول الحكومة هدنة جديدة في غزة، حتى ظهرت أزمات وتحديات أخرى أكثر خطورة، هي التي فرضت، في مجملها، مثل تلك التوقعات. أول هذه التحديات يتعلق بالمأزق الذي يواجه نتنياهو إزاء الوعود التي قدّمها لشركائه في التحالف الحاكم للبقاء في الحكم بعد انسحاب حزب إسرائيل بيتنا . كان كل من نفتالي بينيت وزير التربية وموشيه كحلون وزير المالية، وهما رئيسان لحزبين مهمين مشاركين في الائتلاف الحاكم، قد هدّدا بالانسحاب أيضاً عقب انسحاب ليبرمان، لكنهما تراجعا بعدما قدّم لهما نتنياهو وعوداً تتعلق بعزمه العمل على استعادة ما يسمى ب القدرة على الردع . هذا الوعد يحمل معنيين مهمين لهما علاقة بموضوعنا، أولهما اعتراف واضح وصريح من نتنياهو بأن إسرائيل لم تعد تمتلك الآن القدرة على الردع عقب المعارك الأخيرة في غزة، وثانيهما أن نتنياهو عازم على استعادة هذه القدرة على الردع، ما يعني عزمه على شن هجوم ضد غزة يضع نهاية لما تفرضه من تهديدات وتحديات للأمن الإسرائيلي. وإذا أخذنا في الاعتبار أن نتنياهو يدرك مدى فداحة الخسائر العسكرية والبشرية والسياسية لمثل هذا الخيار وفقاً للنتائج الأخيرة لمعركة غزة التي وقعت شرق خان يونس، لتصوّرنا عمق المأزق الذي يواجهه بهذا الخصوص. فهو يحكم الآن بأغلبية صوت واحد، وإذا لم يف نتنياهو بوعوده لشركائه باستعادة القدرة على الردع، يمكن أن ينسحب هؤلاء الشركاء وتسقط الحكومة، وإذا تهوّر وشن عدواناً على قطاع غزة يمكن أيضاً أن تسقط الحكومة إذا فشل هذا العدوان، خصوصاً أن الرأي العام الإسرائيلي بات فاقداً الثقة في الطبقة السياسية الحاكمة. الأزمة الثانية، أو التحدي الثاني، جاء من حيث كان يخشى نتنياهو أن يحدث في ظل هذه الظروف. فبعد شهرين من دراسة توصيات الشرطة، قرّرت المحامية ليئات بن آرى وهي المدعية التي ترافق التحقيقات الجنائية في ملفات شبهات الفساد ضده، تأييد توصيات دائرة مكافحة الفساد في الشرطة الإسرائيلية، وسلّمت بن آري توصياتها للمدعى العام شاي نيتسان، وتتضمن لائحة اتهام ضد رئيس الحكومة في مخالفة الرشوة في القضيتين و وهي مخالفة خطرة، تعني وصمة عار تمنعه من تولي مسؤوليات حكومية رفيعة في حال ثبوتها قضائياً. التحدي الثالث يأتي من داخل أروقة الحكم، سواء المعارضة أو حتى الائتلاف الحاكم. فالمعارضة اليسارية والوسطية تتجهان الآن للتحالف لإسقاط حكم الليكود حسب وعود كل من نفتالي بينيت وآفي غاباي زعيم حزب العمل المعارض، وتزداد أهمية هذا التحالف إذا أخذنا في الاعتبار عودة إيهود باراك رئيس الحكومة الأسبق إلى الأضواء والذي بدأ يلتقي بالمزيد من المعارضين في محاولة لتشكيل تحالف قوي، يهدف إلى فرض خيار انتخابات مبكرة وإسقاط حكم الليكود. تهديدات وأزمات تتفاعل مع بعضها بعضاً، وتفرض على الجميع داخل الكيان سؤالاً ماذا بعد سقوط نتنياهو؟ ...عن الأهرام المصرية
بقلم الدكتورة أماني القِرِم
العالم رقعة شطرنج كبرى أحجارها هي الدول. اللاعبون هم القوى العظمى، يحرّكون الأحجار حسب المصالح والعلاقات والمتغيرات. تشعر أحياناً أن الرتابة والملل يسيطران على حركة اللعبة، بينما في أحيان أخرى تجد أن القطع تتحرك بسرعة وإثارة يصعب ملاحقتها ولكنها تنبئ بشيء ما يحدث في الأفق. ورغم أننا كعرب لسنا من هؤلاء الكبار، ومن المستبعد أن نكون في ظل هذه الأحوال، وسنبقى لفترة قادمة طويلة من المتفرجين بل والأغلب من البائسين، فهذا ليس معناه تجاهل معرفة ما يحدث، وإنما يجدر بنا على الأقل أن نعلم إلى أي زمان نحن ذاهبون ؟ لنبدأ بالبيئة العالمية التي نعيشها فهي مفتاح النظر الى الصورة بوضوح . نحن في خضم الثورة الصناعية الرابعة التي تعد التكنولوجيا محورها الأساسي. وإذا كنت تعتقد أنك تدرك هذا الأمر باستعمالك الكمبيوتر وشبكات التواصل الاجتماعي والموبايل الذكي، فأنت مازلت تعيش في زمان الثورة الصناعية الثالثة، لأن الرابعة تعني أن التكنولوجيا الإبداعية ستخترق كل ما تلمسه يداك وتحتاجه لتعيش حياتك، بدءاً من الاستيقاظ للذهاب الى العمل هذا إن وجدت عملاً ومروراً بالمركبات ذاتية القيادة في المدن الذكية والارتباط بالشبكة العالمية وتكنولوجيا الفضاء الخارجي وانتهاءً بجسمك وأمراضك وطبيبك. وبمناسبة العمل يتوجب عليك البدء في التفكير بطريقة خلاّقة في الوظيفة المستقبلية لابنك او ابنتك لان المعيار الوحيد الذي ستعتمد عليه هو الشئ الذي لا تستطيع الآلة فعله هذه التغيرات تخلق بيئة تنافسية عالية المستوى تنعكس على توجهات واضعي السياسات العالمية. فقبل عدة أيام اختتمت قمة مجموعة العشرين وهي مجموعة الدول التي تستحوذ على أربعة اخماس الاقتصاد العالمي أي الكبار الذين يتحكمون في العالم. والمفروض أن هذه المجموعة تم إنشاؤها فيما مضى لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وإنشاء فرص حوار بين الدول، ولكن في ظل الظروف الجديدة جاءت القمة الأخيرة لتوضح أن الانقسامات والمنافسات تدور على قدم وساق. فالحرب الاقتصادية التي تستعر بين قطبي العالم القويين الصين والولايات المتحدة ألقت بظلالها على القمة، فخرجت نتائجها معززة للخلافات في أبرز محورين في عالم اليوم التجارة والمناخ، وما يرتبط بهما من صناعات وتنمية وحروب وتسويات .. .. أمريكا تقف في جهة والتسعة عشر دولة الأخرى في الجهة المقابلة أما الوسط الأوروبي فهو مقبل على انعطافات خطيرة، فحال العجوزين بريطانيا وفرنسا ليس بالأفضل.. تنشغل بريطانيا بخروجها من الاتحاد الأوروبي، فيما يحذر رئيس مخابراتها العسكرية اليكس يونغر من التقليل من شأن الدولة العتيدة ويتوعد الدول بجيل التجسس الرابع، ليثبت أنهم مازالوا أقوياء، بينما تكافح فرنسا من اجل المحافظة على ما تبقى من تراثها السياسي والثقافي عبر إسكات أصوات أصحاب السترات الصفراء المتزايدة. في العام أصدر المفكر والمحلل الاستراتيجي بريجنسكي كتابه القيم رقعة الشطرنج الكبرى تحدث فيه بعنجهية عن الولايات المتحدة ودورها المرتقب في العالم ، حيث وصفها بأنها القوة العظمى الحقيقية الأولى والوحيدة والأخيرة التي لا تماثلها أية قوة اخرى، وعن أوروبا الحليف الوطيد لأمريكا والتي شبهها برأس الجسر الديمقراطي. وبعد ما يقارب العشرين عاماً على كتاب بريجنسكي ترفع أمريكا شعار إدفع كي نحميك ، بينما الصين تبني بثبات وثقة طريق الحرير بينها وبين الآخرين في مفارقة عجيبة تؤكد أن العالم تتجه عيونه الى الشرق.. .
بقلم عيسى قراقع
تفاخر رئيس الوزراء الاسرائيلي ووزير دفاع الاحتلال سابقا ايهودا باراك بقتله فلسطيني في دقائق ونصف في هجوم نفذه سلاح الجو الاسرائيلي على قطاع غزة خلال حرب ما سميت الرصاص المصبوب عام . اعتراف باراك الذي تناقلته وسائل الاعلام يوم يزداد امعانا ووقاحة بتهديده ارتكاب المزيد من قتل المئات من الفلسطينيين في حال توليه مقاليد الامور في اسرائيل او تولي منصب وزير الدفاع ويتزامن تماما مع مصادقة رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو على الشروع بتنفيذ قانون اعدام اسرى فلسطينيين. جنرالات الحرب في اسرائيل يتسابقون على من يقتل اكثر في صفوف الفلسطينيين، التنافس على ارتكاب المجازر اصبح هو المقياس للبطولة والجدارة بالقيادة في دولة اسرائيل التي تحولت الى دولة عسكرتارية اسبارطية لا يوجد فيها حيز لمجتمع مدني او ديمقراطي فكل مؤسسات الدولة يقودها العسكريون، دولة استبدادية لا ترى الاخرين الا من فوهة البندقية. تصريحات باراك استفزت الحقوقيين ومؤسسات حقوق الانسان باعتباره استهتارا بأرواح الفلسطينيين وبالقانون الدولي الانساني واعتبروا تصريحاته شهادة ووثيقة يجب تقديمها الى المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة ومقاضاة اسرائيل وقادتها على جرائمهم المتعمدة بحق الفلسطينيين. دولة اسرائيل تؤدي التحية لباراك ولكافة القتلة الاسرائيليين، تحتفي وتفتخر بهم وتعتبرهم ابطالا قوميين يستحقون النياشين والاوسمة لا يحاسب المجرمون على جرائمهم بل يجدون كل الحماية والدعم والتشجيع من قبل المؤسسة الرسمية في اسرائيل ومن قبل ثقافة التحريض والكراهية السائدة ضد الفلسطينيين. الصحفي الاسرائيلي جدعون ليفي وصف الجيش الاسرائيلي بانه جيش الذبح، هذا الجيش الذي يطلق النار من الدبابات والطائرات ومن قبل القناصين على السكان المدنيين ويقوم بإعدام الشباب والاطفال على الحواجز العسكرية ويلاحق مطلقي الطائرات الورقية على حدود غزة بالقنابل واصدار حكم الموت عليهم هو جيش قاتل لدولة تمارس عمليات القتل بشكل منهجي، والذي تحول الى ظاهرة يومية وسلوكا روتينيا لجنودها. قتيل فلسطيني في دقائق ونصف ماذا يعني؟ جثث اطفال ونساء وشبان ومزارعين بيوت تهدم فوق اصحابها، جثث تحترق تحت وابل قصف الصواريخ والقنابل، بشرٌ لم يعودوا بشراً بالنسبة لدولة الاحتلال، دولة تقدس الموت وتستمتع بالحرب وتجري الاحتفالات كلما ارتفع منسوب الدم الفلسطيني، دولة ترقص فوق الحرائق والركام وجثث القتلى، دولة مجنونة مريضة اخلاقياً وثقافياً تشكل خطرا على العالم وعلى نفسها. الموت للعرب هو شعار دولة اسرائيل والمتطرفين الحاقدين من المستوطنين ومن الوزراء واعضاء من الكنيست يدعون علناً لقتل الفلسطينيين وملاحقتهم حتى داخل السجون وداخل المقابر بعد الموت، باخفاء الشهداء وشطب اسمائهم واجسادهم وارواحهم وكل ذلك تحت غطاء القوانين العنصرية التعسفية خائفون من اشباح من قتلوهم ان ينهضوا ويستعيدوا لحمهم وعظمهم وارواحهم ويعود الشبح من الضحية الى البطل . تصريحات باراك هي تعبير عن سيادة نزعة التعطش للدماء التي تسود الوسط الاسرائيلي وهو ليس جديدا، فدولة اسرائيل اقيمت فوق مجازر ومذابح الفلسطينيين، ارتكبت سياسة الابادة والتطهير العرقي عام ، وتحولت الضفة الغربية وقطاع غزة الى ساحات اعدام مطوقة ب حاجزا عسكريا وباكثر من الف مستوطن، وبجدران وابراج واسلاك شائكة، فان لم يقتلوك على الارض قتلوك من السماء، وان لم يقتلوك مباشرة يقتلوك في السجن في سنوات المؤبد والامراض الفتاكة والتعذيب المتعمد . قتيل فلسطيني في دقائق ونصف، مئات التوابيت المرفوعة على اكتاف الالاف تصرخ الى متى ؟ الفلسطينيون يسيرون في طريق داخل قبر مفتوح لا يعرفون متى يصل الغد يجرد الاسرائيليون الفلسطيني من الصفة الانسانية ليبرروا قتله جنودهم صيادون مهرة يصطادون الاطفال في الملعب او على الشاطيء او في المدرسة او في غرفة النوم. قتيل فلسطيني في دقائق ونصف، لم يكمل القتلى عملا من اعمالهم، الموت بالمرصاد، من كان في الصلاة ظل يصلي، من كان نائما ظل نائما، من كان يحلم ظل يحلم، من كان يرضع من ثدي امه ظل يرضع، من كان في بيته، ظل في بيته تحت الركام معجونا بالاسمنت والبارود والحديد. قتيل فلسطيني في دقائق ونصف، مرحى لدولة اسرائيل وجنرالاتها، تصفيق حاد لدولة عضو في الامم المتحدة، لهذا سقط في شهر تشرين اول الماضي شهيدا بينهم اطفال، ولهذا عانق الموت يوم الاطفال عبد الحميد ابو ظاهر ومحمد السطري وخالد سعيد وهم يلعبون بالقرب من منازلهم في قطاع غزة بعد ان تعرضوا لقصف مباشر من طائرة اسرائيلية، تمزقت اجسادهم وتناثر لحمهم واحلامهم فوق بركة الدم. قتيل فلسطيني في دقائق ونصف، هو الموت السريع، الموت بلا صوت، عائشة الرابي تسقط بإصابتها بحجر في رأسها من المستوطنين، تموت فورا على مقعد سيارتها يوم الموت كان اسرع بحق الشهيد محمد الريماوي يوم ، كان نائما فأغلق الموت عينيه الى الابد في ساعات الفجر .
بقلم مصطفى السعيد
دعوتان متزامنتان لإنشاء جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة، الأولى جاءت على لسان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الثلاثاء الماضي، والثانية على لسان رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر في اليوم نفسه، وسبقتهما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أشد المتحمسين إلى رؤية جيش أوروبي مستقل وموحد، وإذا كانت هذه الخطوة قد راودت قادة دول الاتحاد الأوروبي إلا أنها كانت تصطدم دائما بالغضب الأمريكي، الذي يراها تمردا على القيادة الأمريكية لحلف الناتو، فما الذي حدث لتخرج هذه الفكرة إلى العلن بهذا الزخم والقوة؟ السبب الأول والمباشر هو قرار الرئيس الأمريكي ترامب الانسحاب من اتفاقية الحد من الأسلحة النووية مع روسيا، والتي ترى فيها أوروبا أن الولايات المتحدة قد تخلت عن التزاماتها تجاه أوروبا، وانفردت بقرار له تأثير مباشر على دول القارة التي تتشارك مع روسيا في الحدود، بينما الأراضي الأمريكية بعيدة عن الخطر، وتشعر الدول الأوروبية بأن الأزمات المتصاعدة بين روسيا والولايات المتحدة تضعها في مقدمة صدام قد لا تراه ضروريا أو مناسبا، ويعرض أمنها للخطر، مثلما حدث في أزمة أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، وازداد القلق مع سياسات ترامب الجامحة والمتقلبة، ولا تريد أوروبا أن يكون أمنها رهينة بأيدي الرئيس الأمريكي. أما السبب الثاني فهو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقد كانت بريطانيا ترفض بشدة أي خطوة باتجاه تأسيس جيش أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة. السبب الثالث هو الضيق الأوروبي من ممارسة هيمنة أمريكية مكشوفة على قراراتها، ومنها الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، وهو قرار تفردت به الولايات المتحدة، وأرادت أن تجر إليه باقي شركائها الأوروبيين عنوة، بل فرضت على الشركات الأوروبية أن تلتزم بالقرار الأمريكي وليس بقرار دولها، وظهرت أوروبا وكأنها فاقدة السيطرة حتى على شركاتها وقرارها، ولهذا كان الإصرار الأوروبي، والألماني على وجه الخصوص بألا تمتثل شركاتها لقرارات العقوبات الأمريكية ضد طهران، فالمسألة أصبحت تخص الكبرياء الألماني والكرامة الوطنية، وهذا الشعور بالضعف والمهانة أمام الولايات المتحدة أحد أسباب صعود قوى اليمين المتطرف في أوروبا، والداعي إلى العودة للدولة القومية، وليس فقط التخلص من الهيمنة الأمريكية، ويحقق اليمين المتطرف تقدما كبيرا في انتخابات معظم الدول الأوروبية، وكان على حافة الفوز في فرنسا، لولا توحد معظم الأحزاب الفرنسية في مواجهة ماري لوبان، لكن لا يمكن تجاهل تلك الأصوات الرافضة للهيمنة الأمريكية، خصوصا بعد توقيع عقوبات اقتصادية على أوروبا، ومطالبة الرئيس الأمريكي ترامب دول أوروبا بأن تدفع مقابل حمايتها. وإذا كان قادة أوروبا يبررون السعي إلى إقامة جيش موحد ومستقل بأن الخطر الروسي أقرب إلى بلدانهم، فإن أوروبا لا تبدو راغبة في استثارة روسيا، أو خوض سباق تسلح معها، أو التحرش العسكري بها، بل العكس فإن أوروبا تخشى أن تكون ضحية لأي صراع محتمل بين روسيا والولايات المتحدة على أراضيها، وتراقب بقلق النزاع بين القوتين على الساحة الأوكرانية، وتخشى أن يمتد ويتسع إلى باقي دول شرق أوروبا، خصوصا مع عودة سباق التسلح بين روسيا والولايات المتحدة، مع اعتزام حلف الناتو مواصلة التقدم شرقا باتجاه الحدود الروسية، ونشر المزيد من القوات في شرق أوروبا، وهو ما يزيد من حدة التوتر في هذه البقعة الحساسة، خصوصا أن روسيا قد ردت على انسحاب الولايات المتحدة من معاهدة الحد من إنتشار الأسلحة النووية باختبار أنظمة صاروخية أكثر تطورا، ولا يمكن اعتراضها. أوروبا لن تقبل بأن يستمر الوضع الذي أعقب الحرب العالمية الثانية طويلا، وتولت فيه الولايات المتحدة مسئولية حمايتها، وقد بدأ الحديث عن تعزيز اتفاقية التعاون الهيكلي الدائم بين دول الاتحاد الأوروبي الخمس والعشرين لدمج جيوشها في قوة أوروبية موحدة، والتي تتضمن زيادة الإنفاق الفعال على المشروعات العسكرية المستقبلية، وتعزيز التعاون بين الجيوش في مختلف أنظمة التسليح، والعمل على توحيدها. إن مجرد طرح أوروبا لاتخاذ خطوات لإنشاء الجيش الموحد يشكل علامة واضحة على اتساع الفجوة بين الولايات المتحدة وأوروبا، وأن هناك إرادة أوروبية على إنهاء حالة التبعية للولايات المتحدة أو على الأقل الحد منها، وإذا كان الرئيس الفرنسي ماكرون يبرر الدعوة إلى بناء الجيش الأوروبي الموحد بأن أوروبا قد تتعرض لتهديدات من الصين أو روسيا، إلا أن مجرد خروج أوروبا من التحالف العسكري مع الولايات المتحدة سيكون تمردا خطيرا عليها، ويفقد الولايات المتحدة جزءا مهما من عوامل قوتها، وهو ما لا يمكن للولايات المتحدة أن تغفره بسهولة. ...عن الأهرام المصرية
حديث القدس
علمنا التاريخ وتجارب الشعوب التي نالت حريتها واستغلالها أن وحدة الصف في مواجهة أي خطر خارجي هي الأساس لردع الخطر أو العدوان، وسيقدم شعب هذا البلد المزيد من الضحايا من أجل التغلب على الاعتداءات والمخاطر مهما بلغت قوة المعتدي أو المعتدين. وحالتنا الفلسطينية لا تختلف عن حالات الشعوب التي ناضلت ضد الاستعمار والغزاة ونالت حريتها واستقلالها، وعندما توحد الصف الوطني الفلسطيني في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وخاض النضال من خلال وحدة الصف بقيادة منظمة التحرير، حققت ثورتنا المعاصرة الكثير والعديد من الإنجازات على طريق إحقاق كامل حقوق شعبنا الوطنية في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. فيكفي أن دولة الاحتلال كانت تزعم بأنه لا يوجد شعب اسمه الشعب الفلسطيني، وفي نهاية المطاف اعترفت بشعبنا بفعل النضال الوطني الموحد. أما اليوم وفي الوقت الذي نحن بأمس الحاجة إلى توحيد الصف لمواجهة التحديات والمخاطر التي تحيط بقضية شعبنا من كل حدب وصوب نرى وللأسف أن الانقسام الأسود ينخر الجسم الفلسطيني ويساهم في محاولات تمرير المخططات الأميركية والإسرائيلية الرامية إلى النيل من هذه المنجزات التي تحققت بدماء الشهداء والجرحى والأسرى، وصولا إلى تصفية القضية وتأبيد الاحتلال الجاثم فوق أرضنا وصدورنا فبدلا من التجارب مع المبادرة المصرية وتقديم التنازلات من أجل المصالحة وإنهاء صفحة الانقسام الأسود الذي ألحق أشد الضرر بقضية شعبنا الوطنية، وبشعبنا وأرضه ومقدساته، نرى المناكفات ووضع الاشتراطات التي تحول دون نجاح الجهود المصرية والتي تعتبر مبادرتها ربما الأخيرة، خاصة بعد فشل جميع الجهود السابقة المصرية والعربية الأخرى. إن سياسة الردح والتهجم والإساءة لا يمكنها إلا أن تساهم في تحول هذا الانقسام إلى انفصال، الأمر الذي سهل على أمريكا ودولة الاحتلال تمرير ما تبقى من صفقة القرن، خاصة وأن هناك جهودا تبذل من أجل تمرير ذلك من خلال قطاع غزة تحت مسميات مختلفة منها تحسين حياة أهالي القطاع الذين يعانون أشد المعاناة جراء الحصار الإسرائيلي المفروض هناك منذ حوالي ١٢ عاما. إن المصلحة الوطنية تقتضي من طرفي الانقسام عدم تحويله إلى انفصال لأن هذا ما تريده أميركا ودولة الاحتلال، لأن هدفهما هو إقامة دولة فلسطينية في قطاع غزة، وإبقاء الضفة تحت سلطة الاحتلال لمواصلة قضم أراضيها وبناء المزيد من المستوطنات فوقها، وصولا إلى محاولات تهجير شعبنا في الضفة، خاصة وان العديد من وزراء حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف والعنصري يطالبون بضم بقية أجزاء الضفة لإسرائيل، بعد ما تم ضم القدس وإجراءات ضم المستوطنات والكتل الاستيطانية ومنطقة الأغوار. والمطلوب حاليا وبصورة عاجلة وملحّة هو تغليب المصلحة الوطنية العليا على المصالح الحزبية والفئوية والشخصية، لمواجهة مؤامرات التصفية وإلا فإن شعبنا سيدفع ثمنا باهظا في مقاومة ما تبقى من صفقة القرن لإفشالها بالكامل. فهل يستجيب طرفا الانقسام، أم انهما سيواصلان تعنتهما؟ وحين ذلك فإن التاريخ لن يرحم أحدا وكذلك شعبنا. وفي النهاية نقول إلى متى سيستمر هذا الانقسام البغيض والأسود والمدمر؟
المحامي زياد ابو زياد
لم أكن أنوي الكتابة في هذا الموضوع لولا مكالمة من صديق ألح علي بأن أكتب فيه ، شاكيا ً من تراجع الوضع في بعض المدارس التابعة للأوقاف وتأخر تسليم الكتب للأطفال رغم مرور ثلاثة أسابيع على بدء العام الدراسي. صديقي هو محاضر جامعي متقاعد أمضى حياته في التعليم في المراحل الثانوية ثم التوجيه التربوي ثم التدريس الجامعي ، وقد واكب مسيرة التعليم في القدس من قبل الإحتلال ومن بعده. وبعد أن أحيل الى التقاعد أصبح متفرغا ً كل الوقت لأحفاده يقوم بتدريسهم يوميا ومتابعة قيامهم بواجباتهم المدرسية. لصديقي ثلاثة أحفاد في مدارس الأوقاف التي تُُعرف باسم مدارس حسني الأشهب رحمه الله والتي افتتحت بعد احتلال عام مباشرة للتصدي لمحاولة فرض المنهاج الإسرائيلي على مدارس القدس المحتلة فتم افتتاح هذه المدارس لتدريس المناهج الأردنية التي كانت مطبقة قبل الإحتلال. وقد تم افتتاح هذه المدارس بتمويل ودعم وإشراف من وزارة التربية والتعليم الأردنية التي وضعتها لاحقا ً تحت مظلة دائرة الأوقاف بالقدس مع استمرار الأردن حتى اليوم في تحمل أعبائها المالية. وللموضوع حكاية قد لا يعرفها البعض أعيد التذكير بها لمن تنفعه الذكرى. حاولت إسرائيل بعد احتلال عام مباشرة تدريس المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس التي كانت قائمة إبان العهد الأردني واستولت عليها إسرائيل ، ولكن ذلك قوبل بالرفض والمقاومة وطرح البدائل. كان المرحوم حسني الأشهب حتى احتلال مديرا ً للتربية والتعليم في محافظة القدس فرفض تطبيق المناهج الإسرائيلية في مدارس القدس ومعه عدد من رجال التربية والتعليم فاعتقلته سلطات الاحتلال وزجت به في سجن الرملة واعتقلت أحد مساعديه المرحوم عبد المحسن جابر ، ولكن غالبية المعلمين الذين كانوا يعملون في مدارس القدس رفضوا العمل في المدارس التي استولت عليها إسرائيل وتم استيعابهم في المدارس الأهلية التي كانت قائمة آنذاك وقامت باستقطاب أبناء القدس . ولا أذيع سرا ً إذا قلت بأننا في ذلك الوقت قمنا باستغلال جميع رخص المدارس الصغيرة ورياض الأطفال وحتى الكتاتيب وتحويلها الى مدارس اعدادية وثانوية استوعبت آلاف الطلاب المقدسيين وظلت تعمل كمدارس تابعة لوزارة التربية والتعليم الأردنية التي استمرت بدفع رواتب المعلمين والمعلمات. وكانت النتيجة تفريغ المدارس التي قامت اسرائيل بتطبيق المناهج الإسرائيلية فيها وتوجهت الأغلبية الساحقة من الطالبات والطلاب كبارا ً وصغارا ً الى المدارس التي أقيمت كبدائل لمدارس المنهاج الأسرائيلي. ووصل الأمر بمدارس البلدية الى أن أصبحت خاوية من الطلاب ، إذ بلغ مجموع طلاب المدرسة الرشيدية مثلا سبعة عشر طالبا ً فقط بعد أن كان يُقارب السبعماية طالب ، الأمر الذي اضطر البلدية ووزارة التعليم الإسرائيلية الى التراجع عن قرارها وسمحت بتدريس المنهاج الأردني وأضافت له مادة واحدة عن إسرائيل مدنيات . ونتيجة لهذا التراجع بدأ العديد من الطلاب بالعودة الى مدارس البلدية التي اضطرت الى أن تُدرس المنهاح الأردني ثم أصبحت تُدرس المنهاج الفلسطيني بعد قيام السلطة الفلسطينية. ولكن أطماع إسرائيل في السيطرة على قطاع التعليم بالقدس لم تتوقف . فبعد أن فشلت في تطبيق المنهاج الإسرائيلي في مدارس البلدية أخذت تتسلل الى بعض المدارس الأهلية بالقدس وذلك بتقديم المساعدات المادية لهذه المدارس بشكل غير مشروط في البداية ، فقامت هذه المدارس بتحسين أوضاعها ورفع رواتب العاملين فيها وصارت تعتمد على المساعدات الإسرائيلية في ميزانياتها وعندها بدأت إسرائيل تتدخل تدريجيا ً في هذه المدارس الى أن أصبحت تتدخل في شؤونها وتطلب تفاصيل أي طالب يسجل فيها وتتدخل في تسجيل الطلاب وعددهم وأرقام هوياتهم وما الى ذلك. ثم تدرج الأمر الى التدخل في المناهح ففرضت تعليم اللغة العبرية على جميع المدارس ثم توسعت فبدأت تطبق المناهح الإسرائيلية بشكل تدريجي في بعض هذه المدارس ضمن خطة ترمي في نهاية المطاف الى تدريس المناهج الإسرائيلية في جميع المدارس بدون استثناء . ويسير هذا التدخل بالتوازي مع التدخل في المدارس التابعة للبلدية التي تخضع مباشرة للبلدية وتأتمر بأمرها وضمن نفس الخطة والاسترتيجية. وفي حين كانت البلدية الإسرائيلية تحاول بشكل حثيث التسلل الى قطاع التعليم في المدينة والسيطرة عليه كانت مدارسنا تعاني من أزمات وضائقة مالية. وعلى سبيل المثال فإن سلم رواتب معلمي المدارس التابعة للأوقاف متدن جدا ً إذا ما قورن بسلم الرواتب في مدارس البلدية ، كما أن الإمكانات المتاحة للمعلم والطالب في مدارس البلدية أكبر من تلك المتاحة في مدارسنا. واستطاعت مدارس البلدية أن تسحب بشكل تدريجي العديد من المعلمين من مدارس الأوقاف الذين اضطروا تحت ضغط الظروف المعيشية الى البحث عن الراتب الأفضل متذرعين بأنهم في نهاية المطاف إنما يدرسون أبناءنا الذين يتسربون هم أيضا ً من مدارس الأوقاف الى مدارس البلدية وكانت النتيجة أن تدنى مستوى التعليم في هذه المدارس. وأستطيع القول بأننا عجزنا أمام هذه الظاهرة عن التصدي لتردي الأوضاع ولم نعمل ضمن خطة مدروسة للمواجهة واستقطاب المعلم الجيد والطالب والإبقاء عليهم في هذه المدارس. ونحن نعيش اليوم نفس المعركة التي فُرضت علينا عام وتصدينا لها وأسقطناها وأفشلناها ، ولكننا في هذه المرة نحن الذين نتراجع وقد نفشل في النهاية في الحفاط على الهوية العربية الفلسطينية لهذه المدارس التي تتهاوى أمام خطة تطبيق المناهج الإسرائيلية. وكانت آخر ضربة موجعة هي الفشل في التعامل مع أصحاب البناية التي كانت تشغلها الكلية الإبراهيمية في شارع صلاح الدين فسقطت في أيدي البلدية وافتتحت قبل أسابيع لتكون مدرسة مختلطة لتدريس المنهاج الإسرائيلي فقط لأطفال القدس. وأعود الى صديقي المربي المتقاعد. وأقول إن أحدا ً لا يستطيع تجاهل الصعوبات الخاصة التي تواجه المدارس التابعة للأوقاف ومنها فرض الضرائب عليها بما في ذلك ضريبة السكن الأرنونا وشح الموارد والإمكانيات والمضايقات المتعمدة من قبل سلطات الإحتلال لهذه المدارس ، والتحديات التي تواجهها ومن بينها اعتقاد بعض أهالي الطلاب بأن تسجيل أبنائهم في مدارس البلدية يساعدهم في موضوع إثبات مكان السكن والحفاظ على الهوية الزرقاء والتأمين الوطني ، إضافة الى أن معظم مدارس البلدية تتوفر لها الأبنية والمنشآت الجيدة وطلابها مؤمنين ضد الإصابات وفيها برامج للطلاب الذين يعانون من صعوبات التعلم . ولكننا بدلا ً من منافسة تلك المدارس وتعويض الطلاب ببعض إن لم يكن جميع ما يستقطبهم نحو التوجه لمدارس البلدية ما زلنا نعمل بالأدوات والإمكانات القديمة دونما تطوير أو تحسين حتى في الأمور البسيطة غير المكلفة كتوفير الكتب الدراسية للطلاب عند بدء العام الدراسي . ومع الأخذ بعين الاعتبار جميع التعقيدات الإدارية والمالية إلا أنني أتساءل أليس من الأولى إعطاء الأولوية لطلاب المدارس التابعة للأوقاف في القدس وتسليمهم جميع الكتب في الأسبوع الذي يسبق افتتاح المدارس أسوة بالمدارس الأهلية بالمدينة ، أليس من الأولى تخصيص الموارد اللازمة لتحسين أوضاع المعلمين العاملين في مدارس الأوقاف والحفاظ عليهم في هذه المدارس ، أليس من الأولى إعفاء طلاب مدارس الأوقاف من الرسوم المدرسية بل وحتى من أثمان الكتب وتحفيزهم للبقاء في هذه المدارس ، لماذا لا يتم تدريس اللغة العبرية في هذه المدارس لاستقطاب الذين يذهبون لمدارس البلدية لاعتقادهم بأن خصوصية الحياة بالقدس واحتياجات سوق العمل تتطلب معرفة اللغة العبرية . وأسئلة كثيرة أخرى يتردد المرء في طرحها ولكن الإجابة عليها كلها تتلخص في أن هناك تقصير واضح في التعامل مع القدس وهموم القدس ومشاكل أهل القدس ، وانعدام وجود خطة استراتيجية لمواجهة الجهود المحمومة التي تبذلها الجهات الإسرائيلية على اختلاف مستوياتها وتخصصاتها للسيطرة على المدينة من خلال السيطرة على كل مناحي الحياة الصحية والتعليمية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية . فتهويد القدس لا يتم فقط من خلال بناء البيوت للمستوطنين ، وإنما من خلال خطة ممنهجة لتذويب الشحصية الوطنية وتهويد عقول البشر ومكونات حياتهم اليومية جنبا الى جنب مع تهويد الحجر. ومع أن أهل القدس القابضين على الجمر ما زالوا على العهد وما زالوا يواجهوين بامكانياتهم المحدودة جدا ً سياسة واجراءات التهويد إلا أن أحدا ً لا يستطيع أن يُعفي صناع القرار الفلسطيني من مسؤولية تردي الأوضاع بالقدس وعلى كل المستويات وفي جميع المرافق. فالقدس ليست شعارا ً يُرفع وإنما هي ممارسة ومواجهة للتحدي بالتحدي .
بقلم د. جمال زهران
صدر عن الكنيست الإسرائيلي، يوم تموز الماضي، قانون، يسمى قانون القومية، يتضمن أو يؤسس لجعل إسرائيل ، دولة دينية يهودية خالصة. وقد نجح التيار اليميني المتشدد في تمرير القانون بعدد صوتًا من إجمالي أعضاء الكنيست ، أي بنسبة زائد واحد وهي أغلبية محدودة، الأمر الذي يشير إلى وجود خلافات تصل إلى حد الصراعات بين أطراف العملية السياسية في داخل اسرائيل. وبمقتضى هذا القانون، سوف تكون الدولة مقصورة على مقتضى الديانة اليهودية، أي اليهود فقط وهو من ثم قرار عنصري بامتياز، وقد أحدث، ردود فعل واسعة النطاق، على المستوى العالمي، ولم يصدر عن أي دولة كبرى باستثناء إدارة ترامب الأمريكية، أي تصريحات رسمية تؤيد هذا القانون، أو تعترف به، لخطورة ذلك على الغرب قبل الشرق، ناهيك عن أن تأثيراته على المنطقة العربية والشرق الأوسط، ستكون سلبية إلى أبعد حد. ولاشك أن المتتبع لشأن الصراع العربي الاسرائيلي، وتطوراته، يعرف تمامًا أن ما صدر عن الكنيست أخيرا، هو ترجمة لتجهيزات سابقة كانت تؤكد ضرورة تحقيق حلم اليهود في إنشاء دولة يهودية خالصة، تجمع شتات يهود العالم، تجسيدًا لإرادة الرب عند اليهود، وهي فكرة دينية تم الترويج لها، لتمكين الاستعمار الغربي من الاستمرار في السيطرة على مقدرات المنطقة العربية. وقد كان الزعيم جمال عبد الناصر قائد ثورة تموز ، كثيرا ما يؤكد في خطبه العديدة، فكرة استمرارية الاستعمار، قائلاً، أن الاستعمار قد يرحل من الباب، ويأتي عبر الشبابيك. ويقصد ناصر بذلك، أن عودة الاستعمار تأتي عبر فكرة التبعية والخيارات الاقتصادية الرأسمالية، ويستمر الاستعمار من خلال تلك الشوكة التي زرعها الاستعمار في ظهر المنطقة العربية وهي ذلك اسرائيل المسمى بإسرائيل، ليحول دون تحقيق الوحدة العربية. أي إن لإسرائيل، وظيفة استعمارية لا تخفي على أحد، ويستهدف الاستعمار من وجودها، استنزاف موارد ومقدرات المنطقة في صراع طويل، يتم من خلاله التلاعب بالنخب التابعين للفكر الاستعماري الغربي. ولذلك فإن المنطقة منذ أن زرع الاستعمار، اسرائيل في قلبها عام ، لم تحقق أي تقدم، بفعل المؤامرات الاستعمارية المستمرة، ولنا فيما حدث من نكسة م المفجعة، لوأد نجاح تجربة النمو الاقتصادي المستقلة في مصر، وسعيًا نحو وأد المشروع الناصري. وكذلك حدث في العراق م، وكاد يحدث في سوريا لولا تفاعل الشعب والجيش والقيادة، لتنتصر سوريا، ويتم وأد المؤامرة الاستعمارية الغربية. وعلينا أن ندرك إذن أن ما حدث خطير، ولا يزال الكثيرون غير مدركين لتداعيات ذلك القرار مستقبلاً، ومازالت الأمور تسير في مشروعات التطبيع العربي مع اسرائيل، تحت الضغوط الأمريكية المباشرة نتيجة غطرسة الرئيس الأمريكي ترامب. فذاك الرئيس قال وفعل، حيث قرر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وكذلك نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وفي ذكرى النكبة السبعين في ايار م، تم عمل احتفال رسمي لوضع حجر الأساس للسفارة الأمريكية في القدس، مؤكدًا عدم مبالاته بردود الفعل العربية والإسلامية، وكذلك مؤكدًا استمرارية المشروع الاستعماري للمنطقة، وتأكيدا للمؤامرة الغربية المستمرة على المنطقة. ولعل الذين يرفضون نظرية المؤامرة، أن يشرحوا لنا ما يحدث خارج نطاق المؤامرة الاستعمارية المستمرة كما أن هذا القرار، قد يولد صراعًا داخل اسرائيل، قد يهلك هذا الكيان، كما حدث في جنوب إفريقيا وذلك الصراع الذي نشب بفعل سياسات الأبارتهايد التي تعني الفصل العنصري، وهي ذات السياسات التي تتبعها إسرائيل في مواجهة العرب والفلسطينيين خاصة المسلمين والمسيحيين غير اليهود . فما الذي ستفعله إسرائيل مع هؤلاء، عندما يتم تنفيذ هذا القانون العنصري؟ وما هي ردود أفعال غير اليهود المقيمين في داخل إسرائيل؟ وهي تساؤلات تحتاج إلى إجابات ستحسمها الأيام المقبلة. وختامًا أقول إن هذا القانون قد يولد الصراعات داخل اسرائيل، الأمر الذي قد يسهم في تدميرها، وما لهذا من تداعيات على مستقبل الصراع العربي الاسرائيلي، ومن ثم تسقط دعاوى صفقة القرن وغيرها.
بقلم الدكتور أحمد جميل عزم
يمكن الإشارة إلى حالة توليد المصطلحات، والتسميات، الكبرى، وصناعة العناوين في السياسة، وخصوصاً السياسة العربية؛ حيث يحلو للبعض ترديد تعبير أو اسم ليختزل مرحلة سياسية، ويصبح الاسم فزّاعة لطرد الأشباح ، ومنطقا لتفسير الأحداث، من دون أن يدقق أحد في مدى وجود المصطلحات، ومعناها، ويمكن الإشارة لثلاثة نماذج عربية وفلسطينية، هي الفوضى الخلاقة، وصفقة القرن، ومؤتمر كامبل بنرمان. هناك كتب كاملة، بالعربية، عن الفوضى الخلاقة، ودخل المصطلح في تعبيرات السياسيين العرب الرسمية، وطبعاً دخل في أحاديث عشاق نظرية المؤامرة، وخطاب الأجهزة الأمنية الرسمية، فالمصطلح بالنسبة لكثيرين، هو وصفة سحرية لتفسير حالة الفوضى والانقسام والصراعات التي تمر بها دول عربية منذ العام ، وأيضاً لرفض التغيير والإصلاح. هو أشبه بتفسير غيبي لحقائق بشرية وطبيعية معقدة، للهرب من التفسير العلمي، أو للهروب من الاعتراف بالأخطاء. فإذا خرج مجموعة شباب يحتجون على سلطة ما، أو خرج معلمون يطالبون بتعديل أجورهم، أو خرج موظفون يطالبون بقانون ضمان اجتماعي مختلف، كان أفضل مهرب للأجهزة الأمنية والحكومية، وأنصارها، القول إنّ هذا جزء من مؤامرة الفوضى الخلاقة. وعند الاستفسار عن المقصود بهذا المصطلح، سيشير البعض إلى أنّ هذه خطة أميركية، لنشر الفوضى في العالم العربي، وفي أحسن الأحوال سيُشار إلى أنّ وزيرة الخارجية الأميركية السابقة، كوندليزا رايس، هي صاحبة المصطلح، وأنها استخدمته في مقابلة مع واشنطن بوست ، وقد تتبعت هذا المصطلح في مقال سابق، وشرحت عملية البحث المتكررة التي قمت بها مع طلابي في مرحلة الدراسات العليا في الجامعة، وأنّه تأكد أن رايس لم تستخدم المصطلح خصوصاً، في واشنطن بوست. ويكابر البعض أنّ مضمون السياسة الأميركية يدل على المصطلح، والواقع أنّ هذا غير دقيق، فربما قالت رايس مرة إنّ حدوث فوضى في سياق عمليات الحركات الاحتجاجية التي شهدها العالم العربي أو مناطق أخرى في العالم شيء طبيعي، إلا أنها لم تستخدم تعبير الفوضى الخلاقة، وسياسة الولايات المتحدة، خصوصاً المدرسة الفكرية التي تنتمي لها رايس، تريد الحفاظ على الأنظمة الموالية والحليفة أو التي تم التفاهم معها، لا التحضير لثورات عليها. ومصطلح آخر شبيه، هو صفقة القرن ، للحديث عن السياسة الأميركية في الشأن الفلسطيني، وقد أشرت في مقال الأسبوع الفائت، كيف تطور المصطلح وأنّ من استخدمه هو الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ثم ساد في الخطاب الفلسطيني والعربي، ولم يستخدمه أي مسؤول أميركي، وأن السياسة الإسرائيلية، ترفض أي فكرة لأي صفقة نهائية، أو كبيرة، وتريد تجزئة القضية من دون صفقات، وخطة السلام الأميركية المزعومة هي فكرة استخدمها مسؤولون أميركيون للإيهام أنّ شيئا كبيرا قد يُطرح قريبا ، ولكن المصطلح يساعد على توليد شبح سياسي يجري قتاله، فيما المُخطط الحقيقي هو فرض أمر واقع مادي جديد على الأرض، ومواجهته تكون على الأرض. وهذا يُذكّر أيضاً بمقولات مثل موضوع مؤتمر كامبل بنرمان، الذي يردد سياسيون وكُتّاب أنه مؤتمر للدول الاستعمارية استغرق عامين كاملين في لندن بين العامين ، من دون أن يتوقف أحد عند أنه لا مؤتمر يستمر هذه الفترة ، واتُفق فيه على تأسيس إسرائيل لضرب الوحدة العربية، ومع الإقرار أن إسرائيل مشروع استعماري، فإنّ المؤتمر نفسه لا يوجد دليل أنه عقد، وقد أوضحت في الماضي نتائج أبحاث أنيس صايغ الممتدة والطويلة التي لم تؤد إلا الى إضعاف أي دليل على وجود هذا المؤتمر، ومؤخرا قام محسن صالح ببحث جديد معمق في الموضوع، وهو أيضاً لم يجد أساسا تاريخيا ماديا مقبولا لذلك. وكامتداد لمثل هذه التفسيرات التبسيطية، يمكن الإشارة لمن يرى في انهيار الليرة التركية، مؤامرة، أو مقدمة لانهيار الإسلام، كما جاء في بعض وسائل الإعلام في الأيام الفائتة. يبدو أنّ ظاهرة اختراع أحداث ومسميات لوصف مرحلة سياسية، والإصرار عليها تفسيراً للحدث السياسي، امتداد للبحث عن كائنات خارقة لتفسير ظواهر طبيعية، وهو سلوك يريح من التفكير، ومن المواجهة الحقيقية للتحديات. . . جامعة بيرزيت عن الغد الأردنية
بقلم فتحي كليب عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية
الجزء الثاني تحفل الصحافة العربية والغربية بمصطلحات صفقة القرن او صفقة العصر ، دون معرفة تفاصيلها واطرافها وتوقيتها. ويجتهد كثيرون في محاولة اقتحام السور الذي يحيط بهذه الصفقة بشكل متعمد. وقد تمكن بعضهم من التعرف على بعض عناوين هذه الاحجية، اما بحكم قربهم من دوائر القرار لاطراف الصفقة او من خلال متابعة المواقف الرسمية التي تصدر بين الحين والآخر عن مسؤولين ذات علاقة مباشرة بما يحدث. وعلى هذا يمكن فكفكة بعض احجية هذه الصفقة وحل رموزها ورصد عناصرها الاساسية على الشكل التالي جغرافيا اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح على الاراضي التي جاء ذكرها في اتفاق اوسلو واعطاء مرونة في تعديل بعض البنود لجهة توسيع نطاق السيطرة الامنية بالنسبة للسطة الفلسطينية وتحديدا بعض مناطق أ بما لا يتعارض مع الهواجس الامنية بالنسبة لاسرائيل التي ستقتطع الجزء الاكبر من مناطق ج وتضمها اليها بشكل رسمي في اطار عملية تبادل اراض ثلاثية.. العاصمة الفلسطينية نقطة البداية في نقاش هذه المسألة هو الاعتراف بالقرار الامريكي الذي هدف الى فرض امر واقع على الجميع واعتبار الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل سقفا لأي عملية تفاوضية مستقبلية، وبالتالي حسم امر المدينة واخرجها من دائرة اعتبارها قضية تفاوضية بين الفلسطينيين واسرائيل، ويصبح الخيار المطروح امام الفلسطينيين هو اختيار مكان في او بجوار القدس واعلانه عاصمة للدولة الفلسطينية، مع امكانية وضع نظام خاص يعترف بحقوق دينية للمسلمين في مدينة القدس.. اقتصاديا انشاء صندوق مالي، تترواح موازنته بين و مليار دولار امريكي تساهم به اكثر من خمسين دولة ويخصص لإنشاء مشاريع تنموية وشبكات بنى تحتية وطرق سريعة تربط اسرائيل ومناطق السلطة الفلسطينية والاردن ومصر ودول الخليج بعضها ببعض اضافة الى مناطق تجارية تستفيد منها دول عدة كالاردن ومصر وانشاء مطار وميناء بحري في قطاع غزه لا زالت صيغ ادارتهما غامضة.. تبادل الاراضي التعاطي مع المستوطنات الاسرائيلية في الضفة الغربية وعددها حوالي مستوطنة وبؤرة استيطانية يقيم فيها نحو الف مستوطن وتستحوذ على حوالي بالمائة من مساحة الضفة الغربية باعتبارها امر واقع لا يمكن تغييره. وتعمل اسرائيل على ضم حوالي ثلثي مساحة مناطق ج اليها، وهي التي تضم نحو بالمائة من الموارد الطبيعية للضفة و بالمائة من غاباتها و بالمائة من طرقها.. بالمقابل يمنح الفلسطينيون اراض بديلة بعد تجهيزها، والمقترح هنا هو تخصيص جزء من مساحة شمال سيناء وضمها لقطاع غزه وللدولة الفلسطينية، والسيناريوهات تقول ان النسبة بين و كلم متر مربع، بالمقابل يتم تعويض مصر بمساحات من اراضي منطقة النقب الصحراوية، مع امكانية اعطاء مصر حوافز مالية واشرافية على بعض المشاريع الاقتصادية التي يمكن اطلاقها.. اللاجئون بات واضحا ان الحلول المقترحة لقضية اللاجئين الفلسطينيين تتجاوز المرجعيات القانونية وتعتمد على ما يسمى حلول الامر الواقع عبر السعي لالغاء المرتكزات السياسية والقانونية والاقتصادية التي تستند عليها قضية اللاجئين، ومن ضمنها استهداف واضح لوكالة الغوث عبر ابتزازها ماليا والضغط على موازنتها العامة بقطع المساهمات المالية الامريكية عنها، الامر الذي تسبب بعجز مالي بلغ نحو مليون دولار انعكس على خدمات وكالة الغوث التي يستفيد منها نحو ملايين لاجئ فلسطيني موزعين في لبنان، سوريا، الاردن، الضفة الغربية وقطاع غزه. .. حلول الامر الواقع تفترض ان على الفلسطينيين ان يتجاوبوا مع المقترحات الواقعية للحل وان يعترفوا باستحالة تطبيق حق العودة، وبالتالي يصبح الحل الواقعي ، من وجهة النظر الامريكية الاسرائيلية، هو توطين الفلسطينيين في الدول العربية وفي بعض المناطق التي قد تضم لاراضي الدولة الفلسطينية. لذلك يفرد الامريكيون دورا متقدما يمكن للاردن ان يلعبه، خاصة انه يحتضن العدد الاكبر من اللاجئين الفلسطينيين. وبعض السيناريوهات تتحدث عن امكانية عودة العمل بصيغة الارتباط الاداري والقانوني مع الضفة الغربية والذي تم الغاؤه في تموز عام على خلفية النتائج الايجابية التي افرزتها الانتفاضة الفلسطينية الكبرى عام .. التطبيع التوصل الى اتفاق عام بين الفلسطينيين واسرائيل من جهة وبعض الدول العربية واسرائيل من جهة ثانية يجب ان يقترن باعلان انتهاء حالة الحرب المعلنة قانونيا منذ العام ، باستثناء مصر والاردن اللتين انهتا حالة الحرب مع اسرائيل وفقا لاتفاقيتي كامب ديفيد ووادي عربة . لذلك فان الخطوة التالية لانهاء حالة الحرب هي فتح ابواب الدول العربية امام اسرائيل واقامة علاقات طبيعية معها قد تكون ابعد من حالة التطبيع بمفاهيمها القديمة، إذ ان المطروح امريكا هو انشاء حلف سياسي وعسكري اسرائيلي عربي في مواجهة الخطر الفارسي الذي تشكله ايران.. ومن هذا المدخل بدأت الادارة الامريكية منذ الآن اعتماد سياسة الابتزاز المالي مع دول الخليج العربي تحت عناوين الدفاع عنها في وجه تدخلات ايران، الشيعية، ضد الدول العربية، السنية، وهذا ما سعت اليه اسرائيل منذ قيامها في العام باغراق العالم العربي بحروب وصراعات طائفية ومذهبية خدمة لهدفين استنفاذ وتدمير القوى العربية في حروب لا جدوى منها واعتبارها بديلا عن الصراع الاساسي مع اسرائيل، والثاني تبرير وجود اسرائيل كدولة يهودية من حقها ان تعيش بسلام في محيط غير ديمقراطي يهدد دائما بتدميرها.. اذا رغم الغموض السائد حول بنود صيغ صفقة القرن ، الا ان هناك قضايا تشكل جزءا محوريا واساسيا من الصفقة باتت معالمها واضحة كقضايا القدس واللاجئين والاستيطان والتطبيع. والوقائع الحالية لا تشير الى امكانية فلسطينية وعربية قادرة على احداث تغيير معين في الموقف الامريكي من هذه القضايا.. وحتى لو كانت الصفقة لم تطرح بعد كمشروع متكامل، والارجح انها لن تعلن كوثيقة متكاملة ببنود وملاحق، لكنها موجودة كمشروع عام يتم تسريب بعض عناوينه بشكل متدرج ومقصود، وبعض عناوينه الرئيسية هي بالتأكيد اصبحت موجودة لدى بعض ادوات الادارة الامريكية ويتم تقديمها الى الاطراف المعنية بالتقسيط وكل حسب علاقته بهذا المشروع.. ما هو المطلوب وطنيا؟ مهما تباينت الآراء حول بنود صفقة القرن والمدى الذي يمكن ان تصله، الا ان القاسم المشترك بين كل ما قدم حتى الآن انها صفقة تستهدف الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بغض النظر عن المسميات التي تطرحها بهدف التخفيف من خطورتها. كما تستهدف الشعوب العربية في اكثر من قضية، ليس التطبيع اخطرها، ما يجعل من الترابط بين القضية الفلسطينية وعمقها العربي امرا واضحا ينبغي البناء عليه بمهمات مشتركة فلسطينية وعربية.. فعلى المستوى الفلسطيني لم يعد مجديا الاستمرار في انتهاج سياسات واستراتيجيات مضى عليها اكثر من ربع قرن دون ان تتمكن من تحقيق الحد الادنى من طموحات الشعب الفلسطيني، بل على العكس من ذلك. فالمشهد الفلسطيني الحالي يكاد يتشابه مع المشهد الذي كان سائدا قبيل تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية لجهة غياب الاستراتيجية الفلسطينية الموحدة التي ينبغي ان تشكل حاضنة لكل مكونات الشعب الفلسطيني، في ظل حالات احباط تعيشها التجمعات الفلسطينية على مختلف المستويات ما ادى الى اتساع الفجوة ما بين القيادات السياسية وبين الحالة الجماهيرية المتقدمة والمفتقدة لمرجعية وطنية تقود نضالها وتدافع عن مصالحها.. ان استعراض هموم ومشكلات التجمعات الفلسطينية المختلفة، من غزة الى لبنان وسوريا والضفة، مضافا اليها تداعيات الانقسام الفلسطيني ومعاناة الاسرى وغيرها من القضايا والهموم الضاغطة تفرض على قيادة منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية نظرة اكثر شمولية في التعاطي مع واقع هذه التجمعات، خاصة وان بعضها عرضة لمخاطر وطنية كبرى تتخطى الوقائع الجغرافية لتطال المشروع الوطني برمته .. وفي المقابل فالحركة الوطنية الفلسطينية تعيش ازمة فعلية نتيجة عدم قدرتها على مجاراة التغييرات الحاصلة من حولها سواء على المستوى الداخلي او لجهة مواجهة ما تتعرض له الارض الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس من تصاعد عمليات الاستيطان والتهويد ومواصلة عمليات القتل والاعتقال، مضافا اليها الواقع الاقتصادي الصعب نتيجة القيود التي كرستها اتفاقية باريس الاقتصادية لجهة التبعية للاقتصاد الاسرائيلي وتداعيات التنسيق الامني مع الاحتلال.. كل هذا يؤشر الى ضرورة انتهاج سياسة هجومية تتصادم مع السياسة الاسرائيلية وتهيئ الاجواء الداخلية لانتفاضة ومقاومة شعبية قادرة على تعديل موازين القوى المختل لصالح العدو.. واعادة الاعتبار للمشروع الوطني الفلسطيني عبر نفض غبار اوسلو عنه واعادة احياء الهيئات والمؤسسات الوطنية خاصة منظمة التحرير الفلسطينية باعادة احياء وتفعيل دوائرها المختلفة التي كانت يوما ما اشبه بخلية نحل لجهة العمل الوطني المنتج الذي كان يزود القيادة السياسية بمعطيات تفصيلية تساعد في صياغة القرار الوطني الذي يجب ان يكون عصارة شراكة وطنية في كل ما له علاقة بحاضر ومستقبل القضية الفلسطينية.. على المستوى العربي وطالما ان الصفقة الامريكية ليست معزولة عن المشروع الأمريكي في المنطقة والترتيبات التي يجري الاعداد لها في اطار الترتيبات الإقليمية بشكل عام وعلى مستوى كل قطر بشكل خاص، فان صفقة القرن تعطي الحركة الشعبية العربية فرصة اعادة الاعتبار لدورها الوطني والقومي والتقدم الى الامام بصوت عال وبتحركات شعبية تتصادم مع افرازات وتداعيات هذه الصفقة في اوطانها.. وهذا ما يضع جميع مكونات الحالة الشعبية العربية بمختلف تشكيلاتها الحزبية والاجتماعية والثقافية والفكرية ومؤسسات المجتمع المدني ومختلف الأطر واللجان الاهلية امام مسؤولياتها التاريخية.. إذ ليس من المنطقي ان تكون مهمة المقاطعة في الدول الأوروبية في نهوض متصاعد فيما هي غائبة واحيانا منعدمة في الدول العربية وكأن ما يحدث في فلسطين والمنطقة امر لا يعنيها. ان هذه الحالة مطالبة بالاستجابة لمهمتين؛ اولهما مواجهة عمليات التطبيع بمختلف اشكاله. وثانيهما مقاطعة المنتوجات والشركات الامريكية والمؤسسات التي تدعم النشاطات الاستيطانية في فلسطين.. والنجاح في هاتين المهمتين يسهم بشكل مباشر في افشال احدى عناوين صفقة القرن في شقها الإقليمي.. وهو ايضا دعم مباشر للشعب الفلسطيني الذي يعول كثيرا على حركة الشارع العربي، وبما يبعث برسالة قوية ان الشعب الفلسطيني ليس وحده في ميادين المواجهة.. لذلك ندعو الى وضع هذه المهمة على جدول اعمال جميع الهيئات والتيارات الشعبية العربية المعنية باعتبارها مسألة ذات أهمية في سياق ليس فقط الدفاع عن الشعب الفلسطيني بل وعن الشعوب العربية المهددة بأرضها وسيادتها وثرواتها.. . .
حديث القدس
سجلت إسرائيل نقطة عنصرية جديدة حين صادق الكنيست على مشروع قانون ينص على خصم مخصصات أهالي الشهداء والجرحى والأسرى من أموال الضرائب المقررة للسلطة الوطنية. ومن المعروف أن الضرائب ليست منحة ولا مساعدة وإنما هي حق ويعتبر خصم جزء منها سرقة رسمية واضحة وباسم القانون الذي شرّعه الكنيست، وتقدر مصادر إسرائيلية رسمية قيمة هذه الخصومات بما لا يقل عن مليار شيكل وهو المبلغ الذي تدفعه السلطة الوطنية لأهالي الشهداء والجرحى والأسرى سنويا، حسب المصادر ذاتها. وللقانون وجهان، إنساني واقتصادي هم يريدون تكريم أهالي القتلى أو الجرحى الإسرائيليين من جهة، ومعاقبة أهالي الشهداء والجرحى والأسرى الفلسطينيين من جهة أخرى، هم يحاولون تصوير قتلاهم بالأبطال والضحايا، والشهداء والجرحى الفلسطينيين بالإرهابيين، ويتناسون انهم يحتلون الأرض ويعملون على تهجير المواطنين، وقد قتلوا المئات من أبناء غزة والضفة وجرحوا الآلاف ويقتلون عشرات الآلاف من أبناء شعبنا، ويرون في كل هذا قوانين وأعمالا ليست إجرامية ولا تخالف الشرائع الدولية. وهذه هي العنصرية بأوضح وأبشع صورها الإنسانية والأخلاقية. الجانب الآخر للقرار الإسرائيلي يتمثل بالضغط الاقتصادي على السلطة الفلسطينية التي تعاني ميزانيتها أساسا من عجز اقتصادي متواصل وكبير، وكل ذلك نتيجة الاحتلال والسيطرة على كل الواردات والصادرات بموجب اتفاق باريس الاقتصادي الذي انتهت مدته ولكن إسرائيل بالاحتلال تواصل ممارسة كل أنواع الضغوط والسيطرة على كل المعابر والمنافذ والداخل والخارج بكل أشكاله وأوقاته ودون مراعاة لأية قوانين أو التزامات إلا ما يخدم الاحتلال وسياسة السيطرة على كل شيء. قد تتأثر ميزانية السلطة بالتأكيد نتيجة هذه الخطوة الإسرائيلية غير القانونية، وقد تزداد المصاعب الاقتصادية التي تعاني منها أصلا، ولكن الذي لن يتأثر أبدا هو إصرار شعبنا على التمسك بحقوقه وأرضه ومستقبله والدفاع عن ذلك بكل الوسائل رغم اقتطاع مخصصات من الضرائب، أو وقف الولايات المتحدة الحليف الأعمى لإسرائيل تقديم مساعداتها المالية للسلطة الوطنية، ولن تؤدي هذه الضغوط إلى الاستسلام أو القبول بما يحاولون إملاءه علينا ...
بقلم الدكتور مروان المعشر
بعد أن اتخذ عدد من الدول الخليجية قرارا بمساعدة الأردن في أزمته الاقتصادية، من الضروري تذكر رسالة جلالة الملك الأسبوع الماضي في تشخيصه للأزمة، وهي رسالة واضحة وضوح الشمس لن يساعدنا أحد إن لم نساعد أنفسنا. من الأهمية بمكان ونحن على أعتاب حكومة جديدة كلنا أمل أن تكون الباب لمرحلة جديدة في بناء الأردن الحديث، أن نستخلص كلنا، ومن المشارب والاتجاهات كافة، العبر المناسبة مما حدث في الأسبوعين الماضيين، حتى تكون أي مساعدات عونا لنا بينما نساعد أنفسنا، بدلا من أن تصبح مدعاة لأن ترجع حليمة لعادتها القديمة، وتبقى الدولة مأسورة بثقافة الاعتماد على الخارج التي تثبت كل يوم عدم إمكان استدامتها. دولة الرئيس عمر الرزاز يعرف ذلك جيدا، وهو ما يدفعنا جميعا للتفاؤل، ونأمل أيضا أن تدركه أذرع الدولة كافة، من أن الدولة الريعية وأدواتها انتهت الى غير رجعة، وأننا على مشارف مرحلة جديدة إما أن نحسن التعامل معها أو أنها ستجرفنا الى حيث لا نريد. ساعدنا أنفسنا عندما نزل الناس للشارع في وقفة احتجاجية حضارية سلمية على السياسات السابقة، أظهرت حب الأردنيين لوطنهم وحرصهم عليه، وجعلت من هذه الاحتجاجات ليس غاية عدمية ولكن وسيلة لبناء مستقبل أفضل، وما إن أطلق الرئيس إشارات إيجابية تظهر حرصه على التواصل مع الناس ونيته تقديم خطة متكاملة للتعامل مع الوضع حتى أعطاه الناس ثقتهم، فانسحبوا من الشارع لأنهم يريدون أكل العنب وليس قتل الناطور. ساعدنا أنفسنا عندما تعاملت الأجهزة الأمنية بشكل مسؤول مع المواطنين، فلم تنظر اليهم وكأنهم أعداء للوطن بل أبناؤه وبناته، فخلقت جوا ساعد كثيرا في التعامل مع الأزمة. ساعدنا أنفسنا عندما كان خيار جلالة الملك شخصا إصلاحيا نظيف اليد منفتحا على الناس لديه برنامج متكامل سياسي واقتصادي واجتماعي، في إشارة واضحة لنهج جديد يعتمد التشاركية والتواصل واحترام رأي الناس، وفي إشارة واضحة أيضا إلى أن المرحلة المقبلة لن يكتب لها النجاح من دون تغيير طريقة إدارة الدولة بما يضمن مشاركة سياسية كما اقتصادية في صنع القرار. نساعد أنفسنا إن لم يبق البعض يصر على وضع العصي في دواليب الإصلاح والإصلاحيين وتصوير المسيرة الإصلاحية بأنها عدوة للوطن، وكل يوم يثبت بالوجه القاطع أن أعداء الوطن الحقيقيين هم الفساد والامتيازات على حساب الناس والإقصائية وضعف الإنتاجية والتهرب الضريبي والمحسوبية والواسطة. نساعد أنفسنا إن اقتنعنا أن المرحلة المقبلة هي مرحلة بناء الأردن الحديث بما يعني ذلك من تطوير مؤسساته وبناء دولة القانون ورفع الإنتاجية والابتعاد عن ثقافة الاعتماد على الآخرين. لقد أطلق جلالة الملك التحدي، فهل نحن مستجيبون؟ وهل مؤسسات الدولة كلها راغبة؟ لن ننجح في الاعتماد على النفس إن لم تتضافر الجهود ونبتعد عن سياسة الاتهامات والاتهامات المضادة، ونعلي شأن الوطن فوق شؤوننا الخاصة. البوادر الأولية مشجعة، وقد أخذ الرئيس الجديد وقته في التشكيل ما يدل على حرصه على أن يأتي بالشخص المناسب، رجلا كان أم امرأة، في المكان المناسب، وعدم التقيد بالاعتبارات التقليدية ولو أنه ربما يتعرض لضغوط كبيرة للتشبث بتيارات لم تعد صالحة للمرحلة الحالية. لم يتردد الرئيس الجديد، في سابقة لافتة، الحديث عن ضرورة الوصول لعقد اجتماعي جديد، ما يدل على وعيه وبعد نظره. التحدي الكبير الذي يواجه الرئيس هو في توظيف الدعم الكبير الذي يأخذه اليوم من جلالة الملك ومن الشارع للتأسيس لعقد اجتماعي ونهج جديدين يفخر أبناء وبنات الأردن بهما ويأخذان البلاد الى بر الأمان. . . ...عن الغد الأردنية
بقلم ابراهيم دعيبس
بعد غد الثلاثاء..تجيء ذكرى هزيمة حزيران التاريخية، ولقد كتب المئات من المفكرين والكتاب عن هذه المناسبة وقدموا التحليلات والاستنتاجات، وبعد هذه السنوات فان اسباب الهزيمة تتعمق في مجتمعاتنا وقياداتنا ونزداد تراجعاً وضعفاً وانقساماً... والمحتل يزداد غطرسة وقوة وتوسعاً.. لقد انتصرت اسرائيل بالعقل والعمل والعلم، وانشغلنا نحن الفلسطينيين والعرب عموما، بالخلافات والحروب الداخلية، وما نزال نركض وراء سراب الخطابات والمؤسسات الدولية ونشكو وندد ونطلب المساعدة منها ومن الله، ولا نتقدم ولو خطوة واحدة. وبنظرة سريعة الى واقعنا نلمس عمق مأساتنا. فلسطينيا نحن منقسمون وصار الناس في واد والقيادات في واد آخر ، وصرنا طبقتين في المجتمع واحدة تجمع المال وتركض وراءه وتكدسه بالبنوك بالداخل والخارج وبالحسابات الخاصة، واخرى تقاتل من أجل توفير لقمة العيش ونتيجة ذلك، ازدادت الروح الفردية والمصلحة الخاصة ولم يعد للمجتمع اية أهمية، وصار الفرد يرى نفسه الأول والأخير وكل شيء، ويقاتل من يقترب منه ولم يعد يهمه الا ان يحقق ما يريد ولو على حساب الآخرين او حتى حياتهم، وانتهت تقريبا، مفاهيم التسامح والتعاون والعمل المشترك، وصرنا نرى ازدياداً بالمشاجرات واعمال القتل وحوادث السير، وبصورة خاصة في شهر رمضان حيث المفروض التسامح والتعاون والخير. وحين نتذكر مرحلة الانتفاضة الأولى وامير القدس فيصل الحسيني الذي نحيي ذكرى رحيله في هذه الأيام، وكيف كانت تسود روح الجماعة والتضامن والتسامح والمواقف الموحدة والحرص القوي على المصلحة الوطنية، ونرى ما وصلنا اليه اليوم، ندرك كم تراجعنا الى الوراء وابتعدنا عن الواجب والمسؤولية. وللحقيقة، فان المشكلة ليست في الشعب المستعد دائماً للتضحية والعمل ولكن في من يقود الشعب ويتحكم بالقرار رسمياً، وهذه قضية تمتد الى عمق التاريخ الفلسطيني المعاصر منذ بدء الحركة الصهيونية حتى اليوم، حيث كان الشعب يقدم التضحيات والقيادات تنقسم وتختلف وتتقاتل احياناً ويغيب التخطيط والعقل ومواجهة الحقائق بواقعية وفهم للمعطيات، وكانوا هم يتقدمون ويحتلون الأرض خطوة خطوة. في حزيران تبدو الهزيمة ماثلة امامنا وبقوة وتبدو الأمة العربية في حالة من اسوأ ما يكون، وفي المقابل نجد اسرائيل تتسع استيطانياً ونفوذاً من اميركا غرباً حتى روسيا شرقاً مرورا بأوروبا ويبرطع نتانياهو بالوفود الى موسكو وزيارة مرتقبة الى عدة دول اوروبية وانحياز اميركي جنوني اعمى ليس بالفعل ونقل السفارة الى القدس فقط ولكن ضد مجرد قرار في مجلس الأمن يدعو الى حماية الشعب الفلسطيني الذي يفترس الاحتلال ارضه. هذا ليس تشاؤماً ولكنه محاولة صادقة لوصف ما نحن فيه حتى لا نظل نركض وراء السراب... على أمل ان يكون الحل لنا والمستقبل البعيد لنا بالتأكيد. موائد افطار... للكبار لا يكاد يمر يوم منذ بداية شهر رمضان، بدون موائد افطار جماعية لا لأطعام الفقراء والمحتاجين فعلاً، ولكن للكبار من الشخصيات والوجهاء وأصحاب المصالح وبعض الاصدقاء، وقد حدثني أحد المدعوين باستمرار، ان وجبات الأكل عادة بوفيه مفتوح للطعام والشراب، وان الخطباء وغالبية المدعوين هم الاشخاص انفسهم بدون تغيير، وان ما يتبقى من الأكل يكفي على الأقل عشرين او ثلاثين عائلة، وبعدها يتفرق المدعوون بانتظار الافطار القادم. ويتساءل الناس ألم يكن الأفضل تقديم هذه الوجبات او تكاليفها الى الفقراء والمحتاجين فعلاً؟ او الى اهل غزة مثلاً؟ او الى الذين هدمت بيوتهم أو تم تهيجرهم من قراهم وخيامهم؟ او الى المؤسسات المجتمعية التي تقدم الخدمات الى المرضى او ذوي الاحتياجات الخاصة، او الى الاطفال اليتامى ولهم مؤسسات كثيرة ترعاهم؟. واذا كانت الاجتماعات للجميع من مسيحيين ومسلمين ووجهاء ورجال اعمال هامة ومفيدة، فإن من الممكن الالتقاء بعد الافطار على فنجان قهوة أو كأس شاي وتبادل الاراء والافكار بدل ملء البطون والمغادرة؟. ان هذه هي مظاهر فقط ومحاولات لاثبات الوجود والدور الذي يقوم به الذين يدفعون التكاليف، وهي عمل للوجاهة المجتمعية لا غير، علماً بأن التكاليف كاملة لكل هذه الموائد سواء بالقدس او غيرها مرتفعة، ، ولو افترضنا ان بالقدس وحدها مائدة افطار واحدة يومياً وتكلفتها ١٠ آلاف شيكل فقط، فإن الاجمالي يكون نحو ٣٠٠ الف شيكل. لن يستطيع أحد وقف هذه المظاهر المجتمعية المتفشية ورمضان يقترب من نهايته، ولكن النقد الايجابي لها هو أقل ما يمكن فعله.
بقلم جيسون غرينبلات، مساعد الرئيس والممثل الخاص للمفاوضات الدولية
إنني أكتب هنا حول فورة الغضب التي أبداها الدكتور صائب عريقات في مقاله الذي نشر في صحيفة هآرتس في أيار مايو ، والذي انتقد فيه نقل سفارة الولايات المتحدة لدى إسرائيل من تل أبيب إلى القدس. وعلى الرغم من أنني أتفهم غضب الدكتور عريقات من قرار الرئيس ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لاسرائيل، أعتقد أنه سيكون من المفيد أكثر مناقشة بعض القضايا التي تتطلب الاهتمام الفوري للقادة الفلسطينيين، وأولها المساهمة في خلق جو يؤدي إلى السلام. وللاسف فإن كلام الدكتور عريقات الطنان ومزاعمه كانت ببساطة من عدة نواح غير دقيقة. لذلك ينبغي علينا جميعا أن نجتمع معا من أجل رفض مثل هذا الكلام غير المفيد والادعاءات الخاطئة إذا كنا نأمل في تحقيق السلام. لفترة طويلة ظلت الولايات المتحدة تتظاهر بأنها لا تسمع مثل هذه الكلمات، ولكن تجاهل الكلمات البغيضة والخاطئة لم يساعد في إحلال السلام ولن يحقق السلام على الاطلاق. هذا هو الحال عند مناقشة المسيرات في غزة، كما نرى بوضوح من الادلة ففي حين أن بعض المتظاهرين كانوا مسالمين، لكن الكثير منهم كانوا عنيفين جًدا . في الحقيقة، وباعتراف حماس، كان أكثر من ٪ من القتلى نشطاء في حماس. وبالروح ذاتها، من المهم أن نكون واضحين بشأن السلام وخطة السلام فمن خلال نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس عاصمة إسرائيل، قمنا بتوفير أساس واقعي للمفاوضات المباشرة. لم تكن هذه الخطوة، كما ادعى الدكتور عريقات دون أي أساس، جزًءا من محاولة أميركية لفرض اتفاق إسرائيلي مكتوب على الفلسطينيين. بل على العكس، وكما ذكر الرئيس ترامب في إعلانه الرسمي في كانون اول الماضي، فإنه يدرك أن الحدود الخاصة للسيادة الاسرائيلية في القدس تخضع لمفاوضات الوضع النهائي بين الطرفين ، وأكد من جديد أن الولايات المتحدة تواصل دعمها للوضع الراهن في جبل الهيكل ، المعروف أيضًا باسم الحرم الشريف. لقد شهدنا في الاسبوع الماضي تصعيًدا كبيرا بإطلاق الصواريخ من قبل حماس وجماعات مسلحة أخرى على إسرائيل، وكان هذا نموذجًا واضحًا للخطر الذي تمثله حماس وهذه الجماعات. ويبدو من الحكمة أن يعترف الدكتور عريقات بذلك. فهذه التصرفات من حركة حماس لم تنجح سوى في تفاقم الوضع الانساني الصعب في غزة. إذ ألحقت الهجمات التي شنتها حماس ضررا بمعبر كيرم شالوم ، نقطة العبور التجارية الرئيسية في غزة، وكذلك بخطوط النقل والوقود التي تمر عبره. وربما كان الموضوع الاكثر إثارة للحزن أن أحد الصواريخ التي ُأخطأ تصويبها أصابت إحدى محطات توليد الكهرباء القليلة العاملة في غزة، ما أغرق الفلسطينيين في مزيد من الظلام وهم يعانون أصًلا من نقص حاد في الكهرباء. لا تحتاج القيادة الفلسطينية إلى تكبيل نفسها بفشل حماس، بل في الواقع، يجب أن تكون هذه فرصة السلطة الفلسطينية لفعل الصواب من أجل مصلحة الناس الذين تقودهم. عرض المجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة مرارا وتكرارا المساعدة، وآخرها خلال اجتماع البيت الابيض في آذار الذي رفضت السلطة الفلسطينية حضوره. عندما يصبح الدكتور عريقات والسلطة الفلسطينية مستعدين في نهاية المطاف لرفض عنف وأكاذيب حماس والعمل معنا لنقل الغوث إلى غزة، نعتقد أنه يمكن إحراز تقدم حقيقي من شأنه أن يرسي لمستقبل أكثر أمًلا. هناك عدد من المشاريع الجيدة الجاهزة للتنفيذ التي من شأنها أن تؤثر بشكل مباشر على تحسين المعيشة في غزة، وأن تشكل الاساس لبناء اقتصاد مستدام للفلسطينيين الذين يعيشون هناك لقد حان الوقت للتوقف عن اللهجة الخطابية المثيرة وإعطاء الشعب الفلسطيني شيًئا يتعدى الكلمات. يتعين على القيادة الفلسطينية أن تخلق حياة أفضل، لا أن تضحي بتلك الارواح في سبيل خطة حماس الارهابية المروعة. حان الوقت لسماع أصوات جميع الفلسطينيين. لقد سمعت أصواتهم على مدى الستة عشر شهرا الماضية ولا يتفق الكثيرون منهم مع الدكتور عريقات أو مع نهجه. لكن الشيء المحزن هو أن معظمهم لا يجتمعون ويتحدثون بصدق وبصراحة سوى على انفراد لانهم يخشون التحدث علًنا. إننا نحاول أن نساعد في خلق مجتمع حر ومزدهر للفلسطينيين، حيث يعتز الناس بحرية التعبير. الدكتور عريقات لقد سمعنا صوتك منذ عقود ولم يحقق أي شيء قريب من التطلعات الفلسطينية أو أي شيء قريب من اتفاقية سلام شاملة. لربما قد تساعدنا وجهات نظر فلسطينية أخرى في التوصل إلى اتفاق سلام شامل حيث يمكن أن تكون حياة الفلسطينيين والاسرائيليين أفضل. إن الوقت قد حان للتحلي بروح القيادة وتحمل المسؤولية. لقد انتهى زمن الاجتماع تلو الاخر للمسؤولين الحكوميين الذين يكررون مواضيع النقاش نفسها. الشعب الفلسطيني يريد عمًلا حقيقًيا، ويحتاج إلى حلول صادقة وواقعية وحاسمة. وفكرة زوال إسرائيل أو أن القدس ليست عاصمتها هي مجرد سراب. والفكرة القائلة إن الولايات المتحدة ليست الطرف الاساسي في عملية السلام هي سراب أيضًا. الحقيقة هي أن هناك فرصة للسلام، وأن الرئيس ترامب وإدارته يعملان على المساعدة في تسهيل عملية السلام التي ستفتح آفاق المستقبل أمام الشعب الفلسطيني، إذا كانت لديهم ولدى قيادتهم الشجاعة لاغتنام الفرصة. أقول لكل الفلسطينيين الذين يحتفلون برمضان، رمضان كريم.
بقلم أ.د ألون بن مئير
لم تكن عملية إعادة انتخاب رئيس مصر، عبد الفتاح السيسي، مفاجئة. فعلى الرغم من وجود مخالفات في بعض مراكز الاقتراع ، إلاّ أنّ الرئيس السيسي فاز بسهولة لأنه لا يزال الرئيس الأكثر شعبية ، وربما لسبب وجيه. تشعر أغلبية واضحة من المصريين بأن السيسي ، بخلاف أي من أسلافه ، يكرس نفسه لتحسين الرفاه الإجتماعي والاقتصادي للشعب. وعلى الرغم من إحرازه تقدمًا ملموسًا على الصعيد الإقتصادي ، إلا أن التأثير لم يكن كبيرًا بما يكفي نظرا ً لحجم الظروف الإقتصادية الصعبة التي تمر بها مصر. فلا تزال مصر مثقلة بعجز تجاري خطير وديون قومية متصاعدة وقاعدة صناعية ضعيفة. لا يستطيع أي رئيس ، بغض النظر عن فكره السياسي والتزامه أو تصميمه، التغلب على هذه التحديات الوطنية دون مساعدة مالية ضخمة وزيادة كبيرة في الإستثمارات الأجنبية وفي السياحة ومشاريع التنمية المستدامة على وجه الخصوص. كان الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينتقدان علانية حكومة السيسي بسبب انتهاكاتها لحقوق الإنسان وعدم الشفافية المستندة إلى المبادئ الديمقراطية. وغالبًا ما كان الغرب يهدد بتعليق المساعدات المالية ما لم يعمل الرئيس السيسي على تصحيح سجل حكومته في مجال حقوق الإنسان. ومن الواضح أنه لا يوجد أي مبرر لارتكاب انتهاكات حقوق الإنسان مهما كانت الظروف ، ويتعين على الحكومة المصرية اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للتصدي لمثل هذه الانتهاكات مع إظهار شفافية سياسية. والسؤال هو كيف يمكن مساعدة مصر اقتصادياً بينما يتم في الوقت نفسه رسم مسار جديد لمعالجة انتهاكات حقوق الإنسان ، وهو أمر شديد الحساسية لحكومة السيسي وله هو نفسه. أخبرني مسؤولون مصريون كبار أن توبيخ الغرب العلني وانتقاده لحكم السيسي يحشر فقط رئيسهم في زاوية ويضعه في موقف دفاعي. وهم يفضلون أن يعالج قلق الغرب فيما يتعلّق بانتهاكات حقوق الإنسان وراء الكواليس حتّى لا يحرج ويضعف موقف السيسي في نظر الشعب. المشكلة هي أن نطاق التفاوت الإقتصادي في مصر وعدم وجود تقاليد ديمقراطية والبيروقراطية الراسخة، هذه كلها تجعل من غير الممكن إقامة إصلاحات اجتماعية واقتصادية وسياسية ، خاصة عندما يتزايد عدد السكان بشكل كبير وتكون الموارد المالية محدودة. الإحصائيات التالية تسلط الضوء على المعركة الشاقة التي تواجهها مصر وتشير إلى الأولويات التي يجب على الحكومة اتباعها لمعالجة ضيقها الإقتصادي الإجتماعي ، وفي نفس الوقت تخفيف المشاكل المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. يتجاوز إجمالي الدين الخارجي الحالي في مصر مليار دولار. فهي تتلقى في المتوسط مليارات دولار سنوياً من المساعدات المالية من الدول الأجنبية التي لا تحتاج إلى سدادها . أضف إلى ذلك ، تجني مصر عائدات سنوية تزيد على مليارات دولار من قناة السويس ومبلغ مماثل من السياحة. ووافق صندوق النقد الدولي مؤخراً على قرض بقيمة مليار دولار يقسم على فترة ثلاث سنوات. ويبلغ إجمالي الناتج القومي السنوي في مصر حوالي مليار دولار. وبلغ عجز التمويل في مصر في عام حوالي مليار دولار وذلك باستيراد ما يقرب من مليار دولار أمريكي وتصدير ما قيمته مليار دولار. ومن إجمالي عدد سكان مصر البالغ قرابة مليون نسمة ، يتجاوز معدل الفقر في المائة. وتبلغ نسبة البطالة حوالي في المائة للشباب دون سن الثلاثين في المائة . وهناك . مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية. يضاف إلى الأمراض الإجتماعية والإقتصادية ارتفاع ظاهرة التطرف العنيف التي تتركز في شمال سيناء ، والتي تستهلك عشرات الملايين من الدولارات وتشكل عبئًا على السلطات التي تكافح لمعالجتها. ومع ذلك ، فإن الديمقراطية على النمط الغربي لن تفعل سوى القليل لتخفيف حدة الظروف الإقتصادية الصعبة في مصر ، ولن توفر الدواء الشافي لمنع انتهاكات حقوق الإنسان. فبعد الإطاحة بالرئيس مبارك ، أجريت انتخابات نزيهة وحرة. فاز الإخوان المسلمون بالإنتخابات وأصبح زعيمها محمد مرسي رئيسًا، غير أنّ هذه الممارسة في الديمقراطية لم يكن لها تأثير كبير على الرفاهية الإقتصادية والإجتماعية للبلاد. فالإنتخابات في حد ذاتها وإن كانت حرة ونزيهة لا توفر الغذاء أو التعليم أو الرعاية الصحية أو الإحتياجات الإجتماعية الأخرى. وعلاوة على ذلك ، ففي بلد لا يوجد فيه تقليد لنظام سياسي يشجع على إنشاء أحزاب سياسية منافسة بدون قيود ، بغض النظر عن أيديولوجيتهم السياسية ، يستحيل إقامة حكومة ديمقراطية كاملة مماثلة للأنظمة السياسية الغربية. أضف إلى ذلك ، يتطلب شكل ديمقراطي راسخ للحكومة وجود مؤسسات ديمقراطية ، بما في ذلك مراكز أبحاث توفر أبحاثًا شاملة حول السياسات الخارجية والداخلية ، ومنظمات غير ربحية تركز على القضايا الإجتماعية وصحافة حرة ولكن مسؤولة وسلطة قضائية غير متحيزة ، وقبل كل شيء مشاريع تنمية اقتصادية لتوفير فرص عمل وتعزيز الإستقرار الإجتماعي وتحسين الإمكانات والفرص للمستقبل. وفي حين أنه لا يجب التسامح مع انتهاكات حقوق الإنسان ، إلا أن معالجة هذه المشكلة في مصر لا يمكن تحقيقها من خلال النقد العام الغربي السافر لحكومة السيسي. وكما ذُكر آنفاً ، فإن مثل هذا الإنتقاد ، مهما كان مبررًا ، يثير فقط الإستنكار ويضع المسؤولين الحكوميين في موقف الدفاع ، بدلاً من اختيار معالجة المشكلة بفعالية أكبر بوسائل تتفق مع علم النفس الإجتماعي والثقافة المصرية. فما يجب أن يفعله حلفاء مصر الغربيون هو فصل مساعداتهم الإقتصادية والعسكرية عن انتهاكات حقوق الإنسان. يجب عليهم أن يتعاملوا مع متطلبات مصر الإقتصادية كما لو لم تكن هناك انتهاكات لحقوق الإنسان ، وأن يتعاملوا مع انتهاكات حقوق الإنسان من خلال المشاركة البناءة المثابرة. فخلافا ً للرئيس كارتر ، الذي ربط التجارة مع الصين بحقوق الإنسان وتم رفضها ، قام الرئيس كلينتون بفصل المفاوضات التجارية مع الصين من القلق والمخاوف الأمريكية بشأن انتهاكات حقوق الإنسان ووافق على معالجتها بشكل مستقل من خلال المشاركة الهادئة والبناءة. ما تحتاجه مصر هو قائد ملتزم حقا برفاهية الشعب المصري ويبرهن على مثل هذه الإلتزامات على أساس يومي. والسؤال هو ما إذا كانت الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي يعتقدان أن الرئيس عبد الفتاح السيسي هو في الواقع هذا القائد أو أنه يبعثر الملايين للحصول على المتعة الشخصية وحساب ضخم في المصرف. أعتقد أنه ينبغي على الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي اتباع نهج كلينتون والتعامل مع مصر على مسارين منفصلين ، هذا ما دام يتمّ التعامل مع تجاوزات حقوق الإنسان بشكل أكثر فاعلية. مصر بحاجة لإستثمارات بعشرات المليارات من الدولارات لمئات المشاريع المختلفة، أكانت للحكومة أوالقطاع الخاص أولكيانات أجنبية والتي من شأنها توفير مئات الآلاف من الوظائف الجديدة ذات الأجور الجيدة لإحداث فرق حقيقي في حياة الملايين. وهذا يشمل الإستثمار الضخم في البنية التحتية والصناعة وتوسيع الرعاية الصحية وسهولة الحصول على التعليم والصناعة السياحية ومنح قروض ذات فائدة منخفضة للشركات الصغيرة التي تشكل الدعامة الأساسية لزيادة الوظائف داخل المراكز الحضرية وخارجها. الهدف هو توسيع الإقتصاد بوتيرة تتناسب مع عدد السكان المتزايد حيث أنّ ٪ منهم تحت سن الثلاثين. ينصب أحد التوسعات الرئيسية على مشاريع التنمية الإقتصادية المستدامة القائمة على المشاركة ، والتي تحتاج مصرلتمويلها إلى تخصيص ٪ على الأقل من المساعدات المالية التي تتلقاها. تم تصميم هذه الأنواع من المشاريع لتلبية احتياجات المجتمعات الصغيرة لتوفير فرص العمل والتمكين الذاتي والشعور بالإنتماء، حيث لا يتم مكافأة الأعضاء مالياً فحسب ، بل يساهمون في الرفاهية العامة لمجتمعهم. كما ينبغي على جميع المانحين الأجانب الإصرار على أن تكون نسبة إلى في المائة من مساهماتهم مقدمة مباشرة إلى منظمات خاصة غير ربحية مكرسة لمشروعات التنمية الإقتصادية المستدامة. للحصول على دراسة شاملة للدور الذي لا غنى عنه لتسريع نمو الإقتصاد بشكل كبير هو التنمية المستدامة، وراجع بهذا الخصوص تقرير عام للدكتور يوسف بن مئير . هذه هي الطريقة التي يمكن بها التخفيف من حدة الفقر مع مرور الوقت وجعل التعليم أكثر سهولة، هذا إلى جانب الرعاية الصحية. وأهمّ من أي شيء آخر هو احترام الذات، وهو أمر متأصل في التاريخ والعقيدة والثقافة المصرية. منذ إقامة السلام المصري الإسرائيلي في عام ، أثبتت مصر باستمرار التزامها بتحالفها مع الغرب، والتزمت تمامًا بمعاهدة السلام مع إسرائيل وأصبحت شريكًا موثوقًا به مع الولايات المتحدة في التعامل مع التطرف العنيف. أعتقد أن الرئيس السيسي يبذل كل جهد ممكن لتنفيذ الإصلاح. وكل دولة ساهمت بمساعدات مالية لمصر ، بما في ذلك الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ودول الخليج ، يجب أن تزيد مساعداتها بشكل كبير. لن يكون هذا فقط من أجل مصر، ولكن من أجل الإستقرار الإقليمي حيث تلعب مصر دورًا مهمًا للغاية ، بينما تخدم مصالح الغرب الإستراتيجية في المنطقة. هناك قول مصري شائع هو الصبر طيّب. أجل، الشعب المصري صبور جدا ويتحمل المصاعب، ولكن الآن في أعقاب الثورات المتتالية يريد الشعب رؤية نتائج. أعتقد أن السيسي سيكون قادراً على الإنجاز إذا توفرت له الوسائل لأنه لا يزال الزعيم الأكثر شعبية وثقة في مصر ولديه مصالح راسخة في القضاء على انتهاكات حقوق الإنسان.
بقلم د. دلال عريقات
تُعتبر حرية التعبير عن الرأي من أهم الحقوق التي يجب أن تتوفر للإنسان، وهي الأساس للنظام الديمقراطي، وتعزز ذلك بميثاق الأمم المتحدة الذي ربط حرية الرأي والتعبير بأهداف المنظمة الأممية وهذا يدل على عالمية هذه الحريّة وضرورتها. تتضمن حرية الرأي عناصر أساسية لحرية التعبير ويتمثل ذلك في حرية الكلام، وحرية الإعلام من خلال الوسائل الصوتية، أو المكتوبة، أو المطبوعة. وهنا نستحضر المادة ١٩ من الإعلان العالمي لحقوق الانسان لعام ١٩٤٨ لكلِّ شخص حق التمتُّع بحرِّية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود. عند الحديث عن الحرية، كلنا متفقون أن لا حرية مُطلقة، فلا بد من حدود للحرية البشرية من خلال ضوابط قانونية وأخلاقية ودينية تتلاءم وطبيعة المجتمع للحفاظ على حقوق الناس والقوانين الوطنية والأخلاق العامة، والنظام العام. بالقدر الذي يحترم به الشخص حريات الآخرين سيمارس حريته بمسؤوليةٍ ومعرفة وكما نعلم جميعاً تنتهي حريتك عندما تبدأ حرية الآخرين. الديانات المختلفة وضعت حدوداً لضبط هذه الحريّة لما قد يكون لها مِن اثر سلبي على المجتمع مثل تحريم الغيبة، والنميمة، والسخرية والمس بسمعة الآخرين تحت بند حرية الرأي والتعبير. نتمتع الْيَوْم بحريات لم تكن موجودةً في السابق، وذلك بسبب سعة الاطّلاع على الشعوب الأخرى، كلّ ذلك حصل بسبب انتشار وسائل الاتصال التي قربت المسافات بين الشعوب فوسائل التواصل الاجتماعي وخاصة الفيسبوك قدمت لكل شخص مِنبر مجاني عاما يستحيل تقييده. وهنا علينا إثارة بعض التساؤلات والملاحظات للمراجعة مالكولم إكس قال أن وسائل الإعلام هي الكيان الأقوى على وجه الأرض، لديها القدرة على جعل المذنب بريء وجعل الأبرياء مذنبين، هذه هي السلطة لأنها تتحكم في عقول الجماهير. لماذا تسمح وسائل الاعلام بتداول الإشاعات والتشهير بأشخاص أو جهات أو مؤسسات؟ ومنذ متى أصبحت السخرية حقا وعمل محترم؟ لنقرأ المادة ١٤ من مشروع قرار قانون نقابة الصحفيين الفلسطينيين لعام ٢٠١٦ التي توجب على الصحفي أن يتقيد في ممارسة عمله بمبادئ مواثيق الشرف الصحفي والموضوعية والاستقامة والنزاهة، وقواعد السلوك المهني واخلاقيات المهنة، وأن يمتثل للواجبات التي تفرضها عليه تشريعات الاعلام وأنظمة النقابة وتقاليدها. كما نعلم فالنقابة موجودة لحماية الصحفيين بالدرجة الأولى ولكن ألا يشمل دور النقابة المنتخبة ضمان أخلاقيات المهنة ومتابعة واجبات الصحفيين الى جانب حمايتهم؟ ما دَوْر نقابة الصحفيين والقانون من وسائل الإعلام المختلفة التي تتداول الأخبار التي لا تستند لمصادر معلومات واضحة ولمرجعيات صريحة ذات مصداقية؟ وألا تعمل الاعتقالات على قلب موازين الحريات وإعطاء شهرة لمن يحلم بها؟ ألم يحن الوقت للاعتراف بأن المشكلة تكمن في عدم وجود مجلس تشريعي لسن القوانين؟ أليس اللجوء للسلطة التنفيذية في كل ما يخص الرأي العام هو بحد ذاته معضلة؟ بعد البحث في القوانين المتعلقة بالإعلام والنشر منذ ١٩٩٥، وجدت أنه وحسب مشاريع قانون الصحافة والإعلام وحسب قانون النشر والمطبوعات الُملغى ، وحسب الأخلاق المتفق عليها، يتوجب على كل صحفي وكل من يعمل بالصحافة الإلتزام بآداب المهنة وتوخي المهنية والمصداقية عند تداول الأخبار، إلا أن هناك شيئاً من الإرباك في اعتماد قانون محدد وهنا لا بد لنا من العمل على قانون مُنَظِّم يحدد آداب المهنة. قد يقول البعض اليوم بأن دورنا جميعاً كأفراد ومؤسسات يجب أن يكون رقابياً أيضاً، مع احترامي لدور الأفراد والمؤسسات ودور السلطة الرابعة وإيماني بأهمية دورها الرقابي، إلا أن زمن ال فيسبوك ألغى كل الضوابط القانونية والأخلاقية. لن نتطرق الْيَوْم لقانون الجرائم الالكترونية، ولكن إذا كانت وسائل التواصل الاجتماعي تسمح للناس ان يكونوا مسؤولين عن رواياتهم، فمن المحزن أن ترى نسبة الناس التي لا تملك رواية أصلاً ومن المحزن أكثر رؤية هؤلاء الذين يوظفون وسائل التواصل المختلفة لبث الروح السلبية والاستمرار بالنقد لمجرد النقد والتشهير وليس بهدف الإصلاح والتغيير مع توفر ومجانية وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، هناك من جعل من الاستهزاء بالآخرين والكلام الخالي من اي فكر ظاهرة مدرجة تحت بند حرية الرأي والتعبير، حان الوقت لتوظيف وسائل التواصل الإجتماعي للتواصل والتأثير وليس للمراقبة والتشهير.
بقلم المحامي زياد ابو زياد
تابعت خلال الأيام القليلة الماضية الأنباء المتعلقة بالاتصالات التي جرت بشأن مشاركة الجبهتين الشعبية والديمقراطية قي اجتماعات المجلس الوطني المقرر عقدها في الثلاثين من الشهر الحالي وقرارهما بعدم المشاركة وكذلك رفض كل من حركتي حماس والجهاد المشاركة. وفي حين أن حركة الجهاد الإسلامي لم تشارك في الماضي في أية انتخابات جرت بعد قيام السلطة وليست طرفا ً في الانقسام الذي وقع على الساحة الفلسطينية منذ حزيران فإن كلا ً من حماس والشعبية والديمقراطية شاركت في الإنتخابات التي جرت عام وبالتالي انخرطت في الحياة السياسية بعد قيام السلطة وفي ظلها ، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الجبهتين ليستا طرفا في الإنقسام بل وعانتا من وقوعه ومن سيطرة حماس وتفردها في القطاع. ولا شك بأننا نعاني اليوم من تجميد أو تحنيط كافة المؤسسات التمثيلية الشرعية الفلسطينية سواء مؤسسات المنظمة أو السلطة الفلسطينية لدرجة أن شرعية تمثيلها للشعب الفلسطيني باتت موضع شك أو تشكيك وأصبحنا بأمس الحاجة إلى تجديد شرعية هذه المؤسسات وضخ دماء جديدة وشابة في عروقها تجمع بين الشباب والحكمة والخبرة والكفاءة مع قاسم مشترك بينها جميعا وهو صدق الانتماء والتاريخ النضالي لمن سيتم انتقاؤهم لينضموا ويساهموا في عملية التجديد هذه. وللأسف الشديد فقد أصبح الانقسام حقيقة ثابتة في الحياة السياسية الفلسطينية وعائقا ً يحول دون أي تطوير في أدائها لاختلاف جوهر تفكير طرفي الإنقسام في كيفية معالجته. فالمطالبة بإعادة الوضع مئة بالمئة إلى ما كان عليه قبل حزيران لا تبدو ممكنة على الإطلاق بعد أن أفرزت الأحد عشر عاما ً الماضية حقائق جديدة على الأرض في قطاع غزة أبسطها هو أننا أمام كيان أشبه بالدولة وله جيشه الوطني وأجهزته الأمنية وصناعته الحربية وخبرته القتالية ومن المستحيل أن يُلغى كل ذلك أو أن يتم التنازل عنه بمجرد توقيع وثيقة مصالحة وطنية بين فتح وحماس تحت شعار تمكين السلطة من ممارسة كافة الصلاحيات في القطاع وجيش واحد وقرار واحد ...إلى آخر الأسطوانة. فمعالجة هذا الوضع القائم في غزة لا يمكن أن تتم إلا في إطار عملية متوازية من الخطوات والإجراءات التدريجية التي يتم خلالها إلغاء السبب الذي قامت المقاومة من أجله وهو الإحتلال ، أي أن نزع سلاح المقاومة يجب أن يتم من خلال دمجها التدريجي كنواة في جيش وطني في دولة يكون الإحتلال قد زال عنها إلى غير رجعة . وهذه العملية التدريجية تحتاج إلى سنين من العمل لاستيعاب المقاومة ودمجها في جيش وطني غير مسيس في وضع طبيعي لدولة طبيعية مستقلة. وبدون إنهاء الإحتلال والإستيعاب التدريجي للمقاومة في إطار الجيش الوطني فلن يكون من الممكن إنهاء وجودها دون إنهاء الإحتلال. ولذا فإن مثل هذه الخطوات تتطلب اندماج إسرائيل في عملية سياسية واستعداها إنهاء الإحتلال بشكل تام والانسحاب الكامل من كافة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك القدس العربية. ومثل هذا لا يبدو ممكنا ً في ظل المعطيات المحلية والإقليمية الحالية. وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة لتحقيق المصالحة وإنهاء الإنقسام على صعيد تسليم الصلاحيات الأمنية في القطاع ، فإن مطالبة حركة حماس بأن تكون نتائج انتخابات عام هي المعيار لتحديد نسبة مشاركتها في مؤسسات المنظمة ، تبدو غير واقعية وغير ممكنة. فقد حدثت تغييرات كبيرة على الساحة الفلسطينية الداخلية من أهمها أن عشرات وربما مئات الآلاف من الناخبين الجدد قد بلغوا سن الانتخاب منذ وقوع الإنقسام في حزيران وبالتالي من حقهم أن يشاركوا في انتخابات جديدة ليختاروا من يمثلهم كما أن هناك عشرات الآلاف من الناخبين انتقلوا إلى رحمة الله خلال هذه المدة الطويلة وبالتالي ليس من حقهم أن يقرروا مستقبل هذا الشعب. فمحاولة حماس فرض نفسها بمعايير على الحياة السياسية الفلسطينية بما في ذلك التمثيل في مؤسسات المنظمة ليست منطقية بل ومرفوضة من أساسها. ولا شك بأننا نعاني من مشكلة شرعية المؤسسات الفلسطينية منذ عام وهو العام الذي انتهت فيه الفترة الرئاسية وفترة المجلس التشريعي وأصبح الجميع يحكم بحكم الأمر الواقع وحدث استقواء على صلاحيات السلطة التشريعية في الضفة والقطاع واستيلاء على صلاحياتها من قبل السلطة التنفيذية وفي هذا خرق فاضح لمبدأ الفصل بين السلطات الذي يُعتبر من أهم ركائز الديمقراطية. إن استمرار التعنت في المطالبة بإعادة الوضع في قطاع غزة إلى ما كان عليه قبل الانقسام يعني عدم الجدية في السعي لإنهاء الانقسام ، تماما ً كما أن استمرار تعنت حركة حماس في المطالبة باعتماد نتائج انتخابات عام كأساس لأي عمل سياسي أو تحديد للتمثيل في إطار المنظمة يعني عدم الجدية في الحديث عن تجديد أو تفعيل مؤسسات المنظمة أو السلطة. وفي ظل كل التعقيدات الموجودة على الساحة الفلسطينية والحاجة الماسة إلى الحفاظ على شرعية المنظمة باعتبارها إنجازا ً وطنيا ً للشعب الفلسطيني وهوية له لا يمكن ولا يجوز بأي حال من الأحوال التنازل عنها لأن ذلك التنازل يعني إلغاء الهوية والشعب والقضية ، فإننا بحاجة إلى الواقعية السياسية للتعامل مع هذه التعقيدات وتجاوز ما ليس من الممكن حله في هذه المرحلة وترحيله لمرحلة ربما يكون حله خلالها أسهل من المرحلة الحالية. وفي هذا السياق ، وبعيدا ً عن الحديث في موضوع إنهاء الانقسام فإن على الجميع التوافق بشأن إجراء انتخابات تشريعية في المحافظات الشمالية والجنوبية تحت إشراف خاص تُشارك فيه منظمات المجتمع المدني وهيئات دولية بما في ذلك الأشقاء من الدول العربية بما في ذلك الإشراف الشرطي لحفظ الأمن وضمان نزاهة الانتخابات ، وإقامة محاكم انتخابية خاصة للنظر في الطعون الانتخابية لا تخضع لحركة حماس ، وتعهد كافة القوى والفصائل بما في ذلك حركة حماس بأن تظل قواها الأمنية وعناصرها العسكرية بعيدة كل البعد وبشكل مطلق عن التدخل في العملية الإنتخابية وفي جميع مراحلها بما في ذلك الدعاية الانتخابية والاقتراع والفرز وإعلان النتائج وتثبيتها . فإذا تم ذلك فإننا نكون قد استطعنا انتخاب مجلس تشريعي يضع أقدامنا على بداية الطريق لإعادة الشرعية للمؤسسات الوطنية الفلسطينية. وإلى أن يتم ذلك وهو أمر يحتاج إلى الوقت والجهد وحُسن النوايا ، فإنه من الواجب العمل وبكل الوسائل لإعادة تجديد مؤسسات المنظمة وفي مقدمتها المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية. لقد كان اختيار أعضاء المجلس الوطني والمركزي واللجنة التنفيذية يتم في الماضي ، وقبل قيام السلطة ، من خلال تقاليد ومعادلات أرستها التجربة الفلسطينية الفريدة من نوعها فلماذا لا نستطيع ذلك اليوم ؟ لا يجوز الانتظار ووضع العقبات والعراقيل والمطالبة بمثاليات غير ممكنة التنفيذ بل نحن في أمس الحاجة للواقعية وتحقيق الممكن بدلا ً من النوم على الرصيف وانتظار غير الممكن. ولا شك بأن انعقاد المجلس الوطني في دورته القادمة في الثلاثين من الشهر الحالي هو أمر نحن في أمس الحاجة إليه ، والجميع يتمنى على كل من الشعبية والديمقراطية إعادة النظر في قرارهما بالمقاطعة لأن هذا المجلس وفي دورته القادمة سيشكل خطوة إلى الأمام نحو تحديث المؤسسات الفلسطينية في إطار الممكن وهو الحد الأدنى الذي يبقى أفضل مليون مرة من انتظار غير الممكن وترك المنظمة تلفظ أنفاسها الأخيرة وهي على فراش الانتظار.
بقلم يونس العموري
هي المهمة الأصعب في الكتابة ، وهي الفعل الذي يكاد ان يقارب المستحيل لنقل وقائع وحيثيات وهموم القدس التي تئنّ تحت وطأة التخريب والتدمير الممنهج لكل ما هو مقدسي عروبي يتمنطق بلغة الضاد في ملامسة ما يسمى بالمحرمات والخطوط الحمراء. فحينما يكون الحديث عن القدس لابد لك وانت تهم بفعل صناعة المقال وحياكة الحروف من ان تتذكر انك تكتب عن العتيقة بكل ما تحمله من معاني ورموز لها الكثير من الدلالات... ولابد وانت تمارس فعلك الكتابي ان تتذكر ان لا مجاملة والقدس، وأن للقدس عليك حق كشف المستور ومحاولة وضع النقاط على الحروف . والمشكلة تكمن في انك وانت تمارس هذا النوع من التقريع وهذا الشيء من الفعل وهذا الضجيج جراء قرع جدران الخزان سيغضب منك الكثيرون، لذلك لابد من ان تنتقي الكلمات وان تبحر ما بين الحروف محاولا الإيماء، وحتما لابد ان لا تلجأ لنوافل الكلام حتى تكتب عن القدس ، وبكل الإتجاهات ستجد نفسك مبحرا بالكثير من الشجن والحزن والهم. مرة اخرى نجد انفسنا أمام الفراغ في القدس، وأمام استعراضات وفبركات تدعي حرصها على القدس وعلى عروبتها، وفعل الأسرلة والتهويد واستباحة كل القدس بات العنوان الأعرض والأشمل في المشهد المقدسي السرياني الفسيفسائي المعقد، جراء زحمة قضايا القدس، وتراجعها من أولويات أولويات الإهتمامات العملية والفعلية في الأجندة الوطنية الفلسطينية الرسمية وتلك العربية الحاكمة. وراعي العربدة والبلطجة في العالم، سيد البيت الأبيض، اعلنها واضحة صريحة غير قابلة للتغير أو التفسير فالقدس عاصمة شعب الله المختار .. معلنا بذلك الحرب الشعواء على لسانها العربي وتاريخها الحضاري ، وأصحى للقرن صفقة من بوابة القدس يكون عبورها ، وسارعت المؤسسة الاحتلالية بالمباشرة بترجمة أولى لبنات العصر وصفقته فعلا واقعيا لا مواربة فيه ، وباشرت بسن القوانين بكل القراءات الممكنة ، وأطلقت العنان لغولها بافتراس إنسانية الانسان بالقدس وازقتها وحواريها حتى تصبح الحياة فعلا غير ممكن ... وقبلة الله الأولى كانت أن أعلقت أبوابها، وجلجلة اليسوع اوصدت قلاعها، والطفولة ما زالت المتسللة لثنايا اللحظات تحاول ان تلهو بعيدا عن المدجج بالحقد عند كل زاوية. وسيد كهنوت العالم اختار الموعد الدقيق في حسابات الترويج والاعلان في ظل الاستهانة والاستكانة والانقسام العربي والفلسطيني والاختلاف ما بين أقطاب الوجودية العربية وبذكرى فعل النهب للبشر والحجر في الأرض السمراء سيكون تدشين وافتتاح البيت الجديد للولايات المتحدة بالقارة المُكتشفة منذ عشرات السنين ... وبذلك كان وسيكون إناره الضوء الأخضر لتل ابيب ان تبدأ بسن القوانين والتغول على الهندي الأحمر الجديد في ايلياء بهدف اقتلاعه واحالته الى كم مهمل على هامش الانسانية وأقلية تحاول العيش في الحواري والأزقة المهملة من الكل والكل هنا يعني الكل اقطاب المعادلة الوطنية الفلسطينية والعرب العاربة ورعاة الدين الحنيف واباطرة القانون والقوانين وحقوق الانسان و ... والمشروع الوطني يترنح ، واورسالم غائبة مغيبة عن فعل التحدي وإسناد مجانينها وعشاقها، بل ان هذا المشروع قد غابت ملامحه واضحى سراباً في وقائع اللحظة الراهنة وامراء المنصة يتسابقون ويعدون العدة لمرحلة ما بعد الضياع، والقدس حجر الزواية بالاصطفافات او هكذا يجب ان يكون قد صار اسمها اورشليم العظيمة ... ومعذرة للطمة المباشرة .. وللحقيقة المرة.. وللمشهد السوداوي.. ولبشاعة اللحظة ... والمواطن بالقدس أضحى لا هم له إلا بإبتداع كل السبل والوسائل الممكنة وتلك غير الممكنة أو المتاحة ليبقى قابعا ببيت المقدس أو بأكناف بيت المقدس. في محاولة منه للبقاء ليس أكثر والكل يطالبه بفعل الصمود والبقاء وفعل البقاء والتمكين .. وهذا الفعل لابد له من مقومات ولابد له من أسباب من الضروري توافرها وتوفيرها وتحقيقها حتى يستوي فعل الصمود ليقبع المقدسي ببيت المقدس .. ويظل السؤال الأكبر ما السبيل للخلاص واعادتنا للقدس وإماطة اللثام عن مرحلة العجز ...؟؟ حيث ان كل المؤشرات تؤكد تراجع البرامج التي من شأنها تعزيز المفهوم الوطني العربي بالتفاصيل اليومية في القدس. و لا شك ان خلق وقائع وطنية في القدس من شأنه الإسهام في الإبقاء على جذوة الصراع على القدس، وفي القدس وأخشى في هذا السياق ان الوقائع الإسرائيلية المفروضة قسراً قد كسبت جولات عديدة بهذا الشأن سيما ما بعد إقامة جدار الفصل العنصري الذي أصبح التعامل والتعاطي معه كجزء من سياسة الأمر الواقع، تلك السياسة التي اعتمدتها كافة الدوائر الإسرائيلية في مسلسل إطباق سيطرتها بالكامل على القدس. وهو الأمر الأخطر الذي يقودنا الى ان فرض الأمر الواقع اسرائيليا وعدم مجابهته بسياسات الأمر الواقع فلسطينيا، ايضا قد بات طريقا ذا اتجاه واحد يؤدي الى القدس الإسرائيلية ذات المعالم اليهودية، التي يعيش بأطرافها أقلية عربية من الضروري الإبقاء عليها وفقا للفهم الإسرائيلي حتى يكون بالإمكان أن تدعي اسرائيل أنها تحترم الأديان والتعددية في القدس. وهذا ما عملت وتعمل عليه الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بمعنى أنها كانت قد امتلكت الرؤية الإستراتيجية للمُراد من القدس وباشرت بالفعل التنفيذي منذ اليوم الأول لإحتلال القدس. وكانت ان استغلت حالة الفراغ الوطني والعروبي والاسلامي والمسيحي وغياب الخطط ذات الأبعاد العلمية والعملية والمرتبطة بالأجندة الفلسطينية وتحديدا خطط ومخططات السلطة الوطنية وغياب وتغييب الوجود المقدسي عن دائرة الإهتمام حتى فيما يخص فعل الإستثمار الإقتصادي المرتبط بالفهم الوطني للفعل الإستثماري الذي من شأنه ان يساهم في معركة الوجود العربي في القدس مع الأخذ بعين الإعتبار تعقيدات الإستثمار ووقائع العملية الإقتصادية ذاتها في القدس جراء السياسات الإسرائيلية بهذا الشأن. كل هذا ومع العلم المسبق لدى الكل الفلسطيني الرسمي وغير الرسمي نجد أننا لا نعمل سوى القليل القليل من حالات الإعلان اليومي بالصحف عن مشاريع اعلامية اعلانية لما يسمى بمسؤولي المدينة والمتربعين على عرش تصريحاتهم والمحذرين بالتهديد والعويل الإعلاني الإعلامي بهدف تمظهرهم بمنطق الحضور الكثيف اعلامياً ومن يتابع ويقرأ تصريحات هؤلاء يعتقد انه أمام حركة دائبة ودؤوبة في القدس تقض مضاجع الاحتلال وبرامجه مع ان الواقع المقدسي مخالف تماماً لما يبدو بخلفية المشهد الإعلاني الإعلامي هذا. لا شك أن معطيات اللحظة الراهنة في القدس تؤكد ان الواقع الحالي بدأ بالاستسلام للأمر الواقع حيث التعاطي بالشأن الحياتي الطبيعي صار يأخذ الشكل الدراماتيكي بالتعامل مع المؤسسات الاسرائيلية ذات الشأن وعلى مختلف الصعد والجبهات فإذا ما اتجهنا صوب العملية التعليمية نلاحظ ان هذه الجبهة قاب قوسين أو ادني لإستكمال الفعل التهويدي الكامل المتكامل حيث ان فرض المنهاج الاسرائيلي على المدارس العربية قد اصبح الحقيقة، والمواجهة هنا مقتصرة حتى اللحظة على عقد المؤتمرات الصحافية وعقد ورش العمل من قبل منظمات الآن جي اوز ودعوات خجولة تصدر من هنا اوهناك في ظل انهيار فعلي وحقيقي في المسيرة التعليمية على الجبهة الأخرى مما يهدد انهيار جهاز التعليم الوطني جراء غياب الخطط الإستراتيجية ذات الامكانيات الداعمة لها ودوافعها الحقيقية التي من المفروض توافرها حتى يستطيع هذا الجهاز من الصمود وبالتالي من المواجهة. وبالمقابل فان الفعل الاستيطاني وتكثيف قضم الأراضي الفلسطينية بالشكل العلني في ظل ما يشاع عن صفقة القرن ، والقدس تتحول الى اورشليم بالشكل الفعلي مع اختفاء قسري للمعالم الفلسطينية العربية بالمشهد المقدسي عموماً. ان القدس تعيش واحدة من أخطر مراحلها ولابد ان تكون وقفة فعلية وشجاعة لمواجهة ومجابهة وقائع القدس الراهنة والتصدي للمشروع الاورشاليمي وهذا يتطلب اولا اعادة صياغة منظومة التعاطي الفلسطيني مع هموم وقضايا المدينة على أساس وضع الخطط الكفيلة بمعالجة كافة القضايا بشيء من الاهتمام والرعاية وعدم الإهمال من قبل المؤسسات ذات العلاقة في المؤسسة الفلسطينية وبذات الوقت لابد من مواجهة الذات الوطنية والاعتراف ان ثمة انهيار فعلي وحقيقي في مداميك الحركة الوطنية الفلسطينية المقدسية الأمر الذي يهدد بالتالي امكانية مواجهة المشروع الاروشليمي بكل أبعادة وأهدافه. ولابد من إعادة الاعتبار للمؤسسات المقدسية التي تم تهميشها وتفريغها من محتوياتها بقصد او بدون قصد جراء فعل التجفيف مما ادى الى تراجع في دور هذه المؤسسات على مختلف التوجهات والاختصاصات والتخصصات. ولابد من اعادة الاعتبار للدور الجماهيري الشعبي من خلال توفير السقف والحماية لها في حالة التواجة والمواجهة مع المشروع الاسرائيلي لا ان تذهب جماهير القدس لتواجه ولا تجد من يساندها ويدعمها. فإن كان المطلوب التصدي لسياسة هدم المنازل وإيقاق مهزلة الهدم الذاتي فلا بد إذن من اسناد هذا المواطن وتمكينه من الصمود بوجه اليات وممارسات الاحتلال لا ان يتحول هذا المواطن الى مستجدي على أعتاب من يعتبر نفسه مسؤولا هنا او هناك. وكانت قد طالعتنا وسائل الاعلام وتحديدا العبرية بأن نير بركات، رئيس بلدية الاحتلال في القدس، ومجلس إدارته يحضران للموافقة على الميزانية الحالية للعام والتي تعتبر أكبر ميزانية على الإطلاق وتصل قرابة مليارات شيكل وحوالي مليارات شيكل لميزانية التنمية. اي ما يقارب مليار وسبعماية مليون دولار، وهذا الرقم الضخم لموازنة بلدية اورشليم يتطلب من الكل الفلسطيني والعربي والاسلامي التفكر والتأمل فيه وبمنطلقاته. أعتقد ان القدس تعيش مرحلة الخمس دقائق الأخيرة التي تفصلها عن اورشليم ... واللبيب لابد ان يفهم من الإشارة والاشارات كثيرة هذه الأيام، والسؤال يبقى هل من لبيب حتى يلتقط حقيقة الواقع والمطلوب حاليا لنصرة من تسمى حتى الآن بالقدس ؟؟؟
بقلم يونس العموري
نجد انفسنا مجددا امام فرض حقيقة القدس، وما هية القدس في المعادلة الانسانية عموما. فمن جديد نكتشف ان للقدس حسابات اخرى غير حسابات باقي المدائن، فالقدس تاريخيا تحررنا من هزائمنا ومن انكساراتنا فيما نحن نسعى الى تحريرها، وهي توحدنا فيما نجهد من اجل توحيدها، وهي تفتح لنضالنا الافاق الواسعة فيما نحاول ان نكسر من حولها القيود، ذلك ان القدس تجمع الامة بكل مكوناتها، كما الانسانية بكل حضاراتها وثقافاتها واديانها، بل في القدس تنكشف العدوانية الفعلية لكارهي الانسان بشكله الأدمي وللفعل الاحتلالي بكل ابعاده لا على اهل القدس وحدهم، ولا ابناء الامة كلها، بل على الكون بأسره. معادلة القدس تفرض نفسها وحضورها في ظل غياب الضمير الانساني الحر المتحرر من كل اشكال الضغط وحسابات المصالح الإقليمية والدولية وتلك المتعلقة بحسابات الأنظمة والدول وحسابات البزنس للشركات عابرة القارات ومتعددة الجنسيات التي اصبح لها كلام الفصل بحسبة صناعة القرارت السياسية للدول وللأنظمة .. القدس بكل مرة تفرض نفسها وتفرض حضور قضاياها والصراع متاجج بكل اشكاله لطالما ان منطق الضاد يفرض نفسه ولن يكون الكلام الا كلاما عربيا ... وانتصرت ارادة القدس مرة اخرى من خلال معركة التحدي والصمود .. الجلجلة هذه المرة ثبتت على الثوابت، وقيامة المسيح لم تخضع ، وكانت تنتظر خوض معركتها بعد معركة اولى القبلتين وانتصار الإسراء ووالمعراج ... والعتيقة على موعد ومواعيد اخرى مع معارك ومواجهات ومجابهات بكل الأزقة والحواري ما بين العبرية والعربية القحطانية العدنانية ... القديمة القادمة من عمق التاريخ تعلم ثنايا معركها وتعرف كيفية خوضها ، وتعلم خبايا عدوها ومخططاته .. وايقنت حقيقة طعنات ذوي القربى .. وسيكون لها جولات وجولات في ساحات الوغى ... القدس لا شك انها تعيش اليوم واحدة من مسلسلاتها الهادفة الى تأويلها وتأويل وقائعها وتُفتح معاركها ببشرها وحجرها وتهجير انسانها في محاولة لتفريغها من محتوياتها وتزييف حقائقها ... وهي التي تسهم بإثارتنا واثارة كل حساسيات وحسابات التاريخ واستحضاره ... وما من استكانة فلسطينية والقدس نازفة ليل نهار ... القدس هي التي تفرض الحرب وقد تفرض برد السلام وقد تكون بوابة العبور للشقاق والخلاف حينما يكون التفريط بثوابتها سيد اللحظة، ومن المؤكد انها حجر الزاوية الأساسي في التصالح وتوحيد الصفوف وانجاز العمل الوحدوي لكل اطياف اللون الفلسطيني والعربي على مختلف وتنوع المشارب الفكرية والأيدلوجية عندما يصبح التشبث بالحقوق الراسخة ثابتة ثبوت تلالها.... هي معيار الثوابت والتمسك بها، وهي مقياس التشبث بقومية العرب ان كان للعروبة من فاعلية بهذا الصدد، وهي التي تملك مفاتيح الولوج الى كل ضفاف الانسانية ومستوياتها فلكل شعوب المعمورة مكامن بها وبصمة من بصمات حضارتهم. والصراع عليها وفيها صراع ليس بالجديد ولنا ان نقول انه صراع يأخذ الطابع البشري الحضاري، حيث الصراع الدائر رحاه الأن في ثناياها انما هو الصراع الفعلي ما بين اقطاب معادلة الخير والشر وهو انعكاس لطبائع الأمور منذ الأزل ففقيرها يصارع اباطرة الظلام الساكنين على هوامشها ومن يدعون زورا وبهتانا انهم اسيادها والقدس لا تعترف بسادة او امراء فيها حيث انها من تصنع السادة والأمراء ان هم عشقوها وتمرغوا بترابها وعايشوا أقاصيصها وحكاياتها وجالوا بأزقتها وتنشقوا عبق أبخرتها، واعتلوا اسوارها وانشدوا اهازيج اغانيها ورتلوا مزاميرها وفككوا النقوش الموسومة على جدرانها ... القدس هي القادرة على فعل التحدي وفرض التصالح واستحقاقاته ان كانت النوايا خالصة بهذا الاتجاه من خلال المعادلة الأبسط التي لا بد ان تجد لنفسها طريقا وسط ظلامية الخصام والتقاتل والتخاصم حيث لا خلاف على القدس او في القدس ومن الممنوع ان نتصارع بالقدس لسبب بسيط وقد يكون بديهي ان القدس من الممكن بل من المؤكد انها ستلفظ كل من يتقاتل بأزقتها وتنبذ كل من يحاول ان يجيرها لصالحه فهي العصية على حسابات المصالح والإستثمار الفئوي فيها في سبيل تحقيق اغراض اخرى غير اغراض القدس ... ولابد من الادراك هنا ان فلسطين بدون القدس معادلة مبتورة وغير مقروءة او مفهومة المعالم ولا يمكن ان تستوي رموزها وحسبتها ... ولابد من الادراك ايضا انه ومن خلال القدس وفعل القدس تتغير معالم العوالم ... فإذا كانت غزة محاصرة فالقدس تعيش اعتى اشكال الحصار وان كان كسر الحصار على غزة فعلا ضميريا بإمتياز فلابد من الادراك ان كسر الحصار عن القدس فعلي نضالي وكفاحي أساسه العمل بشكل متواصل وبكافة السبل والإمكانيات المتاحة والممكنة وان تظل خياراتنا مفتوحة ولنا الحق دائما بذلك. من المهم العلم والكل يعلم ان القدس معيار صدق القادة وكذبهم ومقياس الفعل النضالي او الإرتكان لمخططات حكومات تل ابيب المتعاقبة ... وبالتالي لابد ان تعتبر قضاياها. هي محور الفعل الأساسي لكافة الأطر الوطنية والرسمية في النشاط السلطوي للسلطة الفلسطينية، الا ان الحقيقة وللأسف قد تكون مغايرة بعض الشيء ... لابد من انقلاب بمفاهيم التعامل مع القدس ولفظ قوانين اوسلو التي تعتبر بحكم الفهم الدولي والمنطق العملي قد انتهت صلاحياتها واصبحت غير ملزمة لأي من اطرافها وحيث ان الجانب الفلسطيني الرسمي ما زال يراهن على امكانية احداث اختراق دراماتيكي في الفعل السياسي التسووي .... وفعل الاختراق لن يحدث لطالما ان الرهان يعتمد اولا واخيرا على مسار العمل التفاوضي ليس أكثر ... واذا كان للقدس من مكان في ظل متغيرات العوالم العربية وما تشهده من فعل انقلابي فلابد من تحديد القدس في خطاب من ينتفضون الان بكل ازقة العواصم المرتعشة والمهتزة ... حيث ان للقدس حضور لابد من فرضه في ازقة تلك المدن وهي التي لم تنطق كلمتها حتى اللحظة تجاه ام المدن العتيقة ... واذا اردنا للقدس ان تظل عربية ناطقة بلسان قحطاني عدناني فلابد من مراجعة الذات لأولي الأمر فينا وفي عوالم العرب للكيفية التي يتم التعامل مع قضايا القدس ..
بقلم خيرالله خيرالله
صار مارتن غريفثت رسميا مبعوثا للامين العام للأمم المتحدة الى اليمن. سيكون غريفثت، وهو بريطاني متمرس في تسوية النزاعات الدولية، المبعوث الغربي الاوّل الذي يشغل هذا الموقع منذ اندلاع الازمة اليمنية في العام . تشير السيرة الذاتية للمبعوث الاممي الجديد الى اليمن، الذي يخلف الموريتاني إسماعيل ولد الشيخ احمد، الى انّه اسّس مركز الحوار الإنساني في جنيف ويعتبر من المختصين في تطوير الحوار السياسي بين الحكومات والمتمردين في عدد من بلدان آسيا وافريقيا بين العامين و . يمكن التفاؤل بنية الامم المتحدة في إيجاد تسوية ما اليمن. لكنّ الواضح، استنادا الى ما يدور على الأرض ان اليمن مقبل على جولة جديدة من الحروب الداخلية المرشّحة لان تستمرّ طويلا في غياب القدرة على إيجاد حوار ما بين الأطراف المعنيين. لا يوجد في اليمن حتّى امل في حوار من اجل الحوار. يبدو ان غريفثت يعي ذلك. وهذا ما جعله يقرّر مباشرة مهمّته بحوارات بينه وبين كل طرف من الأطراف اليمنيين بحثا عن مدخل لحوار شامل او مؤتمر إقليمي يمكن ان يبلور في يوم ما اسسا لمرحلة جديدة في اليمن. تقوم هذه المرحلة على إعادة تأسيس الدولة لا اكثر ولا اقلّ. اليمن الذي عرفناه، اكان ذلك على شكل دولتين مسقلتين او دولة واحدة انتهى في اليوم الذي استقال فيه علي عبدالله صالح في شباط فبراير من العام . نجح الاخوان المسلمون الذين خطفوا ثورة الشباب التي اندلعت قبل ذلك بسنة في حمله على الاستقالة. يمكن القول ان اليمن الذي عرفناه انتهى حتّى قبل استقالة علي عبدالله صالح وحلول نائبه عبد ربّه منصور هادي مكانه كرئيس موقت. انتهى اليمن يوم سقط المركز. المركز هو صنعاء التي كان اليمن كلّه يدار منها. لكنّ الذي حصل ان اسقاط علي عبدالله صالح تطلّب اسقاط صنعاء التي صارت المعارك تدور في احيائها وداخل اسوارها. كان مفترضا ان تدوم ولاية عبد ربّه سنتين فقط، على ان تجري انتخابات استنادا الى دستور جديد... ما زال يبحث عن صيغة نهائية له. يظهر ان الموقت صار الدائم في اليمن. الخوف كلّ الخوف من ان تصير الحروب حالة دائمة في اليمن الذي يعاني فيه ملايين الأطفال والكبار في السنّ من سوء التغذية والفقر والامراض المختلفة. لعلّ اخطر ما يشهده اليمن في هذه المرحلة هو التقارب بين الحوثيين وفئات تنتمي الى حزب الإصلاح، أي الى الاخوان المسلمين. لا توجد قيادة إصلاحية قادرة على ضبط كلّ عناصر الإصلاح الذين لعب دورا في إبقاء الوضع في تعز على حاله منذ سنوات عدّة. قبل ايّام، كان حديث عن تقدّم كبير لقوات الشرعية في تعز. وتبين أخيرا ان الوضع على حاله في عاصمة المناطق الوسطى في اليمن وان الحوثيين انصار الله ما زالوا يسيطرون على مواقع معيّنة فيها تسمح لهم بالبقاء في قسم من المدينة الأكبر في اليمن. هذا يطرح بكل بساطة سؤالا عن دور الاخوان المسلمين في المواجهة مع الحوثيين في تعز. هل هم حقّا في مواجهة معهم ام في حال تواطؤ؟ كلّ ما يمكن قوله ان لا جديد في اليمن يسمح بتحقيق تقدّم سياسي على أي صعيد منذ سيطر الحوثيون على صنعاء في الواحد والعشرين من أيلول سبتمبر . الجديد الوحيد انّ عاصفة الحزم التي شنّها التحالف العربي، ابتداء من آذار ، حالت دون سقوط اليمن في يد ايران. هذا هو الجديد الذي كان من نتائجه تحرير عدن من الحوثيين، ثمّ حضرموت وميناء المكلا تحديدا، ثم ميناء المخا الذي يمتلك اهمّية استراتيجية من منطلق انّه يتحكّم بمضيق باب المندب. كانت عاصفة الحزم بمثابة حرب دفاعية لا اكثر. كانت ضرورة بمعنى انّها حالت دون تحقيق انتصار إيراني في اليمن. صبّت في حماية امن كلّ دولة من دول دول الخليج العربي في وقت تعمل فيه ايران على اختراق هذا الامن بكل السبل المتاحة وعبر ملء كل فراغ يمكن استغلاله. لكنّ ذلك لا يمنع الاعتراف بانّ لا وجود في الوقت الحاضر لخيارات سياسية في البلد في ظلّ شرعية ما زالت تبحث عن انتصار حقيقي على الأرض يتيح لها اجبار الحوثيين على التفاوض في شأن الخروج من صنعاء. المفارقة ان هذه الشرعية لم تستطع التعاطي مع الوضع في عدن في مرحلة ما بعد تحريرها من السيطرة الحوثية، فكيف لها ان تفكّر حتّى في كيفية استعادة صنعاء بكلّ ما تمثّله؟ لم تستطع هذه الشرعية استيعاب انّ عدن بمطارها ومينائها باتت جزءا من منظومة امنية تتجاوز اليمن. انّها منظومة امنية خليجية تشمل بحرب العرب والقرن الافريقي والبحر الأحمر على وجه التحديد. باختصار شديد، يظهر ان المأساة اليمنية مرشحة لان تستمرّ طويلا في غياب اختراق كبير ذي طابع عسكري. لا شكّ ان الغزل بين الحوثيين وبعض الإصلاحيين لن يساعد في شيء باستثناء انّه خدمة تقدّمها بعض الأطراف الإقليمية المعروفة لإيران في اليمن وذلك نكاية بالسعودية. نعم، تبدو كل أبواب الحلول السياسية مسدودة في اليمن. لن يكون امام المبعوث الاممي الجديد سوى تمرير الوقت. لن يكون افضل من المبعوثين اللذين سبقاه، وهما جمال بنعمر وإسماعيل ولد الشيخ احمد. هذا عائد بشكل خاص الى ان لا احد يريد التفاوض مع احد في اليمن. فالحوثيون، بفضل الحلف الجديد مع قسم من الاخوان المسلمين، سيزدادون تعنتا وسيزدادون تعلّقا بمشروعهم الذي يستهدف إقامة امارة في الشمال اليمني تضمن تماسا غير مباشر لإيران مع الحدود السعودية. سيكتفي الحوثيون بما توفّره لهم الرسوم والضرائب التي يتقاضونها والمساعدات التي تأتيهم من ايران لابقاء مقاتليهم، الذين بينهم من لم يبلغ سنّ الرشد، في حال استنفار دائمة. ما هو ملفت انّ النزوح من صنعاء مستمرّ، خصوصا من سكان العاصمة الذين ينتمون أصلا الى محافظات في الوسط وفي الجنوب. إضافة الى ذلك، هناك قوّة سياسية فقدت الكثير من اهمّيتها بعد اغتيال الحوثيين لعلي عبدالله صالح في الرابع من كانون الاوّل ديسمبر الماضي. هذه القوّة هي المؤتمر الشعبي العام الذي لم يعد معروفا من يمثله. هل يمثله القياديون الذين ما زالوا في العاصمة والذين عليهم مراعاة قتلة علي عبدالله صالح الى ابعد حدود؟ ام يمثلّهم أولئك الذين انشقوا عن علي عبدالله صالح والتحقوا بـ الشرعية ... ام القياديون الذين بقوا موالين للرئيس السابق على الرغم من وجودهم خارج اليمن؟ في كلّ الأحوال، هناك وضع يمني جديد بكلّ معنى الكلمة. في انتظار وضوح الصورة، لن يجد المبعوث الاممي الجديد غير الانصراف الى الشؤون الانسانية البحتة، لعلّ ذلك يعوّض عن غياب الحلول السياسية التي لا تزال اقرب الى سراب في الصحراء اكثر من ايّ شيء آخر.
بقلم الدكتور عقل أبو قرع
لا شك أن هناك اهتماما متزايدا في الفترة الأخيرة، سواء من قبل الجهات الرسمية أو من قبل الرأي العام بالدعوة الى التوجه نحو التعليم المهني، او التعليم التقني، او بالادق التعليم غير الأكاديمي، اي ليس التعليم الذي اعتدنا عليه في الجامعات والكليات المختلفة، ورغم عدم وضوح وجود خطة استراتيجية بعيدة المدى تتعامل مع التعليم المهني بشكل مستدام، اي بشكل يصبح يشكل جزءا أساسيا من نظام التعليم في بلادنا، ليس مرتبطا بمشروع هنا او برنامج هناك او توفر اموال من هذه الجهة او تلك، رغم ذلك فإن الاهتمام بالتعليم المهني، وبالاخص في اوضاع أو في ظروف مثل ظروف بلادنا، هي ظاهرة ايجابية تتطلب الدعم والتشجيع والحث على المضي قدما، سواء من ناحية النوعية او الكمية، ولكي تصبح جزءا اساسيا من استراتيجية التعليم في بلادنا، لا تتغير بتغير الأشخاص او بتغير اولويات الدعم والمنح. والتعليم المهني يرتبط بشكل مباشر بأفاق العمل والتشغيل والبطالة. وفي بلادنا تبلغ نسبة البطالة حسب الاحصاءات الحديثة حوالي من القوى العاملة، وتصل هذه النسبة معدلات اعلى بكثير عند الخريجيين الجامعيين، وقد تصل الى حوالي عند الخريجين الجدد في بعض التخصصات. وهذا الوضع هو وضع مأساوي بكل معنى الكلمة، مأساوي للخريجين ولعائلاتهم التي استثمرت فيهم، وللوزارات المعنية بالتعليم العالي والتخطيط والعمل والاقتصاد وما الى ذلك، وكذلك وضع مأساوي للمجتمع الذي يعتمد من اجل النمو والتقدم والتنمية على استثمار هذه الأجيال المتعلمة والمتدربة. ومن المعروف أَن عشرات الالاف من الطلبة الجدد يلتحقون بالجامعات كل عام، وأن جزءاً كبيراً من هؤلاء الطلبة يلتحقون في تخصصات مكررة في الجامعات الفلسطينية، وهم يعرفون ان فرص ايجاد عمل في هذه التخصصات هي فرص ضئيلة او معدومة. وتعرف كذلك الجامعات والوزارة ان المجتمع الفلسطيني قد اصبح مشبعاً او وصل درجة فوق الاشباع في هذه التخصصات وبالتالي لا حاجة اليها، أو على الأقل لا حاجة اليها في كل الجامعات، وأن بقائها قد اصبح عالة على المجتمع ويعكس سوء التخطيط او الادارة من قبل الجامعات والجهات المسؤولة وكذلك يظهر عدم الاهتمام بمستقبل الخريجين وبحاجات المجتمع. وفي ظل هذا الوضع، تتجلى أهمية التعليم المهني أو التقني، او التعليم غير الجامعي والذي هو ربما اهم من التعليم الجامعي في بلادنا، والذي تستثمر فيه الدول المتقدمة الجزء الاكبر من الميزانية ومن الخطط الاستراتيجية، والذي يقبل عليه الكثير في هذه الدول، ورغم الاهتمام المتزايد في التعليم المهني عندنا، الا ان القليل قد تم عل الصعيد العملي، من اجل تشجيع الإقبال على هذا التعليم او خلق الفرص والإمكانيات من أجل توجه الطلبه نحوه، ومن ثم ربطه وبشكل استراتيجي، سواء من حيث الكم او النوع مع احتياجات المجتمع. وللسير في هذا الاتجاه، فإن ذلك يتطلب سياسات وقوانين وأنظمة من أجل زيادة الإقبال على هذا التعليم، وهذه القوانين من المفترض ان تحدد الاسس ومن ثم الحوافز من اجل التوجة الى هذا التعليم، وهذا يتطلب إيجاد تخصصات متقدمة ومحترمة تساهم في تقدم المجتمع كما ساهمت في تقدم مجتمعات أخرى وليس فقط تخصصات اعتاد الناس عليها خلال عشرات السنين الماضية. وهذا يتطلب كذلك توفير الامكانيات من مختبرات ومشاغل وكوادر بشرية، وزيادة الوعي عند الناس لتغيير نظرتهم الى التعليم المهني والتقني وكأنة درجة ثانية بعد التعليم الجامعي، وهذا يتطلب الشراكة الاستراتيجية مع القطاع الخاص الذي لا يتقدم كما يتم في المجتمعات الاخرى بدون الاعتماد على مخرجات هذا التعليم، والذي بدونه لا يمكن التعامل وبشكل جدي مع قضية البطالة في بلادنا. وفي دول متقدمة تكنولوجيا واقتصاديا وصناعيا ولا تعاني من البطالة وتداعياتها، وعلى سبيل المثال المانيا، يقبل غالبية الطلبة على التعليم المهني والتقني، وبدون حساسية او الشعور بأنة تعليم من الدرجة الثانية أو الثالثة، وتستثمر فيه هذه الدول والقطاع الخاص فيه، وتتسابق الصناعة والشركات على خريجيه، ويجد الخريجون فرص عمل، ولا تبلغ نسب البطالة عند الخريجين تلك النسب التي تنطبق على خريجي الجامعات في بلادنا، التي وعلى ما يبدو سوف تستمر حتى ايجاد استراتيجية وطنية، يمكن تطبيقها عمليا، للإقبال أكثر وللاستثمار أكثر وبشكل مستدام في التعليم المهني والتقني.
بقلم الدكتور ناجي صادق شراب
استاذ علوم سياسية غزة المرحلة التي تمر بها القضية الفلسطينية الآن من محاولات للتذويب والتفكيك لم تعد تحتمل أي خطأ فلسطيني، بل إن هذه المرحلة تحتاج لمراجعة نقدية تقويمية لكل الخيارات المتاحة والممكنة، التي يمكن أن تدفع في إتجاه التخلص من الاحتلال الإسرائيلي. ولذلك فإن الخطوة الأولى التي لا تحتاج للتحليق في سماء الشعارات والعبارات والتصريحات غير الواقعية تحديد أهداف هذه المرحلة بشكل واقعي وقابل للتحقيق، وبناء على تحديد الهدف أو أهداف المرحلة تحديد عناصر القوة المتاحة فلسطينياً، والإعتماد كلياً على عنصر الفعل الفلسطيني، وهو العنصر الحاسم في تحقيق الأهداف الفلسطينية، فبعد سبعين عاماً على نشوء القضية، وعلى الرغم من كل التضحيات الفلسطينية لا بد من الإقرار بأن الهدف الأساس بقيام الدولة وإنهاء الاحتلال لم يتحقق حتى الآن. ولعل الأسباب كثيرة، لكن أهمها فلسطينياً عدم الوضوح في الأهداف، وتضارب وتصارع الخيارات الفلسطينية، وخصوصاً في العقدين الأخيرين، وتحديداً عقد الإنقسام الذي تسبب في التراجع الواضح للقضية الفلسطينية، ونرى بعضاً من ملامحه ان القضية الفلسطينية لم تعد القضية الرئيس على المستوى العربي والدولي، وذلك بسبب بروز العديد من القضايا التي باتت تشكل أولوية إقليميا ودولياً، بل ان كل دولة أصبحت منشغلة بأولوياتها على حساب القضية، وهو ما يحتم فلسطينياً مراجعة الخيارات والآليات. لم تعد هذه المرحلة وفي ظل كل المعطيات والمحددات الإقليمية والدولية للقضية تحتمل التكرار بنفس اللغة والخطابات السياسية السابقة من شعارات كانت بعيدة عن الواقع.وأولى متطلبات هذه المرحلة توحيد مؤسسة صنع القرار السياسي الفلسطيني ودعمها بكل عناصر القوة، فصانع القرار يحتاج لموقف داعم لقراره، وهو بدوره مطلوب منه توسيع دائرة المشاركة والتشاور السياسي، وتوسيع مساهمة مؤسسات البحث والتفكير للإرتقاء بالقرار السياسي إلى أعلى درجات الرشادة والصوابية، وتقليل فرص وإحتمالات الخطأ. والأمر الثاني توفر البنية المجتمعية الفلسطينية الداعمة والحاضنة للقرار السياسي لأنها من تدفع أثمان القرار السياسي. ولتحقيق هذه المتطلبات لا بد من مراجعة وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس من التعددية والتشاركية، والذي تحكمه رؤية سياسية وإستراتيجية تتلاءم وأهداف المرحلة الإنتقالية. ولا يجوز التفكير بما هو أبعد من ذلك. وهذا يتناقض مع أبسط إمكانات تحقيق الأهداف. ولعل أحد الأخطاء السابقة ان القرار الفلسطيني الموحد كان غائبا، وكل فصيل يعتقد انه على صواب، وثانيا التفكير بمنهاجية المطلق والغيبي والطوباوي، والتفكير كان يسبق القدرة والقوة على تحقيقه. وهذا أحد أهم أسباب الفشل السياسي. لو عدنا للواقع السياسي القائم فإن الهدف الواقعي والذي قد يجد التأييد دوليا هو المطالبة بالحق في قيام الدولة الفلسطينية على حدود وعاصمتها القدس الشرقية. هذا الهدف لا بد ان يكون واضحا في هذه المرحلة، وخصوصا ان هذا القرار تدعمه الكثير من قرارات الشرعية الدولية، ولا تستطيع إسرائيل ولا حتى الفيتو الأمريكي أن يحول دون ذلك. وهذا الهدف هو الذي يحدد ويفرض الخيارات الكفيلة بتحقيقه فلسطينيا. إذن الأساس في تحقيق هدف الدولة لا بد أن يكون فلسطينيا أولا، ثم يأتي الدعم الإقليمي والدولي، ولنا في تجربة المهاتما غاندي ونيلسون منديلا نموذجا واضحا. وهنا تأتي أهمية توافر القيادة التاريخية والوطنية الملهمة والمعبرة عن قضيتها. والعنصر الثاني في نجاح الأهداف توفير البنية القوية والقادرة على إستيعاب وتفهم قرارات القيادات الوطنية لقناعتها بالأهداف المعلنة. وهنا التساؤل وقبل إستعراض الخيارات وإلإستراتيجيات تحديد عناصر القوة الفلسطينية من قوة ناعمة وذكية وحتى قوة صلبة، والتركيز على أهمها في هذه المرحلة. وهنا تبرز أهمية عناصر القوة الناعمة والذكيه وهي كثيرة ومتنوعه. وألإبتعاد عن الجانب المسلح لأنه يرتبط بالعنف والإرهاب المنتشر والذي تعاني منه كل الدول. والإبتعاد عن اي شكل من أشكال العنف المسلح كعسكرة المقاومة مثلا، وهو ما يعطي إسرائيل الفرصة لإجهاض المقاومة الفلسطينية ، وهو ما حدث فعلا في السنوات السابقة. إسرائيل دولة قوة ، ومن ألأهمية بمكان التعامل مع عناصر الضعف في إسرائيل وخصوصا في المكونات الأخلاقية والديموقراطيه خاصة وأن اسرائيل تحاول أن تقدم نفسها كدولة أخلاقية ديموقراطيه. وهنا أهمية الربط بين هذه المكونات و الاحتلال. المطلوب إبراز أشكال الاحتلال وسلوكياته، وهذا يتطلب مقاومه تتسلح بعناصر القوة الناعمة والذكيه. وبقدر إبراز التضحيات السلمية والمدنية للمقاومة بقدر إبراز الأحتلال بكل أشكاله، بقدر خلق الضغط الدولى المطلوب لوضع حد لهذا الإحتلال. والمقاومة بهذه الصورة لا تكفي ولا بد من موازاتها بالخيارات الدولية بإحياء وتفعيل الشرعية الدولية ووضع الدول عند مسؤولياتها الدولية ، والتمسك بخيار السلام وآداته المفاوضات وتفويت الفرصة على أي إتهامات للجانب الفلسطيني على أنه لا يريد السلام والمفاوضات . المفاوضات خيار دولي، ولا يكفي أن نقول ان المفاوضات لم تعد خياراً قائماً. هذا تفكير غير صحيح، ولا يكفي ان نقول فقط أن الولايات المتحدة لم تعد دولة راعية للمفاوضات المطلوب تحديد الرؤية التفاوضية الفلسطينية المدعومة دولياً. كل هذا يعني شيئاً واضحاً التكامل في الخيارات والقدرة على تحمل التبعات والتداعيات التي تترتب على أي خيار. هذا هو أساس نجاح الخيارات ، ليس في توفرها ولكن بالقدرة على تحمل تداعياتها وتبعاتها. .
وجهة نظر
ما بين و .. ما أشبه الأولى بالثانية.. بقلم الدكتورة اماني القرم يسود هذه الأيام في أرجاء الكيان الاسرائيلي وأقطابه الحاكمة شعوراً بالفوقية وبهجة النصر المعبأة بالعنصرية الصهيونية ... وهو ذات الشعور الذي تحدث عنه اسحق شامير رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق صاحب اللاءات الثلاثة لا للقدس، لا للدولة الفلسطينية ، لا لعودة اللاجئين في مذكراته إبان نكسة بعد الاستيلاء على القدس والضفة الغربية وموجة الاستيطان الاحلالي التي اجتاحت جميع أنحاء فلسطين المحتلة في المرحلة التي أعقبت الحرب.. والحقيقة أننا قضينا خمسون عاماً تفصل ما بين و لنتأكد وبالمطلق أن الإسرائيليين لا يريدون سلاماً ولا جيراناً ، ولا يعطون حقوقاً ولا يؤمنون إلا بوجود دولة واحدة هي الدولة اليهودية .. وبالنسبة لهم فنحن الفلسطينيون العرب غير موجودين أصلاً.. وما كل الاتفاقات والمبادرات إلا غطاء لكسب الوقت من أجل الوصول إلى هدفهم وهو الحفاظ على النقاء العنصري الصهيوني.. خمسون عاماً ونحن متهمون من قبل المجتمع الدولي والعرب أننا أضعنا فرص السلام، وأننا خاسرون لا محالة إذا لم نتحمل الأثمان السياسية للإيفاء بمتطلبات المسيرة السلمية، وأننا أخطأنا حين لحقنا بأجندات هنا وهناك، وأننا الملامون وأن العلّة فينا .. خمسون عاماً تعرضنا للمزايدات والمهاترات وتحملنا كثيراً خسارة أراضينا وأولادنا وحياتنا وإنسانيتنا فقط من أجل غد يمكن أن نرى فيه دولة لنا أو حتى شبه دولة .. ولو مرت خمسون أخرى أو خمسمائة، فهناك حقيقة واحدة لن تتغير يجب أن يعيها كل العالم أن المشكلة عند الاسرائيليين وليست عندنا لأنها تتعلق بنمط الفكر المنشئ والحاكم لدولتهم الاستعمارية. فالقوة الدافعة المحركة للكيان الاسرائيلي وأقطابه ومعتقداته هي الاندماج مابين عمودين أساسين الفكرة الصهيونية والأمن.. الأول يشكل الوقود الفكري والمادي لاستمرارية الثاني الذي يصبح فارغاً من مدلولاته إذا غابت عنه الصهيونية. وعليه، ففكرة الوجود القومي لاسرائيل تتنافى كلياً مع الوجود الفلسطيني. ولا أبالغ إن زعمت أنها تقوم على اجتثاث الوجود الفلسطيني أصلاً عبر طرده وتهجيره، وإن لم ينفع تسعى لحصره في إطار معزول ومحروم من جميع الحقوق الأساسية بل ويحمل مفاتيح إبادته لنفسه. وأية أحاديث عن خطط اقتصادية مقترحة من الإسرائيليين لتحسين حياة الفلسطينيين أو أتونوميا ــ حكم ذاتي هو لب الصهيونية التي لا تعترف بالوجود الفلسطيني. فهم كاذبون إذا إدعوا أن التهديدات التي تواجههم جغرافية حول الأراضي والحدود، بل يؤمنون بالمطلق أن التهديدات بالنسبة اليهم هي وجودية تاريخية كما قال أفرايم هليفي رئيس الموساد السابق. وما القرار الصادر عن الليكود بضم المستوطنات في الضفة الغربية والقدس للسيادة الإسرائيلية وما سيترتب عليه من تهجير للسكان الأصليين وضم لأراضيهم إلا تجسيد حقيقي للفكر الصهيوني العنصري الذي يحكم دولة اسرائيل. و ما أشبه الأولى بالثانية، وكلتيهما سنوات تمضي .. أما نحن فباقون لا نمضي رغم أنف الصهيونية.
بقلم عيسى قراقع
رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين ما أطول الطريق الى سجن المسكوبية، هذا السجن الذي اطلق عليه خلال ثورة عام بالمسلخ حيث أعدم عدد من الثوار الفلسطينيين على مشنقة سجن المسكوبية خلال الانتداب البريطاني، ولا زال يسلخ جلود المعتقلين الفلسطينيين بعد أن ورثت دولة اسرائيل المحتلة هذا السجن وكل أساليب وانظمة وقوانين القمع عن البريطانيين . اعتقلوه الساعة الثالثة فجرا بعد أن اقتحموا البيت. هي فرق كوماندوز اسرائيلية ملثمة خططت لاعتقال طفل قاصر لا يزيد عمره عن سنة، فجروا باب المنزل وانتشروا فيه كالوطاويط، وجهوا بنادقهم للمفزوعين من نومهم والمرعوبين من هذا الاجتياح الليلي المسلح، حشروا سكان المنزل تحت التهديد والشتائم في غرفة واحدة ، ثم توجهوا الى سرير الطفل ، وضعوا المسدسات على رأسه ، كان يحلم ، قرب سريره كتاب المدرسة المفتوح على الصفحة الخامسة والثلاثين، انهالوا عليه ضربا فلم يكتمل الحلم، عصبوه وقيدوه وجروه بسرعة الى خارج البيت ، بعد ان قامت بقية الفرقة المهاجمة بتفتيش البيت والعبث بمحتوياته وتدميرها. هي ليلة اعتقال ولد صغير ، وقد تكللت العملية العسكرية بالنجاح ، وأبلغ قائد الفرقة قيادته أن المهمة قد انجزت تماما، وأن الهدف أصبح بين أيديهم ، وأنهم سيتوجهون الى منازل بقية الأولاد الآخرين لاعتقالهم قبل استكمال حلمهم وبزوغ الصباح. لا يحبون اشراقة الفجر، يكرهون النهار، ويكرهون أكثر أنهم لم يطلقوا الرصاص في هذه العملية، يعشقون الدم خاصة أنهم تعودوا خلال عملهم العسكري أن يطلقوا الرصاص على المطلوبين للاعتقال ، يقتلونهم او يصيبونهم بجروح بالغة، هي نشوة الحرب على الصغار ورقصة الدماء المنثورة على أرصفة البيوت. يسجل ضابط العملية العسكرية في تقاريره أنه نجح خلال عام في قتل أطفال من راشقي الحجارة خلال محاولات اعتقالهم، وان طفلا آخر أُصيبوا بجروح بالغة من بينهم طفلا أُصيبوا باعاقات في ركبهم بعد إطلاق الرصاص عليهم ، ويكتب انه إذا لم يقتل الولد المطلوب فإنه سيعيش طوال حياته معاقا ، سنحول اولاد فلسطين الى اولاد العكاكيز. لا يعرف هذا الولد الذي أعتقل بلباس النوم، لم يسمح له بأخذ ملابسه الشتوية ولا حتى بارتداء حذائه، ظل حافيا، الى أين سوف يأخذونه، ها هو مبطوح على أرض السيارة العسكرية المصفحة مربوطا معصوبا ، أحذية الجنود المدببة تدعس على جسده ، يضربونه بقسوة، يشدون القيود على يديه أكثر، دماء تسيل من أنفه ورأسه،ضربات توجه على رأسه باعقاب البنادق، أحذية الجنود تضغط على رقبته ، يكاد يختنق، غير قادر حتى على الصراخ، الجنود يتفننون في ضرب الولد الملقى تحت أحذيتهم، يتعمدون الدوس على الفرامل خلال الطريق، يرتطم جسم الولد بالحديد ، ما الذي يجري؟ ما أطول هذه الطريق. في سجن المسكوبية وقبل أي سؤال أنهال عليه المحققون بالركلات والصفعات والشتائم البذيئة، قيدوه على كرسي محني الظهر من قدميه ويديه وتركوه في غرفة باردة ومثلجة، يرتعش، دماؤه تجمدت على خديه، ذاكرته تحولت الى ظلال، صورة أمه الباكية تتماوج بين عينيه ، وصورة إخوته الصغار الخائفين يقفزون من النعاس ومن فراش النوم. جاء المحقق ، أمسكه وضرب رأسه عدة مرات بالحائط، بصق على وجهه ، هدده باعتقال والديه، طلب منه ان يعترف برشق الحجارة والاّ سيموت هنا، كم حجرا ضربت؟ لماذا تسهر طوال الليل تنتظر لتضربنا؟ لماذا تكرهنا؟ لم يستطع الولد ان يقول له إن الصف الخامس الابتدائي في مدرسته أصبح ناقصا، اصدقاء له قتلوا، وأصدقاء له أعتقلوا، وان حقائبهم لازالت مليئة بالكتب والأقلام، وإن ملابسهم لا زالت منشورة على حبال الغسيل في الشمس، وعندما يقرع جرس المدرسة لا يأتون ولا يراهم. طلب الولد ان يشرب الماء، فما كان من المحقق الا أن وجه له ضربة قوية على صدغيه ، لا ماء هنا، لا هواء ، لا حياة، هنا المسكوبية، هنا غرفة اربعة ، غرفة الموت، من يأتي هنا لا يخرج الا كسيحا ومذلولا، هنا دولة اسرائيل العظمى، لن ندعكم تكبرون بعد الآن. كان المحقق يزعق ويرتجف، كان خائفا مرعوبا قلقا، كأن هذا الطفل الصغير يعتقل كل جلادي الاحتلال، لماذا هم خائفون من حجري؟ طلب الولد محامياً، فما كان من المحقق الا أن أصيب بحالة فزع وجنون، أي محامي؟ لا قانون هنا، نحن القانون، المخابرات هي القانون، الأمن هو القانون، لا نعترف بأنك قاصر ، لا نعترف باتفاقية حقوق الطفل العالمية، أولاد فلسطين قنابل موقوته، لا يشترون الحلوى بل القنابل، حقائبهم مملوءة بالحجارة والنكافات والمولوتوف، لهذا لن تخرج من هنا حرا. محاكمنا العسكرية شرع لها أن تصدر بحق الاولاد احكاما عالية، نحن المخابرات بأيدينا قانون إعدامكم، تعبنا منكم، عليكم أن تختفوا من وجوهنا الى الأبد. المحقق أصيب بالهلوسة أمام الطفل العنيد، الى متى ستصمد؟ منذ وعد بلفور مرّ من المسكوبية الكثيرون، هنا قتلنا قاسم ابو عكر وعبد الصمد حريزات وابراهيم الراعي، هززنا ارواحهم وأزهقناها، لم يحاسبنا أحد، نحن شعب الله المختار، نحظى بحصانة وحماية ، نفعل ما نشاء. شعر الولد ان المحققين مهزوزين ، أكلُّ هذا السجن وما فيه من محققين وموظفين واصفاد وأبواب وهراوات وزنازين معدّة له؟ جولات ليلية من التحقيق لا تنتهي، هم ساهرون طوال الليل، وهو يحاول ان ينام في خياله البعيد البعيد، يلعب في حديقة المدرسة ، يقرأ نشيد الصباح، يرفع العلم، هنا ما يمكن ان يلجأ اليه، وهم لا يلجأون الا للقمع والضرب، ما هذه المسكوبية؟ مكان للمتوحشين، رائحة دماء منتشرة، وعفن ورطوبة واختناق، هنا دولة اسرائيل الكبرى، دولة محشورة في سجن المسكوبية. طلب الولد طبيبا ليعالج رضوضه وجروحه التي أصيب بها بسبب الضرب والدعس والتنكيل، ضحك المحقق عاليا وقال اعترف اولا ثم نجلب لك طبيبا، سوف تتعفن جروحك، وربما سيتم بتر يدك المصابة، وأكثر سوف تصاب بالجنون وتموت، سنقول أنك انتحرت، لا أحد هنا يراك، لا كاميرا ولا تسجيل، أنت وحدك في هذا النعش ، هنا المسكوبية وليس المدرسة أو البحر. دخل مجموعة محققين عرّوا الطفل من كامل ملابسه، وبدأت حفلة ضرب وضحكات وتصوير، يلتقطون الصور مع الطفل المعذب والمضروب، وقع على الأرض أوقفوه، ثم وقع على الأرض وهم يستهزئون ويضحكون، صيد ثمين بين أيديهم ، ولد صغير وقع بين قبضاتهم، أجهزتهم الخلوية تلتقط صور الولد المنهك المرعوب. هل اشبعوا غرائزهم ونوازعهم ؟ هل شفوا من أمراضهم الأمنية والعنصرية وتبخرت الكراهية من صدورهم بعد هذه الحفلة الصاخبة من الضرب المبرح والاستمتاع؟ المسكوبية مكان للشياطين ولمرضى دولة اسرائيل الكبرى. أين الصليب الأحمر ؟ تساءل الولد المعزول في زنزانته منذ يوما، لا يصل أحد الى سجن المسكوبية ، لا صليب أحمر ولا برلمان اوروبياً ، لا صحافة ولا مؤسسات حقوق انسان. الزنزانة بعيدة عن الكون، خشنة الحيطان، قذرة ، مليئة بالحشرات، ضوؤها أصفر باهت ، الأغطية قديمة ومليئة بالقيء والقاذورات ، لا نوم في هذه الزنزانة الضيقة، آخ لو في يده الآن حجر، تمنى ذلك وهو يحاول ان يحلق في الهواء الذي لا يعرفه المحققون ، ويطير. هنا سجن المسكوبية... هنا دولة اسرائيل الكبرى... المخابرات ، الحكومة ، الجيش ، البرلمان... القضاة ، المحاكم، الشرطة، الجامعات... الصحافة ، المستوطنون... هنا ولد صغير معتقل يكتب على كف يده لم اعد طفلا منذ الآن
الأحد... وكل يوم أحد معدل
المطبات والعوائق ... على طريق إنهاء الانقسام بقلم المحامي زياد أبو زياد بداية وقبل الحديث في صلب موضوع هذا المقال لا بد من توجيه أصدق مشاعر العزاء والتضامن مع الشقيقة مصر.. مع الحكومة والشعب والجيش المصري وأجهزته الأمنية واستنكار وإدانة الجريمة البشعة الجبانة التي قام بها خوارج عن الدين والشرع والخُلُق والقيم الدينية السمحة ضد المصلين الأبرياء في بيت من بيوت الله وفي يوم مبارك هو يوم الجمعة ، عزاؤنا لأسر الضحايا ودعاؤنا بالشفاء العاجل للمصابين. إن من المؤكد أن من بين أهداف هذه الجريمة البشعة خلق المبررات لتحريض الشعب المصري ضد أشقائه في غزة وضد حكومته التي ترعى المصالحة في غزة ، والضغط لإعادة إغلاق معبر رفح وتشديد الحصار على شعبنا الصامد في غزة وإفشال المصالحة وإنهاء الإنقسام لأن ذلك ليس في صالح أجندة أعداء الشعبين الفلسطيني والمصري. لا أحد يستطيع أن ينكر بأن المصالحة هي مطلب جماهيري فلسطيني من الدرجة الأولى بالرغم من أن الكثيرين فقدوا الثقة بمن يملكون قرار المصالحة ظنا ً منهم بأن هناك على الجانبين من هم مستفيدون من استمرار الإنقسام وسيبقون يتحينون الفرص ويتربصون الدوائر لاقتناص أول فرصة تسنح لإفشال المصالحة. وعليه فإننا رغم الخطوات التي تمت في هذا الصدد إلا أننا ما زلنا نشعر بالقلق من إمكانية تعثر جهود تحقيق المصالحة والتي إن تعثرت فسيكون لها أثر كارثي على المزاج العام للشعب الفلسطيني وعلى مجمل قضيته ومصيره في هذا الخضم المتلاطم الأمواج. ورغم المخاوف والقلق فإن هناك أموراً تجري هذه المرة تترك بصيصا ً من الأمل بأن المحاولة الجارية الآن هي أفضل حظا ً من المحاولات السابقة. ومن بين هذه الأمور هو المستوى الرفيع وعلى أعلى مستوى للتدخل المصري في الدفع باتجاه المصالحة ، وتدهور الأوضاع الداخلية في غزة إلى حد لم يعد أحد في غزة يستطيع تجاهله أو تحمل مسؤوليته، ناهيك عن المتغيرات الإقليمية والعربية التي فتحت أبواب بعض الدول العربية على مصراعيها أمام إسرائيل وخاصة في المجالات الأمنية والعسكرية والتي عكست المعادلة. فبدلا ً من أن يكون حل القضية الفلسطينية وإنهاء الإحتلال هو المدخل لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والعرب أصبح تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعرب هو المدخل لإنهاء القضية الفلسطينية وتصفيتها وشطبها. كل هذه العوامل تدعو أولا ً وقبل كل شيء إلى بذل أقصى قدر ممكن من الجهد لتحقيق المصالحة وتفويت الفرصة على كل القوى السلبية من الداخل ومن الخارج التي تتحفز لإفشال المصالحة. وأشير في هذا الصدد إلى ما نسب إلى الأخ أحمد بحر نائب رئيس المجلس التشريعي المنتهية ولايته بأن تمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل في غزة رهن بثلاثة شروط رفع الحصار عن غزة ، ووقف التنسيق الأمني ، ودفع رواتب الموظفين. فقد كنا نعتقد بأن حكومة الوفاق الوطني قد بدأت بتولي مهامها وممارستها في القطاع فهل نفهم من كلام البحر بأن كل ما تناقلته التصريحات الرسمية وشبه الرسمية وعلى أعلى المستويات وخاصة من قبل حماس لم يكن سوى ذرا ً للرماد في العيون ؟ لقد تم القليل حتى الآن في اتجاه تحقيق المصالحة ولكن لا يجوز الإستهانة بهذا القليل أو التقليل من شأنه لأن تراكمات عشر سنوات وما أفرزته من حقائق وواقع على الأرض لا يمكن شطبه أو إلغاؤه خلال أيام أو حتى شهور. وعلى الجميع إدراك هذه الحقيقة أولا ً ، والمضي في متابعة علاج المشاكل السهلة فالأكثر صعوبة بحكمة وترو وواقعية لتفادي الإنفجار الذي إن وقع فلن تُحمد عقباه. فالمهم أن نتقدم وأن يشعر المواطن الفلسطيني المحاصر في القطاع بأنه بدأ يجني ثمار المصالحة. ومن هذا المنطلق فإن رواتب الموظفين سواء من كانوا يعملون قبل واستمروا في العمل مع حماس بعد ذلك أو الذين قامت حماس بتعيينهم بدلا ً ممن استنكفوا ورفضوا العمل مع حماس أو غيرهم يجب أن لا تكون موضوعا للمساومة أو المناكفة ويجب أن يتم صرفها فورا ً لأن ذلك سيكون بمثابة رسالة للجميع بجدية العمل لإنهاء الإنقسام وتحقيق المصالحة. وعلى الجميع في نفس الوقت أن ينأى عن وضع العراقيل أو اشتراط الشروط التعجيزية التي من شأنها الإستفزاز وإثارة العقبات. فالتنسيق الأمني هو الشق الثاني للتنسيق المدني لأن كلاهما شقان متلازمان وهما جزء من اتفاق القاهرة عام الذي أسس لقيام السلطة الفلسطينية ، وبدلا من الحديث عن وقف التنسيق لا بد من الحديث عن العودة للنصوص الأصلية للإتفاق وتطبيق التنسيق الذي اتفق عليه وليس ما استطاع الإسرائيليون فرضه فيما بعد وابتزاز السلطة وإجبارها على تنفيذ ما ليس في الإتفاق. وفي جميع الأحوال ، فكلما انخفضت وتيرة التصريحات الإستفزازية ووضع الشروط وتكاثفت الجهود العاملة بصمت لتحقيق الوحدة الوطنية وجسر الخلافات كلما زاد الأمل بأننا سنخرج أقوياء متحدين منتصرين. لقد حاول بعض المشككين هذا الأسبوع القول بأن حوار الفصائل الذي دار بالقاهرة قد فشا بدليل أنه لم يتوصل إلى نتائج ملموسة وأنه تمخض عن كلام عمومي حتى في الموضوع الأهم الذي تطرق إليه وهو موضوع الإنتخابات بحيث أشار إلى إجرائها قبل نهاية العام القادم دون التدقيق أو الدخول في التفاصيل. وأقول وبكل قناعة وتواضع بأننا طالما لم نعلن الفشل فإننا على الطريق لتضافر الجهود لتحقيق النجاح طالما بقينا نتعامل بحسن نية وواقعية ورغبة في التقدم. ويبقى إجراء الإنتخابات التشريعية أولا ً والرئاسية ثانيا ً هو الموضوع الأساس الذي تُبنى عليه كل الخطوات التالية لرأب الصدع الفلسطيني والتقدم نحو العمل الوطني المشترك لإنهاء الإحتلال وتحقيق الإستقلال.
بقلم د. محمود أبو عين
يتميز صراعنا مع الاحتلال الاسرائيلي بأنه صراع معقد ويطغى عليه شريعة القوة والعدوان ويتسارع مع قوة الحق والقانون. ولا ينبغي علينا ان نغفل صراع الماضي او نحيده عن صراعنا الحالي والمستقبلي. فها هو وعد بلفور الذي اصدره وزير خارجية بريطانيا آرثر جيمس بلفور يدخل مئويته الاولى والذي جاء في تشرين ثاني عام يأتي هذا العام ليجسد كافة التناقضات، فهو صادر من دولة بريطانيا الانتدابية في حينه لإقامة وطن قومي لليهود على ارضنا التاريخية فلسطين متجاهلين جميعهم الشعب الفلسطيني والحقائق التاريخية والشواهد الدينية والإرث الثقافي التي تؤكد ان الشعب الفلسطيني شعب اصيل يملك على الارض مقومات الشعوب والدولة المستقلة ذات السيادة، في حين ان اليهود وحسب كل الشواهد التاريخية هم اقلية دينية كما هو حالهم في كل بقاع الارض. اليوم، وبعد مرور مئة عام على الوعد المشؤوم ينبغي علينا وعلى الهيئات الدولية والاممية ان تعيد قراءة هذا الوعد خاصة بعد ان حصلت دولة فلسطين على عضوية عضو مراقب في هيئة الامم المتحدة. سيدي الرئيس محمود عباس اننا نؤيد ونثني على ما جاء في خطابك ودعوتك للحكومة البريطانية ان مسؤوليتها التاريخية والقانونية والسياسية والمادية والمعنوية لنتائج وعد بلفور، والاعتذار للشعب الفلسطيني لما حل به من نكبات وظلم، وتصحيح هذه الكارثة التاريخية ومعالجة نتائجها بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف. سيدي الرئيس ان وعد بلفور لم يأت محض صدفة بل سبقه الكثير من الوعود التي منحت من لا يملك ما لا يستحق، فقد سبق وعد بلفور وتلاه وعود كثيرة. هناك وعد نابليون لليهود بأن يقيم لهم دولتهم الموعودة في فلسطين إن ساعدوه في حملته العسكرية على الشرق عام ، وفي عام وفي مسعى محموم من بريطانيا الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس لتثبيت نفوذها العالمي صدر تقرير كامبل بنرمان وهو رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، حيث أوصى بتقسيم العالم العربي إلى مشرق ومغرب وإسكان اليهود في الجسر الرابط بينهما، هذا التقرير جاء بعد عشرة أعوام من المؤتمر الصهيوني الأول في بال بسويسرا وقبل عشرة أعوام من وعد بلفور. ان عبء وعد بلفور عبء ثقيل أسهم في تمريره العالم الغربي آنذاك ولا ننسى التقاعس العربي والاسلامي الامر الذي جعل الجماعات الصهيونية تستمر وتستقوي على شعبنا الفلسطيني الاعزل. وان من يتحمل مسؤولية تمرير وعد بلفور وتنفيذه ليس بريطانيا وحسب بل عصبة الامم المتحدة التي اسندت الى بريطانيا مهمة الانتداب على فلسطين في الوقت الذي لم يكن لإسرائيل وجود. سيدي الرئيس لا ينكر التاريخ ولا الكتب السماوية ومنها التوراة ان الشعب الفلسطيني شعب عريق ومن أقدم شعوب المنطقة، وان فلسطين مر عليها اقوام متعددة بعضها اختلط في الشعب الفلسطيني الأصلي وأصبح جزءا منه وآخرون كانوا مجرد محتلين أو فاتحين، عمروا لفترات قد تطول أو تقصر الرومانيون والصليبيون والأتراك والإنجليز، ولكنهم في النهاية تركوا البلاد لأهلها.ان وعد بلفور المشئوم كان ولا يزال أكبر جريمة سياسية شهدها التاريخ المعاصر و جريمة ضد الانسانية وظلم تاريخي اوقعته قوة استعمارية انتدبت على فلسطين ما شكل مأساة ونكبة وطرد وتهجير وهدم مدن وبلدات وقرى لشعب استشهد منه عشرات الاف ولا زال يقدم التضحيات الجسام حتى يزول الظلم ويزول اطول واكبر احتلال عرفته البشرية . سيدي الرئيس، لا زالت الاجيال الفلسطينية تحتفظ بمفاتيح العودة جيلا عن جيل، لم يخب ظنهم بقيادتكم وحكمتكم ، والأجيال لا زالت في انتظار العودة وتحقيق الحلم الفلسطيني بإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف وتقديم من تسبب بمأساتهم عشرات السنين للعدالة، لان حق الشعب الفلسطيني لا يسقط بالتقادم ولن ينساه الصغار بعد موت الكبار كما زعم القادة الإسرائيليون. سيدي الرئيس، مع اقتراب الذكرى يحيي الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات هذه الذكرى الأليمة ولكن بأسلوب مختلف بعيدا عن البكائيات والمهرجانات اليوم نحيي الذكرى من نقطة ارتكاز قوتنا بعدالة قضيتنا. ان ما وصلت اليه المصالحة بتوجيهاتكم الرشيدة تضيف الى دبلوماسيتكم نجاحا جديدا اذ بالوحدة الفلسطينية يتدفق الدم الفلسطيني الواحد في شرايين الضفة والقدس وقطاع غزة الامر الذي سيخلق افقا جديدا واحدا مبنيا على اساس موحد ومشترك سيعمل على دفع مشروعنا التحرري الى الامام وفي كل المحافل الدولية والاممية وبالوحدة الشاملة ستنضوي كل فصائل العمل الوطني والاسلامي في برنامج سياسي واحد وعمل مقاوم مشترك وموحد تحت راية منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني لأن في الاتحاد قوة. اليوم وفي ظل اجواء المصالحة الامل يملأ كل نفس فلسطينية بإعادة الحق الى اهله لأننا الفلسطينيون عرب اقحاح ونحن من نملك الارض والتاريخ ونحن من نؤمن بكل مقولة عربية وقد قالت العرب ما بضيع حق وراه مطالب .. حقوقنا جلية وواضحة ..ورغم وعد بلفور ونتائجه الكارثية فإن حقنا في الحياة والعيش على أرضنا ثابت لن يتزحزح ولن يتغير مهما طال الزمن ورغم سياسات الاحتلال ومخططاته التهويدية والاستيطانية في القدس والضفة الغربية وحصاره لقطاع غزة. سيدي الرئيس نحن معك وخلفك في كل خطوة تخطوها حتى تعتذر بريطانيا وتعترف بدولتنا الفلسطينية وحتى يستيقظ المجتمع الدولي وكافة القوى المحبة للسلام وتصحى ضمائرهم ويعملوا جادين بالضغط الحقيقي على الاحتلال لإجباره على الانسحاب من ارضنا المحتلة والاعتراف بحقوقنا المشروعة وحقنا فى العيش الآمن وقيام دولتنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف ، وحق اللاجئين بالعودة وفق قرارات الشرعية الدولية. هذا العام هو المتمم للمئة عام على هذا الوعد المشئوم فنحن بانتظار الوعد الذي حلمت به سيدي الرئيس بأنه سيكون عام عام التحرر والاستقلال.
بقلم المحامي إبراهيم شعبان
تصادف غدا ذكرى مرور مئة عام على صدور الوعد البريطاني المشئوم وتحديدا في الثاني من شهر تشرين الثاني من عام ، والذي أصدره ووقعه المدعو اللورد آرثر جيمس بلفور، وزير الخارجية البريطاني آنذاك. وقد وجه هذا الوعد أو الإعلان إلى اللورد ليونير وولتر دي روتشيلد الثري اليهودي، حيث يشير الكلام إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. علما أن بريطانيا آنذاك لم تكن قد احتلت فلسطين ولم تطأ قواتها الغازية الثرى الفلسطيني بعد، وكانت فلسطين جزءا من الدولة العثمانية وقتذاك. والسيادة فيها للشعب الفلسطيني ولم تكن اتفاقية لوزان لعام قد وقعت بين تركيا والحلفاء. وكان اليهود يشكلون نسبة خمسة بالمئة من سكان فلسطين وقتها. وقد قيل الكثير في تفنيد الوعد الذي وصف بوعد من لا يملك لمن لا يستحق من ناحية قانونية واجتماعية وأخلاقية وتاريخية ودينية. ولا جدل أن هذا الوعد الذي غدا ركيزة من ركائز الدولة الصهيونية بل حجر الزاوية في قيامها القانوني لا يقوى على الوقوف امام الحجج الفلسطينية التي تزخر بها المكتبة العربية ، لكنها الغطرسة والقوة العسكرية والعمالة التي طغت على أية اعتبارات للعدالة والحقوق والحيازة الهادئة. ومهما قيل في تبرير الوعد، فالأمر قد انقضى وانتهى، ومهما غصنا في قلب التاريخ وقلبنا صفحات المساهمين فيه كبلفور وتشامبرلين وتشيرشل وغيرهم من الساسة البريطانيين، فهذا أمر دون جدوى قانونية على الأقل ولا يقدم ولا يؤخر إلا في الأمور الأكاديمية والدراسات العلمية. المهم الآن تغيير الوضع القائم باية وسيلة كانت أو خلق وقائع جديدة تنفي الوعد جملة وتفصيلا، بل جعل الوعد خاليا من أي مضمون أو قيمة أيا كانت بجميع السبل المتوافرة. هذا الأمر، لا يمكن عمله بالندوات والثرثرات والتصريحات والحفلات والإعتصامات والإدانات، لكنه يتم فقط بالعمل والعمل فقط. ذلك ان المستعمرين والإسرائيليين يعلمون أن الشعب العربي والقيادة العربية ليسوا من أصحاب العمل، بل من أصحاب الشعارات وتردادها. وكان شعراء العربية ومنظروها يكررون هذه الصيحات ويعقدون الندوات ويُسرُّ بل يرقص السامعون على صدى حماستها. وبعدها يذهبون إلى سباتهم وينتظرون عاما حتى تقام فيه الأهازيج والندوات وكفى الله المؤمنين شر القتال. ولا اخفيكم سرا أن كثيرا ممن يلعنون وعد بلفور من الفلسطينيين ليلا ونهارا، ضيوف دائمون في حفلات الإستقبال البريطانية بل يحتجون ويغضبون إن لم تتم دعوتهم إلى حفلات الإستقبال تلك، وعلاقاتهم وثيقة بالأجهزة البريطانية. فلسطينيون كثر يحتجون ويثورون على وعد بلفور أمام أجهزة الإعلام فقط، لكنهم في الغرف المغلقة مع الدبلوماسيين البريطانيين صم بكم لا يعمهون، ولاحظوا إنني لا أتحدث عن عرب يتواصلون مع القنصلية البريطانية بل فلسطينيون يشرحون لهم الأوضاع كأفضل وسيط مع احتساء قهوتهم وألتهام كعكاتهم. هل فكر هؤلاء في مقاطعة القنصلية البريطانية يوما أو سنة أو في حفل ما نتيجة وعد بلفور؟ هل فكر الفلسطينيون في مقاطعة البضائع البريطانية شهراً أو عاما احتجاجا على وعد بلفور؟ هل فكر هؤلاء بمقاطعة الجامعات البريطانية لفصل دراسي واحد بسبب موقف الحكومة البريطانية من وعد بلفور؟ أليس هذا الأمر هو ما شجع رئيسة وزراء بريطانيا على التمادي في غيّها حينما قالت أنها متفاخرة أن بريطانيا ساندت وعد بلفور وستحتفل بمئويته مواقف العرب ليست أفضل حالا من الفلسطينيين فهم يفرشون السجاد الأحمر للبريطانيين وكأن شمسهم لم تغب، ودورهم لم يتقلص، وجنيههم لم ينخفض، وما زالت العرب المستعربة تعيش الزمن البريطاني قبل الحرب العالمية الثانية ولم تفق من سباتها. كيف لبريطانيا أن تعيد النظر في وعد بلفور أو غيره من صور الغدر للعرب أو الفلسطينيين إذا كانت سفاراتها مفتوحة في جميع العواصم العربية؟ وكيف لبريطانيا أن تتعلم درسا لن تنساه، ولندنهم ما زالت مربطا لخيولنا العربية الأصيلة؟ وسواحنا يملأن مسارحها وشوارعها واوكسفوردها، ومتاجرهم تعج بالزبائن العرب واثرياء العرب؟. خبرت بريطانيا العرب والفلسطينيين فوجدت أنهم يجيدون الكلام أكثر من الفعل والعمل. فقررت أن تدعهم في غيهم يعمهون. بريطانيا أيها السادة الأكارم هي التي وضعت اتفاقية سايكس بيكو. بريطانيا يا سادة هي التي وضعت وعد بلفور، وهي التي ضمّنته صك الإنتداب على فلسطين. بريطانيا هي التي سعت إلى تقسيم فلسطين بقرار عام ، بريطانيا هي التي سعت إلى تدويل القدس. بريطانيا ارتكبت مجازر بحق فلسطينيين مسالمين مدنيين أيام انتدابها على فلسطين. وبريطانيا هي ساهمت في الغزو الثلاثي لمصر العربية. بريطانيا هي التي وضعت المخلوق المشوه الذي أسمته قرار لمجلس الأمن الدولي لعام . وهي الدولة التي ما زالت ترفض الإعتراف بدولة فلسطين. ماذا تنتظرون من دولة كهذه إرثها استعماري، مبدأها فرق تسد، هودت فلسطين وهجرّت يهود العالم إليها. أي سذّج نحن الفلسطينيون، بعد كل هذا ننتظر من بريطانيا أن تصحح خطيئتها عام عبر وعد بلفور أو ننتظر اعترافا بالذنب أو قرارا جديدا، نجتر ذات الإقتراحات وذات التاريخ الذي ثبت فشله هذا هو البؤس بعينه، بل نحن نمثل في ذلك الطلب قمة البؤس. بريطانيا وقفت وراء مصائب العالم الحديث وما زالت ويجب أن يعمل الفلسطينيون أنفسهم ويهبوا لمساعدة ذاتهم، قبل أن يسألوا غيرهم العون والعمل. نحن لا نحتاج بريطانيا أن تتراجع عن وعدها المشئوم. نحن نحتاج كدولة فلسطين عبر الجامعة العربية إلى الذهاب لمحكمة العدل الدولية القابعة في لاهاي، ونطلب منها رأيا إفتائيا حول مدى قانونية وعد بلفور ولتذهب بريطانيا ووعدها إلى الجحيم. لنذهب ما دمنا دولة نسمى فلسطينا، ونطالب بريطانيا بتعويضات عن وعد بلفور أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. لتقم بريطانيا إن كان لديها ذرة صدق واحدة وتعترف بحق الشعب الفلسطيني بتقرير مصيره كما اعترفت لليهود في وعد بلفور مع أن اليهود ليسوا بشعب بل أصحاب دين. لتذهب فلسطين والفلسطينيون لمقاضاة بريطانيا في عقر دارها عن جرائمها بحق الفسطينيين، وعن تمييزها المجحف ضد الفلسطينيين فبينما أنجزت حق تقرير المصير لليهود تراخت عن ذلك للفلسطينيين فضلا عن عدم التزام بريطانيا بمتطلبات الإنتداب الدولية. وعد بلفور انقضى، يجب التوقف عن النحيب والبكاء على الأطلال والبحث في تاريخ الوعد ذاته وتبريراته، فهذا لن يعيد فلسطين. فلسطين لن تعود إلا بالعمل والجد والمثابرة من قبل الفلسطينيين ذاتهم قبل غيرهم، اما الكلمات والندوات فهي مفيدة جزئيا حتى لا ننسى الحق ولكنها لن تعيده. لنساعد أنفسنا قبل أن نطلب مساعدة من الغير. أما بريطانيا ووعدها، لو كان هناك قانون دولي وإنصاف فيجب أن تخضع للمساءلة الدولية وبطلان هذا الوعد المزعوم ، وإنما يساعد الله أولئك الذين يساعدون أنفسهم .
بقلم عبد المنعم سعيد
طلائع حركة النجوم في الشرق الأوسط كلها تشير إلى اتجاهين الأول إلى أن سقوط دويلة داعش ، والتوافق حول التهدئة وتقليص العنف في سوريا، وفشل الاستفتاء الكردي في توليد التأييد الإقليمي أو الدولي لانفصال الإقليم عن العراق، مع تطورات دبلوماسية وعملياتية أخرى في مناطق الأزمات والتوتر، كلها تشير إلى أن منحنى الصراعات في المنطقة قد انكسر وبدأ يتحرك في اتجاهات التسويات. والثاني أن ضمن هذا التوجه توجد حركة من أجل بعث القضية الفلسطينية والمفاوضات من أجل السلام العربي الإسرائيلي من جديد، بعد ركود دام طوال السنوات الماضية التي شغلها الانقسام الفلسطيني من ناحية، والتمدد الاستيطاني والآيديولوجي لليمين الإسرائيلي من ناحية أخرى. هذا التوجه الأخير هو موضوعنا، وهو في جوهره يعني موجة جديدة من الحركة الدبلوماسية والسياسية ربما أطلق عنانها وصول دونالد ترمب إلى البيت الأبيض وتصوره أنه من الممكن أن يحصل على النعمة التاريخية لتحقيق السلام في الأرض المقدسة؛ مضافاً إليها سبب يتعلق بتركيبته الشخصية، وهو أنه من الممكن أن يحقق ما فشل فيه من قبل الرؤساء كلينتون وبوش الابن وأوباما رغم محاولاتهم الحثيثة. ويساعد ترمب على المضي في هذا الطريق، أنه لا توجد تناقضات جوهرية فيما يتعلق بالشرق الأوسط بين الولايات المتحدة في عهده وبقية القوى الدولية الأخرى، خصوصاً روسيا الاتحادية. ومن الناحية العملية فإن ترمب ترجم توجهه هذا في سلسلة من اللقاءات مع قادة المنطقة، خصوصاً السعودية ومصر والأردن وإسرائيل؛ بالإضافة إلى سلسلة من لقاءات أخرى علنية وسرية قام بها ممثلوه في المنطقة، لمناقشة الخطوات المقبلة. ولإبداء حسن نية فقد طلب من إسرائيل التقليل من حركة الاستيطان في الأرض المحتلة، كما أنه أوقف عملية نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. الحركة الأميركية واكبتها حركة إقليمية برزت من إعادة التأكيد السعودي في وسائل متعددة على المبادرة العربية، بوصفها تمثل الإطار العام العادل للتسوية العربية الإسرائيلية. مصر من ناحيتها بدأت منذ سنوات عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي في أسيوط عن أهمية السلام، وبعد ذلك جرت اتصالات متعددة كان آخرها الذي جرى هذا العام في أثناء اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي خطابه أمام الجمعية خرج الرئيس السيسي عن النص المكتوب لكي يناشد كلاً من الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي العمل من أجل السلام وتوفير المناخ الملائم لقيادتهما لكي يتمكنوا من تسوية الأمور المتنازَع عليها. ثم جاءت الخطوة الكبرى التي حققتها مصر عندما أعلنت حركة حماس عن تراجعها عما جرى من استيلاء على القيادة في غزة، واستعدادها لتسليم القطاع للحكومة والسلطة الوطنية الفلسطينية بما فيها السيطرة على المعابر بين قطاع غزة وكلٍّ من إسرائيل ومصر. وفي الأسبوع الماضي جرى بالفعل اجتماع للحكومة الفلسطينية في قطاع غزة في حضور الوزير خالد فوزي رئيس المخابرات العامة المصرية، الذي ألقى كلمة في افتتاح الاجتماع، داعياً إلى اجتماع تكميلي في القاهرة بين حركة حماس وقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية، لتسوية الأمور المعلقة بين الطرفين حول انتقال السلطة في القطاع. رد الفعل الإسرائيلي يمكن قياسه بمعيارين الأول، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه أفيغدور ليبرمان لم يرفضا المصالحة الفلسطينية، ولم يتخذا الموقف الذي اتخذاه من قبل إبان مصالحات فلسطينية سابقة، حينما خيّرا القيادة الفلسطينية ما بين السلام مع حماس أو مع إسرائيل ، ولكنها لا تستطيع الجمع بين الاثنين. والثاني، أن إسرائيل سمحت وأمّنت للوفد الفلسطيني الممثل لرئيس الوزراء ومعاونيه البالغ عددهم فرداً، الانتقال من رام الله في الضفة الغربية إلى قطاع غزة؛ ومن المرجح أنها سمحت أيضاً لجيش كبير من الإعلاميين بالانتقال بين هذه وتلك في مناخ احتفالي كبير بعودة الوحدة الفلسطينية. الفارق بين الموقفين، في السابق والآن، ناجم في الأساس عن التحركات العربية والمصرية، خصوصاً بصدد ضمانها للاتفاقيات الجارية من ناحية، وحل معضلة سلاح حماس من ناحية أخرى. فالشواهد هي أن الموقف الإسرائيلي سوف يتحدد في النهاية في عما إذا كانت حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية سوف تتمتع بالاحتكار الشرعي لاستخدام أدوات القوة المسلحة، وهو ما سوف يؤهلها لكي تكون دولة ؛ أو أن الدولة الفلسطينية سوف تكون مثل الدولة اللبنانية التي تسمح بوجود فصائل أخرى مسلحة مثل حزب الله ، لها سياستها الخاصة المتعلقة بالأمن الوطني لدولتها. الرئيس محمود عباس يبدو متفهماً للموقف، بل إنه يرى أن واحداً من أسس قيام الدولة الفلسطينية المستقلة أن تكون لها السيطرة، ليس فقط على الأرض الفلسطينية، وإنما أيضاً على سلطة استخدام السلاح. السيد إسماعيل هنية، ممثلاً لحماس من ناحيته، سلّم، في حديث تلفزيوني، بأن الوحدة الفلسطينية سوف تعني تسليم الأمن في قطاع غزة للسلطة الوطنية الفلسطينية؛ ولكنه من جانب آخر أشار إلى ضرورة وجود سلاح للمقاومة بوصفها حقاً مشروعاً لمواجهة الاحتلال. ولكن القضية هنا ليست مشروعية المقاومة ، وإنما هي من له الحق في القرارات المصيرية الخاصة بالمقاومة؛ فليس سراً على أحد أن عمليات المقاومة خلال التسعينات من القرن الماضي، بالإضافة إلى السياسات المتعسفة للقيادة الإسرائيلية، فضلاً عن اليمين الإسرائيلي، عوّقت وأحبطت تطبيق اتفاقيات أوسلو. الظن هو أن موضوع سلاح المقاومة سوف يكون الموضوع الرئيسي لمفاوضات القاهرة، حيث سيكون الدور المصري محورياً في التوصل إلى صيغة لا تضمن فقط استمرار الوئام والوحدة الفلسطينية؛ وإنما أيضاً تكون كافية لدفع إسرائيل نحو طاولة المفاوضات للانتقال من حالة الاحتلال، وبالتالي المقاومة، إلى حالة السلام والجلاء والتي تعني الدولة المستقلة بكل سماتها وصفاتها الدولية. وتعطي التجربة الدولية أنماطاً من التصرف في هذه الحالة منها تجميع السلاح مع وجود قيادة مشتركة تتصرف فيه بأوامر من القيادة السياسية؛ أو أن يكون السلاح المجمع تحت وصاية طرف ثالث يلتزم بإرجاعه في حالة فشل المفاوضات؛ أو توحيد القوات العسكرية والسياسية في قيادة عليا واحدة مثل منظمة التحرير الفلسطينية، هي التي تتخذ قرارات الحرب والسلام، أو أن ترجع هذه القرارات للمجلس الوطني الفلسطيني المنتخب... كل هذه اختيارات وبدائل للتعامل مع هذا الموقف، وسوف يكون على الدبلوماسية المصرية والعربية أن تشجع الطرفين الفلسطينيين على الاستمرار في منحى الوحدة من ناحية، كما تشجعهما مع الطرف الإسرائيلي من ناحية أخرى. الأمر المهم هنا هو أن علامة النجاح في الخطوة الفلسطينية في الوحدة والتسوية سوف تكون عندما يتغير الطرف الإسرائيلي أيضاً؛ فالتركيبة الحالية للحكومة الإسرائيلية لن تسمح لرئيس الوزراء بالمضيّ قدماً في عملية السلام، ومن ثم وعندما تكون الظروف ملائمة فإن المرجح هو تغيير تركيبة الحكومة، بحيث تجمع أطرافاً من اليسار والوسط الإسرائيلي؛ وأيضاً من الفلسطينيين الإسرائيليين الذين لهم مقعداً بالكنيسيت الإسرائيلي. وبالتأكيد فإن ما جرى حتى الآن كان خطوة مهمة؛ ولكن الطريق لا يزال طويلاً. عن الشرق الأوسط
بقلم د. حسن عبد الله
أعتز بأني مواطن أحمل جواز السفر الفلسطيني، وأعتبر أن هذه الوثيقة، هي الأقرب إلى قلبي، ليس من منطلق اقليمي ضيق أو لدوافع التعصب لا سمح الله، فقد تعلمت مبكراً كيف يتم الجمع بين حلقات مهمة ضمن تراتبية لا تفصلها حواجز وأسوار، بل تتداخل وتتكامل إلى حد كبير، أولاً البعد الوطني ثانياً القومي وثالثاً الإنساني الأممي. وأنا حقيقةً وبعيداً عن بيع وتصدير المواقف، استغرب عندما أسمع من بعض المثقفين، أن الجواز الفلسطيني لا قيمة له، واستغرب أكثر عندما أجد هذا المثقف أو ذاك يلهث للحصول على جنسيات أوروبية، على اعتبار أن جواز السفر الأوروبي أكثرَ قيمةً واحتراماً وأعتقد ألا قيمة على وجه الأرض تضاهي قيمة المهر الذي دفع في وثيقة السفر الفلسطينية، فهو خلاصة شهداء وأسرى وتضحيات، لا يهمني كيف جاء جواز السفر، وإذا كان هو نتيجة أوسلو أو غيرها، فكل الذي انتقدوا هذه الاتفاقية وأنا من ضمنهم، عادوا وتعاطوا مع نتائجها، ومن رفض الانتخابات التشريعية الأولى، شارك في مراحل انتخابية لاحقة ترشيحاً وانتخاباً، وهذه التغيرات من الصعب تناولها ومعالجتها في مقال، لأنها شائكة ومعقدة وفيها مفارقات كثيرة. والحقيقة كلما نظرت إلى الجواز أو تفحصته، أتعامل معه باحترام زائد، حتى وأنا أقلب أوراقه أحاول أن أفعل ذلك بهدوء ومهابة، وكأنني أتصفح قيمة لا تقبل الخشونة أو الخدش، وأعترف أنني أفعل ذلك ربما بدوافع وطنية أو ربما برومانسية كاتب، فلست في الأصل مغرماً بالسفر والتنقل بين الدول، وعدد المرات التي خرجت فيها من الوطن تكاد تكون محدودة ونادرة. كنت لأول مرة قد سجلت المهنة في جواز سفري صحفياً ، واعتقدت أن ذلك يضعني في المكان المهني الصحيح، فأنا أعمل في هذه المهنة منذ ثلاثة عقود، عشت منها، وأعلت أسرتي، وعلمت أبنائي، في تخصصات وفق اختياراتهم وبعضها كان مكلفاً، وأزعم أن مروري في هذه المهنة ليس مروراً عابراً، فقد تعلمت وعلمت، ولي تلاميذي الذين أعتز بهم، ولي كتبي في الإعلام التي أصبحت مراجع في موضوعاتها. بيد أن هذه المرة وعندما أردت تجديد الجواز تساءلت ما الذي يعبر عن حقيقة وضعي بشكل أدق الصحفي أم الكاتب؟ وذهبت أبعد من خلال سؤال ثانٍ وجهته لذاتي أيهما الأقرب إليَّ عاطفياً وإنسانياً وأخلاقياً الكاتب أم الصحفي؟ ولا أدري، ففي أقل من ثانية، دسست يدي في جيبي وأخرجت بطاقة عضويتي في اتحاد الكتاب، وطلبت تغيير المهنة من صحفي إلى كاتب. وأنا أقول لكم لماذا؟ الصحفي قضية مهنية ترتبط بالعمل والسنوات وتوصّف واقعاً مرحلياً وإن طال. أما الكاتب فهو توصيف مفتوح يظل فيك ومعك إلى آخر نبض في الحياة. الصحفي له اشتراطات مهنية، فأنت تعمل وتجتهد، وترتبط بسياسات المؤسسة، وعليك الالتزام بها والوفاء لها. أما الكاتب فإلى جانب الوفاء والالتزام، فهو أنت في أحوالك جميعها، حينما تمشي في الشارع أو تجلس في البيت أو خلف مكتبك في العمل، الكاتب أنت في العشرين أو الثلاثين أو السبعين من عمرك، إذاً هو مسيرتك ومراحلك وشبابك ونضجك وشيخوختك. الكاتب عملك التطوعي، دافعك الذاتي للكتابة، مشروعك الإبداعي، ومكوّنك النفسي والاجتماعي، الكاتب كتابك الذي ينتظر القارئ بفارغ الصبر على رف مكتبته الخاصة أو على رفوف المكتبات العامة. الكاتب قلمك الذي يرافقك طيلة اليوم تستله في كل لحظة لتدون فكرة، معلومة، خاطرة، فأنت كاتب طيلة الوقت في الليل والنهار، وصحفي مؤقت زمنياً بالمعنى الواسع للزمن وبالمعنى الزمني الضيق على مستوى يومك. أن يتسنى لي تسجيل مهنتي في جواز السفر كاتب ، فذلك أكثر تعبيراً بالنسبة إليَّ من كل دروع التقدير والشهادات التكريمية التي نلتها عبر سنوات العمل والإبداع، وهي والحمد لله كثيرة. ومع كل احترامي وتقديري للمهن الصغيرة والكبيرة في مجتمعنا الفلسطيني، لأنها في المحصلة النهائية ضرورية ومتنوعة، وبها ومن خلال تسير الحياة في بلادنا بالرغم من الظروف الصعبة والتحديات الجسام، فإنني أرى في مهنة الكاتب ما يرتبط بشكل مباشر بكل المهن، لأن الكاتب العضوي، من المفروض أن يكون ضمير شعبه وأميناً على كل شيء، يكتب، ويعبر، وينتصر للحق، ويسلط الضوْء على الظلم، ويبرز الايجابي، واشدد هنا على إبراز الإيجابي، حيث لا يعجبني ذلك النوع من الكتاب الذي يخفي عينيه تحت شريطاً أسود، لا يرى سوى الأسود، لأنه إلى جانب الأسود، هناك الأبيض، لذلك فإن دور الكاتب إضافة إلى التنبيه للسلبي والحث على اجتثاثه، ينبغي أن يكون عامل استنهاض، يرفع المعنويات، ويقوي العزائم، لا أن يتحول القلم فقط لاثبات أننا نعيش في خراب ودمار وانكسار ولا سبيل اطلاقاً للنهوض. فأي نوع من الكتاب هذا الكاتب الذي أغرق نفسه في السواد لباساً وسلوكاً وحبراً وكلاماً؟ نعترف أننا في مرحلة شديدة التعقيد، لكننا نجترح في كل يوم انجازات ومآثر على مستوى فردي وجماعي، وبالتالي فإن البياض في حياتنا يصارع ضده السواد ، وقانون الحياة والتطور أكد لنا منذ فجر التاريخ، أن بياض الشعوب قادر على اختراق السواد وتبديد حلكته. إن الاعتراف بالكاتب كمهنة لا يشكلُ وفاءً فقط للكتاب الأحياء، وإنما أيضاً للكتاب الشهداء، لأنه بالتأكيد سيريح أرواح كوكبة شهداء الكلمة، كغسان كنفاني وأبي شرار وناجي العلي ومقبل وفودة وقبلهم زمنياً عبد الرحيم محمود.
حديث القدس
ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية أمس ، عن أن وزارة الداخلية أقدمت على سحب جنسية الآلاف من المواطنين العرب في النقب ، مما يمنعهم من المشاركة في الانتخابات العامة ويحد من حرية تنقلهم إضافة إلى تداعيات أخرى ، يعني أن هذه الحكومة اليمينية الإسرائيلية تشن حربا شاملة ضد المواطنين الفلسطينيين سواء تواجدوا في النقب أو الجليل أو المثلث أو في الضفة الغربية وقطاع غزة ، أو في الشتات الفلسطيني ، عدا عن التنكيل المبرمج الذي يتعرّض له المواطنون في النقب منذ فترة طويلة، سواءً عدم الاعتراف بقراهم وأماكن تجمعهم أو محاولات اقتلاعهم من أراضيهم وأماكن سكناهم لإقامة تجمعات يهودية عليها. إن ما يجب أن يقال هنا إنه في الوقت الذي يدور فيه الحديث عن تحقيق السلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي تبذل هذه الحكومة الإسرائيلية المتشددة كل ما بوسعها من أجل تقويض أي أمل بواقع أفضل في هذه المنطقة من العالم ، لتثبت أنها مناهضة للعدل والحق والسلام على الرغم من الشعارات التضليلية التي يتشدق بها مسؤولوها أمام العالم أجمع. المواطنون العرب في النقب، هم فلسطينيون يعيشون على أراضيهم منذ ما قبل قيام إسرائيل ولا يحق لكائن من كان اقتلاعهم من هذه الأرض ولا المس بحقوقهم النابعة من الانتماء إليها. ولهذا فإن إقدام السلطات الإسرائيلية على التنكيل بهم والمس بحقوقهم إنما يعني أنها ليس فقط تمعن في انتهاج سياسة تمييز عنصري بين المواطنين العرب واليهود ، وإنما أيضا تمعن في المس بالشعب الفلسطيني أينما كان، حتى لو وُجِد على هذه الأرض قبل إسرائيل . هذا الاستهداف الإسرائيلي يشمل أيضا مواطني الجليل والمثلث إضافة إلى النقب ويأتي تحت شعارات وذرائع واهية ، ولكن الحقيقة الواضحة للجميع هي تخوّف إسرائيل مما تسميه بالعامل الديموغرافي وحرص قادتها على الحفاظ على ما يسمونه يهودية إسرائيل مع كل ما يعنيه ذلك من المس بحقوق المواطنين العرب وتناقضه مع القوانين الدولية التي تحظر مختلف أشكال التمييز العنصري . وبالطبع فإن الشعب الفلسطيني الواقع تحت الاحتلال الإسرائيلي غير المشروع في الضفة الغربية وقطاع غزة يتعرض أيضا لنفس النهج العنصري ، عدا عن حرمان الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير وإقامة دولته على ترابه الوطني . وضمن هذا السياق ، تأتي سياسات مصادرات الأراضي وهدم المنازل وتكثيف الاستيطان وتقييد حريات الفلسطينيين أينما كانوا عبر وسائل وطرق مختلفة سواء سحب الجنسية من المواطنين العرب داخل إسرائيل أو سحب الهويات الزرقاء من المواطنين المقدسيين أو التضييق على هؤلاء المواطنين لمغادرة أماكن سكناهم إلى مناطق أخرى بعد حرمانهم من حق الإقامة في القدس . وفي المحصلة، فإن هذه الممارسات الإسرائيلية المتصاعدة ضد الشعب الفلسطيني إنما تدفع باتجاه المزيد من التوتر وتعميق الكراهية وصولاً إلى حافة الانفجار، بعد أن سدت إسرائيل بمواقفها وممارساتها الطريق أمام أي أمل بواقع أفضل ، واقع المساواة والاستقرار والأمن للجميع وواقع الحل الذي تبنته الشرعية الدولية لتمكين الشعب الفلسطيني من إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني.
بقلم جدعون ليفي صحيفة هآرتس
أنا أحب الاستماع لبرنامج يورام شفتل في الراديو. فهو يغضبني أقل من أصحاب البرامج الذين يغلفون نفس الافكار بالكلمات المنمقة. شفتل في المقابل يطرح أقوالاً بذيئة، أما هم فيقومون بتجميل أقوالهم. وهو يتحدث بشكل فظ وهم يتحدثون بشكل لطيف. أما الرسائل القومية المتطرفة فهي متشابهة. شفتل يقول الزمرة العربية الاسلامية الجهادية الاستشهادية الفلسطينية النازية الفاشية وهم يقولون مخربة عن كل فتاة فلسطينية عمرها سنة وتحمل مقصاً. هذه هي الاستقامة. أما شفتل فهو عديم الاستقامة. وشفتل يقول أيضا عن رائد صلاح يحرض من أجل القضاء على دولة اسرائيل بالمعنى الالماني للكلمة وهم سيسمون كل ما يقوله رائد صلاح تحريض دون الاهتمام به وبأهدافه. المستقيمون سيسمون المسلحين الاسرائيليين الثلاثة الذين قتلوا شرطيين اسرائيليين مسلحين في المنطقة الاسلامية المحتلة مخربون قتلة ، وهو سيقول هؤلاء حيوانات من أم الفحم المليئة بكراهية اسرائيل من أخمص القدم حتى الرأس . قوموا بايجاد الفرق. مثل كل رسام كاريكاتور فإن شفتل فنان في المبالغة. ومثلما في كل كاريكاتور هو يقدم أكثر مما نتخيل. إن هذا الرجل الحقير يثير الغضب المقدس في اسرائيل. محظور عليك التحدث بهذا الشكل، يا شفتل، فنحن نحب عنصريتنا وقوميتنا المتطرفة ونقوم بتغليفها بورق السولفان وزيت الزيتون أيضاً. أعطوا يئير لبيد ليتحدث بقومية متطرفة لأنه سيفعل ذلك كما نريد، المهم أن لا تعطوا ذلك لشفتل. نحن نكره شفتل لأنه يمثل الكثيرين، ونحن نحب أن نكرهه لأنه الوجه القبيح لنا بدون تجميل وبدون أقنعة وبدون استقامة وبدون تخفي. شفتل هو الجانب المظلم لاسرائيل بشكل واضح. فهو يتحدث كما تعتقد الأغلبية ولكن بشكل فظ. انتبهوا الغضب الذي وجه اليه كان بسبب الاسلوب وليس المضمون. بالفعل لا يجب القول عن رئيس الاركان بأنه سمين، لكن لا ضير في اعتقاد الكثيرين أن غادي آيزنكوت هو يساري، ويساري يعني الخائن. وهذا ما كان يجب على شفتل اثباته. لو لم يقل الحقيقة التي تعبر عما هو موجود لما كان استفزازيا الى هذا الحد. ولولا تعبيره عن موقف الكثيرين لكانت اسرائيل تجاهلت وجوده. لماذا يهتم أحد ما بمحام هذياني غير هام ويقدم برنامجاً في الراديو في محطة محلية. مدة البرنامج ساعتين في الاسبوع واغلبية من يستمعون اليه هم اشخاص غريبو الاطوار. لقد دافع عن اليئور أزاريا وحرض بشكل أقل من رئيس الحكومة على قتل العرب، رئيس الحكومة الذي قام بالاتصال مع والد الجندي ازاريا الذي أدين بالقتل، وطلب منحه العفو. نجمة داود الذهبية الموضوعة على بدلته هي نفس نجمة داود التي تدافع عنا والتي نحبها. كراهية الأقلية بالنسبة له هي الجانب القومي المتطرف، وكراهية العرب أكثر من ذلك. أيضا كراهية اليسار ووسائل الاعلام تعبر عن احساس الكثيرين. ليس من المريح سماع عصابة تخريبية اعلامية وتسميته صحيفة هآرتس الارض . ولكن قوموا بسؤال كل إسرائيلي ثان عن رأيه بوسائل الاعلام. شفتل هو محامي الدولة. وهي الدولة التي لم نرغب بأن تبدو مثله، والدولة التي لا نحب أن نراها مثله، لكن الدولة التي قامت علينا أو التي قمنا باقامتها، يقوم فيها تساحي هنغبي بتهديد الفلسطينيين بنكبة أخرى، الأمر الذي يعني التطهير العرقي. وفي هذه المرة بشكل نهائي دون أن يتضعضع أحد. وهنغبي هو ضيف مطلوب في الاستوديوهات، وهو صوت الحكمة في الحكومة، ولا أحد يشمئز من ذلك. ولكن عندما يقول شفتل يجب علينا الإهتمام بأن يكون دمهم المسفوك بكمية تضمن نزولهم عن شجرة الدين . الكثيرون يمتعضون من ذلك. الاسرائيليون ينظرون الى شفتل فيرون أنفسهم ويخافون. هل نحن هكذا؟ عنصريين الى هذا الحد؟ ومتعطشين للدم الى هذا الحد؟ ونكره العرب والأجانب الى هذا الحد؟ من غير المعقول أن نكون هكذا. لهذا يكرهوننا الى هذه الدرجة. لكن الفاشية الشفتلية ليست أقلية، واسلوبه ليس مقبولا في اسرائيل.
حديث القدس
استهداف الصحفيين الفلسطينيين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي يتصاعد يوما بعد آخر، بهدف منعهم من نشر الحقائق المتمثلة بانتهاكات جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدساتهم. فلا يخلو يوم من مشاهدة عمليات القمع التي يقوم بها جنود الاحتلال بحق الصحفيين أثناء تغطيتهم للأحداث في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية. وكذلك الاعتداءات على الصحفيين في قطاع غزة واستهدافهم خاصة أثناء الحروب العدوانية التي شنتها دولة الاحتلال على قطاع غزة. فالاحتلال ممثلا بجنوده المدججين بكافة أنواع الأسلحة يخشى الصحفيين الفلسطينيين، لكونهم يحاولون كشف الانتهاكات الاحتلالية بحق أبناء شعبهم، ولذا ترى هذه القوات، تعمل كل ما في وسعها لإبعادهم على المناطق التي يعيثون فيها فساداً وتدميراً من خلال استهدافهم إما بالرصاص الحي أو المطاطي المغلف بالرصاص أو بالقنابل الصوتية أو الحارقة، ما أدى إلى إصابة العديد منهم. ويرمي جنود الاحتلال من وراء هذا الاستهداف الى منع الصحفيين الفلسطينيين من نقل حقيقة ما تمارسه قوات الاحتلال للعالم، غير آبهة بالقوانين والأعراف والمعاهدات الدولية التي تمنع استهداف الصحفيين، بل والعمل على حمايتهم في أوقات الحرب والأزمات. ولكن دولة الاحتلال التي ترى بنفسها بأنها فوق القوانين والأعراف والقرارات الدولية تقوم بممارسة ما يتعارض مع هذه القوانين والأعراف وتمارس بحق أبناء شعبنا وفي مقدمتهم الصحفيين أبشع الانتهاكات والممارسات التي يندى لها جبين الإنسانية. وخلال الفعاليات الجماهيرية الرافضة للانتهاكات الإسرائيلية بحق المدينة المقدسة والمسجد الأقصى المبارك نرى أن هذا الاستهداف للصحفيين الفلسطينيين كان واضحا وضوح الشمس، لمنعهم من فضح اعتداءات قوات الاحتلال على البشر والشجر والحجر، وفي طليعة ذلك المسجد الأقصى أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين. وقد طال هذا الاستهداف العديد من الصحفيين مراسلي الصحف والمواقع الإخبارية ووكالات الأنباء، الأمر الذي يتطلب من الدول التي تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان والحريات الصحفية التدخل لدى دولة الاحتلال لوضع حد لانتهاكاتها واعتداءاتها المتواصلة بحق العديد من الصحفيين الفلسطينيين ومنعهم من تغطية ما تقترفه أيدي قوات الاحتلال من ممارسات ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية. كما ان اتحاد الصحفيين الدولي مطالب بالعمل على تقديم إسرائيل للعدالة الدولية على اعتداءاتها المتواصلة والمنفلتة من عقالها على الصحفيين الفلسطينيين الذين يعانون أشد المعاناة من قبل جنود الاحتلال الذين لا يتوانون عن توجه أسلحتهم تجاههم وإطلاق النار بكل يسر على أبناء شعبنا بما فيهم الصحفيين حراس الحقيقة، وكاشفي اعتداءات قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين الذين يعيثون فساداً من الأرض الفلسطينية. ان الاعتداءات على الصحفيين الفلسطينيين هي اعتداء على القوانين والأعراف والمعاهدات الدولية، الأمر الذي يتطلب من الأمم المتحدة والهيئات الدولية التي تدافع عن حق الصحفيين في نقل الحقيقة وحمايتهم والتحرك ضد الاحتلال الإسرائيلي الذي لا يعير أي اهتمام لها لا من قريب ولا من بعيد. فاستهداف الصحفيين الفلسطينيين هو سياسة إسرائيلية هدفها التغطية على انتهاكات جنودها ومستوطنيها.
حديث القدس
بالأمس وقع أكثر من حادث طرق ابتداء من سعير حتى طولكرم ولكن المأساة الأكبر كانت قرب رام الله حيث راح ضحية الحادث أفراد عائلة كاملة بينهم أربعة أطفال، وكان لذلك صدى واسع لدى الجميع حتى أن الرئيس أبو مازن أعلن اليوم يوم حداد وطني على أرواح الضحايا. ومن الملاحظ والواضح أن حوادث السير تزايدت بشكل غير طبيعي، خاصة خلال شهر رمضان، حيث وقع بالضفة نحو ألف حادث وسقط نتيجة ذلك مئات الجرحى والقتلى، والسبب الأهم، إن لم يكن السبب الوحيد، هو السرعة الزائدة وعدم الالتزام بقوانين السير. كما شهدت الضفة عشرات الشجارات العائلية التي راح ضحيتها عدد من الأشخاص بين قتيل أو جريح، وكانت الأسباب كما تؤكد الشرطة، شخصية بسيطة ولا تبرر بأي شكل هذا المنطق وهذه المشاجرات التي لا تؤدي الى سقوط الضحايا فقط، وإنما أيضا إلى تعميق روح الكراهية والعداء بدل روح التسامح والتعاون والعمل المشترك. وقد أصبحت حوادث السير والمشاجرات هذه، من أكبر مشاكلنا الاجتماعية والإنسانية في هذه المرحلة، وفي وقت نحن أجوح ما نكون فيه للحفاظ على أبناء شعبنا وخلق روح من الألفة والمحبة لمواجهة التحديات المصيرية التي تعصف بنا. ان اكثر حوادث السير تقع على الطرق العامة التي تسيطر عليها من ناحية رسمية، قوات الاحتلال ولكن أكثر مدينة تقع فيها مثل هذه الحوادث هي رام الله، وهي المركز الرئيسي للسلطة وكل أجهزة السير والشرطة، مما يعني ان هناك خللا إما في قوانين السير او في مراقبة الالتزام بها، أو الحالتين معاً. ان السلطة الوطنية خاصة أجهزتها المعنية، مطالبة بأن تواجه كوارث السير هذه بكل جدية بالقوانين والعقوبات، فقد طفح الكيل ولم يعد الأمر محتملاً. أما المشاجرات العائلية فإنها بحاجة ماسة الى التوعية العامة لمواجهة العقلية العشائرية الجاهلية التي تسيطر على عقل وتفكير الكثيرين الذين يخلقون الفوضى ويسيلون الدماء لأتفه الأسباب، وهذه بالدرجة الأولى هي مسؤولية رجال الدين والمؤسسات التي تملأ المناطق ولا نرى لها أي دور اجتماعي حقيقي، وكذلك دور الأجهزة الفلسطينية الثقافية والسياسية المختلفة. في هذا السياق، لابد من الإشارة الى هذه العقلية في مجال آخر، وهو ما كان يحدث في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، حيث كانت بقايا موائد الأكل وأرغفة الخبز المتبقية تكفي لإطعام آلاف المحتاجين، كما أن بعض الساحات كانت تتحول في بعض الأوقات الى ملاعب للأطفال والصغار الذين كانوا يرافقون أهلهم. لقد كان يقصد المسجد الأقصى مئات آلاف المصلين من كل المناطق وكانت الأجهزة الفلسطينية المعنية تقوم بواجبها بكل إمكاناتها، ولكن هذه الإيجابيات لا تمنع الإشارة إلى بعض السلبيات السابقة.
بقلم عيسى قراقع
رئيس هيئة شؤون الاسرى والمحررين الدكتور ميشيل راحيل ابلغني أنني صرت اطرش، نسبة السمع عندي ضعفت إلى حدّ كبير، واخبرني انه وجد في داخل جوف الأذنين صدى أصوات غير مفهومة، قال ذلك بأسف شديد. طلبت من الطبيب ان يجد حلا ، احتاج أن أسمع جيدا، وأسمع كثيرا، أكره الصمت وقلق الهادئين، وفي هذه المرحلة أنا بحاجة الى السمع، لأن الهامسين كثروا، والمغلقة افواههم ازدادو، وهناك من نحتاج الى ان نسمع دبيب دمهم، وأنات اوجاعهم القابعين في سجون الاحتلال، المحشورين في قبور عميقة لا يسمعهم أحد سواي. الطبيب راحيل اعتذر، وعجز ان ينظف الضجيج المدوي في أذني ويصعد الى رأسي ويهبط الى عيني ووجهي، موضحا ان الغضب والعصبية والتوتر اسبابها ضعف السمع، وما علي سوى ان اركب سماعات وأجذب كل الاصوات المحيطة بي حتى استطيع ان ابحر في تلاطم الكلمات والاقوال ولا اتخلف عن الموجات العاليات. صرت أطرش، معاقا وعضو في جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة، تتشنج اذناي وتتصلب لالتقاط المواقف أو الشكاوى أو البكاء أو الصرخات ، تتشنج عضلات وجهي وتزداد عيناي توسعا لاترجم الكلمات من بين شفاه المجتمعين عندما تعجز عن تفسيرها اذناي. صرت اطرش، فمن يدلني على الذين احبهم، يصير عكازا لمشاويري في المكان، يعينني على المضي قدما لاسمع كل الذين يطرقون على الابواب بجوعهم ودمهم وارادتهم ولأحفظ بدقة اسماءهم ان ظلوا احياء او بعد الممات ، من يدلني حتى لا تتعثر خطاي. صرت اطرش في عالم صاخب تتقاطع فيه المعادلات السياسية والثقافية وترتبك فيه العبارات والحروف وتنطفيء فيه نجوم الميلاد، اهتزت عظامي وتكسرت واجتاحني التناقض بين ما أقوله وما اسمعه، واقف متجمدا حول اسئلتي لا تتحرك قدماي. صرت اطرش، اصرخي ايتها المرأة الآن ما تشائين، الطمي ومزقي السكوت المريب وانت تقفين على رأس ابنك الشهيد ، لا أحد يسمع ، طيور تهرب الى اعالي السماء، سياج يتدلى على الوطن والميتين، دم يجف داخل قوقعتي، وتعجز ان تتحرك يداي. صرت اطرش، لذلك الجوع صوت اكبر من الصوت، صوت الحرية الذي يستشعر المستقبل في حواسه السبع، صوت الاسرى المقيدين وقد اطلقوا صافرة الانذار واشعلوا وقود القطار على سكة لحمهم في الزنازين، صوت من يقترب من الموت من اجل الكرامة وهو اجمل من موسيقى تتكسر على شاطيء المسافرين. الاسرى يتحركون بسلاسلهم فيحدثون اصواتاً في كل ارجاء العالم ، يتحركون بكبرياءهم فيهزون الهواء في موجات وموجات، يصبح العقل البشري في الارض، يصغي الى صوت الجريمة المنظمة هناك، بذار من الملح والقمح الانساني في فلك السجون. صرت اطرش، أفقد التوازن، هناك اذن وسطى واخرى داخلية ، لم تعودا تستجيبا لحركة رأسي، لجنوني، لا اشارات من الدماغ تقول ان على الجميع ان يتحمل المسؤولية، خمسون عاما على الاحتلال ومليون أسير دخلوا وخرجوا وماتوا في السجون، كيث تثمر المعلومات وتنضج في اوراق وملفات مؤسسات حقوق الانسان، كيف الآن يبعث الدماغ الانساني رسائله الى مختلف عضلات المجتمع الدولي ليحاسب دولة الاحتلال ويوقف الارهاب المنظم بحق اسرانا وشعبنا ، احتاج الى حركة اخرى، الى طريقة كي اسمع من حاسة اخرى، ربما من دمي. صرت اطرش، وبدون السمع لا امان من جوع وخوف، ها هم يعربدون في حياتنا، ها هم يحتلون مياه الشرب واشجار المشمش ، يعدمون كل من يسمع او يتحرك ، كلنا صرنا قنابل موقوتة، وكلنا نستحق الموت، فمن يسمع فهو حيّ، ومن هو حيّ يطلق نبضات تفوق لحظة الموت، وقد اكتشف الاسرائيليون النطاق الفوق صوتي لشعبنا واسرانا فبدأوا بقصف السمع واغلاق السجون والحياة بابواب مصفحة بالحديد او الجدران المسلحة. صرت اطرش، حجرات الاذنين ممتلئة بالهواء والملح والقلق، وقد اقفل النفق السمعي ، لهذا صرت اخشى على عائلات الاسرى، الامهات الاطفال النساء، اصبحوا ممنوعين من كل شيء، من الزيارات، من التعبير عن حنينهن التاريخي وتعطشهن لسلام البيت المكتمل في شهر رمضان الفضيل، وصرت أخشى من هذا الشمع المتراكم في اعياد الميلاد، لا احد يضيئه ولا أحد يطفئه ، الكل على الصليب، والكل في غياب. صرت اطرش، جيوبي الانفية اصابها ايضا الضرر، لم اعد اشم رائحة الغاز السام في غرف وأقسام السجون، ولا رائحة الرطوبة في زنازين سجن المسكوبية، لا رائحة للنوم وانا المشبوح جسدا وسمعا تحت سياط التعذيب ، فقد اصبح العدل موتا وابناؤه يصلبون في الميادين وساحات السجون، هناك طفل اعتقد يناديني، هناك حليب ابيض مسفوح على الرصيف. صرت اطرش، لم اعد اسمع صوت الرصاص الا بعد ان ينخر صدري، ولم اعد اسمع صوت السلام الا بعد ان يوقظ اولادي جنود ملثمون يأتون في ساعات الفجر، النعاس لا يسمع ، المطرقة والسندان في أذني لا يعملان، يدعس علينا الجنود، يختنق الهواء في البلعوم، كل ما حولي فراغ عاري كابني الذي اقتادوه في لباس النوم. صرت اطرش، طبلة أذني لم تعد تدق، اين صوت اجراس الكنائس وآذان الجوامع؟ اين الجموع التي تزحف في العصب الوطني والنضالي وتنهض من السمع الأول الى السمع الثاني الى السمع العاشر لتضيء القنوات الهلالية؟ اين الموجات الحلزونية التي لم تتوقف منذ النكبة حتى النكسة حتى اضراب الكرامة والحرية حتى آخر غلاف في طبقات الارض والسماء؟ صرت اطرش، لكن هناك ترددا يشتد، ذبذبات تقاس بالشهداء والأسرى ونفحات عالية في الجنازات والمظاهرات، هناك تردد يشتد ويصل حتى عظام الجمجمة، هناك ضغط في أذني ، اصوات تتنقل الى الاطراف، أفعال منعكسة تصدر مني ، وعندها رأيت موج البحر يصفع الصخر، وترجع الأمواج تنطحه برأسها المهتاج. بعد خمسين عاما على الاحتلال صرت اطرشا، لكن عندما جاء طوفان نوح، فرّ الحكماء السامعون نحو السفينة ، ورأيت رجالا ينقلون الماء على الكتفين، يستبقون الزمن ، يبنون متاريس الحجارة، رفضوا الصعود الى السفينة، تحدوا طوفان نوح، صعدوا الى جبل لا يموت هو الشعب، وقد رفضوا النزوح. ايها الناس اصرخوا واصرخوا.. اكسروا طرشي واصرخوا.. اريد ان اسمع وأفيق.. اسمع كل من استشهد ومن سجن.. ومن صمد في غرف التحقيق.. اصرخوا....
حديث القدس
وأخيرا انتصرت الحركة الأسيرة في معركتها، معركة الحرية والكرامة، من خلال إضرابها المفتوح عن الطعام والذي تطور لاحقا الى الامتناع عن الشراب وأخذ المدعمات، الأمر الذي أدى الى استجابة إدارة السجون لمطالبهم العادلة والمشروعة والمنصوص عليها في القوانين والأعراف الدولية. فإضراب الأمعاء الخاوية ما كان له ان يتحقق لولا عدة عوامل أدت في نهاية المطاف الى الاستجابة لهذه المطالب المطلبية والإنسانية، رغم محاولات الاحتلال ممثلا بإدارة السجون، إفشال هذا الإضراب من خلال عدة وسائل من أبرزها سياسة العزل والتهديد والوعيد وبث الأضاليل بين صفوف الأسرى المضربين في محاولة لزعزعة الثقة في صفوفهم، إلا ان جميع هذه الأساليب باءت بالفشل الذريع أمام ثقة الأسرى ببعضهم وتعاهدهم على مواصلة إضرابهم الذي يعد السلاح الأخير في وجه إدارة السجون لتحقيق مطالبهم ومكتسباتهم التي انتزعت منهم عنوة، ليصبح التعامل معهم كأنهم سجناء جنائيين. والعامل الأول الذي أدى الى تحقيق الانتصار في معركتهم، معركة الأمعاء الخاوية، هي إرادة الأسرى وتصميمهم على الانتصار رغم تردي أوضاعهم الصحية ووصولها الى درجة الخطر واحتمال سقوط الشهداء لا قدر الله. فالإرادة التي صممت على الانتصار رغم مضي اضرابهم الشامل عن الطعام ٤٠ يوما، هي المنتصرة دوما كما علمنا التاريخ وتجارب الشعوب التي ناضلت من اجل حريتها واستقلالها والتخلص من الاستعمار الذي جثم على صدور أبنائها عشرات السنين. وثاني هذه العوامل هو الإسناد الجماهيري المتواصل لأسرى الحرية والكرامة والمتمثل بخيم التضامن والإضرابات والمسيرات وغيرها من أساليب التضامن الأخرى، وكذلك التضامن العربي والدولي الذي أثبت جدارته وكشف حقيقة الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية بحق الأسرى، طالبين الحرية لشعبهم الذي ما يزال يئن تحت أشرس احتلال عرفه التاريخ البشري والذي يعد آخر احتلال في العالم. أما العامل الثالث الذي ساهم في تحقيق الانتصار فهو التحرك الرسمي الفلسطيني، وان جاء متأخرا، إلا انه أفضل من عدم مجيئه، وقد ساهم هذا التحرك على كافة الأصعدة، الى هذه النتيجة المشرفة التي حققها الأسرى في معركتهم، معركة الحرية والكرامة. صحيح أن إرادة الأسرى لعبت الدور الحاسم، إلا ان العوامل الأخرى كان لها تأثيرها هي الأخرى في تحقيق الانتصار وتعليق الأسرى لإضرابهم، بانتظار استجابة إدارة السجون لمطالبهم التي وافقت عليها من خلال مفاوضات استمرت عشرين ساعة متواصلة مع قيادة الإضراب وفي مقدمتها الأسير القائد مروان البرغوثي. بعد ان كانت إدارة السجون ترفض مفاوضته هو وقيادة الإضراب. ومن الواضح ان إدارة السجون تحاول التقليل من هذا الانتصار من خلال ما تبثه وتصرح به من أنها لم تستجيب للعديد من المطالب، ولكنها وعدت بدراسة بعضها إلا ان مجرد حتى الوعد هو تراجع واضح من قبل هذه الإدارة التي أثبتت وتثبت دائما مدى عنصريتها وحقدها على أسرى الحرية والكرامة الإنسانية. فالتحية كل التحية للحركة الأسيرة التي استطاعت ليس فقط تحقيق الانتصار، بل أيضا توحيد الجماهير الفلسطينية في جميع أماكن تواجدها خلف مطالبهم والتضامن معهم، فالوحدة الميدانية التي تجسدت من خلال برامج التضامن مع الأسرى رغم الانقسام، هي دليل واضح على ان وحدة الصف، والوحدة الميدانية، باستطاعتها تحقيق ما يعجز عن تحقيقه الانقسام الأسود، وكلنا أمل بان تتواصل هذه الوحدة الميدانية وصولا إلى إنهاء هذا الانقسام المدمر.
بقلم فيصل أبو خضرا
لا يمضي يوم إلا ونرى بأم العين خروقات اسرائيلية على جميع الأصعدة، سواء المعيشية منها حيث تنغص حياة أبناء شعبنا، او اعتداءات الاحتلال على مقدساتناالاسلامية والمسيحية، خصوصا الحرم القدسي الشريف، عدا عن اعتداءات المستوطنين على المواطنين في المدن والقرى والمخيمات، بما في ذلك الاعتداء على الممتلكات كحرق المزروعات او اقتلاع أشجار الزيتون او الاعتداء على البيوت والسيارات ، وسط استمرار قتل اطفال وشبان ونساء على الحواجزبنيران الاحتلال بذرائع مختلفة. يضاف الى ذلك استمرار سرقة الاراضي والعقارات ،إما بحجة توسيع المستعمرات، حيث اتضح ان الكثير من اوحدات الاستيطانية اقيمت على اراض فلسطينية خاصة، او بحجة اجراء تدريبات عسكرية ، ومن ثم تنقلب هذه الاراضي الى مستعمرات مسلحة يسكنها قطعان المستوطنيين، الذين يرتكبون اعتداءاتهم دون اي وازع او اخلاقي. هذا كل عدا حملات المداهمات والاعتقال اليومية التي تطال جميع الإعمار وزج المعتقلين في معتقلات تفتقر ابسط الشروط الانسانية والمعايير الدولية. تتواصل هذه الممارسات والانتهاكات ضد ابناء شعبنا يوميا منذ فترة طويلة، وخرج المسؤولون ومن مختلف الفصائل ببيانات التنديد والتهديد بأنهم سيلاحقون الاحتلال في المحافل الدولية، دون ان نرى مثل هذه الملاحقة، ولذلك سئم شعبنا هذا التكرار الذي اصبح عادة يومية، رغم ان ما يمارسه الحتلال يعتبر بمثابة جرائم وفق القانون الدولي ووفق عدد من المنظمات الحقوقية. لقد سئم الشعب الفلسطيني من مثل هذه التصريحات، التي لم نر تطبيقا لها، ولذلك بات الأمر بمثابة استخفاف واضح بعقول ابناء هذا الشعب الصامد الصابر على ممارسات هذا الاحتلال. ان إنسان عاقل متتبع لمواقف وممارسات الاحتلال يدك بان هذه الحكومة الاسرائيلية المتطرفة ليست بوارد السلام او تسليم اي قطعة ارض خالية من اي مستعمر او مستوطن، يكون اسمها فلسطين ، لأن المخطط الصهيوني يرفض إقامة دولة فلسطينية مستقلة، حيث ان المشروع الصهيوني الذي رسم في مؤتمر بازل عام ١٨٩٧ بقيادة زعيم الصهيونية العالمية تيودور هرتزل رسم خارطة العالم الصهيوني بدون ذكر فلسطين، وهذا كان قبل المحرقة النازية التي نستنكرها نحن الفلسطينيون بأشد العبارات. نحن شعب فلسطيني مسالم صبرنا ٦٨ عاما على احتلال غادر سرق أرضنا وارتكب مجازر بحقنا والعالم لا يقوى على اي تنديد أو قرار يستطيع تفعيله، وجميع القرارات التي صدرت عن الامم المتحدة ومجلس الأمن لم ينفذ منها شيء، وهذا كله واضح للعيان. ان المحتل لم يترك اي نوع من الممارسات اللاشرعية الا وارتكبها، والان يريد ان يكسر إرادة و كرامة الشعب الفلسطيني في نيل حريتة وبمساعدة أقوى دولة في العالم. اليوم نرى أسرانا الأبطال يضربون عن الطعام، وليس لاسترجاع حريتهم التي سلبها المستعمر ولا لتحقيق اهداف سياسية كما يزعم الاحتلال ولكن من أجل نيل ابسط حقوق اي معتقل، تنص عليها القوانين الدولية. هذا الإضراب عن الطعام يعتبر أطهر وأنقى نوع من التمرد السلمي وأصبح ومن واجب ابناء الشعب الفلسطيني وكل الفصائل دعم هذا الاضراب بهبات شعبية سلمية في جميع أنحاء فلسطين، حفاظا على كرامة وحرية االانسان الفلسطيني سواء في سجنه الكبير الاراضي المحتلة او سجون ومعتقلات الاحتلال. اننا نقول للاخ الرئيس محمود عباس ابو مازن وهو يتوجه الى واشنطن للاجتماع بالرئيس الاميركي، دونالد ترامب، سعيا لإقناع الادارة الامريكية بأن لنا حقوق بارضنا التي سلبها المحتل بحجج واهية سخيفة، ان كانت توراتية او تاريخية، او بذريعة ما لحق اليهود من عذابات النازي، وجميع هذة الأسباب التي لا علاقة لنا بها، نقول اننا تنازلنا عن ٧٨ بالمائة من ارضنا التاريخية فلسطين من اجل تحقيق سلام عادل ومشرف، ولكن لنا بيوتنا واراضينا التي لا يمكن ان نتنازل عنها ، فهي املاك لابنائنا ولنا ولاباءنا وأجدادنا، فلماذا يصر هذا الاحتلال وحلفائه على تجريدنا من هذه الحقوق التي اقرتها الشرعية الدولية ؟ وكيف يعقل ان يواصل هؤلاء بقوة السلاح او قوة المال ، وليس بقوة القانون، حرماننا من ان نعيش بحرية وكرامة ويصرون على بقائنا نعيش إما تحت الاحتلال او في مخيمات اللجوء داخل وخارج وطننا الذي لا وطن لنا سواه ؟ ونقول ايضا اننا عشنا على هذه الارض المباركة مُنذ آلاف السنيين وعاش معنا يهود فلسطينيون، وليس عصابات اتتنا من بلاد الاشكناز او من روسيا او جنوب روسيا، او بولندا وهي البلاد التي أتانا منها رئيس الوزارء نتنياهو . ونقول للمحتل اذا كنت قد أقنعت العالم بان لك الحق ان تحتل بلاد لا تملكها ، فلا يمكن ان تنطلي هذه الكذبة علينا لان هذه هي بلادنا، ولن نتنازل عليها لا بقوة السلاح ولا بقوة مال العالم كله . واذا سرق الاحتلال هذه الارض فلا يمكن ان يسرق ررادتنا وكرامتنا وحقوقنا التاريخية، ونحن والاحتلال والزمن طويل، كما يقال، ، حيث ان الزمن لا يقاس بعدد الأعوام، فالشعب الفلسطيني باق على ارضه ولن يتنازل عن هذه الأرض مهما طال الزمن. الشعب الفلسطيني يطلب من زعمائه مصارحته والكف عن الاعتقاد بان هناك امل في سلام حقيقي مع أمل منها مع حكومات صهيونية لا تعترف بشيء أسمه فلسطينو وتتنكر لحقوق شعبنا المشروعة. وإذا كانت اكبر واقوى دولة في العالم تحمي هذا الاحتلال كي لا ينصاع الى قرارات مجلس الأمن او المحاكم الدولية، او الشرعية الدولية فكيف لنا ان نقتنع ان هذه الدولة التي داس زعماؤها على دستورها ودعموا وحموا هذة الدولة التي مازالت و منذ ٦٨ تستعمر شعبا مسالما لم يعتد على غيره من الشعوب، يمكن ان تدعم او تويد تحقيق سلام دائم وشامل وعادل يحقق حقوق شعبنا المشروعة ؟ لقد بنت اسرائيل جدارا عنصريا فاصلا على أرض فلسطينية والعالم جميعه استنكر هذا العمل، ومن ثم ذهبنا الى محكمة لاهاي الدولية والتي حكمت على المحتل بهدم هذا الجدار ، وبعد ذلك هل تجرأت اي دولة في العالم وحتى امريكا على إجبار اسرائيل على هدم هذا الجدار؟ طبعا لا ونحن هنا نعتقد ان زعمائنا مخلصون وناضلوا ولا زالوا من اجل انهاء هذا الاحتلال، وندرك مدى صعوبة الوضع العربي والدولي ، ولكن هذا لا يعني ان خياراتنا باتت محدودة او ان علينا القبول بما لا يحقق اهداف شعبنا المشروعة. وأشير هنا الى ان نتنياهو لم يكذب على الشعب الاسرائيلي عندما قال لا دولة فلسطينية ولا للتنازل عن القدس ولا لعودة اللاجئين ... فكيف يمكن صنع سلام حقيقي مع مثل هذه الواقف والممارسات ؟ وفي مجلس الأمن انتزعنا القرار ٢٣٣٤ بالرغم من طلب ترامب ، في حينه، سحب هذا القرار، ووقتها قال مندوب اسرائيل هذا قرار معيب و من ثم رفع التوراة وقال هذا هو دستورنا فماذاسيفعل زعماؤنا ومن كل الفصائل وهم يرون ما حصل ويحصل على أرضنا المباركة؟ مع أن العالم أجمع على الاعتراف بحقوقنا ولكن لم يستطع تنفيذ اي من القرارات الدولية. اليوم فان الطريق الى انتزاع حقوقنا يكمن في دعم إضراب أسرانا بانتفاضة شعبية سلمية تنقل رسالة واضحة لاسرائيل وحلفائها حان الوقت لانهاء هذا الاحتلال وتمكين شعبنا من العيش حرا كريما في دولته المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس .
حديث القدس
اعلن الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفلسطينية ان الرئيس ابو مازن سيلتقي الرئيس ترامب في البيت الابيض في الثالث من الشهر القادم ، ويأتي هذا الموعد بعد تكهنات مختلفة وزيارات متعددة حول الموعد ومواضيع البحث وكذلك بعد زيارة قادة عرب لواشنطن كانت القضية في صلب كل هذه اللقاءات. ومما زاد من اهمية هذا اللقاء المرتقب ، ان ترامب اثار وجهات نظر وتوقعات سلبية حينا وايجابية في احيان اخرى ، حول عزمه ايجاد حل لهذه المعضلة التي عجز الجميع عن حلها وقوله انه سيدخل التاريخ نتيجة ذلك والاشارات الاميركية التي تكررت حول تأجيل نقل السفارة من تل ابيب الى القدس لأن خطوة كهذه من شأنها تعقيد سباق السلام الذي تحاول الادارة الاميركية انعاشه ، هذا رغم ان مصادر اسرائيلية تدعي ان نقل السفارة ما يزال موضوع بحث حاليا. وسط هذه الاجواء علمت ے من مصادر مطلعة وموثوقة ان الفريق الاميركي المكلف بإعداد خطة واقتراحات لانعاش عملية السلام والبحث عن حل قد صاغ مسودة من تسع نقاط وسيتم تقديمها الى الرئيس ترامب كما ستتم مناقشتها بين الوفد الفلسطيني المقرر ان يزور واشنطن خلال ايام والطاقم الاميركي بهدف التوصل الى مقترحات متفق عليها ويبحثها ابو مازن وترامب. والنقاط التسع هذه هي سلبية جدا ويبدو من المستحيل التزام السلطة الفلسطينية في معظمها ، ومنها توقف السلطة عن دفع رواتب لعائلات الشهداء والاسرى والتزامها بوقف تحويل الاموال الى قطاع غزة ، وعدم الاعتراض على استمرار الاستيطان بشرط عدم بناء مستوطنات جديدة، والشراكة الفلسطينية الفعالة لما اسموه محاربة الارهاب ووقف كل اعمال العنف ضد اسرائيل. ومن هذه النقاط ايضا موافقة السلطة على اشراك دول عربية ، مثل السعودية ومصر والاردن والامارات ، بأية مفاوضات مع اسرائيل. مقابل ذلك تتعهد الادارة الاميركية بالعمل على حل الدولتين ومواصلة دعمها للفكرة ، ولكن بدون تحديد اية حدود لكل دولة ، وتدعو السلطة الى استئناف المفاوضات المباشرة دون شروط مسبقة. واضح ان هذه النقاط تتفق مع ما تطلبه اسرائيل بشكل كبير للغاية وهي التي تكرر الدعوة لاستئناف المفاوضات دون شروط وهي التي تؤكد توحيد القدس واستمرار الاستيطان وعدم العودة الى حدود ، وكلها شروط واضحة ومدمرة لكل محاولة سلمية. على ضوء كل هذا فإن لقاء ابو مازن ترامب سيكون حاسما إن لم يكن مصيريا فإما التقدم باتجاه انعاش عملية السلام فعلا ونحو ايجاد حل ، وإما التراجع الكامل والانحياز الاميركي ضد كل ما هو حق فلسطيني وزيادة الغطرسة الاسرائيلية وتهويد الارض ، ولعل زيارة الوفد الفلسطيني خلال ايام الى واشنطن توضح بعد التطورات .
بقلم هاني المصري
بدعوة من جمعية راد ، شاركتُ في تونس على مدار ثلاثة أيام في ملتقى المنظمات الشعبية العربية ، والاسم لا يعبر بدقة عن طبيعة المشاركين ومن يمثلون، فهم جاؤوا من مختلف البلاد العربية باستثناء دول الخليج واليمن، ويمثلون مجموعات تروتسكية وشيوعية وقومية عربية والأمازيغ والأكراد والصحراء الغربية، ويعبّرون بشكل أو بآخر عن اليسار العربي الذي له وجهات نظر متعددة حول المتغيرات التي حدثت في المنطقة العربية، فبعض المشاركين اعتبر ما حدث ربيعًا عربيًّا عبّر عن نفسه بثورات ضد الديكتاتورية والفساد والتبعية والاستبداد العسكري والعلماني والديني، أما البعض الآخر، ومن ضمنهم قذافيو ليبيا، يعتبرون ما حصل ليس ربيعًا، وإنما مجرد غطاء لأطماع استعمارية واضحة المعالم لمشروع الشرق الأوسط الجديد. بات اليسار العربي خليطًا عجيبًا من المجموعات والقوى يفرقه إضافة لاختلاف وجه النظر بالنسبة لما حدث من متغيرات هل هو ربيع أم خريف؟، النظر إلى المنطقة العربية هل هي عربية أم خليطًا من العرب والكرد والأمازيغ ... إلخ؟، وهي نقطة خلاف كبيرة جدًا ستحول أو يمكن أن تحول إذا لم يتم الاتفاق عليها إلى تعذر العمل المشترك. إن الحل لهذه المشكلة موجود وقائم بالاعتراف أن كونها منطقة عربية تضم أمة عربية واحدة أو شعوبًا عربية تجمعها اللغة والتاريخ والدين أو الأديان والمصالح والمخاطر والتحديات المشتركة والفرص المتاحة لا يطمس أو يلغي حق الأقليات كأفراد وجماعات، على أساس المساواة بين المواطنين بغض النظر عن لونهم وجنسهم ومعتقداتهم وقومياتهم، وما يجمعهم لا يقل عما يفرقهم وهو كثير، فما يجمعهم أن مختلف المشاركين معادٍ للهيمنة والعدوان الإمبريالي والصهيونية والعنصرية والإقصاء والتمييز واضطهاد المرأة والتسلط الأبوي مهما كان شكله، ويناهض الرأسمالية لأن وجودها وحلولها مكلفة، ولم تعد تحتمل، ومع ذلك أثبتت الرأسمالية رغم توحشها أنها قادرة على التغير المستمر وتقديم نفسها بثوب جديد باستمرار. كما يجمع المشاركون، واليسار العربي بشكل عام، على أن المنطقة العربية تتكثف فيها أبشع أشكال كل ما يناضل ضده الثوريين والأحرار في العالم كله. إن هذا الملتقى الذي اختتم أعماله بنجاح على الرغم من كل الاختلافات والألغام هو محور من محاور خمسة منتشرة حول العالم، وجزء من التحضير لتجمع عالمي يضم مجموعات وقوى من اليسار الأممي من المقرر أن يجتمع في كاراكاس في فنزويلا قبل نهاية هذا العام. أكثر ما لفتني خلال أعمال الملتقى صحة القول أن المعارضة تأتي على شاكلة حكامها، واليسار العربي ينطبق عليهة هذا الوصف إلى حد كبير، فهو لا يزال حائرًا يبحث عن دوره الذي ضاع منذ انهيار الاتحاد السوفييتي والمعسكر الاشتراكي ولم يجده حتى الآن، ما جعله لا يزال هامشيًّا ويتحمل جزءًا من المسؤولية عن مآلات المنطقة المأساوية بما لا يتناسب مع الوعود التي يحملها، في حين تختلف التفسيرات لهذا الضياع وكيفية الاستفادة من التجارب السابقة بين من يركز على أهمية الفكر والمراجعة والنظرية الثورية على أساس أن لا عمل ثوريًا حقيقيًا دون نظرية ثورية، ويبرهن على رأيه بما يجري في المنطقه العربية منذ أكثر من ست سنوات من ثورات انتهت في أغلب البلدان إلى ثورات مضادة. فالثورات حركها الشباب والثوريون وقطف ثمارها الديكتاتوريون بشتى ألوانهم، فلو كانت هناك أحزاب ثورية وديمقراطية تطرح إجاباتٍ عن الأسئلة المطروحة وحلولًا للمشكلات التي يعاني منها المواطن لتزوّدت هذه الثورات بالرؤية والأحزاب والتنظيم والقيادة التي ستسير بها إلى بر الأمان، وتحقيق ما يريده الشعب من أمانٍ وطموحات وأهداف وطنية وديمقراطية واجتماعية واقتصادية وثقافية، فلا يمكن الفصل بين الوطنية والديمقراطية، ولا يمكن تأخير الحقوق والحريات للأفراد أو للمرأة إلى حين التحرر، فلا بد من أن تسير النضالات معًا في مسارات متلازمة متوازية متزامنة، فلا يؤجل تحرير المرأة على سبيل المثال لا الحصر إلى ما بعد التحرير، وهذا ما حذّرت منه مشاركات من الجزائر الفلسطينيين حتى لا يحدث معهم ما حدث في الجزائر حين تحررت بينما بقيت المرأة مضطهدة في البيت والعمل. ومن يركز على أن في الحركة بركة على أساس أن خطوة عملية أحسن من دزينة برامج ، وأن المهم تلبية احتياجات المواطنين ومطالبهم والتعامل مع همومهم المباشرة. فما ينقص اليسار وفق هؤلاء التنظيم والتنظيم والتنظيم والإمكانات المالية. والسؤال هو أي تنظيم هو المقصود، وما فكره، وما برامجه وأهدافه، وكيف يصل إليها؟ وكما قال لي أحد المشاركين من مصر أن التفتت الذي يعاني منه اليسار المصري والعربي فظيع، لدرجة أن تشكيل أي فصيل يساري جديد يعني حتمًا بعد فترة ليست طويلة أن ينشق إلى خمسة أو ستة تنظيمات مثلما حصل مع التنظيمات السابقة. ما يثير هذا الجدال العقيم حول من يسبق من النظرية أو العمل؟ أن هذه المعضلة يمكن حلها ببساطة من خلال الجمع ما بين العمل من أجل بلورة النظرية الثورية، وبين الكفاح لتحقيق الأهداف المطلبية والوطنية والديمقراطية، فمن دون جواب عن أسئلة من نوع أين نقف الآن، ولماذا وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وإلى أين نريد أن نصل، وكيف نصل إلى ما نريد؟ كيف بمقدور النضال الطبقي والوطني أن يراكم ويحقق ما يريد فالنضال ليس من أجل النضال، وإنما من أجل بلدان حرة ومستقلة وشعوب سعيدة تنعم بحقوقها وحريتها. ما يثلج القلب في هذا الملتقى أنه على الرغم من التنوع والخلاف بين المشاركين، والتعصب والعصبية التي كادت أن تهدد استمراره ونجاحه، أجمع المشاركون على تأييد القضية الفلسطينية ودعمها باعتبارها ضحية الإمبريالية والصهيونية، وراية التحرر العالمي وليس الفلسطيني والعربي فقط. وهذا مؤشر إلى أن عدالة القضية الفلسطينية وتفوقها الأخلاقي وتمسك الشعب الفلسطيني بها، وبالدفاع عن حقوقه، والنضال من أجل تحقيق أهدافه مهما طال الزمن وغلت التضحيات، ينفي أنها لم تعد قضية مهمة في المنطقة. صحيح أن القضية تراجعت من حيث أهميتها بسبب ما جرى ويجري في المنطقة العربية إلا أنها لا تزال قضية جامعة ومؤثرة، ويمكن أن تستعيد ألقها ودورها السابق إذا أحسن الفلسطينيون التصرف، لأن أكثر ما أساء للقضية تقزيمها للشعب والأرض والحقوق في أوسلو، وتشويهها وتصويرها كقضية نزاع على الأرض والحدود، أو قضية خلاف حول طبيعة السلام، أو بين المتطرفين والمعتدلين من الجانبين، بينما هي في الحقيقة قضية تحرر وطني لشعب تعرض ولا يزال يتعرض للاقتلاع والتشريد، فالمشروع الصهيوني الذي قام كامتداد للمشروع الإمبريالي للمنطقة يستهدف ليس فلسطين وحدها، وإنما الإبقاء على التخلف والجهل والتبعية والتجزئة والفقر في المنطقة العربية برمتها، فهو لا يزال مفتوحًا ولم يغلق، ويواصل عمله لإقامة إسرائيل الكبرى ، وأهدافه استعمارية جذرية وتوسعية وعنصرية، ولا يقبل التسوية حتى لو تضمنت شروطًا ظالمة ومجحفة بحق الفلسطينيين.
بقلم ريموندا حوا طويل
في هذا الزمن الرديء، وفي زمن ضعفنا وخنوعنا وانشقاقاتنا نكاد أن لا نصدق ما فعلت. لقد أعطيتنا درسا في الكرامة يا ريما. لقد فعلت ما لم يستطع أن يفعله أحد فينا يا ريما. لقد أعطيتنا درس في الكرامة في وقت نسينا ما معنى الكرامة.. ما أنبلك يا ريما. تللك المرأة العروبية الأردنية التى ترعرعت في الكويت ودرست في الجامعة الأميركية في بيروت وعاشت مع الفلسطينيين معاناتهم في مخيمات اللجوء. لم تهادن عندما طلب منها الأمين العام للأمم المتحدة سحب تقرير الاسكوا وهي أمينته العامة الذي يدين إسرائيل ويصفها بدولة العنصرية والابارتهايد، ورفضت أن تسحب التقرير ورمت له استقالتها بعزة وكبرياء وشموخ، فماذا يعني المنصب لريما أمام فلسطين وأمام عذابات شعبها؟ ريما، أنت خسرت منصبك، لكنك ربحت قلب كل إنسان حر شريف في العالم، انتصرت أمام الحقيقة، أمام أطفال فلسطين ونساء فلسطين وأمهات الشهداء والأسرى.. انتصرت أمام شعب مكلوم ينادي بالحرية والعدالة. انت لست بحاجة إلى مناصب فانت منذ تخرجك من الجامعة وانت تتبوأين اعلى المناصب وانت التي استقلت منها؛ لأنك بطبيعتك مستقلة ومتمردة عندما يقع الظلم. فأنت بنت والدك المناضل الكبير الوزير محمد خلف الذي كان يكره الظلم والاضطهاد، تجرعت منه الشموخ والنضال، واليوم برغم استقالتك اعطيتينا انتصارا في زمن الهزائم والانكسار. منذ تقرير غولدستون الذي أدان جرائم الاحتلال في غزة لم يجرؤ أحد على إدانة إسرائيل على جرائمها ضد الشعب الفلسطيني. سُحب التقرير، ولكنك يا ريما فعلت وأصريت في ظروف عالمية معقدة لا يجرؤ فيها أحد على انتقاد إسرائيل. هنيئا لنا فيك يا ريما وهنيئا للشعب العربي فيك يا ريما وهنيئا للشعب الأردني فيك يا ريما. فانت من المبدعين الذين تتلمذوا على يد سمو الأمير بن طلال فسموه فخر لنا جميعا. شكرا لكِ باسم فلسطين يا ريما.. فاسمك سيبقى محفوراً فينا
بقلم د. دلال عريقات
أعجبتني جداً مبادرة نقابة الصحفيين الفلسطينيين قبل أيام بعقد مؤتمر لإصلاح تحسين الإعلام الحكومي بمشاركة كل من الاتحاد الدولي للصحفيين وهيئة الإذاعة والتلفزيون والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان ووزارة الإعلام وبرعاية من رئيس الوزراء. مبادرة لها كل الاحترام فكمتابعة للوضع السياسي، تثير دهشتي مشاهد سوء استخدام الإعلام، فصياغة وتوقيت ردود الفعل الصادرة عن المسؤولين وصانعي القرار فيما يتعلق بالمواضيع السياسية الحساسة سواء على المستوى المحلي الداخلي أو على المستوى الدولي الخارجي لا تحقق مصالحنا السياسية بالشكل المرجو، هناك المثير مما يمكن تحقيقه من خلال الإعلام. ومما يثير دهشتي هو اختلاف وعدم توحيد الرواية وتناقض الردود إلى حدٍ ما، مما يؤدي إلى إرباك الجمهور المُتلقي. وانطلاقاً من حرصي على المصلحة الوطنية أؤكد أنه آن الأوان لتنسيق الجهد الإعلامي الرسمي، آن الأوان لترتيب أفكارنا وتنسيق رسائلنا وتوحيد رواية فلسطينية تحقق المصلحة الوطنية. آن الأوان لفن استخدام الإعلام والخروج بماكينة إعلامية رسمية موحدة الرسائل. لتحقيق ذلك، لا بد لي من لفت النظر لأهمية الإعلام، حيث يُعتبر اليوم أهم وسائل الدبلوماسية، وأؤكد هنا على أهمية الدبلوماسية كأداة أساسية من أدوات العلاقات الدوليّة. هناك نوعان لاستخدام الإعلام في الدبلوماسية أولاً دبلوماسية الإعلام وهو حين يتم استخدام وسائل الإعلام من قبل صانعي القرار لتوصيل رسائل مدروسة لجماهير مختلفة، فيعمل صانع القرار أو الدبلوماسي بتحديد الفئة المستهدفة ثم يتم اختيار وسيلة الإعلام المناسبة لتوجيه رسالة محددة تصل الجمهور المُستهدف. أي أن الدبلوماسي يستعمل كافة وسائل الإعلام المُتاحة من مقروءة ومرئية ومسموعة ووسائل التواصل الاجتماعي الحديثة والإلكترونية المختلفة أو يختار نوعا محددا من هذه الأدوات ليحقق هدفا سياسيا من خلال إيصال رسائل مدروسة لجمهور محدد. ثانياً دبلوماسية السمسرة الإعلامية هنا وخلافاً للنوع الأول يعمل الإعلاميون على تحديد رسائل وتوجيهها لجماهير معينة حسب الأهداف التي تريد الأداة الإعلامية من تلفزيون أو إذاعة أو مراسلين ذي شعبية عالية تداولها أي هذا النوع من استعمال الإعلام قد يكون خطراً على السياسة، لأن الإعلام في هذه الحالة هو الذي يحدد الرسالة أي أن الإعلامي يستعمل اقتباسات أو أخبار مُعينة ويقوم بإخراجها بطريقة أو بأخرى بهدف خدمة أو تشويه الدبلوماسية أي لتحقيق غرض مرضٍ لوسيلة الإعلام بالدرجة الأولى بغض النظر عن المصلحة الدبلوماسية أو السياسية الرسمية. ما دفعني لكتابة هذا المقال هو ضعف استخدام الإعلام من قبل المسؤول الفلسطيني بشكل عام، فنرى اختلافاً في الروايات ونرى إرباكاً في الرسائل ونشهد فوضى من حيث التخصص، فيتكرر مشهد أن يتحدث شخص ما خارج إطار تخصصه، لا بدّ لنا من إصلاح وتنظيم استخدامنا للإعلام. هنا رسالة للمسؤول بأن يكون حذراً ويتجنب إصدار تصريحات غير مدروسة دون التأكد من حسن تأويلها والاتفاق على إخراجها بصيغة موحدة في أماكن صنع القرار. وهنا رسالة أخرى للإعلام وللإعلاميين الفلسطينيين بأن يضعوا المصلحة الوطنية نُصب أعينهم، وأن يتحلوا بالتروي عند تداول الأخبار والتأكد من فتح المنابر لأصحاب الاختصاص للارتقاء بمستوى إعلامي ذي مصداقية مما سيحقق تقدما سياسيا من خلال توظيف هذه الأداة المهمة.
بقلم الدكتور حسن عبدالله
ما كان لفيلم مروان الذي أنتجته شبكة معاً الإعلامية ان يرى النور، بمعزل عن قرار جدي اتخذ بإرادة ثلاثة من القائمين على هذه المؤسسة الإعلامية الرائدة وأعني مدير عام الشبكة ورئيس التحرير ومدير عام الفضائية، بمعنى ان القرار انسجم مع الدور الإعلامي لمؤسسة فلسطينية، بأبعاده النضالية والتأريخية والتوثيقية. لقد جاء انتاج الفيلم متأخراً، هكذا قال الإعلامي د.ناصر اللحام في حفل الافتتاح، وقصد بذلك ان قائداً بحجم البرغوثي، تستحق تجربته التأريخ والتعميم لما تحمله من عنفوان وطول نفس وتشبث بالموقف، فالانسان موقف وقضية على رأي الكاتب الشهيد غسان كنفاني، لكن الفيلم الوثائقي في المحصلة النهائية، رأى النور، مؤكداً أن تصل متأخراً أفضل من ألا تصل أبداً . صعوبة الفيلم أن البطل غائب، ولا يستطيع الوقوف أمام الكاميرا، أو ليس بمقدور الكاميرا تتبع حركة فعله في الحاضر بسبب الاعتقال، في المقابل فان سهولة تنفيذ الفكرة، استندت إلى حقيقية أن في غيابه حضور مكثف، لاسيما والبرغوثي أصبح شخصية معروفة لا على مستوى وطني وقومي فقط وإنما في الفضاء الأممي. لقد تطلب انتاج الفيلم جهداً في جميع المواد الأرشيفية وتنقيحها وترتيبها زمنياً وفي اجراء المقابلات والشهادات مع الشخصيات التي واكبت البرغوثي وعرفته عن قرب، الا ان عملية جمع المواد الأرشيفية اصطدمت بفقر الصورة المتحركة، بخاصة في مرحلة مهمة من حياة البرغوثي، أي فترة نشاطه وصعوده حينما كان طالباً في جامعة بيرزيت، حيث تم استعمال بعض الصور الفوتوغرافية القليلة والنادرة، لكن القائمين على الفيلم خرجوا من هذا المأزق بذكاء عندما وظفوا صوراً ولقطات أرشيفية شعبية نضالية عامة، وقد شكل هذا مبرراً فنياً ونضالياً، فالبرغوثي لم يعطِ ويقدم من فراغ أو في فراغ، فهو ابن لشعب انتفض وناضل، وبالتالي برزت العلاقة الجدلية بين الخاص والعام، لأن كل الصور العامة تعبر عن كل إنسان فلسطيني يقبض على جمر القضية، وكل الصور الشخصية هي حلقات في سلسلة مرحلة معينة من عمر القضية ذاتها. أن تعج قاعة الهلال الأحمر بهذا الحشد الكبير وربما غير المسبوق في متابعة فيلم يعني أمرين الأول أن البرغوثي شخصية وطنية جامعة. الثاني ان تجميع الناس حول عمل معين يحتاج إلى مبادرة، ويحتاج إلى قيام مؤسسة ما بتعليق الجرس أو الضرب بقبضتها على جدران الخزان، وهذا ما فعلته معاً . الفيلم في رأيي حقق على المستوى التأريخي مجموعة من الأهداف منها على سبيل المثال لا الحصر، ارسال رسالة إلى العالم مفادها أن رجلاً خرج من بيننا مطرزاً بحلمنا ولهفتنا للتحرر والاستقلال، ما زال قابعاً في الأسر يتغذى على الأمل ويتقوى بالأمل، ثابتاً على ما آمن به وضحى من أجله. أما الهدف الثاني، فيتمثل في التأريخ، بخاصة ونحن نعاني منذ زمن طويل تقصيراً في تأريخ وتوثيق مراحلنا النضالية، حيث ضاع وفقد الكثير، وبالتالي فان التنبه لهذا الجانب الآن وفي هذا التوقيت، يؤكد اننا بدأنا في الامساك بحلقة لم نمسك بها كما ينبغي، أي حلقة التوثيق، فيما الهدف الثالث تم التعبير عنه في أكثر من موقع في الفيلم، وهو ان الفلسطينيين شعب لم يعتدِ على أحد ولم يستهدف أية جهة، وكل ما يطلبه ليس خارجاً عن سياق التاريخ ولا يتناقض مع الطبيعة البشرية منذ ان شقت طريقها إلى الحياة، وكل ما يطلبه يمكن اختصاره في دولة وحرية ومكان لائق تحت الشمس. ما لفتني في هذا العمل روح التصميم على الإنجاز، وإرادة تحقيق ما يسلط الضوْء على القضية، ولفتني أيضاً التعليق الذي كتبه د.ناصر اللحام ونقله كلامياً بصوته، في اختيار دقيق للمقاطع الكلامية المكثفة، فنجحت الكلمة في تأليف صورة مكملة أو معوضة عن الصورة الغائبة، وتمنيت لو طال التعليق وأخذ مساحة أوسع من تلك التي أخذتها المقابلات والشهادات، لأنها طالت في بعض المواقع، في المقابل أحببت لو تنوعت المقابلات وتعددت وشملت آراء مواطنين عاديين من شرائح مختلفة حول البرغوثي ودوره، أما الأغاني والموسيقى فقد كانت موفقة وفي مكانها، وفي الإطار الذي خدم المادة التوثيقية. ولأن الوصول إلى مروان في معتقله كان ضرباً من ضروب المستحيل، وددت لو كانت هناك إشارة وبصوت د.اللحام ولغته الجزلة إلى بعض المواقف من كتاب البرغوثي الف يوم في زنزانة العزل ، ففي الكتاب مادة خاصة وغير مسبوقة، كنت تناولتها قبل بضع سنوات في مقال تحليلي للكتاب المذكور. لا عمل أدبياً أو سينمائياً أو وثائقياً أو أكاديمياً، يصل إلى مرحلة الكمال، فنحن بشر ننجح في الإمساك بحلقات معينة وتفلت منا حلقات أخرى، لكن الحلقات التي تم الامساك بها في هذا الفيلم كثيرة ومتعددة وغنية وحققت جملة من الأهداف التي ذكرت بعضها، بيد أن الذي يهمني ان يكون هذا الجهد التأريخي فاتحة لأفلام أخرى تتبارى المؤسسات الإعلامية في تنفيذها، فـ معاً اشعلت الضوء الأخضر وقدمت مبادرة تحسب لها مهنياً ووطنياً، لتذوق حلاوة النجاح بحضور جماهيري وقيادي جسّد مشهداً غاب في السنوات الأخيرة عن قاعاتنا واجتماعاتنا، وهذا يمكن اعتباره المكافأة الفورية المباشرة الأولى لنجاح يستحق أن نحتفي به.
حديث القدس
ما كشفته وسائل الإعلام الإسرائيلية من تفاصيل حول مخططات البناء الاستيطاني الواسعة في القدس العربية المحتلة التي تعتزم حكومة نتنياهو المضي بها قدما، بما في ذلك الاستيطان في باب الساهرة ومواقع أخرى في البلدة القديمة بالقدس ومحيطها، والاعلان امس عن المصادقة على بناء مائة وثلاث وخمسين وحدة استيطانية في إطار مخطط لبناء تسعمائة وحدة، يؤكد أن هذه الحكومة الإسرائيلية تدفع باتجاه القضاء على أية فرصة لإعادة إحياء عملية السلام بهدف تصفية القضية الفلسطينية مع كل ما يترتب على هذا النهج من تداعيات في مقدمتها تصعيد التوتر والعودة الى نقطة الصفر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. هذا يعني ان ناقوس الخطر يدق بوتيرة متسارعة، خاصة وان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أثبت انه مستعد لفعل كل ما بوسعه لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف بما في ذلك المستوطنين، قد خرج علينا امس الأول بشرط آخر جديد، بعد ان تذرع بشرط الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وهو ما يرفضه الجانب الفلسطيني، وهذا الشرط هو فرض السيطرة الأمنية الإسرائيلية على كامل الأراضي المحتلة، وكلا الأمرين يشكلان شرطين مسبقين حتى يتكرّم نتنياهو ويوافق على استئناف عملية السلام. ومن الواضح ان نتنياهو يدرك تماما ان الشعب الفلسطيني وقيادته يرفضان مثل هذا الشرط الجديد ويصران على إنهاء الاحتلال غير المشروع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على التراب الوطني المحتل منذ عام ١٩٦٧، وفق قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد هذا الحق وآخرها قرار مجلس الأمن ٢٣٣٤. وبالتالي فان الهدف من هذا الشرط هو وضع عقبة اخرى جديدة أمام عملية السلام. إن ما يجب أن يقال هنا أولا إن نهج الاستيطان وسد الطريق أمام عملية سلام حقيقية وجادة لن يسهم سوى في زعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة ولن يوفر السلام والأمن لا للإسرائيليين ولا لشعوب المنطقة. وثانيا، يجب على نتنياهو أن يدرك أن الشعب الفلسطيني الذي يناضل من أجل حريته وحقوقه واستقلاله لن يرفع الراية البيضاء، وسيواصل نضاله العادل بدعم المجتمع الدولي وكل أنصار الحق والعدل والحرية حتى تحقيق أهدافه المشروعة. كما أن على هذه الحكومة الإسرائيلية أن تدرك أن ناقوس الخطر المتصاعد جراء مختلف الممارسات والمواقف الإسرائيلية لا يمكن تجاهله عربيا وإسلاميا ودوليا عدا عما سيحدثه من ردود فعل فلسطينية. كما أن عليها أن تدرك أنها واهمة إذا ما اعتقدت أن التجاوز الإسرائيلي الفظ للخطوط الحمراء فلسطينيا وعربيا ودوليا يمكن أن يمر مرور الكرام أو أن التغيرات الإقليمية والدولية يمكن ان تساعد الاحتلال في المضي قدما في مخططاته لتصفية القضية الفلسطينية وتكريس احتلاله واستيطانه غير المشروعين. وأخيرا، فان التحديات الجسام التي تفرضها حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، تفرض،فلسطينيا، المسارعة إلى إنهاء الانقسام وتوحيد الجهود والطاقات لصالح قضية شعبنا وحقوقه وتبني موقف موحد يشكل نواة لموقف عربي إسلامي، وبالتالي لموقف دولي مناصر لحق شعبنا في التحرر من هذا الاحتلال وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
حديث القدس
مرة أخرى يختار المشرعون الأميركيون التصرّف فيما لا يحق لهم التصرف به وذلك عبر النص الذي اعتمده مجلس النواب الأميركي بغالبيته الجمهورية والذي ندد بقرار مجلس الأمن ٢٣٣٤ الذي اعتبر الاستيطان في الأراضي المحتلة غير مشروع وطالب إسرائيل بوقف أنشطتها الاستيطانية، والذي اتخذ بإجماع المجتمع الدولي وامتناع الولايات المتحدة عن التصويت، ليأتي مجلس النواب الآن ويطالب بسحب هذا القرار كما يدعو إلى استخدام حق النقض الفيتو ضد أي مشروع قرار في مجلس الأمن مناهض للاحتلال الإسرائيلي. وبذلك اختار النواب الأميركيون ليس فقط معاداة الشعب الفلسطيني والتعدي على حقوقه المشروعة وإنما أيضا اختاروا مناهضة الشرعية الدولية والقانون الدولي والوقوف في نفس خندق العزلة الذي يقف فيه الاحتلال الإسرائيلي. إن ما يجب ان يقال هنا ان هذا الموقف المشين الذي اعتمده مجلس النواب الأميركي يشكل وصمة عار في جبين كل من صوت لصالحه لان مثل هذا التصويت يعني الوقوف الى جانب احتلال غير شرعي للأراضي الفلسطينية كما تنص على ذلك قرارات الشرعية الدولية على مدى عقود ولأنه يتنافى مع مبادىء الحق والعدل ولأن الذين صوتوا لصالح هذا النص استخدموا ذريعة واهية وهي ان الولايات المتحدة يجب ألا تقف ضد حليفتها إسرائيل، تلك الحليفة التي تنتهك حقوق الإنسان وتمارس انتهاكات جسيمة في الأراضي المحتلة وتسلب شعبا بأكمله حقه في الحرية والاستقلال. وهو نفس النهج اللا أخلاقي الذي اعتمده الاستعمار البريطاني على لسان بلفور عندما أصدر وعده المشؤوم قبل قرن من الزمان وأعطت فيه بريطانيا لنفسها الحق في التصرف بحقوق الآخرين، وهو ما يكرره اليوم مشرعو أميركا في مجلس النواب والشيوخ سواء عبر اعتماد هذا النص او عبر تأييد نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى القدس العربية المحتلة. مثل هذا النهج يوجه ضربة أخرى لأي دور محتمل للولايات المتحدة الأميركية في حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث لا يعقل ان تكون أميركا وفق مواقف مجلس النواب والشيوخ منحازة للاحتلال غير المشروع ومعادية للشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت تلعب دورا بناء في جهود إحلال السلام بالمنطقة. وهنا نقول مجددا ان على مشرعي الولايات المتحدة وإدارتها ان يفهموا ان حقوق شعبنا المشروعة غير قابلة للتصرف وان الفلسطينيين جميعا يرفضون هذا الموقف اللا أخلاقي والمشين الذي اعتمده مجلس النواب والدعوات الى نقل السفارة الأميركية للقدس. كما ان عليهم ان يدركوا ان الشعب الفلسطيني وهو يرفض مثل هذه المواقف المنحازة للاستيطان والاحتلال يصر على انتزاع كامل حقوقه المشروعة وقادر على الدفاع عن حقوقه ووجوده في مواجهة كل اولئك الذين ضربوا عرض الحائط مبادىء العدل والحق والحرية والقانون الدولي والشرعية الدولية وإرادة المجتمع الدولي. كما ان عليهم ان يدركوا ان مصير مثل هذا النهج هو الفشل الذريع، فإرادة الشعوب أقوى من الاحتلال مهما طال الزمن، ولعل المشرعين الأميركيين يذكرون او يتذكرون مصير الاحتلال الأميركي لفيتنام والاستعمار الفرنسي والبريطاني للكثير من الأقطار.
بقلم حمدي فراج
جاءت عملية الدهس في المكبر لتكون خشبتي انقاذ لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الاولى لكي تنقذه من سلسلة التحقيقات معه على خلفية الفساد والرشى والمقتنيات ، والتي كانت ابتدأت الاسبوع الماضي بعد تردد الشرطة طويلا في فتحها ، واستغرقت الجلسة الثانية ضعف مدة الاولى خمس ساعات ، مما يدل على ان الامور جدية ، بعكس ما صرح عقبها ، بل ان وسائل اعلامية هامة اشارت الى وجود تسجيلات موثقة لدى الشرطة تؤكد تورطه. الخشبة الثانية التي من شأنها انقاذه من تداعيات القرار الاممي في مجلس الامن ادانة الاستيطان ووقفه في الضفة الغربية مقدمة لقيام الدولة الفلسطينية فعليا ورسميا هذه المرة، وهو الامر الذي ترتب على الموقف الامريكي النوعي، او بالادق، المختلف، الذي تمثل في الامتناع عن التصويت المغاير تماما لكل التاريخ الامريكي الذي كان يسارع الى اشهار الفيتو في وجه اي مقترحات تمس هذه الدولة ، حتى لو بالكلام ، تبعه خطاب وزير الخارجية جون كيري ، الذي اثار الحفيظة الاسرائيلية ، ودفع نتنياهو ان يصفه بالمهووس وخيبة الامل ، لكنه تنبه الى ان جعبة اوباما مازال فيها سهما آخر يوجهه لاسرائيل قبل مجيء المخلص دونالد ترامب. ولهذا نرى ان نتنياهو سيتشبث بعملية الدهس بيديه واسنانه، فقد سارع بصحبة وزير دفاعه لمعاينة الموقع ، ووقف على اطلالها المحاذية لجبل المكبر ، وبدا مندهشا وحزينا من جهة ، و صقرا جارحا من جهة اخرى ، اراد ان يظهر كزعيم عالمي ، فرنسيا او ألمانيا ، يلاحق الارهاب في مستوطانته ، وحرص ان يعلن عن معرفته بهوية المنفذ ، الذي كان بقية الجنود قد امطروه باثنتي عشر رصاصة قبل ان يترجل من شاحنته ، حرص ايضا ان يصرح بانتمائه الداعشي، نفس التنظيم الذي وقف وراء عمليات الدهس في نيس وبرلين ، ولكي تستمر الخشبات في اداء دورها الانقاذي ، اعلن عن اجراءات عقابية فورية ، كاعتقال العائلة والاصدقاء والزملاء ، ومنع تسليم الجثمان ومحاصرة البلدة كلها ، وهي اجراءات عادية جدا في فلسطين يتم اتخاذها ازاء كل عملية حتى لو قام بها طفل يحمل سكينة فواكهة. الى هذا الحد يعرف نتنياهو ان ذلك لا يخلصه من مآزقه ، ولن ينقذه مما اقترفت يداه على مدار سنين حكوماته، وربما بدأ يدرك ايضا ان ترامب نفسه لن يستطيع القيام بالمستحيلات، لكن عملية الدهس يستطيع ان يواصل امتطاء موجتها لاطول مدة ممكنة، عبر اجراءات بعيدة المدى ، كهوية سكان جبل المكبر الاسرائيلية وشاحناتهم ذات اللوحات الصفراء ، وقد يطول الاجراء سكان القدس قاطبة، هوية ولوحات.
حديث القدس
تضاربت الأنباء حول عقد المؤتمر الدولي للسلام الذي تبادر فرنسا اليه وتعد له منذ فترة، واذا كان هناك خلاف حول موعد عقد هذا المؤتمر، فلا خلاف حول الدعوة إليه واجراء الاتصالات والمشاورات الموسعة بشأنه وبناء السلطة الوطنية الآمال الكبيرة عليه وفي هذا السياق فقد ذكرت مصادر اسرائيلية ان رئيس الوزراء نتانياهو رفض دعوة فرنسية لعقد لقاء ثنائي مع الرئيس محمود عباس في إطار المساعي لعقد مؤتمر السلام. وكان نتانياهو قد اكد اكثر من مرة رفضه للفكرة الفرنسية وتمسكه بما يسميه المفاوضات المباشرة. القنصل الأميركي العام بالقدس دونالد بلوم بحث مع الرئيس ابو مازن اجتماع اللجنة الفلسطينية الأميركية للحوار الاستراتيجي المقرر انعقاده في الولايات المتحدة خلال أيام . واي حوار مهما كانت تسميته، لا يمكن إلا ان يكون السلام وسبل تحقيقه في المقدمة. ونحن نعرف مسبقا ان هذه المرحلة الانتقالية الأميركية، لا يمكن ان تؤدي إلى أية نتائج عملية، سوى التأكيد على أهمية قضية السلام من ناحية نظرية. ان السؤال الكبير والاستراتيجي الذي يتردد في هذه المرحلة هل بقيت فعلا اية فرصة لمساعي التسوية وتحقيق السلام على ضوء الواقع الذي نراه سواء من ممارسات الاحتلال اليومية والتطورات العربية والإقليمية التي تحيط بنا وتؤثر جذريا على قضيتنا واحتمالات تحقيق السلام. العالم العربي يغرق حتى الاختناق في حروبه الداخلية وانقساماته الدينية، وقد اصبحت اسرائيل حليفا غير معلن لعدد من الدول العربية وتجري اتصالات وزيارات سرية وعلنية عديدة بين الجانبين، والقادم يبدو أكثر سوءا. كما ان عددا من الدول العربية هذه صارت طرفا بانقساماتنا الداخلية وتحاول التأثير علينا وندخل في إشكالات وخلافات معها، مما يزيد الأمور تعقيدا. والاحتلال صارت نواياه اكثر وضوحا وصراحة، وتمادى في ممارساته، وكان رئيس حزب البيت اليهودي وزير المعارف نفتالي بينيت في منتهى التعبير عن الواقع والنوايا حين قال ان اسرائيل على طريق الانتقال من مسار اقامة الدولة الفلسطينية الى ضم الضفة كلها وفرض السيادة الإسرائيلية عليها، وذلك في أعقاب موافقة الكنيست بالقراءة التمهيدية على مشروع قانون مصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة وتشريع بعض المواقع الاستيطانية. لا وضوح أكثر من هذا، ولا ترجمة لما يجري اقوى من هذا الموقف من رئيس حزب كبير في إسرائيل، مما يثير التساؤل مرة أخرى هل ثمة فرصة للمساعي السياسية وان كانت هناك بارقة أمل فإن أية مماطلة او تأخير بالعمل سيؤدي الى قتلها. ولعل الكل يسمع ويتوقف عن الركض وراء السراب ...
عبد الإله بلقزيز
شهد مطلع النصف الثاني من القرن العشرين انبعاثةً لفكرة الثورة في البيئات السياسية الحزبية العربية، بعد انصرام حقبة الليبراليات السياسية العربية لما بين الحربيْن. كان معنى السياسة والعمل السياسي كفعالية اجتماعية مدنية سلمية وتنافسية قد استتب عموماً بين منتصف عشرينات القرن وأواخر أربعيناته في الحقبة الليبرالية تلك ، بعد تجربة كثيفة من العمل المسلّح فرضته الحركة الوطنية ضدّ الاحتلال الأجنبي ثورة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي الريفية في شمال المغرب، ثورة سلطان باشا الأطرش السورية، ثورة عمر المختار في ليبيا، ثورة عز الدين القسام في فلسطين... . لم تَنْسخ الحقبة الليبرالية ما قبلها، إذ سرعان ما تجدّدتِ الفكرةُ الثورية بدءاً من منتصف القرن في سياقين منها في سياقٍ وطني ضدّ المحتل الأجنبي الثورة الجزائرية، المقاومة المسلحة في مغرب الخمسينات، الثورة الفلسطينية، الثورة اليمنية ، ثم في سياق اجتماعي سياسي لإنجاز التغيير الثوري بمعنييه السائدين آنئذ القومي والاشتراكي. لعودة الفكرة الثورية إلى قلب العمل السياسي العربي في منتصف القرن أسباب نزول تفسِّرها احتلال فلسطين والهزيمة العربية الأولى في حرب العام ، وما ولَّدتاهُ من شعورٍ متزايد بالحاجة إلى الردّ عليها من طريق تثوير الوضع العربي وتوليد دينامية توحيد قومي، المدّ السياسي القومي الذي أطلقته الناصرية غداة حرب السويس العدوان الثلاثي في العام ، اتساع نطاق نفوذ الاتحاد السوفييتي و المعسكر الاشتراكي في العالم بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار الثورة الصينية، ميلاد الفكرة العالمثالثية وحركاتها التحريرية العالمية، نجاح الثورة الجزائرية في دحر الاحتلال الفرنسي وانتزاع الاستقلال الوطني، اندلاع الثورة الفلسطينية وانتظام فصائلها في منظمة التحرير، نجاح الثورة في عدن في دحر الاحتلال البريطاني وإقامة دولة مستقلة في الجنوب اليمني، الانتشار المتعاظم للأفكار الراديكالية بأطيافها كافة اللينينية، والماوية، والتروتسكية، والغيفارية، والمجالسية، والفوضوية في امتداد العالم، وخاصة بعد الثورة الثقافية في الصين واندلاع انتفاضة الشباب والطلاب في مايو في فرنسا وبعض أوروبا، اندحار حركة الاستعمار تحت ضربات حركات التحرر الوطني عن معظم بقاع العالم ونيل شعوب الجنوب استقلالها السياسي، الهزائم العسكرية المتلاحقة للعدوانيات الامبريالية منذ هزيمة فرنسا في فيتنام، أوائل الخمسينات ديان بيان فو ، إلى هزيمة أمريكا فيها وسقوط سايغون وانكفاء وجودها العسكري، ثم ميلاد ظاهرة الإرهاب الثوري وقيام منظماته في الغرب الألوية الحمراء ، بادر ماينهوف ، العمل المباشر ، الجيش الأحمر الياباني ... . هذه ظواهر من البيئة العالمية والقومية التي انتعشت فيها الفكرة الثورية العربية. ولقد أتتِ الفكرةُ تلك تُفصح عن نفسها على صعيديْن مترابطيْن على صعيد أسلوب العمل وأدواته حيث انصرف الفعل السياسي، انصرافًا تامًا، إلى توسُّل أدوات العنف في مواجهة الأجنبي، من جهة، وفي مواجهة النُّظُم السياسية القائمة، من جهة أخرى، ثم على صعيد الرؤية السياسية والبرنامجية، حيث ذهبت الحركات السياسية الراديكالية العربية على اختلاف مشاربها ومرجعياتها الإيديولوجية إلى تجذير نظرتها إلى البناء الاجتماعي الاقتصادي في مسعًى إلى تغييره التغييرَ الشامل. إذا كان قسمٌ من حركات المعارضة الراديكالية اليسار الشيوعي والماركسي تحديداً قد انصرف إلى التنظير للعنف الثوري بما هو قابلةٌ للتاريخ تُخرج جنين الثورة من رحمه، فإن فريقيْن من الراديكاليين العرب مارسوه فعلاً في مواجهة المحتل الأجنبي كما في مواجهة الأنظمة القائمة. ويتعلق الأمر، هنا، بالحركات الوطنية والثورية المسلّحة منذ خمسينات القرن الماضي الثورة الجزائرية، المقاومة وجيش التحرير في المغرب، الثورة الفلسطينية، الثورة اليمنية في عدن والجنوب ، وبالنخب السياسية القومية والوطنية التي استولت على السلطة بالعنف، من طريق الانقلاب العسكري، كما في مصر، والعراق، وسوريا، وليبيا، والجزائر البومدينية. تميَّز اليسار القومي العربي عن غيره من قوى اليسار، بتشديده على جوهرية مسألة التوحيد القومي في ذلك التغيير، من دون أن يتجاهل الحاجة إلى إحداث انقلاب في البُنى الاجتماعية الاقتصادية على طريق البناء الاشتراكي. على أنّ العوامل الدافعة لفكرة الثورة عند المعارضات الراديكالية لم تكن جميعُها إيجابية، أو تنتمي إلى بيئة ثورية عالمية ناهضة، وإنما كثيرًا ما كانت عواملَ سلبية من قبيل الانكسارات والهزائم. وآيُ ذلك أن أعلى أشكال الاندفاعة الثورية بل الثورانية ، عند حركات اليسار الراديكالي، إنما كان غِبَّ هزيمة العام ، وانكسار المشروع القومي التحرري، فلقد كانت السنوات الفاصلة بين هزيمة وحرب لبنان الأهلية سنوات ربيع اليسار الثوري العربي الذي أتى ينتدب نفسَه ليتخطى مأزق الأنظمة الوطنية على المثال الناصري لينعطف بالعمل السياسي، على زعمه، انعطافةً ثورية غير مسبوقة من طريق تأسيس الأنوية التنظيمية لأحزاب البروليتاريا العربية، التي ستطيح بالأوضاع السياسية القائمة، وتفتح الطريق أمام بناء النظام الاشتراكي. وهكذا تولّدت في تاريخ المعارضات المفارقات الحادة ومنها الهروب إلى الأمام بطوبويات قصووية عن المستقبل
خالد الدخيل
لو تأملت قليلاً في ما يعصف بالمنطقة من موجات طائفية لا تتوقف، وحروب أهلية تستعر، وإرهاب، وتحالفات أقل ما يقال في بعضها بأنها مثيرة للشبهة، وتدخلات من داخلها وخارجها، لوجدت نفسك أمام سؤال غريب ومربك لماذا الحرب على تنظيم الدولة داعش تحديداً؟ هذا السؤال فرض نفسه قبل الحرب الحالية لاستعادة مدينة الموصل العراقية. يعود الآن ليفرض نفسه بعد انطلاق هذه الحرب. يبدو السؤال غريباً بالفعل وليس في محله ولا في زمانه. داعش تنظيم إرهابي وطائفي متوحش يتهدد الجميع من دون استثناء، في المنطقة وخارج المنطقة. وبالتالي من مصلحة الجميع استئصاله والقضاء عليه أمس قبل اليوم. لا يختلف أحد، ولا يجب أن يختلف على ضرورة الوصول لهذه النتيجة. كل هذا صحيح، ولا ريب فيه. لكن مع ذلك سيأخذك التأمل في المشهد إلى السؤال نفسه مرة أخرى، وستجد أنه لا مفر من مواجهته، ولا حكمة في تفاديه. عندما تتأمل المشهد بشيء من الهدوء البارد ستجد نفسك أمام مجموعة من الحقائق وليس الآراء والظنون مثيرة للدهشة. أولى هذه الحقائق أن الحرب على داعش تتم في السياق ذاته لما بات يعرف بالحرب على الإرهاب، وبالذهنية والمنهجية ذاتها. كلنا يعرف بأن هذه الحرب بدأت في تسعينات القرن الماضي ضد تنظيم القاعدة ، ونتذكر بأنه عندما أطلقت الولايات المتحدة الأميركية هذه الحرب لم يكن هناك إلا تنظيم القاعدة فقط. ونتذكر أيضاً أن عمر هذه الحرب تجاوز الآن ربع قرن من الزمن. ما هي النتيجة بعد كل هذه السنين وما احتسبته في عدادها من خسائر، وتضحيات، ومغامرات، ومآسٍ؟ لا يزال تنظيم القاعدة معنا ليس في أفغانستان حيث كانت انطلاقته، بل تمدد إلى الجزيرة العربية، وشمال أفريقيا، والعراق، وسورية. ليس هذا فقط، بدلاً من تنظيم إرهابي واحد أفرزت الحرب على الإرهاب عشرات، إن لم يكن مئات من التنظيمات الإرهابية، وصل بعضها من القوة في الأتباع والعتاد أنه بات ينافس الدول. لا أحد يعرف على وجه التحديد العدد الحصري لهذه التنظيمات. لكن دونك، على سبيل المثال لا الحصر، فيلق بدر ، و كتائب الفضل بن عباس ، و عصائب أهل الحق ، و الحشد الشعبي في العراق، ومثلها في سورية، و أنصار الله الحوثيين في اليمن. وهذه وغيرها إلى جانب جبهة النصرة في سورية، وتفريعات القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا. ثم يأتي تنظيم داعش كإحدى ذُرى هذه الموجة التي تضرب المنطقة منذ البدايات الأولى في أفغانستان. ماذا يعني هذا؟ يعني شيئاً واحداً، وهو أن الحرب على الإرهاب فاشلة فشلاً ذريعاً جعل منها مصدر خطر على دول المنطقة، وربما العالم كله، بالقدر نفسه الذي يمثله الإرهاب. بدلاً من أن تقضي على الإرهاب أسهمت في تفاقم حجمه، ومساحته الجغرافية، وخطورته على الدول ومشروعيتها. يعود فشل الحرب على الإرهاب الحقيقة الثانية ، إلى أنها حرب عسكرية عارية. ظلت هكذا لأكثر من ربع قرن، من دون منطلق سياسي واضح، ومن دون هدف سياسي تلتقي حوله الأطراف المتضررة من الإرهاب، ومن دون معالجة وحلول سياسية للأزمات التي تفرخ هذه الظاهرة. وهذا أمر غريب أمام وعظ الغرب الذي لا يتوقف عن أهمية المؤسسات وأولوية الحلول السياسية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان. لم تلتفت الولايات المتحدة وهي تقود الحرب على الإرهاب، إلى أن هذا الإرهاب يعتاش على الطائفية في المشرق العربي، وأن ركون أنظمة سياسية في العراق وسورية إلى أيديولوجيا طائفية مستترة، أو معلنة وملزمة كما في حال إيران تؤجج الحال الطائفية في المنطقة، ومن ثم الحروب التي يستعر أوارها. تتداخل في هذه الدول فكرة الدولة مع فكرة الطائفية، ما جعل اعتمادها على الميليشيات يتنافس مع الاعتماد على الجيش الوطني، وبالتالي خلق حالاً من التداخل بين إرهاب الميليشيات مع إرهاب الدولة بطريقة ليست مسبوقة. الموقف الأميركي ملتبس أمام هذه الحال، أو هكذا يبدو. يريد محاربة الإرهاب، لكنه يؤسس لتحالف مع تنظيمات إرهابية لمحاربة تنظيمات إرهابية أخرى. هذا ما تفعله أميركا في العراق، تتحالف مع الحشد الشعبي خليط من عناصر مقاتلة تنتمي في الأصل لتنظيمات شيعية عراقية لمحاربة تنظيم داعش السني. بمثل هذه السياسة تكون واشنطن قد تموضعت في إطار الاصطفاف الطائفي للصراع السياسي في العراق مع طائفة ضد أخرى. في سورية لا تفعل واشنطن الشيء نفسه، لكنها في الوقت الذي تحارب فيه داعش بكل ضراوة، تلتزم الصمت والحياد أمام وحشية النظام السوري وحلفائه من الروس والإيرانيين والميليشيات ضد المكون السنّي السوري، وهذا أمر مربك ومحير. لا يتوقف الرئيس أوباما عن نصيحة أهل المنطقة بضرورة التعايش بين مكوناتها، بدلاً من الاحتراب في ما بينها. وفي الوقت نفسه يشارك في هذا الاحتراب بإصرار واضح، لماذا؟ سُئل وزير الخارجية جون كيري لماذا تلتزمون الصمت حيال دور حزب الله في سورية؟ فأجاب بأن هذا الحزب لا يستهدفنا. تنطوي إجابة كيري على أن إدارته ليست معنية بالطائفية تماماً، ولا بما تمثله من مخاطر على حلفائها وأصدقائها في المنطقة. وبمثل هذه الرؤية تفصل إدارة أوباما الإرهاب عن الطائفية، ومن ثم تفصل بالضرورة أمن أميركا عن أمن حلفائها وأصدقائها، وهذا هو التخبط الذي تعاني منه هذه الإدارة. أميركا ليست طائفية، ومرجعيتها الدستورية وتاريخها السياسي لا يسمح لها أن تكون كذلك، لكن عملياً هذا ما تفعله على أرض الواقع في المنطقة. نأتي إلى الحقيقة الثالثة، وهي أن إدارة أوباما، وقبلها إدارة بوش، تتجاهل، وعن عمد، أن داعش نتيجة لما هو أكبر وأخطر. كانت ولادة هذا التنظيم في ظل الاحتلال الأميركي للعراق وما تسبب به من تدمير للدولة، وإعادة بنائها على أسس طائفية، ونفوذ إيراني يعزز ويدعم هذه الأسس. بعبارة أخرى، كما أن أميركا فشلت في الحرب على القاعدة ، فقد أسهمت بشكل كبير في ولادة داعش كوريث للقاعدة، وكمرحلة إرهابية أخطر من القاعدة . وهي أخطر ليس لأنها أدت إلى ولادة داعش ، وإنما لأن أميركا عملياً شرعنت الطائفية في العراق وسورية، وتريد محاربة نتيجتها في داعش ، و داعش حصراً. وترجمة ذلك أن أميركا بحربها على تنظيمات سنّية، بالتحالف مع تنظيمات شيعية، تكون في حرب على المكون السنّي في المنطقة، وهذا سيعمق مأساة الطائفية والإرهاب معاً، وستمتد آثاره إلى أميركا نفسها. ستدرك أميركا بأنها كما فشلت مع القاعدة ، ستفشل مع داعش ، حتى بعد هزيمته وتدميره. لماذا؟ لأن داعش نتيجة ومظهر للأزمة وليس سبباً لها. عندها ستواجه سؤالاً لماذا الحرب على داعش ، وليس الإرهاب؟ عن الحياة
عاطف الغمري
قادت دوامة انتخابات الرئاسة في أمريكا، والتشويش الذي خيم على مقاييس اختيار المرشح المناسب، إلى فتح ملفات لم تكن تلفت الأنظار، في ظروف أي انتخابات، أو أزمات سياسية، ومنها الملف الذي يصفه خبراء ومحللون أمريكيون، بملف نقص المساواة بين الأمريكيين، سياسياً واقتصادياً. وبالرغم من أن تلك الظاهرة يلمسها المواطن الأمريكي منذ سنوات، إلا أنها لم تكن تفرض نفسها على انتباهه، أو تصْرفه عن اقتناعه بأن النظام السياسي والاقتصادي في أمريكا، هو الأكثر ملاءمة لها، من حيث التاريخ، والظروف، والمستقبل. يقول البروفيسور دانييل آلان مدير مركز الدراسات بجامعة هارفارد، إن التيار الذي يدفع إلى صعود حالة من عدم المساواة الاقتصادية في أمريكا، كان قد أصبح واضحاً في منتصف التسعينات. ومن يومها بدأ يشغل اهتمام المختصين، فيما يتعلق بأسبابه، وتداعياته في السنوات المقبلة. هذا الوضع يناقض ما كانت عليه الحال في السنوات الأولى لقيام الدولة الأمريكية، حين كان هناك توافق على أن المساواة الاقتصادية، والحرية السياسية، يعززان بعضهما البعض. إلى أن بدأت تظهر في منتصف القرن العشرين، تفسيرات تبرر منطق عدم حتمية الارتباط بين الاثنين. مثلما بدأت تسود في سنوات الحرب الباردة، أفكار عن التباعد بين الحرية السياسية، والمساواة الاقتصادية. بل إن طرح هذا التباعد للنقاش، قد أوجد آراء لديها تحفظات على معنى السوق الحرة ذاته، وأن الأمر لا ينبغي أن يترك لقواعد السوق الحرة، بما يجعلها تميل لغير صالح الأقل دخلاً، وأن هناك الآن ضرورة للاعتماد على القواعد والإجراءات، التي تنظم حركة السوق، بمساندة القانون وبسلطة الدولة، وتدخلها. إحدى المؤسسات ذات المصداقية الأكاديمية، وهي جامعة برينستون، نشرت دراسة للبروفيسور مارتن جيلنر أستاذ العلوم السياسية بالجامعة، عنوانها سيطرة النخبة الاقتصادية ، تقول إن مراعاة رجال الأعمال الأكثر ثراء، كان لها تأثير ضخم على اتخاذ القرارات السياسية، بما يفوق مراعاة، آراء الطبقة الوسطى، والفقراء في أمريكا. ولم يكن لآراء المنظمات المعبرة عن محدودي الدخل، سوى تأثير ضئيل وربما تأثير منعدم على القرار السياسي، وبالتالي لم يكن للرأي العام سوى تأثير محدود على السياسات التي تقررها الحكومة. وحين ترغب النخبة الاقتصادية، أو جماعات المصالح المنظمة في إجراء تغيير سياسي، فإنها عادة ما تحققه، بينما لا يتاح ذلك لغالبية المواطنين. نفس الرأي اتفق معه اثنان من كبار الكتاب هما رايت ميلز في كتابه المهم النخبة القوية حيث شرح الكيفية التي مارست بها تاريخياً النخبة الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية، أشكالاً مختلفة من السيطرة على القرار. والثاني، جون كاسيري في دراسة نشرتها مجلة نيويورك ، قال فيها لا شك أن النخبة الاقتصادية، تتمتع بنفوذ في واشنطن، وأن آراءها، ومصالحها، تؤثر في السياسة بطريقة لا تفيد بالضرورة الأغلبية، وكل السياسيين يعرفون ذلك، ونحن أيضاً نعرفه. هذه الآراء التي عرضتها دراسات استقصائية، استناداً إلى معلومات موثقة، طغت على سطح المناقشات الجارية، في تيار انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، وفي إطار جهود الباحثين عن الأسباب الغاطسة في عمق المشهد الأمريكي، والتي تحكمت في مواقف الناخبين، بصورة لم تحدث على هذا النحو من قبل، وكانت وراء ظاهرة صعود ترامب، رغم الرفض الكبير له من الحزب الجمهوري، الذي رشح نفسه تحت رايته، وأيضاً عن نفس حالة النفور من المرشحة المنافسة هيلاري كلينتون. ويرى الذين وضعوا كل هذه الأسباب تحت أنظارهم، أن النظام السياسي في الولايات المتحدة، والمستقر على حاله من جيل بعد جيل، توشك أن تجتاحه موجات تغيير. ففي الماضي كان المواطن الأمريكي العادي، يسلم بأن هناك أوضاعاً مسكوت عنها، وليس له أن يتمرد عليها، لكن الآن قد تغير مزاجه، وأقدم بالفعل على التمرد، مما ستكون له تداعيات، يمكن أن تنعكس على المشهد السياسي الأمريكي بأكمله. عن الخليج
بقلم حمدي فراج
التحريض على القتل ، يعادل القتل ذاته ، وهو يعد جزءاً من العملية ، التي تبدأ به ويتوج بها . وللتحريض أشكال ومراتب ، ابرزها واهمها الذي يأتي في سياق المقدس و المحرم . و يعتبر الدين احد اهم أقانيمها ، يليه في بلادنا على كل الصعد ، الجنس والسياسة ، ولهذا اطلق على هذا المعادل ، الثالوث المحرم. وقتل على هذه الخلفية المئات وربما الالاف بتهمة التطاول على المقامات العليا او على المرأة التي اخترقت شرف العائلة . في حالة المقامات العليا ، تكون هي الجهة التي تنفذ الردع مباشرة بدون وسيط ، وفي حالة شرف العائلة ، يكون الاب او الزوج او الاخ او الابن ، وربما تمتد الى ابن العم والخال ، لكن في حالة الدين، فيكون كل هؤلاء وأكثر. وفي حالة شرف العائلة ، تقضي الدولة بحبس القاتل عدة اشهر، الذي يبدو في نظر البعض بطلا هماما ، غسل عاره بيده ، في حين تدفن الضحية سرا او ليلا ، وكثيرا ما يقوم بعملية الدفن عمال البلدية بدون ان تجد مَن يصلي عليها . هكذا كان مع المفكر الاردني ناهض حتر ، الذي اعاد نشر رسم كاريكاتيري ، فتقوم الدولة بإعتقاله وتقديمه للمحكمة العدالة ، التي تطلق سراحه بالكفالة ، وبعدها نعرف نهايته الحتمية . هكذا حصل مع مئات المفكرين في كل مناحي هذا الوطن العربي ، الذي يفتقد حقيقة لأي مقوّم من مقومات بقية الاوطان ، بما فيها الاوطان التي اقيمت حديثا ، بما فيها دولة اسرائيل التي اقيمت قبل سبعين سنة على جزء من اجزاء هذا الوطن ، لم يتعرض اي متورط في التآمر على إقامتها الى اي نوع من انواع المحاسبة ، بل ها نحن نرى اسلافهم يطبعون العلاقات على ارفع اشكالها معها ، ويتسابقون على خطب ودها سرا وعلنا. في نفس اليوم، الذي اغتيل فيه ناهض حتر، اغتالت الحكومة التونسية قبر الشاعر ابو القاسم الشابي، تحت شعار باهت لا ينطلي على اي حكومة حتى لو كانت قراوسطية، فما بالكم بحكومة ثورة أطاحت بحكومة بائدة، عن خلافات بين ورثة الشابي ادت الى ردم قبره، وهذا يذكّر بحكومة الثورة في ليبيا عقب الاطاحة بالقذافي، التي بشّرت الشعب الليبي بإمكانية الزواج بإثنتين وثلاث واربع. تستقيم معادلة هذا الوطن ، حين يتم التخلص من المفكرين امثال ناهض حتر، وحتى قبورهم كما مع الشابي في تونس على يد حكومة الثورة والمعري في سوريا على يد الثورة التي لم تنجح بعد لتشكيل الحكومة ، ليبقى هؤلاء أحرارا ابطالا يجوبون شوارعه وساحاته ومجالاته وتطلعاته ان يكون له مكانا يليق به تحت الشمس .
د. داود كسابري مدير المكتب التربوي بمدارس الفرير في فلسطين
في بداية هذا العام الدراسي وفي خضم الجهود المبذولة في تطوير المنهاج الفلسطيني الهادف إلى تنمية مهارات طلبة فلسطين للوصول بهم إلى قمة المعرفة والحكمة، لا بد من النظر إلى جودة الأفراد التي هي أساس جودة المؤسسات، فالجودة الفردية هي ضمانة جودة المؤسسة، وإذا نظرنا إلى المؤسسات التربوية الناجحة، نجد بأن على رأسها وفيها قيادتها أفرادا ذات جودة عالية. العلم والتربية هما مصدرا الحكمة التي تجعل الإنسان متفهماً، واعياً، قادراً على النهوض بوطنه، والرّقي بالأمة نحو المعالي. فقد كانت هاتان الأداتان وسيلتي تطور للشعوب في العصور الماضية. وساعدتا شعوباً كثيرة في الوصول إلى درجات متقدمة من الرقي والتقدم، علماً أن هناك شعوباً كثيرة لا زالت تبحث عن طرق التطور، والتحضر في القرن الحادي والعشرين. ويحتاج العلم والتربية إلى إطار للعمل في كيانه، يضمن تحقيق غايتهما، وأهدافهما؛ لذا ابتكرت الشعوب منذ القدم طرقاً كثيرة لنقل المعرفة من جيل إلى آخر. بدأت من المدرسة البيتية، والمدرسة القبلية، ومدارس الكتاتيب، ومن ثمّ تطوّر المدرسة حتى أصبحت كما تعرف اليوم. ناصر، . أوكِلت للمدرسة مهمات عديدة كتلقين المعرفة، ونقل تراث الأجيال إلى الأطفال والشباب، بهدف تأهيلهم لكسب معيشتهم ورزقهم في المستقبل وأصبحت وسيلة ضرورية لتنشئة التلاميذ على القيم والأخلاق حسب الأعراف السائدة بين الشعوب عابدين، . وهذا يشير إلى الحاجة لقيادة تربوية ملمة بكل جوانب العملية التربوية، وبالأسس التي تقوم عليها هذه العملية حتى يتاح العطاء المفيد، و يتمكن من هم في موقع العمل من النمو المستمر. فالإدارة الفعالة ليست مقصورة على توجيه المعلمين وحفظ النظام وتنفيذ المخططات فحسب، بل إنّ فعاليتها تعتمد على إنجاز العمل من خلال الإسهام ومشاركة الآخرين، وهذا بدوره يتطلّب أن يكون القائد التربوي ممتلكاً للمهارات والقدرات العالية. ويقع على عاتق القادة التربويين مسؤولية تحقيق أهداف البرامج الأكاديمية، ومرامي النشاطات الصفية واللاصفية لأنهم يمثلون أهم المدخلات بحكم أدوارهم، ويتوقف عليهم مستوى جودة المخرجات. إذ إن الجودة النوعية تبدأ من الأفراد والعاملين أنفسهم، ومن ثَمّ جودة المؤسسة بهياكلها وتنظيماتها المختلفة اليحيوي، . ويعتمد نجاح المدرسة أساساً على نوعية قياداتها، وعليهم تقع مسؤولية التخطيط، والتنفيذ وتيسير الأعمال وتقييمها. ويلاحظ أن واقع الأداء البشري يتأثر بواقع الأداء الإداري الذي يحكمه، وأن حجم الخدمات وجودتها يرتبطان بالبوصلة الإدارية. وعليه، فإن واقع الأداء المدرسي لن يرتفع فوق واقع الأداء الإداري الذي تتعايش معه، الأمر الذي يدعو إلى الإقرار بأن الإدارة العصرية تشكل مطلباً يفرض نفسه على مدرسة الغد حتى يتم تحقيق فعاليتها مطاوع، . ولما كانت فعالية المؤسسة التربوية، تعتمد بشكل أساسي على قيادتها، كان من اللازم الاهتمام بعملية انتقاء هذه القيادات، من خلال اعتماد معايير واضحة ودقيقة وعلمية، يتم بموجبها اختيار القيادات التربوية، التي يؤمل منها رفع مستوى المؤسسة التربوية التي يقودونها، وتطوير أداء العاملين معهم، ومواكبة روح العصر بكل معطياته ومتغيراته. إن حُسن اختيار القادة التربويين يساعد المدرسة في التقدم والازدهار شريطة أن يبنى الاختيار على معايير محددة كالجودة الشخصية التي تعدّ عاملاً أساسياً في تدعيم المدرسة بعناصر قادرة على النهوض بها، عملاً بالقول الشائع الشخص المناسب في المكان المناسب ؛ لذلك تقتضي عملية تعيين واختيار الأشخاص التأكد من صلاحية المرشح لملء الوظيفة الشاغرة، فاختيار القادة غير الصالحين قد يؤثر تأثيراً مباشراً على فاعلية المؤسسة التربوية وكفاءة القدرات الإنسانية نحو تحقيق الأهداف المرجوة. والاختيار هو عمل مخطط لا بد أن يبنى على التحليل لبيان المؤهلات المطلوبة والخصائص الشخصية التي يمتلكها الفرد السعود، . إن محور القيادة الأساسي هو عملية التأثير من القائد في العاملين. وحتى يكون التأثير إيجابياً وفعالاً، يتوجب أن يحظى القائد باحترام العاملين وتقديرهم له، ولا يحصل ذلك إلا إذا كان القائد التربوي إنساناً خلوقا وكفؤاً، يمتلك كل مقومات القيادة في جودته الشخصية ومقدرته على التعامل مع العاملين، ومقدرته على إحداث التغيير المطلوب، وتوجيه دفة العمل التربوي من خلال رؤية واضحة وثاقبة تؤثر في العاملين، وتدفعهم إلى تبني ثقافته؛ فتصبح مؤسسته التربوية قادرة على تحقيق أهدافها بيسر وسهولة. والجودة الشخصية هي تلك الخصائص الفردية التي تميز الفرد عن الآخر، وتعطيه القوة لإدراك وظيفته، وتحسين ذاته ومؤسسته وهي أيضاً الخصائص الشخصية للفرد، التي تشكل شخصيته. ومن هنا يمكن القول انّ الفرد الشخص هو أهم عناصر الجودة التي تعكس أهميّة الأفراد في تيسير العمل، وإتقانه، ورفع جودته وتحسينها. وهذا ما أكدته نيكول مارتن بقولها إنّ التركيز على الجودة الشخصية يجب أن يشكل هدفاً أساسياً للمؤسسة قبل الشروع بأيّة مبادرة لتحسين الجودة في مكان العمل، وإلا ستكون هنالك نتائج غير محمودة عقباها. وبما أن العنصر البشري يعد في المؤسسات التعليمية مفتاحاً للأداء الوظيفي، لا سيما وهو الذي يقوم باستخدام باقي موارد المدرسة في إنجاز المخرجات، فإن كلا من جودة المخرجات وقدرتها على تحقيق أعلى قيمة في إرضاء طلبتها سوف تتأثران صعوداً وهبوطاً بالجودة الشخصية للقادة العاملين في المدرسة. وتعد القيادة جوهر العمليات الإدارية في المؤسسات التربوية، وتعتبر عاملا حاسما من عوامل نجاح التنظيم الإداري لأنها وسيلة توجيه وتحفيز. وتستطيع المؤسسات التربوية تحقيق الأهداف بسهولة ويسر عندما تتوفر لها قيادات إدارية كفؤة ونزيهة وقادرة على توجيه نشاطات المؤسسة نحو التكامل والإنتاج. ولهذا، إذا أردنا مدرسة فعالة فلا بد من قيادة فعالة وحكيمة وقادرة على النهوض بالمدرسة لتكون أداة التغيير في المستقبل الفلسطيني.